روحاني يلقي باللوم على البرلمان في عرقلة إلغاء العقوبات

كرر الرئيس الإيراني المنتهية ولايته حسن روحاني انتقاداته إلى قانون أقره البرلمان، في مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي، في عرقلة جهود الحكومة في رفع العقوبات وإحياء الاتفاق النووي، بعد تولي الإدارة الأميركية الجديدة في يناير (كانون الثاني) الماضي. وقال متحدث باسم البرلمان إن «التقييم يظهر أن مفاوضات فيينا التي بدأت في مطلع أبريل (نيسان) غير قادرة على إلغاء العقوبات».
وقال روحاني: «لولا قانون البرلمان لرفعنا العقوبات قبل العيد»، في إشارة إلى رأس السنة الفارسية أو عيد النوروز الذي صادف 20 من مارس (آذار) هذا العام.
وجاءت انتقادات روحاني الجديدة بعد سجال بين المجلس الأعلى للأمن القومي، والحكومة حول منع التوصل لاتفاق في مباحثات غير المباشرة بين طهران وواشنطن في فيينا بمشاركة أطراف الاتفاق النووي لعام 2015، لإعادة الامتثال المتبادل بين البلدين المتخاصمين.
وأقرّ البرلمان الإيراني في مطلع ديسمبر الماضي، قانوناً ملزماً للحكومة باسم «الخطوة الاستراتيجية للرد على العقوبات الأميركية»، وذلك بعد تأكد فوز الرئيس الأميركي، جو بايدن، الذي وعد بإحياء الاتفاق النووي مع إيران. ومع تولي بايدن مهامه بدأت إيران برفع نقاء اليورانيوم إلى 20 في المائة، قبل رفعه إلى 60 في المائة في وقت لاحق، وخفض مستوى التعاون مع الوكالة الدولية في وقت لاحق في فبراير (شباط)، كما أنتجت معدن اليورانيوم لأول مرة.
وفي البداية، انتقدت الحكومة القانون، لكنها تراجعت عن معارضتها فوراً وأعلنت امتثالها إذا أصبح سارياً، قبل أن يفصح «المرشد» علي خامنئي عن تأييد للخطوة، التي أربكت تطلعات الغرب لإحياء دبلوماسية الاتفاق النووي لمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية.
ورداً على روحاني، قال المتحدث باسم هيئة رئاسة البرلمان، النائب نظام موسوي، إن قانون البرلمان «أهم رصيد الفريق المفاوض النووي». وقال: «نص مفاوضات فيينا يظهر أنه لم يكن الفريق المفاوض النووي قادراً على المساومة دون قانون البرلمان». ودعا المجلس الأعلى للأمن القومي إلى نشر استخلاص الهيئة التي تنظر في تطابق المفاوضات وقانون البرلمان.
وصرح موسوي لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» إن روحاني والمتحدث باسم الحكومة، علي ربيعي «يقدمان روايات بعيدة عن الواقع تماماً عن نتائج مفاوضات فيينا». وتابع: «الحكومة بسبب الاستعجال في إحياء الاتفاق النووي لأهداف انتخابية، ارتكبت قصوراً لا يمكن التسامح معه في الاستفادة من هذه الفرصة (قانون البرلمان)». وقال: «الناس اعتادوا ما يقال من السادة على خلاف الواقع، والقليل هناك من يأخذها على محمل الجد». وقال: «تقييم هيئة التطبيق يظهر أن مفاوضات فيينا من الأساس، غير قادرة على إلغاء العقوبات الأميركية بطريقة ستؤدي إلى فوائد اقتصادية للبلاد، والحكومة فشلت في إلغاء العقوبات». وأوضح: «نتيجة المفاوضات بصورة لن تؤدي إلى انفراجة اقتصادية واقعية للبلاد، بحفظ عقوبات مثل كاتسا الذي تنازلت عنه الحكومة، ستكون قيمة الاتفاق أقل من برنامج النفط مقابل الغذاء».
وكتبت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» إن «روحاني ألقى باللوم بعدم إلغاء العقوبات على عاتق البرلمان». وأضافت: «تأتي تصريحات روحاني في حين لم يتمكن من الحصول على سجل مقبول في مجال رفع العقوبات وحل المشكلات المعيشية على مدى ثماني سنوات، والآن في نهاية فترة حكومته يلقي باللوم على الأجهزة الأخرى».
وفي المقابل، عنونت صحف إصلاحية، عبر قنواتها في شبكة «تليغرام»، بمقتطفات من تصريحات روحاني «ظلم البرلمان الثوري على الشعب الإيراني».
وكان المتحدث باسم المجلس الأعلى للأمن القومي، كيوان خسروي، قد طعن في تصريحات المتحدث باسم الحكومة علي ربيعي، الثلاثاء، حول نتائج توصلت إليها هيئة مطابقة بعدم الاتساق بين مفاوضات فيينا وقرار البرلمان.
وقال خسروي إن مفاوضات فيينا التي توقفت في 20 يونيو (حزيران) بعد ست جولات، «لم تتوصل إلى نتائج بسبب مواقف متغطرسة من الجانب الأميركي وبعض الأحيان من الأطراف الأوروبية».
وقبل السجال بأسبوع، أرسل وزير الخارجية محمد جواد ظريف تقريراً إلى البرلمان حول إحالة مفاوضات فيينا إلى حكومة رئيسي، مشيراً إلى «إطار لاتفاق محتمل» يقضي برفع العقوبات الأساسية بما فيها جميع الكيانات والأشخاص المرتبطين بـ«المرشد» خامنئي ورفع «الحرس الثوري» عن قائمة الإرهاب، والسماح لإيران بتخزين أجهزة الطرد المركزي المتطورة، مقابل عودة طهران لالتزاماتها النووية.
ولوّح النائب حسن شجاعي، رئيس لجنة المادة 90 التي تشرف على تنفيذ قوانين يقرها البرلمان، بمحاكمة حسن روحاني، وقال: «سنشكل ملفاً بشأن ترك بعض المسؤولين لمهامهم ويجب عليهم الرد على عدم الفاعلية». وقال لوكالة مهر الحكومية إنه «من المؤسف بعض المسؤولين في زمن مسؤولياتهم ألحقوا أضراراً كبيرة بالبلد، وبعد نهاية عملهم يدخلون في هامش آمن، هذا التوجه لا يمكن تبريره على الإطلاق».
ودعا شجاعي النواب الذين يشتكون من أداء الوزراء والمسؤولين التنفيذيين إلى تقديم شكواهم إلى اللجنة. وقال: «سنضع أداء الحكومة تحت المجهر بعد نهاية مهامهم، لكي نلاحق ما ارتكبوا من تجاوزات وتجاهلوا مهامهم».
تعليقاً على السجال الداخلي حول مفاوضات فيينا، نقلت وكالة «إيسنا» الحكومية عن أسد الله بادامتشيان، أمين عام حزب المؤتلفة المحافظ، إحدى ركائز تجار البازار في طهران، قوله إن «رئيس الحكومة الاعتدالية (روحاني) وعد بأن تدور عجلة أجهزة الطرد المركزي، بموازاة عجلة معيشة الناس، لكن عجلة الناس علقت تماماً في طين ووحل الغلاء والتضخم وعدم الكفاءة وتراجع حاد للمداخيل، ولولا قرار البرلمان الأخيرة لتوقفت عجلة أجهزة الطرد المركزي على يد هذه الحكومة في الباطون».
- النفط الإيراني يتفادى «هرمز»
وكان روحاني يعلق، أمس، على افتتاح مرفأ لتصدير النفط الخام قبالة ميناء جاسك المطل على بحر عمان. ودافع عن سجله وقال إنه «من أجل تنفيذ هذا المشروع واجهنا الحرب الاقتصادية والعقوبات، للتقدم بـ91 في المائة من المشروع».
ويتيح المشروع للناقلات تفادي عبور مضيق هرمز الاستراتيجي الذي شكل مراراً مسرحاً لتوتر بعد تهديدات إيرانية بإغلاق المضيق خلال السنوات الماضية. وتتصل المحطة بخط أنابيب بطول نحو ألف كيلومتر يمتد من كوره في محافظة بوشهر (جنوب غرب)، إلى الميناء الواقع في محافظة هرمزكان (جنوب شرق)، ما سيتيح للناقلات اختصار أيام من رحلاتها، وتفادي مياه الخليج والمضيق الذي تمر عبره نحو خُمس صادرات النفط العالمية.
وأطلق روحاني، في كلمة متلفزة خلال تدشين مشاريع نفطية عبر تقنية الاتصال المرئي، «بدء العمل بخط أنابيب نقل النفط من كوره (جنوب غرب) إلى جاسك (جنوب شرق) بطول ألف كيلومتر، وتشغيل منصة التصدير في منطقة مكران». وأضاف: «اليوم هو يوم تاريخي بالنسبة إلى الأمة الإيرانية».
وكانت النقطة الأساسية لتصدير النفط الإيراني محطة جزيرة خارك الواقعة في الخليج. ويتيح توفير محطة ثانية خارجه استغناء الناقلات عن مضيق هرمز الذي سبق أن شكل نقطة توتر بين البحريتين الإيرانية والأميركية التي يتخذ أسطولها الخامس من البحرين مقراً له.
وتطلب إنجاز المشروع نحو عامين، وفق وسائل الإعلام الإيرانية، وقدر روحاني كلفته بنحو ملياري دولار أميركي، مشيراً إلى أن «مشروعاً بهذا الحجم للصادرات النفطية، بهدف توفير محطة تصدير جديدة في المنطقة لا تقع في الخليج لكن في بحر عمان، هو خطة (...) مهمة جداً».
وصرح روحاني بأن «صناعة النفط مهمة جداً بالنسبة إلينا، وهي أيضاً مهمة بالنسبة إلى العدو الذي فرض عقوبات على النفط (الإيراني)»، في إشارة إلى الولايات المتحدة.
طالما هددت إيران بغلق المضيق إذا عجزت عن تصدير إنتاجها من الخام بسبب العقوبات الأميركية التي أعادت واشنطن فرضها قبل ثلاث سنوات عندما انسحب الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب من الاتفاق النووي. وتشهد المنطقة مواجهات من حين لآخر بين قوات «الحرس الثوري» الإيراني وقطع الجيش الأميركي هناك.
وأوضح روحاني أن إيران تستهدف تصدير مليون برميل يومياً من النفط من ميناء بندر جاسك، بحسب «رويترز».