الدبيبة يتعهد بإجراء الانتخابات في موعدها... ورحيل «المرتزقة» عن ليبيا

معلومات عن مساعٍ للقاء رباعي يضم حفتر بهدف حسم خلافات الميزانية

عبد الحميد الدبيبة لدى وصوله إلى طرابلس قادماً من نيويورك (المكتب الإعلامي للحكومة)
عبد الحميد الدبيبة لدى وصوله إلى طرابلس قادماً من نيويورك (المكتب الإعلامي للحكومة)
TT

الدبيبة يتعهد بإجراء الانتخابات في موعدها... ورحيل «المرتزقة» عن ليبيا

عبد الحميد الدبيبة لدى وصوله إلى طرابلس قادماً من نيويورك (المكتب الإعلامي للحكومة)
عبد الحميد الدبيبة لدى وصوله إلى طرابلس قادماً من نيويورك (المكتب الإعلامي للحكومة)

تعهد عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية، الذي عاد أمس إلى العاصمة طرابلس بعد مشاركته في اجتماعات مجلس الأمن الدولي، بعدم بقاء أي قوة أجنبية أو «مرتزقة» في أي مكان في ليبيا، وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها بحلول 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وجاء تعهد الدبيبة وسط معلومات عن مساع إقليمية لعقد لقاء رباعي يجمعه بمحمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي، وعقيلة صالح رئيس مجلس النواب، والمشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني»، بهدف حسم الخلافات بينهم حول الميزانية، التي اقترحتها الحكومة للعام الحالي، بما فيها مخصصات قوات الجيش ومنصب وزير الدفاع بالحكومة.
في المقابل، قال محمد حمودة، الناطق الرسمي باسم الحكومة لـ«الشرق الأوسط»، إنه لا علم لديه بشأن هذا الاجتماع، بينما قال مقربون من حفتر وصالح إن اتصالات تقوم بها عواصم إقليمية لترتيب هذا الاجتماع، عقب عطلة عيد الأضحى.
وقال الدبيبة في كلمة ألقاها أمس أمام عدد من الوزراء، وعمداء البلديات الذين استقبلوه بمطار معيتيقة الدولي بالعاصمة، «سنعمل على جعل الانتخابات المقبلة واقعاً يلمسه القاصي والداني، ولن نقف حجر عثرة أمام رغبة الليبيين... وسنستمر في توحيد المؤسسات السيادية، واستثمار ثرواتنا بما يحقق المصالح لحاضرنا ومستقبلنا».
وأضاف الدبيبة موضحاً: «سنختار الطريق الصعب للبناء والمصالحة لهذه الدولة... ومستقبل بلادنا لا مكان فيه للحروب ولا للدماء، ولن يفلح الداعون إلى طريق الحرب وتقسيم البلاد»، كاشفاً النقاب عن دعوته خلال وجوه بنيويورك إلى «تفعيل العقوبات ضد المحرضين والمعرقلين في الداخل والخارج»، وإلى أنه وجد «دعماً كبيراً» في هذا الصدد من المجتمع الدولي.
وأوضح الدبيبة أنه تشرف بتمثيل ليبيا في مجلس الأمن، بعد حضور ضعيف لسنوات، إذ لم يكن لديها حضور مؤثر بالمجلس في السابق، لافتاً إلى أنه أكد خلال وجوده في نيويورك «أننا نمثل أنفسنا دون وصاية من أحد، وبحضورنا في مجلس الأمن نرسل رسالة مفادها أننا هنا».
كان الدبيبة قد تعهد في كلمة ألقاها لدى اجتماعه برؤساء وممثلي البعثات العربية لدى الأمم المتحدة، مساء أول من أمس، بمقر البعثة الليبية بنيويورك، بعدم السماح بأن تكون بلاده منبراً للاصطفاف وتأليب طرف عربي ضد آخر، مؤكداً أن القضية الليبية «فرصة لأن تلتف الدول العربية في موقف إيجابي لتحقيق الاستقرار في بلدهم الثاني ليبيا، على أن تكونوا يد عون لنا في تحقيق ذلك»، مجدداً التزامه بإجراء الانتخابات في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، لكنه حذر من أن بعض النواب قد يحجمون عن التخلي عن السلطة، وقال إنه لم يقرر بعد ما إذا كان سيخوض الانتخابات.
وبعدما اعتبر أن توحيد «الجيش الليبي» سيكون «صعباً جداً»، قال إنه «سيتواصل مع المشير حفتر، هو شخص عسكري صعب، لكن نتواصل معه. لكن الأمور ليست بالأمر الهين».
كان عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، قد تعهد بحضور حفتر وعدد من النواب بعدم السماح بالإضرار بقوات «الجيش الوطني»، التي دعا لتخصيص ميزانية لها للقيام بمهامها في الدفاع عن البلاد. وأكد على حق الأقاليم في التوزيع العادل للوزارات والمؤسسات والشركات، وتحقيق العدالة بين الليبيين، مشيراً إلى أنه لا تنازل عن الحقوق.
بدوره، أكد حفتر أن غاية هدف مجلس النواب والجيش هو تحقيق «الوحدة الوطنية»، والمحافظة على السيادة الليبية ودعم جهود المصالحة الوطنية، بما يحقق لهذا الوطن وحدته واستقراره وسلامته. كما أكد على دعمه لكل الجهود المبذولة لإنجاح الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.