جبايات حوثية في صنعاء لتسيير «قافلة عيدية» لمقاتلي الجماعة

TT

جبايات حوثية في صنعاء لتسيير «قافلة عيدية» لمقاتلي الجماعة

أفادت مصادر محلية في صنعاء بأن الميليشيات الحوثية تواصل منذ مطلع يوليو (تموز) الحالي شن حملات جباية جديدة طالت تجار وملاك أسواق وسكان في 10 مديريات بالعاصمة صنعاء، بذريعة تسيير قافلة لدعم مقاتلي الجماعة تحت اسم «قافلة طومر»، وهو أحد عناصر الجماعة المنتمين إلى صعدة، وكان لقي مصرعه قبل أشهر بإحدى جبهات الجوف.
وفي الوقت الذي بدا فيه العجز واضحا لدى معظم اليمنيين في صنعاء العاصمة ومدن أخرى عن توفير متطلبات عيد الأضحى من أضحية وملابس ومواد غذائية وغيرها من الاحتياجات الأخرى نتيجة ما خلفه الانقلاب وآلة الحرب الحوثية من استنزاف لأموال اليمنيين ومدخراتهم، تحدثت المصادر عن استمرار الميليشيات وتحت أسماء متعددة في قمع ونهب السكان بمدن سيطرتها بغية جني المزيد من الأموال ولو على حساب معاناتهم وحرمانهم.
وكشفت المصادر في سياق حديثها مع «الشرق الأوسط»، عن تنفيذ مسلحي الجماعة منذ مطلع الشهر الحالي وقبيل عيد الأضحى المبارك نزولا ميدانيا واسعا استهدفوا خلاله ملاك الأسواق والمحال التجارية والمنازل والباعة المنتشرين بطول وعرض العاصمة لإجبارهم على تقديم الدعم المادي والعيني لتلك القافلة.
وفي السياق ذاته، تحدث مواطنون وتجار في صنعاء عن فرض الميليشيات خلال تلك الحملة على كل محل تجاري كبير ومتوسط وصغير دفع مبالغ مالية تبدأ من خمسة آلاف ريال، وتنتهي بـ100 ألف ريال، بينما فرضت على كل منزل من 1000، إلى 5 آلاف ريال بحسب دخل كل أسرة. (الدولار حوالي 600 ريال).
وعلى مدى أسبوعين منصرمين من انطلاق حملة الجباية الحوثية، كشف مواطنون لـ«الشرق الأوسط»، عن اعتقال الجماعة لأكثر من 98 تاجرا وبائعا عقب رفضهم الانصياع لأوامرها ودفع تلك المبالغ المفروضة عليهم، في وقت أفرجت فيه الجماعة عن العشرات منهم بعد استجابتهم لدفع المبالغ مضافا إليها مبالغ أخرى «تأديبية».
وشكا مواطنون وتجار في مديريات عدة بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من ازدياد وتيرة حملات الميليشيات في الآونة الأخيرة لجمع الجبايات وكان آخرها الجبايات الأخيرة لتسيير القافلة إلى مقاتلي الجماعة.
وقال بعضهم إن لجاناً حوثية نفذت خلال الأيام القليلة الماضية حملات استهدفت محالهم التجارية، وأجبرتهم تحت قوة السلاح على دفع مبالغ مالية، بحسب حجم وكمية البضائع التي يمتلكها كل محل تجاري.
وكانت الجماعة أعلنت في الثاني من يوليو (تموز) عن إطلاق حملة جباية جديدة تستهدف سكان العاصمة المختطفة صنعاء تحت اسم «قافلة عيدية» يديرها ويشرف عليها القيادي في الجماعة المدعو حمود عباد المنتحل لصفة أمين العاصمة.
وعلى الرغم من معاناة السكان في العاصمة ومدن يمنية أخرى من أوضاع معيشية قاسية رافقها انعدام للخدمات وموجة غلاء فاحشة وغير مسبوقة، فإن مصادر خاصة في الغرفة التجارية بصنعاء تحدثت، لـ«الشرق الأوسط»، عن أن الجماعة ألزمت قبل أيام جميع التجار والمستوردين (غير المنتمين لها) بإضافة ريال فوق كل سلعة من أجل تمويل صناديق حوثية جديدة تم إنشاؤها تحت أسماء عدة، منها (دعم الجبهات وأسر القتلى والجرحى).
المصادر نفسها عدت أن تلك الإجراءات جاءت بمثابة الرد الحوثي على كبار التجار الذين شكوا بأوقات سابقة من تبعات الجبايات والتبرعات التي تُفرض عليهم بصورة متكررة.
وروت المصادر التجارية ، التي اشترطت عدم الكشف عن هويتها، أن الجماعة تحدثت لبعض التجار، بالقول: «إن ما ستدفعونه مجرد ريال واحد لن تتحملوه أنتم بل سيتحمله المستهلك».
وأشارت المصادر إلى أن ذلك التوجه لا يخص الصنف ولكن كل سلعة في تجارة التجزئة، إذ يدفع التاجر على سبيل المثال 24 ريالا عن العبوة التي تحتوي 24 قطعة.
وقالت المصادر إن الإجراء الحوثي الأخير يندرج في إطار ما تمارسه الجماعة طوال أسابيع ماضية من ضغوطات شديدة على قيادة الغرفة التجارية بصنعاء بغية إجبارها على الموافقة النهائية على تشكيل مجلس اقتصادي أعلى، تحت ذريعة الشراكة بين القطاع الخاص وحكومة الانقلابيين.
وعلى مدى السنوات الماضية من عمر الانقلاب، دفعت ممارسات الجماعة الجبائية وتدميرها الممنهج كثيرا من رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال الوطنية إلى الهجرة خارج البلاد بحثا عن بيئة آمنة، بالتوازي مع إفلاس مئات المنشآت التجارية والخدمية والصناعات الصغيرة والمتوسطة وتصفية أعمالها وتسببها في فقدان فرص العمل لآلاف العاملين اليمنيين.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.