السلطة الفلسطينية تطلب إعادة الأوضاع إلى ما قبل 2000

أشتية أبلغ عمرو ضرورة إجراء الانتخابات في القدس الشرقية

لقاء أشتية والمبعوث الأميركي هادي عمرو في رام الله (وفا)
لقاء أشتية والمبعوث الأميركي هادي عمرو في رام الله (وفا)
TT

السلطة الفلسطينية تطلب إعادة الأوضاع إلى ما قبل 2000

لقاء أشتية والمبعوث الأميركي هادي عمرو في رام الله (وفا)
لقاء أشتية والمبعوث الأميركي هادي عمرو في رام الله (وفا)

طلبت السلطة الفلسطينية من الإدارة الأميركية الضغط على إسرائيل لاتخاذ خطوات على الأرض، يمكن أن تمهد لاستئناف المفاوضات بين الجانبين، بما في ذلك السماح بإجراء انتخابات في القدس.
وقالت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط»، إن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية، أبلغ المبعوث الأميركي للمنطقة نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي، هادي عمرو، بأن عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل انتفاضة الأقصى عام 2000 ضرورة ملحة لاستمرار وتقوية وتعزيز السلطة لإطلاق مفاوضات سياسية من جديد.
ويزور المبعوث الأميركي إسرائيل ومناطق السلطة الفلسطينية، منذ بداية الأسبوع لمتابعة الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية (أنتوني) بلينكن في مايو (أيار) الماضي».
وأضافت المصادر، أن ذلك «شمل طلباً بالسماح بإجراء الانتخابات في القدس كما جرى قبل ذلك مرتين». وأطلع أشتية، عمرو، الذي التقاه في مكتبه (الثلاثاء)، على الوضع المالي المعقد للسلطة، نتيجة تراجع الدعم الخارجي واقتطاعات إسرائيل من العوائد الضريبية، مؤكداً أنه يجب أيضاً تعديل الاتفاقات الاقتصادية.
وفنّد أشتية أهمية الطلبات الفلسطينية التي تأمل السلطة أن تستجيب إسرائيل لها، لأنها تفتح آفاقاً جديدة. وتسلم المبعوث قائمة بالمطالب الفلسطينية التي ترى السلطة أنها ملحّة من أجل بدء عهد جديد، وتشمل كلها استعادة صلاحيات سلبتها إسرائيل من الفلسطينيين تدريجياً بعد الانتفاضة الثانية، وتوسيع صلاحيات أخرى.
وأهم المطالب التي قدمتها السلطة لواشنطن، هي إعادة فتح بيت الشرق (كان مقراً لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية ما بين 1980 و1990 وأوقفته إسرائيل عن العمل في عام 2001)، ومؤسسات فلسطينية أخرى في القدس الشرقية، وإعادة الوضع الذي كان قائماً في الحرم القدسي، فيما يتعلق بحجم انتشار الشرطة الإسرائيلية، وزيارة اليهود إلى المسجد الأقصى وساحاته، وتعزيز مكانة مبعوثي السلطة الفلسطينية. فيما كشفت مصادر أن الإدارة الأميركية تستعد لإعادة فتح قنصليتها في القدس الشرقية في سبتمبر (أيلول) المقبل.
بين المطالب الفلسطينية، وقف إخلاء المقدسيين من منازلهم، وإطلاق سراح «الدفعة الرابعة» من الأسرى الفلسطينيين وفق اتفاق قديم مع إسرائيل لم يُستكمل، والإفراج عن النساء والمسنين والقاصرين، واستعادة جثامين الفلسطينيين المحتجزين لدى السلطات الإسرائيلية.
وطلب الفلسطينيون أيضاً وقف توسيع المستوطنات، بما في ذلك في القدس الشرقية، وإخلاء بؤر استيطانية مقامة على أراضٍ فلسطينية في الضفة الغربية، ووقف عمليات هدم المنازل في غور الأردن، ووقف عمليات التوغل للجيش الإسرائيلي في المدن الفلسطينية.
بالإضافة إلى ذلك طلبت السلطة إعادة أفراد الشرطة والموظفين وضباط الجمارك إلى معبر اللنبي، كما كان الوضع بعد اتفاقيات أوسلو، وتشغيل معبر البضائع في جسر دامية والدفع بإقامة مطار دولي في الضفة الغربية، وإقامة منطقة تجارة حرة قرب أريحا، وتخصيص أراضٍ في المناطق «ج»، (منطقة تخضع للسيطرة الأمنية والمدنية الإسرائيلية)، من أجل إقامة مصانع ومحطة توليد كهرباء ومشاريع سياحية، ونقل صلاحيات التخطيط والترخيص إلى السلطة الفلسطينية وتعزيز نشاطها في المناطق «ب» (تخضع للسيطرة المدنية الفلسطينية، فيما تسيطر إسرائيل على الجانب الأمني فيها)، ويشمل مد أنابيب وقود لموانئ إسرائيل والأردن ومد سكة حديد للقطارات داخل الضفة الغربية.
كما طلبت السلطة تعديل اتفاقية باريس الاقتصادية بحيث يتم تحرير البضائع المتجهة إلى الضفة الغربية من الجمارك، وألا تُجبى الجمارك من إسرائيل.
إضافةً إلى تطوير شبكات الهواتف الخليوية في الضفة الغربية إلى الجيل الرابع G4.
وهذه الطلبات التي تعدّها السلطة التزاماً إسرائيلياً بموجب الاتفاقات و«إجراءات بناء ثقة» أُعدت بعد نقاش فلسطيني - أميركي متواصل منذ فترة، حول ضرورة استئناف المفاوضات، وهي طلبات ليست جديدة وإنما موجودة على الطاولة منذ سنوات طويلة، لكنّ إسرائيل لم تستجب.
ويأمل الفلسطينيون أنه بعد تغيير الحكومة في إسرائيل، صار يمكن دفع خطة إلى الأمام خصوصاً في ظل تعهدات إسرائيلية للولايات المتحدة بأنه سيجري تعزيز السلطة.
والتقى عمرو مسؤولين إسرائيليين كذلك، ومن المجتمع المدني ومسؤولين في الأمم المتحدة خلال زيارته الحالية التي قد تنتهي اليوم.
وقالت السفارة الأميركية لدى إسرائيل، في بيان، إن مساعد وزير الخارجية هادي عمرو سيُجري لقاءات مع مجموعة واسعة من ممثلي المجتمع المدني الإسرائيلي والفلسطيني والقطاع الخاص، إضافة إلى مسؤولين حكوميين.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.