مصريات يرحبن بتغليظ البرلمان عقوبات التحرش الجنسي

تلميذات مصريات في أحد شوارع القاهرة (رويترز)
تلميذات مصريات في أحد شوارع القاهرة (رويترز)
TT

مصريات يرحبن بتغليظ البرلمان عقوبات التحرش الجنسي

تلميذات مصريات في أحد شوارع القاهرة (رويترز)
تلميذات مصريات في أحد شوارع القاهرة (رويترز)

بينما رحبت نساء بموافقة البرلمان المصري الأسبوع الماضي على تغليظ العقوبات على التحرش الجنسي، تقول بعضهن إن هناك حاجة لمزيد من الإصلاح للحد من هذه الممارسة.
وجرى تغليظ العقوبات المقررة على التحرش الجنسي والجرائم ذات الصلة وتصعيدها إلى جرائم جنائية بعد أن أقر مجلس النواب مشروع قانون قدمه حزب مستقبل وطن السياسي.
وكانت الجرائم الجنسية موضوعاً متزايداً للمحادثات في السنوات الأخيرة في الدولة المحافظة ذات الأغلبية المسلمة، حيث خلصت عدة قضايا بارزة ينظرها القضاء إلى استنتاجات متباينة، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.
وبدأت عشرات المصريات نشر روايات عن تعرضهن لاعتداءات جنسية على وسائل التواصل الاجتماعي العام الماضي، لكن نشطاء يقولون إنه لا يزال هناك تحيز عميق الجذور في مصر لإلقاء اللوم على النساء في السلوك الذي يعتبر استفزازياً أكثر من لوم الرجال في تلك الجرائم.
وحفظ المدعون العامون في مايو (أيار) قضية بخصوص ادعاء سيدة أنها تعرضت لاغتصاب جماعي في فندق فخم في القاهرة عام 2014 نظراً «لعدم كفاية الأدلة» ضد المتهمين.
وأبدت نساء تأييدهن لقرار البرلمان على أمل أن يحقق ردعاً في بلد أصبح التحرش الجنسي فيه حقيقة واقعة بالنسبة لهن.

وقالت مريم، وهي طالبة جامعية (19 عاماً): «حاجة حلوة جداً كده طبعاً، إحنا كده بيدوا للمرأة أكثر حقوقها ويخلوها أكثر يبقى عندها ثقة في نفسها وهي ماشية في الشارع، دي حاجة تبقى مريحة أكثر نفسياً لإنسان يعني... عامة أنا ماكنتش بأعرف أمشي في أماكن مقفولة أو شارع ضيق أو كده، أكيد باخاف يعني، بس أكيد الموضوع ده ح يفرق كتير».
وقالت طالبة جامعية أخرى هي نورين «أنا شايفة إنها حاجة كويسة جداً بالذات في مصر يعني، كل شوية بنت تتعاكس من أي حد... تحرش كتير قوي، حاجات صعبة يعني... أنا شايفاها حاجة كويسة لمصر أو لبنات مصر عامة».
وقالت هبة علي، وهي طالبة جامعية أيضاً، «هو أنا عموماً لحد ما باكون ماشية في الشارع مش مستريحة بشكل كامل لأن أنا باتعرض أوقات لكلام مش لطيف، نظرات مش لطيفة، وأوقات مثلاً في المواصلات أو الميني باص وأنا راكبة باحس إن فيه، حتى لو مش قصده أو أي حاجة، باحس إنه بيحصل احتكاك ما بيني وبين شخص أنا مش عارفاه، ده برضه مش مريح بالنسبة لي».
لكن ناشطات حقوقيات يخشين من أن يفرض تغليظ العقوبة على التحرش الجنسي مزيداً من الضغط على النساء الناجيات.
وقالت انتصار السعيد، وهي محامية ورئيسة مجلس أمناء مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون، إن «تغليظ عقوبة التحرش الجنسي في القانون المصري يؤدي إلى أن تبقى جناية بدلاً من كونها جُنحة، بالتالي إنه فيه ميزة هنا هي إنه التقادم الخاص بالجريمة مدته ستكون عشر سنوات وليس ثلاث سنوات... إحنا طبعاً عارفين إن مدة التقادم في الجنايات عشر سنوات، وبالتالي سقوط الحق في محكمة الجنايات لن يكون بعد ثلاث سنوات، لكن من ناحية تانية ده بيفتح الباب يعني لفكرة صعوبة الإثبات وخلق حالة من التعاطف مع الجناة خصوصاً في التحرشات اللفظية، أنا هنا لا أقلل من فداحة التحرشات اللفظية، لكن كمان فكرة مدى تناسب العقوبة مع الجرم».

وشددت انتصار السعيد على الحاجة إلى مزيد من آليات حماية الضحايا المبلغات والشهود والخبراء وإصدار قانون شامل ضد جميع أشكال العنف ضد المرأة. وقالت: «عايزين نمرة واحد إنه القانون يطبق ونحمي المبلغات، وكان قد صدر العام الماضي قانون حماية المبلغات في جرائم الاعتداءات الجنسية، وكانت خطوة كويسة لكن كان ينقصها فكرة حماية الشهود والخبراء كمان، مش بس المبلغات... الحاجة الثانية إن إحنا محتاجين يكون فيه قانون موحد لتجريم العنف ضد النساء بشكل عام».
ورُفعت عقوبة التحرش الجنسي، في الإجراء الذي تمت الموافقة عليه الأسبوع الماضي، من السجن لمدة عام على الأقل إلى خمس سنوات على الأقل، أو دفع غرامة تصل إلى 300 ألف جنيه مصري (19 ألفاً و100 دولار)، بعد أن كانت 20 ألف جنيه.
وفي الحالات التي يوجد فيها خلل في ميزان القوى بسبب علاقة مهنية أو عائلية، أو في الحالات التي تنطوي على استخدام سلاح أو شركاء، رُفعت العقوبة من سنتين كحد أدنى إلى سبع سنوات على الأقل، إضافة إلى زيادة الحد الأقصى للغرامة 10 أمثال إلى 500 ألف جنيه.
وأقر البرلمان قانوناً في 2020 لحماية هوية ضحايا التحرش والاعتداء الجنسي، بعد حملة على وسائل التواصل الاجتماعي أدت إلى اعتقال مشتبه في ارتكابه جريمة جنسية.


مقالات ذات صلة

امرأة تلد في سن الـ61 وتصبح أكبر أم جديدة في مقدونيا الشمالية

يوميات الشرق امرأة مع طفلها المولود (رويترز - أرشيفية)

امرأة تلد في سن الـ61 وتصبح أكبر أم جديدة في مقدونيا الشمالية

أصبحت سيدة تبلغ 61 عاماً أكبر امرأة تلد طفلاً في مقدونيا الشمالية، وفق ما أعلنت السلطات الصحية في الدولة الواقعة في منطقة البلقان الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (سكوبيي (مقدونيا الشمالية))
شؤون إقليمية رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الحليف الأقرب لإردوغان متحدثاً أمام نواب حزبه بالبرلمان الثلاثاء (حزب الحركة القومية)

حليف إردوغان يؤكد دعوة أوجلان للبرلمان ويتخلى عن إطلاق سراحه

زاد رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الجدل المثار حول دعوته زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان للحديث بالبرلمان وإعلان حل الحزب وانتهاء الإرهاب

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
يوميات الشرق جانب من جلسة في دورة سابقة لمنتدى المرأة العالمي في دبي (الشرق الأوسط)

منتدى المرأة العالمي ينطلق اليوم في دبي ويناقش دورها في 3 محاور رئيسية

ينطلق منتدى المرأة العالمي دبي 2024 اليوم ويناقش محاور رئيسية ذات أبعاد استراتيجية تتعلق بدور المرأة العالمي ويبحث اقتصاد المستقبل والمسؤوليات المشتركة.

مساعد الزياني (دبي)
شؤون إقليمية إردوغان خلال استقباله الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته بالقصر الرئاسي في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)

إردوغان بحث مع روته القضايا الأمنية والإقليمية المهمة لـ«الناتو»

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته عدداً من الملفات الأمنية والقضايا التي تهم الحلف.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
يوميات الشرق في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

«نانسي» و«سهى» و«هناء»... 3 أسماء لـ3 نساءٍ كدن يخسرن حياتهنّ تحت ضرب أزواجهنّ، قبل أن يخترن النجاة بأنفسهنّ واللجوء إلى منظّمة «أبعاد».

كريستين حبيب (بيروت)

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.