حداد في العراق بعد كارثة مستشفى الناصرية... والكاظمي يتعهد ملاحقة المقصرين

عشرات الضحايا وأوامر قبض بحق 13 متهماً... وشكوك بوجود دوافع سياسية... وتضامن سعودي وعربي ودولي

آثار الدمار الذي خلفه الحريق في مستشفى الحسين بالناصرية (رويترز)
آثار الدمار الذي خلفه الحريق في مستشفى الحسين بالناصرية (رويترز)
TT

حداد في العراق بعد كارثة مستشفى الناصرية... والكاظمي يتعهد ملاحقة المقصرين

آثار الدمار الذي خلفه الحريق في مستشفى الحسين بالناصرية (رويترز)
آثار الدمار الذي خلفه الحريق في مستشفى الحسين بالناصرية (رويترز)

أعلنت الحكومة العراقية، أمس، الحداد الرسمي على ضحايا حريق مستشفى الحسين بمدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار الجنوبية، وتعهدت بمحاسبة المقصرين. فيما ارتفع عدد قتلى الحريق الذي نجم عن انفجار أسطوانات الأكسجين إلى 92، حسب آخر إحصائية مساء أمس، في حين تواجه السلطات اتهامات بالإهمال من جانب أقارب الضحايا المكلومين. وترجح مصادر طبية تصاعد القتلى لوجود عدد من المصابين بحالات حرجة.
ويأتي «الحادث - الكارثة» الجديد بعد أشهر قليلة من حريق مماثل، التهم مستشفى الخطيب ببغداد في أبريل (نيسان) الماضي، وأودى بحياة 82 شخصاً، معظمهم أيضاً من المصابين بفيروس كورونا. لهذا، فإن مسؤولين رفيعين رجحوا لـ«الشرق الأوسط» وجود دوافع سياسية وراء الحادث، غير أنهم قالوا إنهم لا يملكون دليلاً على ذلك حتى الآن. وأشاروا إلى أنهم حتى لو امتلكوا الدليل فإنهم لن يفصحوا عنه للرأي العام. وتشير تقارير إلى أن حادثاً تسبب في انفجار خزان أكسجين، وهو ما أدي إلى اندلاع الحريق.
وعاش السكان في محافظة ذي قار الجنوبية، وفي معظم المدن العراقية، صدمة شديدة ولحظات عصيبة وحزينة بعد تواتر الأنباء، مساء الاثنين ويوم أمس، عن سقوط أعداد كبيرة من الضحايا، وتداول ناشطون أسماء لعائلتين مؤلفتين من 5 و7 أشخاص قضوا جميعاً في الحادث، فيما تشير أنباء إلى وجود أطفال مفقودين.
وأعلنت الحكومة العراقية خلال الاجتماع الطارئ الذي عقده رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، مساء الاثنين، وضم عدداً من الوزراء والمسؤولين والقيادات الأمنية؛ الحداد الرسمي على أرواح الضحايا، وناقشت أسباب حادثة حريق مستشفى الإمام الحسين، في محافظة ذي قار، ومعالجة تداعياتها.
وخرج الاجتماع بمجموعة قرارات، ضمنها البدء بتحقيق حكومي عالي المستوى، للوقوف على أسباب الحادثة، وتوجه فريق حكومي فوراً إلى محافظة ذي قار من مجموعة من الوزراء والقادة الأمنيين لمتابعة الإجراءات ميدانياً، إضافة إلى «سحب يد وحجز مدير صحة ذي قار، ومدير المستشفى، ومدير الدفاع المدني في المحافظة وإخضاعهم للتحقيق». كما اتخذ الاجتماع قراراً بـ«اعتبار ضحايا الحادث شهداء، وإنجاز معاملاتهم فورياً، وتسفير الجرحى الذين حالاتهم حرجة إلى خارج العراق».
وقال بيان صادر عن رئيس الوزراء إنه سيتم أيضاً استجواب محافظ بغداد، محمد جابر، ورئيس دائرة صحة شرق بغداد حيث توجد المستشفى. وأضاف البيان أن «نتائج هذا التحقيق ستعرض على الحكومة في غضون 5 أيام».
من جانبها، أصدرت محكمة تحقيق النزاهة في محافظة ذي قار، أمس، أوامر قبض بحق مدير صحة المحافظة وعدة موظفين بعد حادثة حريق المستشفى.
وقال إعلام مجلس القضاء، في بيان، إن «محكمة تحقيق الناصرية المختصة بقضايا النزاهة أصدرت أوامر قبض بحق 13 متهماً، بينهم مدير صحة المحافظة، على خلفية حادثة الحريق التي طالت مركز النقاء الخاص بعزل مصابي كورونا في مستشفى الحسين التعليمي».
وأضاف أن «أوامر قبض وتحرٍ صدرت استناداً إلى أحكام المادة 340 من قانون العقوبات، وفاتحت وزارة الصحة لإجراء التحقيق الإداري من أجل معرفة المقصرين، وتدوين أقوال الممثل القانوني للوزارة».
يذكر أن منصب وزير الصحة ما زال شاغراً منذ تقديم الوزير السابق حسن التميمي استقالته على خلفية حريق مستشفى ابن الخطيب في أبريل الماضي، وترددت أنباء، أمس، عن ترشيح رئيس الوزراء الكاظمي الدكتور صفاء كاظم الحسيني لشغل المنصب.
ورغم الإجراءات التحقيقية التي أعلنت عنها الحكومة والبيانات التي أصدرتها، فإنها تواجه غضباً شعبياً غير مسبوق، قد ينفجر على شكل احتجاجات واسعة، ولعل ما يضاعف مشاعر النقمة والاستياء لدى المواطنين، هو أن السلطات الرسمية غالباً ما تعلن عن ذات الأسباب التي تؤدي إلى حوادث الحرق من دون أن تتخذ التدابير الوقائية المناسبة للحفاظ على حياة المواطنين. حيث أعلن مدير الدفاع المدني في محافظة ذي قار العقيد صلاح الحسناوي، أمس، عن أن «انفجار منظومة الغاز» كان وراء حريق مستشفى الحسين التعليمي، إلى جانب عدم «وجود منظومة إطفاء الحرائق»، و«وجود سخانات كهربائية (هيترات) وأجهزة تشغيل عشوائية في مستشفى مبني بمواد قابلة للاشتعال في أي لحظة». وهي ذات الأسباب التي أدت إلى حريق مستشفى ابن الحطيب.
من جانبه، قدّم رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي العزاء إلى عوائل الضحايا مع تعهده بمحاسبة المقصرين والمسيئين، واعتبر أن «الحادث يؤشر خللاً بنيوياً في الهيكلية الإدارية للدولة العراقية؛ حيث إن تشخيص الأخطاء لا يتم توظيفه ولا متابعته، ويذهب المواطنون ضحايا».
وقال خلال رئاسته جلسة مجلس الوزراء، أمس (الثلاثاء)، إن «الحاجة صارت ملحّة لإطلاق عملية إصلاح إداري شامل، وأهم خطوات الإصلاح هو أن نفصل العمل الإداري عن النفوذ السياسي».
وأضاف: «عندما تنجرف السياسة بعيداً عن المبدأ الأخلاقي والالتزام الإنساني، فسنكون تحت سيطرة مبدأ شريعة الغاب بعينها». وقال: «وطنيتنا لا تتقبل فكرة أن يتعمّد العراقي قتل أخيه من أجل هدف سياسي، ولعنة الله على كل منفعة أو منصب تجعل الإنسان يستهتر ويستخف بدم أخيه، ولعنة الله على كل منفعة سياسية أو مادية تجعل الإنسان يفجر أبراج الكهرباء؛ من أجل إثبات وجهة نظره، وإفشال العاملين من أجل وطنهم».
وقال الكاظمي إن الحكومة قدمت لمجلس النواب مرشحها لشغل منصب وزير الصحة بديلاً عن الوزير المستقيل. وأضاف: «ننتظر من مجلس النواب حسم هذه القضية لمنع استمرار وزارة الصحة من العمل من دون وزير لمدة طويلة».
وأضاف الكاظمي أن «خطوات الإصلاح ومحاربة الفساد التي تتخذها الحكومة تواجه للأسف عرقلة ممنهجة وهجمات إعلامية مع كل محاولة للتقدم إلى الأمام؛ والهدف هو إجهاض الإصلاح، وتشويه صورته؛ لكننا ماضون باتجاه هدف خدمة شعبنا».
واعتبر رئيس الجمهورية برهم صالح، أن حادثي مستشفى الحسين وابن الخطيب وقعا نتيجة الفساد المستحكم وسوء الإدارة. وقال بيان لمكتبه الإعلامي إن «فاجعة مستشفى الحسين في ذي قار، وقبلها مستشفى ابن الخطيب في بغداد، نتاج الفساد المستحكم وسوء الإدارة الذي يستهين بأرواح العراقيين ويمنع إصلاح أداء المؤسسات».
وأشار إلى أن «التحقيق والمحاسبة العسيرة للمقصرين هو عزاء أبنائنا الشهداء وذويهم. يجب القيام بمراجعة صارمة لأداء المؤسسات وحماية المواطنين».
من جهته، اتهم تحالف «سائرون» التابع للتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، من أطلق عليهم «الأيادي الخبيثة» بالتسبب في حريق الناصرية. وقال التحالف بمحافظة ذي قار، في بيان: «لا بد للحكومة الاتحادية أن تأخذ دورها الحقيقي في حماية أرواح المواطنين وأقل ما يمكن أن تقوم به هو كشف الأيادي الخبيثة التي تسببت بهذه الكارثة الإنسانية ومحاسبتها».
وفيما عقد البرلمان العراقي جلسة لمناقشة حادث حريق المستشفى، أمس، قدّم كثير الدول والمنظمات الدولية والمسؤولين المحليين والدوليين، رسائل تعزية بفاجعة مستشفى الحسين التعليمي في الناصرية.
وكانت المملكة العربية السعودية، من بين أول الدول المعزية.
وبعث خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، ببرقيتي عزاء ومواساة، إلى الرئيس العراقي، في ضحايا حريق مستشفى الحسين. وقال الملك سلمان: «علمنا بنبأ وقوع حريق في مستشفى الحسين التعليمي بمدينة الناصرية، وما نتج عنه من وفيات وإصابات، وإننا إذ نبعث لفخامتكم ولأسر المتوفين ولشعب جمهورية العراق الشقيق أحر التعازي وأصدق المواساة، لنرجو المولى سبحانه وتعالى أن يتغمد المتوفين بواسع رحمته ومغفرته، ويلهم ذويهم الصبر والسلوان، وأن يمن على المصابين بالشفاء العاجل، ويحفظكم وشعب جمهورية العراق من كل سوء ومكروه، إنه سميع مجيب».
وقال الأمير محمد بن سلمان في برقيته: «تلقيت نبأ وقوع حريق في مستشفى الحسين التعليمي بمدينة الناصرية، وما نتج عنه من وفيات وإصابات، وأعرب لفخامتكم ولأسر المتوفين كافة عن بالغ التعازي وصادق المواساة، سائلاً الله تعالى الرحمة للمتوفين، والشفاء العاجل لجميع المصابين إنه سميع مجيب».
وقالت الخارجية السعودية في بيان: «نعرب عن بالغ الأسى لحادث الحريق... وما نتج عنه من وفيات ومصابين». وأضافت، أن «المملكة تعرب عن تضامنها التام مع جمهورية العراق والشعب العراقي الشقيق في هذا المصاب الجلل».
وأظهرت مصر وجامعة الدول العربية تضامناً كبيراً مع العراق. وبعث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي برقية تعزية للكاظمي معزياً، فيما أعرب الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط عن «دعم الجهود التي تقوم بها الحكومة العراقية من أجل احتواء آثار هذه الكارثة».
وقدّم التحالف الدولي والبعثة الأممية في العراق وجهات دولية أخرى تعازي مماثلة. وقال السفير الأميركي لدى بغداد، ماثيو تولر، في بيان: «أشعر بعميق الحُزن لسماع أنباء الحريق المُروع في مستشفى الحُسين في الناصرية، وأُعرب عن عظيم الأسى للضحايا». وأضاف: «دعواتنا جميعاً في بعثة الولايات المتحدة في العراق مع ذوي أولئك المفقودين ومع المستجيبين الأوائل الشجعان والطاقم الطبي الذين يعتنون بالجرحى».



تجدُّد القصف على مخيم للاجئين في السودان يواجه خطر المجاعة

تجدُّد القصف على مخيم «زمزم» للنازحين شمال دارفور في السودان (رويترز)
تجدُّد القصف على مخيم «زمزم» للنازحين شمال دارفور في السودان (رويترز)
TT

تجدُّد القصف على مخيم للاجئين في السودان يواجه خطر المجاعة

تجدُّد القصف على مخيم «زمزم» للنازحين شمال دارفور في السودان (رويترز)
تجدُّد القصف على مخيم «زمزم» للنازحين شمال دارفور في السودان (رويترز)

قال مسعفون وناشطون إن القصف تجدد، اليوم (الأربعاء)، على مخيم «زمزم» للنازحين الذي يواجه خطر المجاعة، إثر هدوء مؤقت، أمس (الثلاثاء)، بعد هجمات شنتها «قوات الدعم السريع»، يومَي الأحد والاثنين.

ووفق «رويترز»، ذكرت منظمة «أطباء بلا حدود» أن سبعة أشخاص أُصيبوا بعد إطلاق قذائف على المخيم المكتظ بالنازحين، الذي يؤوي نصف مليون شخص على الأقل.

وقالت «تنسيقية لجان مقاومة الفاشر» إن القصف بدأ صباح اليوم. وبدأت «قوات الدعم السريع» التي تقاتل الجيش السوداني للسيطرة على مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، في مهاجمة المخيم يومَي الأحد والاثنين.

وذكرت «المنظمة الدولية للهجرة» أن أكثر من ألفَي شخص فروا نتيجة تلك الهجمات.

وفي أغسطس (آب)، أعلن خبراء الأمن الغذائي العالمي أن مخيم «زمزم» يعاني من المجاعة. وتمكن برنامج الأغذية العالمي منذ ذلك الحين من توصيل بعض المساعدات الغذائية، لكنه قال، اليوم، إن عمليات التسليم تعطلت.

وقال برنامج الأغذية العالمي في بيان: «قد تؤدي الهجمات إلى تأخر وصول قوافل المساعدات التابعة لبرنامج الأغذية العالمي المتجهة إلى المخيم. تلك المساعدات هي السبيل الوحيد لمواجهة المجاعة».

وأضاف: «برنامج الأغذية العالمي قلق للغاية بشأن سلامة المدنيين في المخيم وشركائنا على الأرض».