احتجاجات كوبا تسلّط الضوء على الانقسام الدولي بخصوص نظامها الشيوعي

الولايات المتحدة والبرازيل تؤيدان مطالب المتظاهرين... وروسيا وفنزويلا تساندان حكومة هافانا

ملصق عليه صورة الزعيم الكوبي الراحل فيدل كاسترو في هافانا أول من أمس (أ.ف.ب)
ملصق عليه صورة الزعيم الكوبي الراحل فيدل كاسترو في هافانا أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

احتجاجات كوبا تسلّط الضوء على الانقسام الدولي بخصوص نظامها الشيوعي

ملصق عليه صورة الزعيم الكوبي الراحل فيدل كاسترو في هافانا أول من أمس (أ.ف.ب)
ملصق عليه صورة الزعيم الكوبي الراحل فيدل كاسترو في هافانا أول من أمس (أ.ف.ب)

غداة احتجاجات غير مسبوقة عمت مدناً كوبية عدة، بينها العاصمة هافانا، خلال نهاية الأسبوع، وقوبلت بقمع من أجهزة الأمن، أبرزت مواقف دولية مما يجري عمق الانقسام بخصوص كوبا، بين مؤيد للحكومة الشيوعية ومعارض لها. وبرز في هذا الإطار الموقفان الأميركي والبرازيلي المؤيدان لمطالب المحتجين، في مقابل مساندة روسية وفنزويلية للحكم في هافانا، ورفض التدخل في شؤون الجزيرة، بينما دعت الأرجنتين إلى رفع «الحصار» الذي تفرضه واشنطن على الجزيرة الكوبية منذ عام 1962.
وخرج آلاف الكوبيين في مظاهرات غير مسبوقة، الأحد، في عشرات المدن والقرى في كوبا، وهتفوا: «نحن جائعون» و«الحرية» و«لتسقط الديكتاتورية».
ورد الرئيس ميغيل دياز كانيل الذي يتولى رئاسة كوبا منذ عام 2019، كما يقود الحزب الشيوعي، يوم الاثنين، في تصريحات للتلفزيون الوطني، بأن الحصار الاقتصادي الأميركي هو السبب في نقص السلع في البلاد، علماً بأن الولايات المتحدة تفرض حصاراً صارماً على كوبا منذ عام 1962.
وفي ردود الفعل الدولية على ما يجري في كوربا، طالب الرئيس الأرجنتيني، ألبرتو فرنانديز، برفع الحصار المفروض على هذه الجزيرة، ووصفه بأنه «غير إنساني»، ورفض أي تدخل خارجي محتمل لتسوية الخلافات السياسية الداخلية. وقال الرئيس الأرجنتيني، في مقابلة مع إذاعة «راديو 10»: «فرض حصار اقتصادي على بلد خلال جائحة أمر غير إنساني للغاية؛ الحكومة لا تعاني، بل الشعب»، حسب ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.
أما الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو، فأعرب من جهته عن «تضامنه» مع المتظاهرين الكوبيين. وقال الزعيم اليميني، في تغريدة على «تويتر» الاثنين: «كل دعمي وتضامني مع الشعب الكوبي الذي يطالب بشجاعة بإنهاء الديكتاتورية الوحشية التي تدمر الحرية منذ عقود من خلال إيهام العالم بالجنة الاشتراكية». وقبل نشر هذه الرسالة، كان بولسونارو قد تطرق إلى الوضع في كوبا أمام مؤيدين له في برازيليا، وانتقد خصوصاً قمع المظاهرات التي تم تفريقها بالغاز المسيل للدموع، حسب الوكالة الفرنسية.

وفي كراكاس، عبر الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، الحليف الوثيق لهافانا، عن «دعمه الكامل» لنظيره الكوبي، ميغيل دياز - كانيل، في مواجهة المظاهرات الاحتجاجية غير المسبوقة التي شهدتها الجزيرة. وقال مادورو، في تصريح بثه التلفزيون، إنه يقدم «كامل الدعم للرئيس ميغيل دياز - كانيل، وكامل الدعم لشعب كوبا، ولحكومة كوبا الثورية. من هنا، في فنزويلا، أقول إننا إخوة في السراء والضراء؛ كوبا ستمضي قدماً».
وفي غضون ذلك، حذرت روسيا الولايات المتحدة من التدخل في الشؤون الكوبية، أو محاولة زعزعة الوضع من خلال «أعمال مدمرة». وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، في موسكو، إنه أمر غير مقبول أن يتم التدخل في الشؤون الداخلية لدولة مستقلة، وأضافت: «نحن مقتنعون أن السلطات الكوبية ستأخذ كل الخطوات الضرورية لاستعادة النظام الاجتماعي من أجل مصلحة المواطنين في إطار الدستور»، حسب ما أوردته وكالة الأنباء الألمانية.
وفي واشنطن، أكد وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، أن إدارة الرئيس جو بايدن تقف إلى جانب الكوبيين الذين يطالبون بحقوقهم الأساسية الإنسانية، مندداً بالقمع الذي تمارسه القوات الحكومية ضدهم، واصفاً اتهامات الزعماء الكوبيين بأن الولايات تقف وراء الاحتجاجات بأنها «خطأ جسيم».
وكرر بلينكن الموقف الذي أعلنه الرئيس بايدن بنفسه، من أن الولايات المتحدة «تقف إلى جانب الشعب الكوبي، وتطلعه الواضح إلى الحرية، والتخفيف من القبضة المأسوية للوباء، ومن عقود القمع والمعاناة الاقتصادية التي تعرض لها من النظام الاستبدادي الكوبي».
وقال بلينكن إن إدارة بايدن، ونائبة الرئيس كامالا هاريس، تقف بوضوح «إلى جانب الشعب الكوبي، والشعوب في كل أنحاء العالم الذين يطالبون بحقوقهم الإنسانية، ويتوقعون من حكوماتهم أن تستمع إليهم وتخدمهم، بدلاً من إسكاتهم»، في إشارة إلى قيام فرق كبيرة من الشرطة بدوريات في هافانا بعد ساعات من احتجاجات نادرة على نقص الغذاء وارتفاع الأسعار.
ورداً على ادعاءات الرئيس الكوبي، ميغيل دياز - كانيل، بأن المظاهرات أثارها الأميركيون الكوبيون في الولايات المتحدة على وسائل التواصل الاجتماعي، قال بلينكن إنه سيكون من «الخطأ الجسيم» أن يفسر زعماء كوبا الاحتجاجات في البلاد في نهاية الأسبوع على أنها «نتاج أي شيء فعلته الولايات المتحدة»، موضحاً أن المحتجين ينتقدون حكام البلاد لفشلهم في تلبية الحاجات الأساسية للناس، بما في ذلك الغذاء والدواء.
وكان وزير الخارجية الأميركي قد أعلن منذ أسابيع عن أن إدارة الرئيس بايدن بصدد مراجعة سياسة الولايات المتحدة حيال الجزيرة، قائلاً إن «أحد الأشياء التي ننظر فيها بجدية الآن هي السياسة تجاه كوبا»، مشدداً على أن «أي سياسة نتبعها ستكون الديمقراطية وحقوق الإنسان في صميمها، ونريد أن نتأكد من أننا نفعل كل ما في وسعنا لتمكين الشعب الكوبي من تقرير مستقبل سياساته الخاصة». وأضاف: «لم نقاوم الحوار أبداً في أي مكان. السؤال هو: ما السياسة العامة؟ هذا ما نقوم بمراجعته؛ لقد فعلنا ذلك في عدد من المجالات، فقد أمضينا بضعة أشهر في مراجعة سياستنا تجاه كوريا الشمالية، على سبيل المثال، وأعلنا هذه السياسة قبل بضعة أسابيع فقط؛ نحن نفعل الشيء نفسه مع كوبا».
وقال بايدن، من جهته، إن الشعب الكوبي «يؤكد بشجاعة الحقوق الأساسية والعالمية؛ يجب احترام هذه الحقوق، بما في ذلك الحق في الاحتجاج السلمي، والحق في تقرير مستقبلهم بحرية»، مطالباً النظام الكوبي بـ«الاستماع إلى شعبه، وتلبية حاجاته في هذه اللحظة الحيوية، بدلاً من إثراء أنفسهم». وشدد على أن «الشعب الكوبي يطالب بتحريره من نظام استبدادي»، داعياً الحكومة الكوبية إلى «الامتناع عن العنف في محاولتها إسكات أصوات الشعب الكوبي». ورفض الرد على أسئلة حول تغييرات في السياسة تجاه كوبا.
ولاحقاً، أفادت الناطقة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، بأن الإدارة الأميركية قدمت خلال أشهر كثيرة ماضية «قدراً كبيراً من المساعدة لكوبا»، موضحة أنه «منذ عام 2009، أي منذ وقت طويل، وجه الكونغرس 20 مليون دولار في صورة مساعدة سنوية للديمقراطية». وأكدت أنه «خلال العام الماضي، صدرت الولايات المتحدة بضائع بقيمة 176 مليون دولار إلى كوبا»، بالإضافة إلى أن كوبا، على سبيل المثال فقط، استوردت في الأشهر الستة الأولى من عام 2021 ما قيمته 123 مليون دولار من الدجاج من الولايات المتحدة.
وفيما يتعلق باللقاحات، قالت إن «أحد التحديات (...) هو أن كوبا لم تنضم إلى منصة (كوفاكس)» العالمية للقاحات. ورأت أن الاحتجاجات «كانت تعبيراً عفوياً عن أناس مرهقين من سوء الإدارة الاقتصادية والقمع من جانب الحكومة الكوبية».



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.