قصف النظام يسرق «فرحة العيد» شمال غربي سوريا

نزوح كبير مستمر من جبل الزاوية

ناجون من قصف النظام على قرية سرجة جنوب إدلب السبت لجأوا إلى قبو المنزل (أ.ف.ب)
ناجون من قصف النظام على قرية سرجة جنوب إدلب السبت لجأوا إلى قبو المنزل (أ.ف.ب)
TT

قصف النظام يسرق «فرحة العيد» شمال غربي سوريا

ناجون من قصف النظام على قرية سرجة جنوب إدلب السبت لجأوا إلى قبو المنزل (أ.ف.ب)
ناجون من قصف النظام على قرية سرجة جنوب إدلب السبت لجأوا إلى قبو المنزل (أ.ف.ب)

غابت عن عشرات القرى والبلدات في جبل الزاوية جنوب إدلب في الشمال الغربي السوري، أجواء التحضيرات لعيد الأضحى هذا العام وخيم الحزن العميق على عشرات الأسر لفقد عزيز أو خسارة مأوى، في ظل هجمة بالقصف المدفعي والصاروخي من قبل قوات النظام والميليشيات المساندة بالقذائف الروسية المتطورة، انطلقت بداية يونيو (حزيران)، فيما وثق «المرصد» مزيداً من الخسائر البشرية على خلفية المجزرة التي ارتكبتها قوات النظام في بلدة إحسم بجبل الزاوية جنوب إدلب السبت.
يقول محمد طقيقة في بلدة إحسم، الذي فقد 7 من عائلته دفعة واحدة في القصف المدفعي من قبل قوات النظام ليلة السبت/الأحد:
في الوقت الذي كنا نمرح فيه أنا وأطفالي وأطفال أخوتي ونتحدث عما ننوي شراءه من ألبسة للعيد، فاجأتنا قذائف مدفعية استهدفت منزلنا ومنازل إخوتي القريبة. ووسط مشهد من الذهول والرعب، لا نعلم ماذا جرى، سوى سماع صرخات الأطفال وانتشار الغبار الكثيف في المكان. يضيف: «فقدت عائلتي في ذلك القصف الوحشي، زوجتي (55) عاما وابنتي (20) عاما وزوجة ابني (20) عاما، إضافة إلى ثلاث بنات من عائلة أخي تتراوح أعمارهن بين أربع وست سنوات، وزوجة أحد أقربائي (45) عاما. كما أصيب تسعة من أفراد العائلة بإصابات تتراوح بين طفيفة وبتر أطراف، وأصبحنا الآن مشتتين بين المشافي والمراكز الطبية نتلقى العلاج، وسط أجواء من الحزن والقلق بدلاً من البهجة مع اقتراب العيد».
يذكر أن عشرات العائلات قد نزحت خلال اليومين الماضيين، من مدينة أريحا وبلدات «سرجا وإحسم وبليون وابلين والبارة وفليفل» جنوب إدلب، باتجاه المناطق البعيدة والآمنة نسبياً، وسط ظروف إنسانية صعبة، ولجأت بعض الأسر إلى أقارب في مخيمات منتشرة بالقرب من الحدود السورية، بينما وجدت عائلات أخرى في أشجار الزيتون شمال إدلب ملجأ مؤقتا لعل الهدوء يعود إلى مناطقها ويسمح لها بالعودة.
في هذه الأثناء، تحدث «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، عن جولة جديدة من القصف البري استهدف منطقة «خفض التصعيد» الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة السورية المسلحة والمأهولة بالسكان، حيث استهدفت قوات النظام صباح الأحد بالقذائف الصاروخية والمدفعية، مناطق في محيط دارة عزة ومنطقة كفرنوران ومحيط التوامة، ما أدى لاستشهاد طفل وإصابة 3 آخرين بالقصف على دارة عزة، كما استهدفت سيارة بصاروخ موجه في محيط كفرنوران دون معلومات عن خسائر بشرية، في حين قصفت فصائل غرفة عمليات (الفتح المبين)، بعد منتصف الليل وفجر أمس، مواقع لقوات النظام في كفرنبل وبسقلا، كذلك قصفت قوات النظام أماكن في الفطيرة وفليفل بجبل الزاوية جنوبي إدلب.
ووثق «المرصد» مزيداً من الخسائر البشرية على خلفية القصف العنيف لقوات النظام في بلدة إحسم بجبل الزاوية جنوب إدلب، فقد ارتفع تعداد القتلى إلى سبعة مدنيين، أربع نساء وثلاث طفلات والعدد مرشح للارتفاع لوجود تسعة جرحى من النساء والأطفال بعضهم في حالات خطرة، وبذلك ارتفعت الحصيلة في إدلب يوم أمس إلى ثلاثة عشر شخصاً، هم سبعة في إحسم، وثلاثة أطفال وسيدة ومواطن ومتطوع في الدفاع المدني السوري في قرية سرجة، جراء صاروخ موجه روسي الصنع، وتبعه صاروخ آخر أثناء توجه فرق الإنقاذ إلى المكان، فأسفر الاستهداف عن إصابة سبعة آخرين من بينهم مدنيون ومتطوعون في الدفاع المدني السوري.
يروي عمر العمر المتطوع بالدفاع «الخوذ البيضاء»، كيف أنه قبل نحو عشرة أيام، بينما كان وأفراد من الفريق يحاولون إنقاذ أسرة تعرض منزلها للقصف وانتشالها من تحت الركام في قرية بيلون جنوب إدلب، تفاجأ بأن منزله تعرض أيضاً للقصف المباشر. يستعيد عمر الموقف ويقول: سارعت ورفاقي إلى المنزل لأجده كومة من الدمار وأسرتي تحت الركام، وبعد عمل لساعات استطعنا انتشال زوجتي وطفلة بينما قضت طفلتاي اللتان لم تتجاوزا الخمس سنوات. سيكون هذا أول عيد يمر دون أن تكون لضحكات نور وإيمان حضورها بيننا.
وأعلن الدفاع المدني السوري، عن حصيلة الضحايا من جراء هجمات النظام وروسيا المستمرة على مناطق شمال غربي سوريا خلال النصف الأول من العام الجاري 2021، وقال في بيان أمس: «إن الهجمات أسفرت عن مقتل أكثر من 147 شخصا، بينهم 33 طفلاً و23 امرأة، إضافة إلى متطوعين من الدفاع المدني، في حين تمكنت الفرق من إنقاذ 312 شخصاً، بينهم 71 طفلاً تحت سن الـ(14)، و11 متطوعاً في الدفاع المدني».
يصف موفق الريحاوي وهو ناشط من مدينة أريحا، وضع مدن وبلدات ريف إدلب الجنوبي، فيقول بأنها تحولت إلى مناطق أشباح اختفت من شوارعها حركة السيارات والدراجات والمارة، وأغلقت المحال التجارية أبوابها، وفضل من تبقى من السكان التزام منازلهم أمام تصعيد القصف المدفعي والصاروخي، وطيران الاستطلاع الروسي الذي يحلق في أجواء هذه المناطق على مدار اليوم لجمع وتصوير أي حركة واستهدافها بشكل مباشر. ويضيف أن مدينة أريحا كبرى المدن في ريف إدلب الجنوبي تشهد عادة في الأيام التي تسبق العيد حركة تجارية جيدة، وأسواقها تعج بالمواطنين والمتسوقين، بينما اليوم لا تشهد أي حركة تسوق على الإطلاق.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.