تفجير مدينة الصدر يلقي بظلاله على حملات الانتخابات العراقية

TT

تفجير مدينة الصدر يلقي بظلاله على حملات الانتخابات العراقية

بين القنبلة السياسية التي فجرها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، والتفجير الذي طال مدينة الصدر، بضعة أيام فقط.
ففي الأسبوع الماضي، ظهر الصدر في مقر إقامته في حي الحناّنة بمدينة النجف، في خطاب بدا مفاجئاً لكل القوى السياسية، خصوماً وحلفاء، حين أعلن الانسحاب من المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) القادم. وعشية عيد الأضحى المبارك، وتحديداً في يوم عرفة، أول من أمس، حصد تفجير في أحد أسواق مدينة الصدر، المعقل الرئيسي لأنصار مقتدى الصدر، أرواح أكثر من 30 شخصاً، بينهم 15 طفلاً، كما جُرح العشرات.
وفيما تعددت الروايات بشأن التفجير، وما إذا كان عملاً انتحارياً أم بسبب انفجار عبوة ناسفة، فإن الخسائر البشرية التي خلّفها كانت كفيلة لتعيد إلى الواجهة الصراع السياسي في البلاد، لاسيما بعد إعلان الصدر الانسحاب.
ومع أن معظم أعضاء الكتلة الصدرية المنضوين في تحالف «سائرون» المدعوم من الصدر، وهو الكتلة الأكبر في البرلمان العراقي (54 نائباً) أعلنوا انسحابهم من الانتخابات تضامناً مع إعلان زعيمهم، لكن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، التي كانت أغلقت باب الانسحاب طبقاً للترتيبات الخاصة بإجراء الانتخابات، علّقت على الانسحابات من المشاركة في الانتخابات من قبل أعضاء الكتلة الصدرية، بأنها لم تتلق أي إشعار رسمي بشأن سحب الترشيح. وحتى الساعة، هناك إشكالية لا تزال قائمة حول مفهوم الانسحاب: هل هو للصدر شخصياً فقط، أم للكتلة برمتها؟
الأطراف السياسية لم تجب عن ذلك بوضوح، إذ اكتفى الجميع تقريباً، يتقدمهم رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بحثِّ زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر على العدول عن الانسحاب. لكن القيادي السابق في التيار الصدري ونائب رئيس الوزراء الأسبق بهاء الأعرجي، خرج بتفسير جديد لانسحاب الصدر، حين قال في تصريح تلفزيوني إن «الصدر انسحب من المشاركة في الانتخابات، ولم يقل إن الكتلة الصدرية لن تشارك»، مبيناً أن «انسحاب الصدر موقف شخصي من الانتخابات لايشمل الكتلة الصدرية»، معتبراً أن انسحابات أعضاء الكتلة تضامناً مع الصدر هي «مواقف شخصية».
من جهته، فإن الصدر لم يعلن حتى الآن موقفاً بشأن التفجير الذي طال المدينة التي تحمل اسم عائلته، والتي تعاقبت عليها أسماء عدة، تبعاً للعهود التي حكمت العراق خلال 6 عقود من الزمن. فهذه المدينة الواقعة شرق بغداد، بنيت في عهد عبد الكريم قاسم، أول رئيس وزراء في العهد الجمهوري بعد ثورة 14 يوليو (تموز) عام 1958، الذي أطلق عليها اسم «مدينة الثورة». وبقيت تحمل هذه التسمية حتى منتصف السبعينات من القرن الماضي، حين حملت اسماً جديداً هو «مدينة صدام»، وبقيت تحمله حتى سقوط الرئيس صدام حسين ونظامه في التاسع من أبريل (نيسان) عام 2003، إذ عادت خلال الأيام الأولى بعد سقوط صدام لتحمل اسمها الأول «الثورة»، لكنها حملت في ما بعد اسم «مدينة الصدر»، لكون جميع سكانها تقريباً من الشيعة (نحو 4 ملايين نسمة) ولكون أغلب هؤلاء الشيعة من مؤيدي عائلة الصدر(محمد باقر الصدر، أعدم في عهد صدام حسين عام 1980، وهو أحد كبار المراجع والمفكرين الشيعة، ومحمد محمد صادق الصدر، وهو والد مقتدى الصدر وأحد أبرز المراجع في الحوزة العلمية حتى يوم اغتياله في عام 1999).
ويتربع مقتدى الصدر في قيادة تيار الموالين لعائلته حالياً، ويدين له بالولاء ملايين الشيعة، سواءً من هذه المدينة أو من سواها من مدن العراق ذات الأكثرية الشيعية. وأسس مقتدى بعد عام 2003 ما سمي في حينه «جيش المهدي»، ومن بعده «لواء اليوم الموعود»، ثم أعلن إلغاء «جيش المهدي» وتجميد «لواء اليوم الموعود»، ورعى كتلة سياسية تمكنت من أن تكون الأكبر في البرلمان.
وبين الموقف الذي أعلنه بشأن الانسحاب من الانتخابات والتفجير الذي طال المدينة التي تحمل اسم عائلته، فإن الأنظار تتجه إلى الحنانة في النجف، لمعرفة ما يمكن أن يعلنه مقتدى الصدر خلال الأيام المقبلة بشأن كيفية التعامل مع ملف الانتخابات. ففي الوقت الذي يجد السنة والكرد مشاركة الصدر في الانتخابات إحدى الضمانات الأساسية لخلق حالة من التوازن في العملية السياسية، فإن الكتل والأحزاب الشيعية منقسمة على نفسها حيال الصدر وكتلته وطبيعة مشاركته من عدمها.
وينقسم الشيعة إلى قسمين رئيسيين حيال موقف الصدر: الأول، وتمثله قوى سياسية معتدلة، يرى أن عدم مشاركة الصدر سوف يترك فراغاً يصعب ملؤه في المعادلة السياسية، وربما يفقد الشيعة أغلبيتهم المريحة التي يستطيعون استعمالها بسهولة متى توحدوا، رغم خلافاتهم الكبيرة حول قضايا أساسية في بناء الدولة والموقف من الآخرين في الداخل والخارج. والثاني، وتمثله قوى سياسية شيعية راديكالية، ومن بينها العديد من الفصائل المسلحة التي ترى أن موقف الصدر مجرد مناورة، وبالتالي فإنه من وجهة نظرها سيعود في اللحظات الأخيرة لكون جمهوره ثابتا، وهو لا يحتاج إلى دعاية انتخابية كبيرة ترهق مرشحي كتلته الصدرية. وترى هذه القوى أنه حتى لو قاطع الصدر الانتخابات نهائياً، فإنه لن يترك فراغاً مهماً، لكون غالبية مؤيديه يمكن أن يصوتوا لصالح تلك القوى، لأن المشتركات بينهم وبينها كبيرة، حيث إن غالبية تلك الفصائل إما أنها منشقة عن التيار الصدري، أو أنها صدرية لجهة الانتماء إلى والد مقتدى الصدر، المرجع الراحل محمد محمد صادق الصدر.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.