دعوات للاعتراف بـ«الإدارة الذاتية»... وأنقرة تُدين لقاء ماكرون وفداً كردياً

قيادي في القامشلي يطالب بالحوار مع دمشق

مقاتلتان كرديتان بشمال شرقي سوريا في 15 يوليو (أ.ف.ب)
مقاتلتان كرديتان بشمال شرقي سوريا في 15 يوليو (أ.ف.ب)
TT

دعوات للاعتراف بـ«الإدارة الذاتية»... وأنقرة تُدين لقاء ماكرون وفداً كردياً

مقاتلتان كرديتان بشمال شرقي سوريا في 15 يوليو (أ.ف.ب)
مقاتلتان كرديتان بشمال شرقي سوريا في 15 يوليو (أ.ف.ب)

استنكرت تركيا لقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أعضاء «مجلس سوريا الديمقراطية» الجناح السياسي لـ«قوات سوريا الديمقراطية» الكردية - العربية، في وقت قالت «الإدارة الذاتية لشمال وشرقي» سوريا إن وفداً رفيع المستوى من المجلس عقد لقاء مع الرئيس الفرنسي، وسط دعوات للاعتراف بـ«الإدارة الذاتية».
وأدانت وزارة الخارجية التركية لقاء ماكرون مع أعضاء «مجلس سوريا الديمقراطية» الذي وصفته بأنه «خاضع لوحدات الشعب» الكردية، التي تعدها أنقرة امتداداً لحزب العمال الكردستاني (المحظور) في الشمال السوري.
وقال المتحدث باسم الخارجية التركية تانغو بيلغيتش، في بيان أمس (الثلاثاء)، إن تعامل فرنسا مع «هذا التنظيم الإرهابي الدموي الذي يمتلك أجندة انفصالية، يضر بجهود تركيا الرامية لحماية أمنها القومي ووحدة سوريا السياسية وسلامة أراضيها وضمان الاستقرار في المنطقة». وأضاف أن تركيا أطلعت فرنسا والمجتمع الدولي على ممارسات هذا «التنظيم الإرهابي»، الذي قمع المظاهرات السلمية بطريقة دموية وقصف الأهداف المدنية مثل مستشفى عفرين، وهاجم المدنيين السوريين بمن فيهم الأطفال وعذّب المعتقلين. وتابع: «نؤكد مرة أخرى أن تركيا ستواصل بحزم كفاحها ضد هذا التنظيم وامتداده في كل مكان».
واستقبل ماكرون، أول من أمس، وفداً من أعضاء «مجلس سوريا الديمقراطية»، لمناقشة الأوضاع في شمال شرقي سوريا. ويثير انفتاح باريس على الأكراد في شمال سوريا وشمالها الشرقي توتراً مع تركيا التي تعدهم خطراً على أمنها وشنّت عمليات عسكرية هدفها إبعاد «قسد» عن حدودها.
في سياق متصل، أعلنت وزارة الدفاع التركية، مقتل 39 من عناصر الوحدات الكردية خلال الأيام الخمسة الأخيرة، قالت إنهم كانوا يستعدون لشن هجمات في مناطق متفرقة في شمال سوريا.
وقالت الوزارة، في بيان أمس، إن عمليات مكافحة العناصر الإرهابية مستمرة بحزم داخل وخارج حدود تركيا. وأجرت تركيا بالتعاون مع الفصائل السورية الموالية لها المنضوية تحت ما يسمى حالياً «الجيش الوطني السوري» 4 عمليات عسكرية في الشمال السوري في الفترة من 2016 إلى 2020، هي: «درع الفرات، وغصن الزيتون، ونبع السلام، ودرع الربيع»، سيطرت خلالها على أجزاء واسعة كانت خاضعة لسيطرة «قسد» في غرب نهر الفرات وشرقه.
في الوقت ذاته، قًتل عنصران من فرقة «ملك شاه» وأُصيب 4 آخرون من الفصائل الموالية لتركيا، جراء قصف صاروخي نفّذته قوات النظام على معبر أبو الزندين في محيط مدينة الباب شرق حلب، الخاضعة لسيطرة تركيا والفصائل الموالية لها.
وقالت الإدارة في بيان نُشر على صفحتها بموقع «فيسبوك» إن اللقاء مع ماكرون: «تناول مجموعة قضايا على رأسها الأزمة السورية والحلول المرتقبة وكيفية ضمان حل سلمي وديمقراطي عادل وفق القرارات الأممية، بما يضمن حقوق كل مواطنيها ومكوناتها على قدم المساواة».
وقالت الرئيسة المشتركة للإدارة الذاتية بيريفان خالد، التي شاركت في الاجتماع إلى جانب إلهام أحمد الرئيسة التنفيذية لمجلس «مسد»، وغسان يوسف رئيس «المجلس المدني لدير الزور»، إن النقاش مع الرئيس الفرنسي «ركز بشكل خاص على دعم باريس لاعتراف المجتمع الدولي بالإدارة الذاتية».
بدورها؛ قالت الرئاسة الفرنسية في بيان إنّ الرئيس ماكرون شدد في لقائه مع ممثّلين عن الإدارة والمجتمع المدني في شمال شرقي سوريا، على ضرورة مواصلة العمل من أجل إرساء استقرار سياسي في شمال شرقي سوريا وحوكمة شاملة، وأشاد بـشجاعة مقاتلي قوات «قسد» ووحداتها العسكرية والتضحيات التي قدّموها مع السكّان المحليين في القتال ضد تنظيم «داعش» الإرهابي.
إلى ذلك، صرح آلدار خليل عضو الهيئة الرئاسية لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي» السوري أمس، خلال احتفال جماهيري في مدينة القامشلي، استعداد الإدارة الذاتية وأحزابها السياسية للجلوس مع دمشق، وقال: «حل الأزمة السورية يأتي عبر الحوار السياسي، والإدارة مستعدة للجلوس مع حكومة دمشق لحل الأزمة، مع ضرورة التفاف كل شعوب ومكونات المنطقة حول الإدارة لتتمكن من تحقيق أهدافها»، وتحدث عن تشابك المشهد الميداني ووجود قوى خارجية إقليمية ودولية متناقضة على أرض المنطقة: «هذه القوى موجودة من أجل مصالحها وهناك صراع فيما بينها، لكننا لن نصبح جزءاً من هذا الصراع ولن نقف مع أي طرف منهم، لا إيران ولا أميركا ولا حكومة دمشق».
من جهة ثانية، قال «المجلس الوطني الكردي» في بيان نُشر على حسابه الرسمي قبل يومين إن أجهزة الأمن التابعة للإدارة الذاتية اعتقلت 4 قياديين محليين أعضاء في «الحزب الديمقراطي الكردستاني - سوريا» ويعد أحد أكبر أحزاب المجلس، وكانت هذه الأجهزة قد اعتقلت في 15 و16 من الشهر الحالي قياديين من نفس الحزب وداهمت منزل قيادي في «حزب يكيتي الكردستاني»، وأكد في بيانه: «اعتقال الناشطين بهذه الممارسات التعسفية يأتي استهتاراً بالرأي العام وتعميماً لمناخ الاستبداد وقمع الرأي الآخر... تنسف المفاوضات المأمولة والتي تم التمهيد باستئنافها للوصول إلى اتفاق يوحّد الموقف الكردي».
بدوره؛ قال سعود الملا رئيس «المجلس الكردي»، إن الأجهزة الأمنية التابعة للإدارة الذاتية قامت باعتقال عدد من أعضاء «الحزب الديمقراطي الكردستاني - سوريا»، أحد أبرز الأحزاب المؤسسة للمجلس: «اعتقلوا بأسلوب ترهيبي يتنافى مع أبسط مبادئ حقوق الإنسان، مصير هؤلاء لا يزال مجهولاً رغم مناشدات الفعاليات المجتمعية والثقافية لتحقيق الاستقرار المجتمعي والسياسي بالمناطق الكردية بغية إنجاح الحوار الكردي».
وحذر المجلس في بيانه المنشور من نسف التفاهمات السياسية التي توصلت إليها الأطراف الكردية الرئيسية، من خلال المحادثات الكردية مع أحزاب «الوحدة الوطنية الكردية» بقيادة «حزب الاتحاد الديمقراطي» برعاية الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، والتي تعثرت نهاية أكتوبر (تشرين الأول) العام الفائت.
في سياق آخر، أطلقت الإدارة الذاتية «هاشتاغاً» عبر صفحتها الرسمية على موقعي التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«تويتر» تدعو المجتمع الدولي إلى اعتراف دولي بمناطقها، وإضفاء الشرعية على المؤسسات والقوات العسكرية المنتشرة هناك، وتصدر «هاشتاغ» الحملة إحصاءات مواقع التواصل الاجتماعي وصفحات السوشيال ميديا، حسب نشطاء أكراد، وقالت الإدارة في منشور: «إن الثورة ضرورة حتمية للتغيير السلمي وتحقيق تطلعات السوريين دون تمييز، مع ضرورة تطوير نظام لا مركزي في سوريا بديل عمّا ساد لعقود أدى إلى تدمير البلاد».
والحملة جاءت استجابةً لدعوة مظلوم عبدي، قائد «قوات سوريا الديمقراطية»، طالب فيها المجتمع الدولي باعتراف دولي بالمناطق التي تسيطر عليها قواته والإدارة الذاتية، وقال في تغريدة نُشرت على حسابه الشخصي قبل يومين بموقع «تويتر»: «إن ثورة 19 يولوي (تموز) 2012 حمت شعبنا والعالم من ظلام (داعش)، حان الوقت الآن لتتويج الثورة».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».