إسرائيل لم تسمح للأسيرة خالدة جرار بتشييع ابنتها

ودعتها بباقة ورد ورسالة حزينة عبر محاميها

جنازة سحر جرار في رام الله أمس تتقدمها صورتها مع والدتها الأسيرة (أ.ب)
جنازة سحر جرار في رام الله أمس تتقدمها صورتها مع والدتها الأسيرة (أ.ب)
TT

إسرائيل لم تسمح للأسيرة خالدة جرار بتشييع ابنتها

جنازة سحر جرار في رام الله أمس تتقدمها صورتها مع والدتها الأسيرة (أ.ب)
جنازة سحر جرار في رام الله أمس تتقدمها صورتها مع والدتها الأسيرة (أ.ب)

حرمت قضبان السجن الإسرائيلي، القيادية البارزة خالدة جرار، من طبع قبلة أخيرة على جبين ابنتها الشابة سهى (31 عاما)، التي توفيت قبل يومين بنوبة قلبية حادة في بيتها في رام الله وشيعت أمس إلى مثواها الأخير، بعيدا عن أمها التي تئن في سجنها تحت وطأة الحرمان أكثر من السجان.
لم تستطع جرار سوى المشاركة من خلال باقة ورد أرسلتها إلى الجثمان المسجى، كتب عليها «حرموني من وداعك بقبلة، أودعك بوردة»، وهي كلمات أثارت الكثير من الشجون والغضب لدى المشاركين الذين حاولوا مواساة العائلة بفقدان الشابة، التي قضت جزءا من حياتها في ملاحقة والدتها من سجن إلى سجن ومن محكمة إلى محكمة.
وكانت عائلة جرار قد أعلنت وفاة الشابة سهى غسّان جرار في منزلها خلف مستشفى رام الله، في ظروف طبيعية، مؤكدة أنّ التشخيص الأولي يظهر أن سبب الوفاة نوبة قلبية حادة. وسهى باحثة رئيسية في دائرة البحث القانوني والمناصرة الدولية بمؤسسة «الحق»، وناشطة شبابية معروفة. وقد منعت والدتها خالدة من إلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليها، على الرغم من الحملات الفلسطينية والتدخلات الدولية.
وكانت الأمم المتحدة، قد حثت، الاثنين، السلطات الإسرائيلية على «النظر برأفة إلى قضية المعتقلة الفلسطينية خالدة جرار، والسماح لها بالمغادرة لحضور مراسم تشييع جثمان ابنتها». وقال فرحان حق نائب المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، في مؤتمر صحفي بالمقر الدائم للمنظمة الدولية في نيويورك: «أود أن أشير أيضًا إلى أننا طالبنا بمحاكمة جميع المحتجزين على وجه السرعة ومواجهة الإجراءات القانونية الواجبة، أو الإفراج عنهم بأي طريقة أخرى».
يشار إلى ان خالدة جرار معتقلة في سجن «الدامون» الإسرائيلي، وهي قيادية بارزة في الجبهة الشعبية، ونائبة سابقة في المجلس التشريعي الفلسطيني (البرلمان)، ومعتقلة منذ عام 2019. وصدر بحقها حكم بالسجن لمدة عامين، بتهمة «توليها منصب في تنظيم الجبهة الشعبية المحظور بأوامر عسكرية إسرائيلية».
وفي جمازة الأمس، أرسلت جرار عبر المحامين، كلمة مقتضبة ألقتها شقيقتها فوق الجثمان المسجى، قالت فيها «أنا موجوعة لأني مشتاقة لضم سهى، ومن قوة هذا الوجع عانقت سماء الوطن.. أنا أم شامخة وصابرة رغم القيد والسجان، ولكني أيضاً موجوعة من كثرة الاشتياق. لا يحصل كل هذا إلا في فلسطين، أردت أن أودع ابنتي بقبلة على جبينها وأقول لها: أحبك بحجم حبي لفلسطين. ولكن اعذريني يا ابنتي لأنني لم أكن في عرسك هذا».
وهاجمت الفصائل الفلسطينية، إسرائيل، أمس، وقالت إن منع جرار من وداع ابنتها يمثل تأكيدا على عنصرية إسرائيل وسياستها الانتقامية.
وقال مسؤول لجنة الأسرى في الجبهة الشعبية عوض السلطان، «إن ما جرى بحق المناضلة الأسيرة خالدة جرار سياسة انتقامية وجريمة مُركبة لم تبدأ باعتقالها تعسفًا لأكثر من مرة ومنعها من السفر وتحديد إقامتها، ولم تنتهِ بحرمانها من إلقاء نظرة الوداع الأخيرة على كريمتها سهى التي توفيت في رام الله. وهو الأمر نفسه الذي حدث عند وفاة والدها أواخر عام 2017 وقد حُرمت أيضًا من إلقاء نظرة الوداع عليه لكونها كانت معتقلة إداريًا».
وأكد السلطان في تصريح صحفي له، أن «منع جرار من توديع كريمتها أمر يُلحق بها ضررًا وأذىً بالغًا يندرج تحت بند التعذيب النفسي الذي جرمته القوانين الدولية الإنسانية واتفاقات جنيف الخاصة بحماية المدنيين وقت الحرب، والتي توجب على القوة المحتلة أن تسمح للأسرى لديها بممارسة شعائرهم الدينية والاجتماعية وفق ما يعتنقونه ويؤمنون به. كما أنه يفضح مدى العنصرية التي تسود دولة الاحتلال ومؤسساتها، حيث إن قوانينها تُجيز للمعتقلين الذين يحملون جنسيتها، إن لم يكونوا فلسطينيين، الخروج من السجون مهما بلغت أحكامهم، للمشاركة في المناسبات الاجتماعية الخاصة».
هذا، وقد شارك فلسطينيون في مظاهرات أمام سجون إسرائيلية وفي قلب المدن، تضامنا مع جرار ومن أجل المطالبة بإطلاق سراحها حتى بعد دفن ابنتها. وقال عضو المجلس الثوري لحركة فتح، محمد اللحام، في وقفة جرت في بيت لحم، أمس: «هذه وقفة مع أنفسنا ومع الأسيرة المكلومة خالدة جرار، التي تعاني الوجع داخل المعتقل بسبب فقدان ابنتها»، مضيفا أن «جرار مثال للمرأة الفلسطينية المناضلة والصابرة، فهذه وقفة معنوية معها، لأن المصاب جلل ونعلم بأنها قوية وصامدة».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.