عربات بيع الطعام في نيويورك تحاول التكيّف مع تغييرات المدينة

عربات بيع الطعام معلم رئيسي من معالم نيويورك (نيويورك تايمز)
عربات بيع الطعام معلم رئيسي من معالم نيويورك (نيويورك تايمز)
TT

عربات بيع الطعام في نيويورك تحاول التكيّف مع تغييرات المدينة

عربات بيع الطعام معلم رئيسي من معالم نيويورك (نيويورك تايمز)
عربات بيع الطعام معلم رئيسي من معالم نيويورك (نيويورك تايمز)

نحو الساعة 11 ونصف صباح أحد أيام الأربعاء في يوليو (تموز) في وسط مانهاتن، بدأ تشكيل الخط الخاص بمكان الشاحنة التي تقدم خدمات الطعام ويملكها العم جوسي.
تقدم الشاحنة شطائر الـ«غايرو» والدجاج التي تفوح رائحتها وتملأ الأرجاء للعملاء الذين يتجولون خارج الأبراج الشاهقة التي تضم مكاتب أنيقة بالجوار. ووقف نيكو كاراغيورغوس، الذي يشارك في ملكية الشاحنة، لاستقبال زبائنه المعتادين بعدد من الأسئلة المعتادة من عينة «كيف حال الأولاد؟» و«هل أحب أصدقاؤك الطعام آخر مرة؟» ومع ذلك، سرعان ما ينتقل إلى الأسئلة الحقيقية: «متى سيعاد افتتاح مكتبك على نحو كامل؟» و«متى سيعود العاملون؟».
وفيما يخص كاراغيورغوس والآلاف من أصحاب شاحنات وعربات بيع الطعام الأخرى داخل مدينة نيويورك، فإن محاولاتهم لجني أي أرباح حقيقية - أو في بعض الحالات جعل مجرد وقوفهم بشاحناتهم داخل المدينة أمراً يستحق العناء - تعتمد على متى ستمتلئ المباني المكتبية بالعاملين من جديد ويعود السائحون للتدفق على المدينة بأعداد غفيرة.
تعتبر شاحنات وعربات بيع الطعام ملمحاً رئيسياً من ملامح مدينة نيويورك وأحد الخيارات السريعة وغير المكلفة أمام الموظفين الجوعى العاملين داخل مكاتب المدينة والعاملين بمجال التجزئة والطلاب والزائرين الوافدين من خارج المدينة الباحثين عن أي شيء لتناوله من الدجاج والأرز إلى القهوة وتناول ساندويتش من البيض وصولاً إلى لفائف جراد البحر وحتى وجبات شرائح اللحم. إلا أنه في الوقت الحالي، تسيطر على هؤلاء الباعة بالأساس حالة من الترقب والانتظار.
جدير بالذكر أنه بدأت بالفعل بعض المكاتب في إعادة الموظفين، في الوقت الذي شهدت أعداد السائحين في المدينة ارتفاعاً ملحوظاً. ومع ذلك، تبقى الحقيقة أن الجزء الأكبر من قاعدة الزبائن الأساسيين لهذه الشاحنات والعربات لم يعاود الظهور بعد. وبينما يتوقع الكثيرون إعادة العديد من مكاتب نيويورك المزيد من الموظفين في الخريف، يثير نموذج العمل الهجين القائم على العمل من المنزل لبضعة أيام من الأسبوع يثير قلق هؤلاء الباعة. وفي هذه الأثناء، بدأت حالات الإصابة بفيروس «كوفيد - 19» في الارتفاع بوتيرة صادمة بلغت 203 في المائة في غضون الـ14 يوماً الماضية.
من ناحيته، قال كاراغيورغوس (44 عاماً): «لن أتمكن ثانية أبداً من إنجاز ما سبق وأن حققته قبل جائحة (كوفيد - 19)، تلك لعبة انتهت. وعلينا أن نتقبل هذا الأمر الآن وأن نزيد من اجتهادنا بعض الشيء. تلك لعبة تخص الشباب، فساعات العمل طويلة. وأنا أضطر إلى الوقوف طوال اليوم، لكنني على استعداد لفعل أي شيء. وإذا كان الأمر يتطلب مني القفز من مهمة لأخرى بسرعة، سأفعل».
في بعض النواحي، يبدو أن شاحنات الطعام بالمدينة نجت على نحو أفضل عن بعض أقرانها من المطاعم بفضل قدرتها على التنقل. وفي الوقت الذي تتنافس هذه الشاحنات والعربات في مواجهة بعضها بعضاً، فإنها تلتزم بميثاق شرف فيما بينها، مثل التزام مواقع وقوف الشاحنات الأخرى. كما أن الكثيرين من أصحاب الشاحنات يتشاركون فيما بينهم حول أماكن العثور على عملاء.
من جانبه، قال إيدن إيغزيابير، مالك «ماكينا كافيه»، شاحنة تقدم مزيجاً من الأطباق الإثيوبية والإريترية والإيطالية: «خلال الجائحة، وقفت الكثير من شاحنات الطعام إلى جوار بعضها بعضاً وتعرفنا على رحلات بعضنا بعضاً. وكان البعض ينصحوننا بعدم التوجه لأماكن معينة لأن العاملين بها لم يعودوا إلى مقار أعمالهم على نحو كامل بعد».
من ناحية أخرى، كان العام الماضي عصيباً على نحو خاص أمام عربات الطعام الصغيرة وأصحابها الذين يعتبر الكثيرون منهم من المهاجرين حديثاً إلى الولايات المتحدة وحصلوا على تصريح صادر عن المدينة بقيمة 200 دولار من السوق السوداء، واضطروا إلى سداد 25 ألف دولار على مدار عامين للشخص صاحب التصريح، حتى خلال الجائحة. (تأمل المدينة في القضاء على تجارة السوق السوداء في هذه التصاريح من خلال إصدار 400 تصريح جديد سنوياً على مدار السنوات الـ10 المقبلة، والتي قالت إنه لن يكون من الممكن الاتجار بها في السوق السوداء. يذكر أن عدد التصاريح المتوافرة حالياً يبلغ 2800).
من جانبه، قال محمد عطية، المدير الإداري لدى «ستريت فيندور بروجيكت» التابع لـ«مركز العدالة الحضرية» (إربان جستيس سنتر): «يعمل غالبية الباعة وشهدوا بعض الانتعاش خلال الأشهر القليلة الماضية، لكن يبقى هناك آخرون في حالة انتظار فحسب، لأن مجرد وضع العربة الخاصة بإعداد القهوة أو الفلافل في قلب المدينة يكلف كثيراً». وشرح عطية أن الباعة أصحاب عربات الطعام لا يضطرون لسداد ثمن الطعام والمشروبات التي يتولون تخزينها يومياً فحسب، وإنما يدفعون كذلك لعربة دفع رباعي أو عربة نقل من 50 إلى 80 دولاراً يومياً لنقل عربة الطعام ذهاباً وإياباً من المستودعات في كوينز ومناطق أخرى.
وأضاف عطية: «يحتاج معظم هؤلاء الباعة لإنفاق 300 دولار في اليوم فقط لفتح أبواب العربة، وإذا لم تحقق العربة مبيعات كبيرة سيبدأ صاحبها في تكبد خسائر».
من جهته، يدفع إم. دي. علم، الذي قدم إلى نيويورك عام 1998 من بنغلاديش. 18 ألف دولار كل عامين للشخص صاحب التصريح كي يتمكن من العمل على عربته المتنقلة والتي تحمل اسم «رويال غريل حلال فود» والتي يقف بها عند ناصية التقاء 44 ستريت وأفنيو أوف ذي أميريكانز.
قبل الجائحة، كان إجمالي مبيعات علم يومياً يصل إلى 3 آلاف دولار. اليوم، يحقق علم مكسباً يومياً يقدر بـ50 دولاراً بالكاد بعد سداد 350 دولاراً نفقات تشغيل.
وقال علم: «أحتاج لأن تبقى المكاتب مفتوحة بحيث أتمكن من العودة إلى مستوى المبيعات الذي كنت أحققه سابقاً. اليوم، تبدو المدينة ميتة لأن الجميع في منازلهم».
من جهته، قال دينيس أبريزا، مالك شاحنة «إل تورو روخو»، إنه اضطر للرحيل عن قلب المدينة بسبب التراجع الشديد في النشاط بها خلال الجائحة. وانتقل حالياً بعربته إلى الجزء الأعلى من المدينة، قرب جامعة كولومبيا، حيث وجد أعداد أكبر من العملاء، معظمهم من الطلاب الذين يعيشون في الجوار.
وقال أبريزا: «في الأعمال الصغيرة، لا يمكنك الاستمرار في تجربة نفس المكان لأكثر من أسبوع. ولا نذهب إلى قلب المدينة سوى في يوم واحد من الأسبوع نظراً لأنه لم يستعد زخمه بعد».
جدير بالذكر أنه عندما ضربت جائحة «كوفيد - 19» البلاد، العام الماضي، وجرى فرض إجراءات إغلاق في مدينة نيويورك، اضطر كاراغيورغوس لوقف عمل شاحنته في أبريل (نيسان) ودخل في حالة انتظار. وتواصل مع اتحاد نيويورك لشاحنات العام، والذي بدأ تنظيم ترتيبات للشاحنات كي تبيع الطعام للعاملين بمستشفيات المدينة (وتولت تبرعات سداد التكلفة). وبعد ذلك، تولى الاتحاد تنظيم انتقال الشاحنات لخارج المدينة خلال عطلات نهاية الأسبوع لخدمة حفلات الزفاف. وفي الأسابيع الأخيرة، تولى الاتحاد الذي يضم قرابة 80 عضواً ونحو 125 شاحنة، اتخاذ ترتيبات كي تتمكن الشاحنات من تقديم الطعام لموظفي الشركات العائدين لمكاتبهم.
في هذا الصدد، قال بن غولدبيرغ، أحد مؤسسي الاتحاد ورئيسه الحالي: «إننا مشغولون بجنون في الوقت الحاضر، ذلك أن لدينا ثماني أو تسع شاحنات تتناوب على العمل ثلاثة مرات أسبوعياً لخدمة «غولدمان ساكس» خلال الصيف بأكمله وإطعام 8 آلاف موظف. ويرغب الجميع في خدمة حفلات عودة الموظفين لأعمالهم، في الوقت الذي تحاول الشركات إغراء موظفيها للعودة إلى مكاتبهم. وبينما تسهم مثل هذه المناسبات في تعزيز نشاط كاراغيورغوس، فإنها تظل غير كافية لتعويض خسارة القاعدة المعتادة من زبائنه في قلب المدينة خلال فترة الغداء. وأشار كاراغيورغوس إلى أنه عاد اليوم إلى نحو 40 في المائة من نشاطه قبل جائحة «كوفيد - 19»، لكن تكلفة الدجاج والأطعمة الأخرى شهدت ارتفاعاً صاروخياً خلال الشهور الماضية. أما أيام الاثنين والخميس التي تقل بها أعداد الموظفين الذين يرتادون مكاتبهم، فهي أسوأ أيام العمل لديه على الإطلاق.
وقال كاراغيورغوس: «لقد رفعنا أسعارنا، وأصبحنا نبيع الغيرو اليوم بنحو 10 دولارات، لكن ما الذي سيحققه ذلك؟»
- خدمة «نيويورك تايمز»



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».