الفقر والكآبة يطغيان على احتفاء اللبنانيين بعيد الأضحى

تكلفة «الأضحية» تناهز 10 أضعاف الحد الأدنى للأجور

شهد لبنان احتجاباً شبه تام لمظاهر الاحتفاء بحلول عيد الأضحى المبارك (رويترز)
شهد لبنان احتجاباً شبه تام لمظاهر الاحتفاء بحلول عيد الأضحى المبارك (رويترز)
TT

الفقر والكآبة يطغيان على احتفاء اللبنانيين بعيد الأضحى

شهد لبنان احتجاباً شبه تام لمظاهر الاحتفاء بحلول عيد الأضحى المبارك (رويترز)
شهد لبنان احتجاباً شبه تام لمظاهر الاحتفاء بحلول عيد الأضحى المبارك (رويترز)

شهد لبنان احتجابا شبه تام لمظاهر الاحتفاء بحلول عيد الأضحى المبارك، لدرجة بدت معها حقيقة الفاقة ومشاعر «الكآبة» طاغية مع الغياب المشهود لبهجة الأطفال والأولاد في معظم المناطق بثيابهم الجديدة ومفرقعاتهم، واقتصار مبادلات التهنئة في غالبها على وسائل التواصل الاجتماعي، مرفقة بتبادل الشكاوى حول ضيق الحال واستفحال الغلاء والاعتذارات المختصرة بعبارة «العين بصيرة واليد قصيرة».
وباستثناء قلة من العاملين في الخارج والمغتربين والميسورين، افتقد هذا العيد الذي يحظى بمكانة عالية لدى عموم المسلمين، إلى رمزيته الخاصة بإقدام الكثير من الأسر على التضحية بالخراف وتوزيع لحومها على الفقراء. فمع ارتقاء نسبة الفقر إلى نحو 70 في المائة من إجمالي السكان، تقلصت أعداد المقتدرين على اقتطاع مبلغ يقارب 300 دولار أميركي أو نحو 6.6 مليون ليرة، تماثل نحو 10 أضعاف الحد الأدنى للأجور، لقاء التضحية وسطياً بخروف واحد توخيا لالتزام شعيرة شرعية وجرياً على عادات مألوفة ومحمودة في هذه المناسبة. بينما اختار كثيرون المساهمة بما تيسّر عبر جمعيات أهلية تتطوع سنويا لتوزيع اللحوم التي تحصل عليها محليا.
واستبقت الأسواق التجارية حلول العيد، بتظهير إشارات سوء الأحوال. فبعدما كانت المناسبة إحدى الفرص الثمينة لارتفاعات استثنائية في أنشطة التسوق والمبيعات، وخصوصاً بالنسبة لأصحاب متاجر الألبسة والحلويات ولعب الأطفال والأسهم النارية والمطاعم والملاهي وسواها من مقاصد الاحتفال والفرح، انقلب المشهد بصورة دراماتيكية مع تسجيل ضمور بنسبة تتعدى 80 في المائة، بحسب مصادر معنية، من الحركة التجارية المعتادة. ولم تنفع محاولات أصحاب المحلات والتجار، رغم تيقنهم من قلة جدواها، بجذب المشترين عبر العروض الخاصة والحسومات المجزية.
واقع الحال، كما بيّنتها جولة ميدانية قامت بها «الشرق الأوسط»، أن الانحدار الحاد والإضافي الذي سجله سعر العملة الوطنية مع وصول الدولار إلى عتبة 23 ألف ليرة، بُعيدَ اعتذار الرئيس سعد الحريري عن تأليف الحكومة الجديدة، أرخى بتداعيات أقسى من سابقاتها على مجمل أبواب الإنفاق والاستهلاك لدى معظم الأسر بعدما تعرضت لنزف مواز في مداخيلها قبل أوان صرفها بنهاية كل شهر.
وزاد من وطأة الضغوط المعيشية المستجدة توجيه جزء أكبر من الرواتب لمواكبة الارتفاع المتوالي في أسعار المحروقات التي تضاعفت مع تبديل سعر دولار الدعم التمويلي من قبل مصرف لبنان من 1515 إلى 3900 ليرة، وتكلفة التزود بالكهرباء من المولدات الخاصة التي ناهزت المليون ليرة بالحد الأدنى شهريا بذريعة تأمين مادة الديزل من «السوق السوداء» بأسعار تفوق الأسعار الرسمية بنسب تراوح بين 30 و50 في المائة، فضلاً عن الارتفاعات المستحدثة في أسعار الأدوية الخارجة من سلة الدعم.
بالتوازي، تجرّع المواطنون «عيدية» بطعم المرارة من قبل وزارة الاقتصاد والتجارة التي سمحت بـ«غرامات» إضافية من وزن الخبز اللبناني «الأبيض» في الأفران والمتاجر ضمن تحديد جديد لسعر التسليم إلى المستهلك، مبررة الخطوة بـ«الاستناد إلى ارتفاع سعر صرف الدولار، وإلى أسعار المحروقات وارتفاع تكلفة نقل الطحين من المطاحن إلى الأفران ونقل الخبز من الأفران إلى مراكز البيع، واستناداً إلى سعر القمح في البورصة العالمية، واستناداً للدراسة التي قامت بها الوزارة لتحديد كمية المكونات المطلوبة لإنتاج أفضل نوعية من الخبز اللبناني للمستهلك».
ومع جمع هذه العوامل إلى الترقبات الغارقة بعدم اليقين على المستويين السياسي والاقتصادي، تحولت الهواجس إلى مقدمات حسية لتكوين موجة عالية ووشيكة من الغلاء المستفحل قد تتخطى معدلاتها الوسطية 500 في المائة كحصيلة مجمعة من بدء الأزمة، ربطا بنفاد مبالغ الدعم التمويلي التي كان يوفرها مصرف لبنان لدعم المواد الأساسية والمحروقات، وتفاقم الفوضى النقدية وبتسعير غالبية أسعار المواد غير المدعومة تحسبا بمعدلات تفوق بين 15 و20 في المائة متوسط سعر الدولار في الأسواق الموازية، رغم استقراره نسبيا في اليومين الأخيرين قريبا من عتبة 22 ألف ليرة، علما بأن سعر الصرف الرسمي لا يزال 1515 ليرة للدولار الواحد.
ويعزز هذه المخاوف ارتفاع مؤشر الغلاء بمتوسط 46 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وفقا لأحدث البيانات التي تعدها إدارة الإحصاء المركزي في رئاسة مجلس الوزراء، ليرتقي المؤشر إلى نسبة 100 في المائة على مدار سنة كاملة. ومع إضافة التأثير التلقائي للتدهور الحاد في سعر صرف الليرة خلال شهر يوليو (تموز) الحالي، يرتقب مضاعفة المتوسط الشهري لارتفاع أسعار الاستهلاك، والذي يواظب على تسجيل مستويات قياسية وتراكمية، على مدى 22 شهرا من عمر الأزمة العاتية التي تستمر بتقويض اقتصاد البلاد والعملة والمدخرات، وتضرب ركائز البنية الاجتماعية.



سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
TT

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)

يزيد عدد سكان العراق على 45 مليون نسمة، نحو نصفهم من النساء، وثلثهم تقل أعمارهم عن 15 عاماً، وفق ما أعلن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، اليوم (الاثنين)، حسب الأرقام غير النهائية لتعداد شامل هو الأول منذ عقود.

وأجرى العراق الأسبوع الماضي تعداداً شاملاً للسكان والمساكن على كامل أراضيه لأول مرة منذ 1987، بعدما حالت دون ذلك حروب وخلافات سياسية شهدها البلد متعدد العرقيات والطوائف.

وقال السوداني، في مؤتمر صحافي: «بلغ عدد سكان العراق 45 مليوناً و407 آلاف و895 نسمة؛ من ضمنهم الأجانب واللاجئون».

ونوّه بأن «الأسر التي ترأسها النساء تشكّل 11.33 في المائة» بالبلد المحافظ، حيث بلغ «عدد الإناث 22 مليوناً و623 ألفاً و833 بنسبة 49.8 في المائة» وفق النتائج الأولية للتعداد.

ووفق تعداد عام 1987، كان عدد سكان العراق يناهز 18 مليون نسمة.

وشمل تعداد السنة الحالية المحافظات العراقية الـ18، بعدما استثنى تعداد أُجري في 1997، المحافظات الثلاث التي تشكل إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي منذ 1991.

وأعلن الإقليم من جهته الاثنين أن عدد سكانه تخطى 6.3 مليون نسمة؛ من بينهم الأجانب، طبقاً للنتائج الأولية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأرجئ التعداد السكاني مرات عدة بسبب خلافات سياسية في العراق الذي شهد نزاعات وحروباً؛ بينها حرب ما بعد الغزو الأميركي في 2003، وسيطرة تنظيم «داعش» في 2014 على أجزاء واسعة منه.

ولفت السوداني إلى أن نسبة السكان «في سنّ العمل» الذين تتراوح أعمارهم بين «15 و64 سنة بلغت 60.2 في المائة»، مؤكداً «دخول العراق مرحلة الهبّة الديموغرافية».

وأشار إلى أن نسبة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً تبلغ 36.1 في المائة، فيما يبلغ «متوسط حجم الأسرة في العراق 5.3 فرد».

وأكّد السوداني أن «هذه النتائج أولية، وسوف تكون هناك نتائج نهائية بعد إكمال باقي عمليات» التعداد والإحصاء النوعي لخصائص السكان.

وأظهرت نتائج التعداد أن معدّل النمو السنوي السكاني يبلغ حالياً 2.3 في المائة؛ وذلك «نتيجة لتغيّر أنماط الخصوبة في العراق»، وفق ما قال مستشار صندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق، مهدي العلاق، خلال المؤتمر الصحافي.