مالي: محاولة اغتيال الرئيس الانتقالي أثناء صلاة عيد الأضحى

الوزير الأول: لولا ردة فعل الرئيس لأصابه المهاجم في رقبته

جنود ينقلون بآلية عسكرية منفّذ الهجوم على الرئيس الانتقالي في باماكو أمس (رويترز)
جنود ينقلون بآلية عسكرية منفّذ الهجوم على الرئيس الانتقالي في باماكو أمس (رويترز)
TT

مالي: محاولة اغتيال الرئيس الانتقالي أثناء صلاة عيد الأضحى

جنود ينقلون بآلية عسكرية منفّذ الهجوم على الرئيس الانتقالي في باماكو أمس (رويترز)
جنود ينقلون بآلية عسكرية منفّذ الهجوم على الرئيس الانتقالي في باماكو أمس (رويترز)

أعلنت رئاسة الجمهورية في مالي أن الرئيس الانتقالي العقيد آسيمي غويتا تعرض لمحاولة اعتداء بالسلاح الأبيض حين كان يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك، صباح أمس (الثلاثاء)، في «جامع الملك فيصل» بالعاصمة باماكو، فيما أعلن شوغيل مايغا الوزير الأول، الذي كان إلى جانبه، أنه لولا ردة فعل الرئيس السريعة لأصيب في الرقبة. وبعد دقائق من الاعتداء ظهر الرئيس الانتقالي في التلفزيون الحكومي ليؤكد سلامته، وقال: «كل شيء على ما يرام، وليس هنالك ما يثير القلق»، ووصف ما جرى بأنه «حادث معزول» دون أن يربطه بأي جهة أو جماعة إرهابية، وقال تعليقاً على محاولة اغتياله: «هنالك دوما من يعبرون عن استيائهم، وهنالك أيضاً من يحاولون في كل مرة القيام بتصرفات لضرب الاستقرار في مالي، ولكنها تبقى أحداثاً معزولة، وقد تمت السيطرة على الأمور بسرعة، ولم يصب أي أحد بأذى». وخلص الرئيس الانتقالي في التصريح المقتضب إلى دعوة الشعب المالي إلى «التماسك»، وطلب من شركاء مالي «التضامن» معها حتى «يتحقق الاستقرار»، على حد تعبيره.
من جانبه، قال الوزير الأول في الحكومة الانتقالية شوغل ميغا، في مقابلة مع التلفزيون الحكومي، إنه كان إلى جانب الرئيس الانتقالي وقت محاولة الاعتداء، معتبراً أنه «لولا ردة فعل الرئيس لوقعت كارثة»، وقال: «حين انتهت الصلاة وانسحب الإمام، وبدأ المصلون يستعدون للانسحاب، ظهر رجل وبيده سكين، وكان واضحاً أن نيته سيئة». وأضاف الوزير الأول: «كما تعلمون، فإن الرئيس الانتقالي ضابط في القوات الخاصة، وهذا ما منع المهاجم من الوصول إلى هدفه، ومن إصابة الرئيس في الرقبة بالسكين... لا بد من القول هنا إن ردة فعل الرئيس، وردة فعل قوات الأمن، مكنت من تفادي الأسوأ». وفي سياق الرد على سؤال حول الأهداف التي تحرك منفذ الاعتداء، قال مايغا الوزير الأول: «منفذ الهجوم يوجد الآن في قبضة الأمن ولا يمكنني الحديث عن الأهداف التي تحركه»، رافضاً الإدلاء بأي معلومات حول إن كان منفذ الهجوم هتف بأي عبارات أو تحدث عن الجهة التي تقف خلفه.
من جهة أخرى، قال إدريسا كوني، أحد القائمين على المسجد، إنه رأى مهاجماً «ملثماً» يقترب من الرئيس، ثم سحب الرئيس وحراسه الأمنيون أسلحتهم، كما قال شهود إن بقع دم ظهرت على ملابس أحد الحاضرين، وتحدثت وسائل إعلام عن إصابة شخص لم تكشف هويته، ويعتقد أنه من الحرس الرئاسي. وقالت مصادر خاصة إن الرئيس الانتقالي نقل مباشرة بعد الاعتداء إلى ثكنة «كاتي» العسكرية التي تبعد عدة كيلومترات عن العاصمة باماكو، بينما أظهرته صور التلفزيون وهو يرتدي ملابس مختلفة عن التي كان يرتديها في المسجد، وكان إلى جانبه عدد من الوزراء والمسؤولين. وبدا واضحاً من ظهور الرئيس الانتقالي في التلفزيون، وتقليله من شأن محاولة الاعتداء عليه، وإيعازه للوزير الأول بالحديث في التلفزيون، أنه يحاول الظهور في ثوب البطل لتحقيق شعبية هو في أمس الحاجة إليها، بسبب المصاعب الكبيرة التي تواجهه في إدارة سدة الحكم منذ أن أطاح بالرئيس إبراهيم ببكر كيتا في شهر أغسطس (آب) 2020. وعودته للانقلاب مرة أخرى نهاية مايو (أيار) الماضي، وتسمية نفسه رئيساً للبلاد خلال فترة انتقالية لم يتبقَ منها سوى 9 أشهر.
الرئيس غويتا البالغ من العمر 38 عاماً فقط، هو ضابط مغمور لم يكن يعرفه الماليون قبل العام الماضي، ولكنه في غضون 9 أشهر قاد انقلابين عسكريين، وأصبح يوصف بأنه «الرجل القوي» في دولة مالي الهشة والفقيرة، ويقول مقربون منه إنه «خجول وقليل الكلام»، والده شرطي متقاعد، وهو أحد خريجي أكاديمية عسكرية في مالي، ولكنه تلقى تدريبات عدة في الخارج، وسبق أن حارب المتمردين الطوارق في الشمال مطلع الألفية. وحاول غويتا التحالف مع الحركات السياسية التي كانت تعارض الرئيس السابق إبراهيم ببكر كيتا، من أجل تحقيق إجماع سياسي، وتوحيد الجبهة الداخلية، خاصة أنه يعاني من عزلة خارجية بسبب الانقلابين اللذين قادهما في أقل من عام.



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».