مشاورات التكليف غائبة وجهود لإقناع ميقاتي بالترشح

بري لن يغطّي حكومة من لون واحد والكرة في مرمى «حزب الله»

TT

مشاورات التكليف غائبة وجهود لإقناع ميقاتي بالترشح

دعوة رئيس الجمهورية ميشال عون، الكتل النيابية والنواب المستقلين، للاشتراك في الاستشارات النيابية المُلزمة لتسمية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة خلفاً للرئيس سعد الحريري، لا تعني بأن الطريق سالكة سياسياً أمام تسميته في ختام الماراتون الاستشاري، الاثنين المقبل، في ظل تعذر التوافق على اسم المرشح لتولي رئاسة الحكومة في خلال عطلة عيد الأضحى، مع أن كفة الترشيح تميل حالياً بغياب أي منافس له لمصلحة الرئيس نجيب ميقاتي، الذي لا يبدي حتى الساعة حماسة للترشح انسجاماً مع توافقه مع رؤساء الحكومات السابقين على عدم تسمية أي مرشح منهم، أو تبني اسم أي مرشح بديل بالوكالة عنهم.
فالغموض الذي لا يزال يكتنف المسار العام للاستشارات النيابية المُلزمة يمكن أن يستمر لفترة زمنية تمتد إلى ما بعد تحديد موعد الاستشارات ما يدفع باتجاه تأجيلها إفساحاً في المجال أمام التوافق على رئيس يحظى بتأييد القوة السياسية الضاربة في الطائفة السنية، ولا يشكل امتداداً لحكومة ما هي إلا نسخة طبق الأصل عن حكومة الرئيس حسان دياب، مع تبدل في اسم الرئيس الذي سيعهد إليه تشكيل الحكومة العتيدة.
وبرغم أن الرئيس عون بادر إلى تحديد موعد لإجراء الاستشارات النيابية بعد تشاوره مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، في محاولة لرفع الضغوط الدولية التي تطالبه بالإسراع بتشكيل الحكومة بعد اعتذار الرئيس الحريري عن تشكيلها، فإن المجتمع الدولي يحمله مسؤولية مباشرة حيال عدم تسهيل مهمته بتأليفها، خصوصاً أن سفيرتي الولايات المتحدة الأميركية دوروثي شيا وفرنسا آن غريو، حاولتا بزيارتهما لعون قبل ساعات من اعتذاره تمرير رسالة له بأن لبنان لم يعد يحتمل البقاء بلا حكومة، لأنه ارتطم بقعر الانهيار، وأن هناك ضرورة لتعاونه مع الحريري لإخراج عملية التأليف من التأزم الذي يحاصرها.
واعتقدت شيا وغريو - كما تقول مصادر دبلوماسية غربية لـ«الشرق الأوسط»، أن الحكومة سترى النور في خلال ساعات، وأن اجتماع عون بالحريري، كما أوحى البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية بأن العراقيل قد أُزيلت، وأن اجتماعهما الذي أعقب زيارتهما لبعبدا سيكون حاسماً، لكنهما فوجئتا باعتذار الحريري، وهذا ما أدى إلى اندفاع المجتمع الدولي باتجاه عون، لأنه لم يكن يتوقع اصطدام اجتماعه الأخير بالحريري بحائط مسدود وصولاً إلى تحميله مسؤولية الإطاحة بالفرصة الأخيرة لتسريع تشكيل الحكومة.
ولم يتوقف تحرك غريو وشيا حول تشكيل الحكومة عند تعذر التفاهم بين عون والحريري، بل بادرت الأخيرة إلى تشغيل محركاتها باتجاه بري في محاولة للاستفسار منه عن بعض ما لديه من معطيات وخفايا كانت وراء اعتذار الحريري الذي أعاد ملف تشكيل الحكومة إلى نقطة الصفر.
وعلمت «الشرق الأوسط» من المصادر الدبلوماسية الأوروبية أن شيا انطلقت في سؤالها بري عن مرحلة ما بعد اعتذار الحريري وإلى أين يذهب لبنان؟ وهل لدى المسؤولين من ترف الوقت للإطاحة بالفرصة التي كانت متاحة لتشكيل الحكومة من دون أن تتدخل في الأسماء البديلة المرشحة لخلافة الحريري.
وكشفت أن شيا لا تبرر عدم السير في المبادرة الفرنسية لإنقاذ لبنان وقطع الطريق على سقوطه نهائياً في الانهيار، وقالت إنها تدعو للإسراع بتشكيل الحكومة من دون أن تعرف الأسباب التي كانت وراء تجميد مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان، بعد أن وافق عون على تعويم الوساطة الأميركية بين البلدين من دون أن تترجم إلى خطوات ملموسة.
وفي المقابل، فإن بري الذي كان تقدم بمبادرة أراد منها إعادة الاعتبار للمبادرة الفرنسية، والإبقاء عليها كممر إلزامي لإنقاذ لبنان والانتقال به إلى مرحلة التعافي المالي والاقتصادي، يفضل في الوقت الحاضر عدم التدخل في المشاورات التي تسبق الاستشارات النيابية الملزمة.
وتعزو مصادر نيابية سبب إحجام بري عن التدخل على الأقل في المدى المنظور إلى أن رئيس المجلس لن يقول كلمته قبل أن يستكشف موقف رؤساء الحكومات السابقين بدءاً بالحريري، بعد أن كان اتفق معه في المبدأ على أن يسمي بالتنسيق مع زملائه في نادي الرؤساء المرشح الذي سيخلفه في حال حسم قراره بالاعتذار عن التأليف.
وتؤكد أن بري لن يعترض على من يسميه رؤساء الحكومات في حال أنهم ارتأوا إعادة النظر في موقفهم، خصوصاً أن الحريري كان اقترح في اجتماع للرؤساء تسمية واحد من اثنين الرئيس نجيب ميقاتي أو تمام سلام، لكنه اصطدم بمعارضتهما على خلفية أن هناك استحالة في التعاون مع عون.
وتقول المصادر إن سلام رأى أن لا مجال أبداً للتعاون مع عون، وكذلك الأمر بالنسبة إلى ميقاتي، لكن بري يراهن بالتعاون مع الحريري ورؤساء الحكومات على إقناع الأخير ليعيد النظر في قراره، وتؤكد أن رئيس المجلس ليس مع تشكيل حكومة من لون واحد على غرار الحكومة الحالية المستقيلة وقد يضطر، ما لم يتم التجاوب معه، إلى عدم مشاركته في الحكومة العتيدة لجهة توفير الغطاء السياسي لها.
وتكشف بأن بري انطلق في مشاوراته البعيدة عن الأضواء من التواصل مع قيادة «حزب الله» من جهة ومع الحريري وميقاتي من جهة ثانية، لأنه ليس في وارد الموافقة على حكومة من لون واحد ليست قادرة على التوجه للمجتمع الدولي ومخاطبته طلباً للمساعدة، وبالتالي نكون أمام خيار قاتل بتمديد الأزمة، هذا ما يعرض البلد إلى مزيد من الحصار.
لذلك ليس لدى بري من مرشح آخر غير ميقاتي، وبالتالي لا يتدخل ولو من باب إبداء الرأي في المرشحين الآخرين، فيما يقف «حزب الله» أمام موقف صعب، لأن عدم مراعاته لموقف الأكثرية بلا منافس في الطائفة السنية سترتد عليه سلباً، خصوصاً أن هناك من يحمله مسؤولية في عدم الضغط على عون لتسهيل مهمة الحريري في تأليف الحكومة، وأنه يتلطى برفضه لتبرير رغبته بتأخير تشكيلها مراعاة لموقف حليفه الإيراني لإدراج الملف اللبناني على طاولة المفاوضات في فيينا لتحسين شروطه في التفاوض مع الولايات المتحدة.
فـ«حزب الله» بات محشوراً أمام حاضنته السياسية من جهة والجمهور الشيعي من جهة ثانية، ولأنه لا يستطيع التفريط بتحالفه مع بري من جهة أخرى، وماذا سيقول لجمهوره وهو يستعد لخوض الانتخابات النيابية؟ وهل يؤمن له احتياجاته المعيشية بمراعاته إلى الأبد لعون والنائب جبران باسيل.
وعليه، فإن المشاورات التمهيدية للاستشارات المُلزمة، وإن كانت غائبة وتكاد تكون معدومة، فإنها حاضرة بامتياز على الجبهة السياسية لإقناع ميقاتي بالترشح للمرة الثالثة لتشكيل الحكومة، الذي لا يزال يتهيب الموقف، ولن يُقدم على مغامرة سياسية ما لم تكن محسوبة ومدعومة بضمانات عربية ودولية، لأن من دونها فإن الضمانات الداخلية لن تُصرف في مكان حتى لو اضطر عون إلى إعادة النظر بسلوكه السياسي وبذهنيته التي يدير فيها البلد، والتي ما زالت نسخة طبق الأصل عن ذهنيته أثناء توليه رئاسة الحكومة العسكرية وصولاً إلى خوضه حروب الإلغاء والتحرير.
فالرئيس ميقاتي لن يقع أسيراً للإغراءات المحلية حتى لو اضطر من يدعمه إلى الضغط على عون ومطبخه السياسي الذي ربما يحضر الآن للمجيء بمرشح يكون مطواعاً له رافضاً التواضع بأن «العهد القوي» لم يعد - كما يقول مصدر سياسي لـ«الشرق الأوسط» - موجوداً على الخريطة السياسية، وأن دوره يقتصر على تعطيل الحلول، فيما يواصل ميقاتي اتصالاته في الخارج لاستكشاف المواقف الدولية والإقليمية للتأكد من مدى قدرته على إحداث نقلة نوعية في البلد يبدأها من حيث انتهى إليه الحريري بعد أن اصطدم بشروط عون.
وأخيراً فإن ميقاتي يتأنى في إجابته على من يطالبه بالعودة عن قراره بالعزوف عن الترشح كحال سلام الذي حسم أمره بعدم التعاون مع عون، وبالتالي فإن جوابه سيؤشر إلى ما ستكون عليه الاستشارات، آخذاً بعين الاعتبار رفضه الإشراف على إدارة الأزمة وتمديدها مشترطاً إحداث نقلة نوعية تضع لبنان أمام مرحلة جديدة.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.