قرار أممي يدعو إلى «إنصاف آلاف المفقودين» في سوريا

TT
20

قرار أممي يدعو إلى «إنصاف آلاف المفقودين» في سوريا

أصدر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أول من أمس (الثلاثاء)، قراراً يدعو إلى تحقيق العدالة لعشرات الآلاف ممن فُقدوا خلال النزاع المستمر منذ عشر سنوات في سوريا.
اتُّخذ القرار الذي اقترحته على وجه الخصوص دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والمملكة المتحدة بأغلبية 26 صوتاً فيما عارضته ست دول بينها روسيا والصين وامتنعت 15 عن التصويت.
اعتمد مجلس حقوق الإنسان ومقره جنيف كثيراً من القرارات بشأن الفظائع التي ارتُكبت في سوريا. ولكن القرار الجديد يتعلق بشكل خاص بمصير ضحايا الاختفاء القسري.
وقال السفير البريطاني سايمون مانلي في أثناء عرضه النص: «من غير المبرر بكل بساطة أنني فيما أتحدث ما زال عشرات الآلاف من الأشخاص ضحايا للاختفاء القسري من النظام السوري، وهو نظام لديه الوسائل البيروقراطية لتوفير المعلومات عن هؤلاء المفقودين والوسائل الكفيلة بوضع حد لمعاناة أسرهم وأقاربهم، لكنه يختار عدم استخدام هذه الوسائل». وأضاف: «هذا عمل متعمد يتسم بقسوة لا توصَف».
ويُدين القرار الذي استنكرته سوريا «بشدة استمرار استخدام الاختفاء القسري أو غير الطوعي... وانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتُكبت بشكل مستمر في هذا السياق لا سيما من النظام السوري، ولكن كذلك من أطراف النزاع الأخرى».
ويستذكر القرار على وجه الخصوص الملاحظات الأخيرة للجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن سوريا «بأن قوات الأمن السورية تسببت عمداً في عمليات اختفاء قسري واسعة النطاق على مدار العقد لنشر الخوف وإسكات المعارضة ومعاقبة المعارضين وأن عشرات الآلاف من الرجال والنساء والفتيان والفتيات المحتجزين من السلطات السورية ما زالوا ضحايا للاختفاء القسري».
ويُعرب القرار عن أسفه «لأن مصير عشرات الآلاف من الضحايا الذين تعرضوا للاعتقال التعسفي والاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي والاختفاء القسري من النظام، وبدرجة أقل» من جانب الجماعات المتطرفة والجماعات المسلحة الأخرى «ما زال مجهولاً إلى حد كبير».
ويشدد على ضرورة تحديد المسؤولية عن الفظائع المرتكَبة في سوريا، وهو أمر «لا غنى عنه في سياق مفاوضات السلام وعملية توطيد السلام».



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.