عندما غيّر رحيم سترلينغ المدير الفني وعمره 12 عاماً

الفتى الصغير أظهر ذات يوم شخصية تنبئ بأنه سيكون له مستقبل كبير داخل الملعب وخارجه

رحيم سترلينغ أمام الدنمارك في نصف نهائي «يورو 2020» (أ.ف.ب)
رحيم سترلينغ أمام الدنمارك في نصف نهائي «يورو 2020» (أ.ف.ب)
TT

عندما غيّر رحيم سترلينغ المدير الفني وعمره 12 عاماً

رحيم سترلينغ أمام الدنمارك في نصف نهائي «يورو 2020» (أ.ف.ب)
رحيم سترلينغ أمام الدنمارك في نصف نهائي «يورو 2020» (أ.ف.ب)

كان رحيم سترلينغ قد بدأ مسيرته الكروية للتو، لكن كوينز بارك رينجرز، الذي تعاقد معه في 2005 قبل عيد ميلاده الحادي عشر بأيام قليلة، كان يعرف جيداً أن هذا اللاعب الشاب يمتلك فنيات وقدرات هائلة. ووفقاً لجو غالن، رئيس تطوير قطاع الشباب بالنادي في ذلك الوقت، فقد كان سترلينغ لاعباً استثنائياً، لذلك كان يبذل قصارى جهده للتأكد من أنه يشعر بالسعادة والراحة قدر الإمكان.
وكان غالن، الذي يشغل الآن منصب مساعد المدير الفني لنادي ليتون أورينت، يستمتع بالدردشة مع سترلينغ في مكتبه في ملعب التدريب في هارلينغتون، وكان هذا الاجتماع في بعض الأحيان يقتصر على غالن وسترلينغ فقط، وفي أحيان أخرى يشهد حضور والدة سترلينغ، نادين. وكان غالن يسأل ستيرلينغ عن أحواله في الدراسة، وعن ظروفه العائلية، كما كان يوجه له بعض النصائح في كرة القدم، وكان يقدم له الكثير من كلمات التشجيع. ورغم ذلك، كان لدى سترلينغ شيء يود أن يصرح به.
يقول غالن عن ذلك: «قال رحيم إنه لا يعتقد أن مديره الفني جيد. لقد كان الأمر صادماً في الحقيقة. كان يبلغ من العمر 12 عاماً، وكان ذلك بمثابة تصريح صادم من شخص في مثل هذه السن الصغيرة. سألته عن السبب الذي جعله يقول ذلك، وقال فقط إنه لا يعتقد أن المدير الفني على المستوى المطلوب، وإن التدريب ليس جيداً بما يكفي». ونتيجة لذلك، قرر غالن أن يفحص الأمر بنفسه، وشاهد سراً حصتين تدريبيتين وأدرك أن سترلينغ كان محقاً. وعلى الفور، قرر غالن تغيير المدير الفني.
يقول غالن عن ذلك: «لقد كنت مذهولاً للغاية لأنني عندما كنت أتحدث مع رحيم، كان الأمر يتعلق بمدرسته وكيف كانت والدته، وأشياء من هذا القبيل. ولم أكن أتوقع أن يتحدث رحيم عن مديره الفني، ولم أطلب منه حتى رأيه في ذلك. لم يقل رحيم هذه التصريحات بطريقة فجة، بل بطريقة مدروسة وذكية للغاية. لقد كان يملك شخصية قوية وإصراراً كبيراً حتى في هذه السن الصغيرة. لقد قال ذلك بهدوء، لكن كلماته كانت مهمة للغاية بالنسبة لي». ويضيف أن «يخرج طفل يبلغ من العمر 12 عاماً ويقول ذلك ويكون محقاً في وجهة نظره، فهذا أمر يعكس قوة شخصيته وذكاءه. لقد عملت في القسم الخاص بتلاميذ المدارس وتنمية الشباب خلال السنوات العشر الأولى من مسيرتي التدريبية، ولم أرَ شيئا من هذا القبيل مطلقاً».
وفي الوقت الحالي، يعد سترلينغ أبرز لاعب في صفوف المنتخب الإنجليزي ولعب الدور الأكبر في وصول منتخب بلاده للمباراة النهائية لكأس الأمم الأوروبية أمام إيطاليا. وبالتالي، فإن مثل هذه الحكايات تحمل صدى خاصاً. وحتى عندما كان سترلينغ طفلاً، فإنه كان يعرف جيداً ما يريد القيام به، وما يحتاج إليه، ولم يكن خائفاً من التصرف بناءً على ذلك. والآن، يعرف أيضاً ما تحتاج إنجلترا، فهو لاعب يمتلك خبرات هائلة ويفرض قدراته وشخصيته على الجميع خلال هذه البطولة. وباستثناء المباراة التي تعادل فيها المنتخب الإنجليزي سلبياً أمام نظيره الاسكتلندي في دور المجموعات، وهي المباراة التي ظهر فيها جميع لاعبي المنتخب الإنجليزي بشكل متواضع، قدّم سترلينغ مستويات رائعة ولم يحصل على تقييم أقل من 8 من 10 في كل مباراة.
وكان مهاجم مانشستر سيتي حاسماً مرة أخرى في المباراة التي فازت فيها إنجلترا على الدنمارك في الدور نصف النهائي بهدفين مقابل هدف وحيد، حيث أرهق دفاعات المنتخب الدنماركي وكان مصدر خطورة متواصلة على المرمى، وأجبر مدافع الدنمارك على إحراز هدف عكسي في مرمى فريقه، كما تسبب في ركلة الجزاء التي أحرز منها هاري كين هدف الفوز. وقبل هذه المباراة كان سترلينغ قد سجل ثلاثة أهداف وصنع هدفاً آخر. وتحدث المدير الفني للمنتخب الإنجليزي، غاريث ساوثغيت، بعد مباراة الدنمارك عن كيف وجد فريقه طريقة للفوز حتى لو كانت المباراة صعبة وسجالاً بين الفريقين. ومن المؤكد أن سترلينغ لعب دوراً أساسياً في هذا الأمر.
ومن الواضح أن مسار سترلينغ في عالم كرة القدم كان سيختلف كثيراً دون وجود جون أوبراين، الذي كان مسؤولاً عن إحضاره إلى كوينز بارك رينجرز. لقد قام رئيس لجنة التعاقدات مع اللاعبين الشباب في النادي في ذلك الوقت، الذي عمل أيضاً مع أندية ويكومب واندرارز وآرسنال وليفربول وفولهام قبل وفاته في عام 2015، بتطوير علاقات جيدة مع لاعبين شباب بارزين في منطقة برنت بالعاصمة البريطانية لندن، وهو ما كان يعني أن أفضل اللاعبين سيتم إرسالهم لإجراء اختبارات في نادي كوينز بارك رينجرز وليس في أي مكان آخر.
يقول غالن: «كنت أشعر بالانزعاج لأن أفضل الأطفال في ويمبلي وبرنت، حيث نشأ رحيم، كانوا يذهبون إلى نادي واتفورد، ولأنني أرى أن تلك المنطقة تقع في غرب لندن، وبالتالي فهي تابعة لنادي كوينز بارك رينجرز. لقد أعاد جون علاقاتنا بهذه المنطقة إلى مسارها الصحيح، ومن دون ذلك لم يكن من الممكن التعاقد مع الفتيان الذين جاءوا بعد ذلك، بما في ذلك رحيم. كان جون كشافاً رائعاً ومحترماً جداً. لقد كان أنيقاً ويرتدي دائماً قميصاً ورابطة عنق ويبدو وكأنه رجل أعمال».
ولا يزال بإمكان غالن أن يتذكر بالتفصيل أول مباراة تجريبية لسترلينغ مع نادي كوينز بارك رينجرز، التي سجل خلالها ثلاثة أهداف. وفي نهاية الأسبوع التالي، وجهت الدعوة مرة أخرى إلى سترلينغ الذي عاد ليسجل المزيد من الأهداف. يقول غالن: «كنت أشاهد تلك المباراة مع أخي ستيف، الذي كان يعمل بدوام جزئي في طاقم العمل، وقلت له: يا إلهي، هذا اللاعب يذكرني بإيان رايت. كنت أقول في نفسي إن بنيته الجسدية صغيرة، لكنه سريع للغاية وقادر على إنهاء الهجمات بشكل رائع. وأبلغت سكرتير النادي، تيري سبرينغيت، بأنه يتعين علينا التعاقد معه على الفور. والتقينا أم رحيم، وناقشنا خطتنا بشأنه وتمكنا من التعاقد معه لمدة خمس سنوات».
وكان كوينز بارك رينجرز قد قرر توقيع هذا العقد طويل الأمد مع سترلينغ لحمايته من الأندية الأخرى، وهو الأمر الذي ساعد النادي على الحصول على مقابل مادي كبير عندما انتقل سترلينغ إلى ليفربول وهو في الخامسة عشرة من عمره. يقول غالن: «لقد قيل لي إن المبلغ الذي حصل عليه النادي من هذه الصفقة وصل إلى أكثر من 10 ملايين جنيه إسترليني».



بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».