قوانين الحماية الفكرية... لماذا لا تطبق تماماً في البلدان العربية؟

منظمات وهيئات كثيرة تأسست منذ بداية القرن العشرين

قوانين الحماية الفكرية... لماذا لا تطبق تماماً في البلدان العربية؟
TT

قوانين الحماية الفكرية... لماذا لا تطبق تماماً في البلدان العربية؟

قوانين الحماية الفكرية... لماذا لا تطبق تماماً في البلدان العربية؟

يواجه المؤلفون والكتاب في الوقت الحاضر خطر سرقة مصنفاتهم ومؤلفاتهم، وأحياناً تعريضها للتشويه. وخلال معارض الكتب الأخيرة التي نظمت في القاهرة وبغداد والشارقة، اشتكى كثير من المؤلفين العرب من استفحال هذه الظاهرة المقلقة، وطالبوا بوضع حلول لها من خلال تطبيق ضوابط تشريعات حقوق الملكية الفكرية التي وقعت عليها معظم الدول العربية.
وقد تأسست كثير من المنظمات والهيئات للدفاع عن حقوق المؤلفين ومصنفاتهم الفكرية، ربما في مقدمتها منظمة «الويبو» أو «المنظمة الدولية لحماية الملكية الفكرية» التي تتخذ من جنيف مقراً لها. ومع أن الأهداف الأساسية لمثل هذه المنظمات تتركز أساساً على حماية العلامات التجارية وبراءات الاختراع، فإن جوانب مهمة كانت تعنى بوضع الضوابط والتشريعات الخاصة بحماية حقوق المؤلفين ومصنفاتهم الفكرية. كما بادرت كثير من الدول العربية إلى الانضمام إلى منظمة «الويبو» العالمية هذه، وتأسيس منظمات وطنية خاصة لحماية حقوق المؤلف، منها مصر والعراق وسوريا ولبنان والسعودية والجزائر والمغرب والإمارات والسودان وغيرها.
ويبدو أن للبنان خلفيات تاريخية بالنسبة لحماية الحرية الفكرية، إذ تشير ديباجة القانون اللبناني المرقم 12 جمادي الأولى عام 1358 هجرية (1910) الذي أمنَّ للمؤلفين حق الحماية الفكرية على منتجاتهم الفكرية، إلى أنه أنشئ في عهد الانتداب الفرنسي مكتب خاص للحماية الفكرية بتاريخ 19 يوليو (تموز) 1923، ثم صدر قرار بالخصوص يحمل رقم (2385) بتاريخ 17 يناير (كانون الثاني) 1924، حيث ارتبط منذ ذلك التاريخ بميثاق «برن» المعقود في 9 سبتمبر (أيلول) 1886. كما سعى لبنان إلى الانضمام إلى عدد من الاتفاقيات الدولية حول حماية الملكية الفكرية الخاص بمنظمة التجارة العالمي، فضلاً عن المنظمة العالمية للملكية الفكرية (ويبو). أما قانون حماية الملكية الأدبية، فقد صدر بقانون تحت رقم (75) في أبريل (نيسان) 1999.
وفي سوريا، صدر قانون حماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة عام 2014. وحدد هذا القانون ارتباط تطبيق القانون بوزارة الثقافة، وتحديداً من قبل مديرية حماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة. وجاء في تعريف المصنف أنه «الوعاء المعرفي الذي يحمل إنتاجاً أدبياً أو فنياً أو علمياً مبتكراً، مهما كان نوعه أو أهميته أو طريقة التعبير أو العرض فيه».
وفي مصر، صدر قانون حقوق الملكية الفكرية المرقم (82) لسنة 2002، حيث أشارت الديباجة إلى أن القانون قد حل محل عدد من التشريعات السابقة، منها قوانين تتعلق بالعلامات التجارية، والقانون رقم (354) لسنة 1954. وقد حدد القانون حقوق المؤلف والحقوق المجاورة التي تنطبق على المصنف المبتكر، أدبي أو فني أو عملي، أياً كان نوعه أو طريقة التعبير عنه. كما تضمن القانون تفاصيل دقيقة حول حقوق المؤلف وورثته، فضلاً عن تحديد مفهوم الحقوق المجاورة.
وصدر في الجزائر تشريع خاص بحماية الملكية في حقل حماية البرمجيات في عام 2011 تحت رقم (26)، وقد خصص هذا التشريع أبواباً لحماية الملكية الفكرية، وأشار إلى أن الاحتلال الفرنسي للمدة من 1830 حتى 1962 كان يطبق القوانين الفرنسية على حقوق الملكية الفكرية. أما في المرحلة الثانية التي أعقبت الاحتلال، فقد أصدرت الدولة مجموعة من القوانين، منها القانون رقم (154-62) المؤرخ بـ31 يناير (كانون الثاني) 1962 الذي سمح بالعمل بالقوانين الفرنسية، ما لم يتعارض أي منها مع السيادة الوطنية. وفي عام 1966، صدر الأمر رقم (48-66) المتضمن انضمام الجزائر إلى اتفاقية باريس المتعلقة بحماية الملكية الصناعية. وفي السبعينيات، صدر قانون حق المؤلف رقم 23 - (6) 14، المؤرخ بـ3 أبريل (نيسان) 1973. وأشار الفصل الأول من القانون إلى تعريف حق المؤلف، حيث عد أن كل إنتاج فكري، مهما كان نوعه ونمطه وصورة تعبيره، ومهما كانت قيمته ومقصده، يخول لصاحبه حقاً في ما يسمى «حق المؤلف». واختتم القانون بجملة من التوصيات، منها التثقيف بفكرة الملكية الفكرية وأهميتها.
وأصدرت دولة الإمارات عام 1992 القانون رقم (37) الخاص بالعلامات التجارية وتعديلاته، وفيه أبواب خاصة بحقوق المؤلف الفكرية ومصنفاته، حيث أشار القانون إلى شمول الكتب والمقالات وغيرها من المصنفات المكتوبة بمواد هذا القانون، وقد أنيطت مهمة تسجيل هذه الحقوق الخاصة بالمصنفات الفكرية بوزارة الاقتصاد. كما وردت إشارة مهمة حول مدة حماية المصنفات الفكرية، تنص حسب المادة (20) على حماية الحقوق المالية للمؤلف مدة حياته، وخمسين سنة تبدأ من أول السنة الميلادية التالية لسنة وفاته.
ولقد حظيت تشريعات الملكية الفكرية باهتمام خاص في المملكة العربية السعودية، وصدر أول تشريع باسم العلامات الفارقة في عام 1358 هجرية، وأنشئت الهيئة السعودية للملكية الفكرية التي اعتمدت بقرار مجلس الوزارة عام 1437 هجرية. وقامت الهيئة بكثير من الحملات التفتيشية على مستوى المملكة، بالشراكة مع الجهات الأمنية والمتخصصة للحد من انتهاكات حقوق الملكية الفكرية، ونظرت في كثير من المنازعات والتجاوزات الخاصة بحقوق الملكية الفكرية، ووقعت خلال هذه المدة مجموعة من اتفاقيات الشراكة مع بعض الدول ومكاتب الملكية الفكرية في كوريا وأميركا واليابان ومكتب البراءات الأوروبي. ولتطوير كفاءة العاملين في مجال الملكية الفكرية، أنشأت الهيئة السعودية للملكية الفكرية أكاديمية الملكية الفكرية، بالشراكة مع المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو)، وهو إنجاز جدير بالتقدير. ومن المشكلات التي تواجه المسؤولين عن تنفيذ هذه التشريعات تلك المتعلقة بتوصيف أو تحديد المصنفات المشمولة بالقانون، ومنها اتسامها بالأصالة والابتكار والجدة والحداثة.
وغالباً ما تربط بعض هذه التشريعات بين مفهوم حماية حقوق المؤلف ومصطلح الأصالة، بصفته شرطاً أساسياً للشمول بقوانين الحماية. لكن هذا المصطلح غالباً ما يساء تفسيره، مما يلحق ضرراً فادحاً بحقوق المؤلف الحقيقية. ويعود سبب ذلك إلى أن هذا المصطلح من المصطلحات الإشكالية في الثقافة المعاصرة، ويقابله في الإنجليزية مصطلح (originality)، وهو بثنائيات ضدية، مثل الأصالة والمعاصرة، أو الأصالة والحداثة، أو الأصالة والتجديد، وما إلى ذلك. وفي هذه الثنائيات، غالباً ما تذهب الدلالة الاصطلاحية إلى زمن الماضي، وتحديداً إلى الموروث الثقافي. لذا، يبدو مصطلح الأصالة في معارضة مفترضة مع ما هو حديث ومعاصر وجديد، وتحديداً فيما يتعلق بالتراث؛ أي تراث الأمة وثقافتها وفكرها وتاريخها التي تنزل أحياناً منزلة المقدس. ولو تفحصنا دلالة المصطلح اللسانية، لوجدناه يذهب -كما يشير معجم «الرائد»- إلى أنه مشتق من «أصل»، حيث إن أصالة الرأي جودته، وأصالة النسب رسوخه ونبله. كما يذهب «المعجم الوسيط» إلى أنه في الرأي جودته، وفي الأسلوب ابتكاره، وفي النسب عراقته.
ويربط بعض الدارسين الإسلاميين بين مفهوم الأصالة والتربية الإسلامية في الزهد والعقيدة وأصول الفقه والحديث، وغيرها من العلوم الإسلامية.
وما دمنا بصدد الحديث عن علاقة مصطلح الأصالة بالنتاج الفكري والثقافي الذي يمكن أن يدرج تحت باب الحماية الفكرية، فعلينا أن نبتعد عن التعميم والتفصيل، ونتوقف أمام هذه العلاقة تحديداً، كما جرت معالجتها من قبل المشرع العراقي. فمن المعروف أن أول معالجة تتعلق بقوانين الحماية الفكرية في العراق كانت من خلال «قانون حماية حق المؤلف لسنة 1971 الصادر في الرابع من يناير (كانون الأول) عام 1971». إلا أن سلطة الائتلاف المنحلة قد قامت بعد الاحتلال بتعديل هذا القانون، وشرعت قانوناً أو أمراً يحمل الرقم (83)، تنص الفقرة الأولى منه على أن يتمتع بحماية هذا القانون مؤلفو المصنفات الأصيلة في الآداب والفنون والعلوم أياً كان تصنيفها.
ويخيل لي أننا بحاجة إلى تقديم تعريفات وافية دقيقة لمصطلحي «الابتكار» و«الأصالة» فيما يتعلق بالأعمال الفكرية والثقافية والفنية والأدبية، حتى لا نقصي كثيراً من الأعمال الفكرية تحت طائلة أنها لا تتوافر على شرط الأصالة والابتكار. وأخشى أن يؤدي التباين في تقديم تعريفات وتحديدات لهذين المصطلحين إلى إقصاء كثير من الأعمال من حق الحماية، بذريعة خلوها من صنفي الابتكار والأصالة، وأن نشرع قوانين تكون قادرة على شمول جميع الأعمال الثقافية بحق حماية الملكية الفكرية.
ويمكن أن نستشهد في هذا الصدد بتوصيفات المنظمة العالمية للملكية الفكرية لاحقاً. وجدير بالذكر أن المنظمات الثقافية الدولية أولت موضوع حماية النتاج الفكري الثقافي أهمية خاصة، إذ تأسست في جنيف منظمة (الويبو) (wipo)؛ أي «المنظمة العالمية للملكية الفكرية» التي قدمت توصيفات متكاملة لمفهوم حماية النتاج الفكري الثقافي، وحددوه وآلياته. وقد جاء في تعريف حق المؤلف أن القانون يحمي بشكل عام حق المؤلف وإبداعات المؤلفين الأدبية أو الفنية، وغالباً ما يشار إليها باسم «المصنفات»؛ ويعني حق المؤلف: «إن للمؤلفين وأصحاب الحقوق المجاورة حقاً في مصنفهم، وكل الأشياء المتصلة به، مثل حق المؤلف الذي يتمتع به الكتاب في رواياتهم والرسامون في لوحاتهم والمصورون في صورهم».
وجرى كذلك تحديد مفهوم الحقوق المجاورة، بصفتها تلك التي يتمتع بها أولئك الذين لم يؤلفوا أو يبدعوا المصنفات، ولكن لديهم علاقة وثيقة بها؛ على سبيل المثال الذين تولوا توزيع المصنفات الأدبية أو الفنية. كما توقفت المنظمة أمام تعريف مفهوم الأصالة، قائلة: «في حق المؤلف، والإشارة إلى أن المصنفات يجب أن تكون أصلية أو لها أصالة حتى تحمى بموجب حق المؤلف، إذ تتطلب الأصالة إبداعاً مستقلاً، مما يعني في الأساس أنه لا يمكن نسخ المصنف من مصنف آخر، وهذا لا يعني أن العمل يجب أن يكون بالضرورة جديداً أو فريداً من نوعه، فقد يحظى مصنفان متشابهان جداً يستندان إلى الفكرة نفسها أو المفهوم عينه على نحو أساسي بحماية حق المؤلف، ما دام أن أحدهما لم ينسخ من الآخر».
وقد انضم العراق إلى منظمة «الويبو» عام 2007، حيث حضر وفد رفيع المستوى، برئاسة السيد وزير الثقافة، ووقع في جنيف على وثيقة الانضمام لهذه المنظمة. وفي ضوء ذلك، تم تأسيس «المركز الوطني لحماية حق المؤلف والحقوق المجاورة» في عام 2007.
من كل ما تقدم، تبرز الحاجة الماسة حالياً للاهتمام بالتشريعات والقوانين الخاصة بحماية حقوق المؤلفين العرب عن مصنفاتهم الفكرية والإبداعية، وحمايتها من السرقة والتزوير.



الأعمال الشعرية الكاملة للشاعر العراقي الراحل كمال سبتي

الأعمال الشعرية الكاملة للشاعر العراقي الراحل كمال سبتي
TT

الأعمال الشعرية الكاملة للشاعر العراقي الراحل كمال سبتي

الأعمال الشعرية الكاملة للشاعر العراقي الراحل كمال سبتي

تصدر قريباً الأعمال الشعرية الكاملة للشاعر العراقي كمال سبتي (1955 - 2006)، أحد أهم شعراء ما عُرف بجيل السبعينات في العراق. متضمنة ثمانية دواوين، مستهلةً بديوان «وردة البحر ـ 1980»، ومختتمةً بـ«صبراً قالت الطبائع الأربع ـ 2006». هنا نص مقدمة هذه الأعمال التي ستصدر عن «دار جبرا للنشر والتوزيع ـ الأردن»، وبالتعاون مع «دار النخبة للتأليف والترجمة والنشر - لبنان».

وقد كتب مقدمة المجموعة الكاملة الشاعر العراقي باسم المرعبي، التي جاءت بعنوان «كمال سبتي... المرافعة عن الشعر» ويقول فيها:

«يحتاج شعر كمال سبتي، بالمجمل، إلى جَلَد عند قراءته، فهو على نقيض الكثير مما هو شائع من تقنيات شعرية تعتمد البساطة والعفوية والمباشرة، مع عدم تسفيه هذه النزعات الأسلوبية، طالما أن الشعر كقيمة وجوهر يبقى مُصاناً، غير منتهَك به. على أنّ إشاحة الشاعر عن مثل هذا الاتجاه ومخالفته، لم يجعل شعره غامضاً أو عصيّاً.

شعر مثقل بالمعنى ومزدحم به، لأنه ذو مهمة توصيلية، وهو يتطلب إصغاءً وإعمال فكر. والقصيدة لدى كمال معمار ذهني - فكري ونفسي، في الآن ذاته، يستمدّ فيها الشاعر مادته من مغاور النفس والسيرة الشخصية، فضلاً عن استثمار راهن التجربة الحياتية، مشظّياً كلّ ذلك في النص، صراحةً أو رمزاً. دون أن يستثني مادة الحلم من استثماره الفني والموضوعي، وهو ما يُتبيَّن أثره في نصوصه، لا سيّما النصوص النثرية الطويلة، المتأخرة، ليتصادى ذلك مع قراءات الشاعر في الرواية أو اعتماده السينما مصدراً مفعّلاً في كتابته الشعرية. وعن هذه الأخيرة قد أشار إلى ذلك الشاعر نفسه في واحد من الحوارات التي أُجريت معه، ليرقى كلّ ذلك إلى أن يكون جزءاً عضوياً من تجربته الحياتية، الذهنية هذه المرة، مُسقَطة بالمحصلة على القصيدة، لتنعكس خلالها حركةً وتوتراً درامياً. وهو ما ينسحب بالقدر ذاته على نزوع الشاعر في سنواته الأخيرة إلى قراءات في التصوف والقرآن والتراث، ما نجمَ أثره بشكل جلي، في مجموعته الأخيرة «صبراً قالت الطبائع الأربع»، وإلى حد ما في المجموعة السابقة لها. وهو فارق يلمسه القارئ، إجمالاً، بين المنحى الذي اتخذه شعر كمال سبتي في السبعينات أو الثمانينات وما صار إليه في التسعينات وما بعدها. وعلى الرغم مما ذهب إليه الشاعر من مدى أقصى في التجريب الكتابي مسنوداً برؤية يميزها قلق إبداعي، شأن كلّ شاعر مجدّد، إلا أنه وبدافع من القلق ذاته عاد إلى القصيدة الموزونة، كما تجسد في كتابيه الأخيرين. وكان لقراءاته المذكورة آنفاً، دورها في بسط المناخ الملائم لانتعاش هذه القصيدة، ثانيةً، وقد بدت محافظة في شكلها، لكن بالاحتفاظ بقدر عال ورفيع من الشعرية المتينة، المعهودة في شعر كمال سبتي، وبدافع من روح المعنى الذي بقي مهيمناً حتى السطر الأخير، لأن الشعر لديه مأخوذ بجدية حدّ القداسة، وهو قضية في ذاتها، قضية رافع عنها الشاعر طوال حياته بدم القلب.

تصدر هذه الأعمال في غياب شاعرها، وهو ما يجعل من حدث كهذا مثلوماً، إذ عُرف عن كمال اهتمامه المفرط بنتاجه وتدقيقه ومتابعته، واحتفائه به قبل النشر وبعده، لأن الشعر كان كل حياته، هذه الحياة التي عاشها شعراً. فكم كان مبهجاً، لو أن مجموع أعماله هذا قد صدر تحت ناظريه.

ولأهمية هذه الأعمال وضروة أن لا تبقى رهينة التفرّق والغياب، أي في طبعاتها الأولى المتباعدة، غير المتاحة للتداول إلّا فيما ندر، ولأهمية أن تأخذ مكانها في مكتبة الشعر، عراقياً وعربياً، كانت هذه الخطوة في جمعها ومراجعتها وتقديمها للنشر. وقد كان لوفاء الصديق، الفنان المسرحي رياض سبتي، لشقيقه وتراثه الشعري، دوره الحاسم في حفظ مجموعات الشاعر، ومن ثمّ إتاحتها لكاتب سطور هذه المقدمة، حين تم طرح فكرة طباعتها ونشرها، إسهاماً في صون هذا الشعر وجعله قابلاً للانتشار من جديد، بما يجدر به».

من المجموعة الكاملة:

«الشاعر في التاريخ»

الرجل الجالسُ في المكتبة

مورّخٌ يكتبُ عن شاعرٍ

الرجل الهاربُ في سيرةٍ

مشرّدٌ في الليل كالليلِ

رغيفهُ باردْ

رغيفهُ واحدْ

عنوانه مصطبة

محطّةٌ مغلقةُ البابِ

الرجلُ الخائفُ في سيرةٍ

يغيّر الشكلَ تباعاً، فمرّةً

بلحية كثةٍ

ومرّةً بشاربٍ، ثمّ مرّةْ

بنصفِ قلبٍ حائرٍ في الطريقْ

يسيرُ فوقَ جمرةٍ، ثمّ جمرةْ

تلقيه فوقَ جمرةٍ، في الطريقْ.