مصر ترحّب بالرفض الأوروبي لإعلان إثيوبيا الملء الثاني لـ«السد»

شكري يشارك في إفطار عمل مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل (الخارجية المصرية)
شكري يشارك في إفطار عمل مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل (الخارجية المصرية)
TT

مصر ترحّب بالرفض الأوروبي لإعلان إثيوبيا الملء الثاني لـ«السد»

شكري يشارك في إفطار عمل مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل (الخارجية المصرية)
شكري يشارك في إفطار عمل مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل (الخارجية المصرية)

رحبت مصر بالرفض الأوروبي لإعلان إثيوبيا بدء الملء الثاني لسد النهضة على النيل، دون التوصل إلى اتفاق مع دولتي المصب؛ وطالبت القاهرة بوضع «خريطة طريق» للتوصل إلى اتفاق عادل وملزم في إطار زمني محدد.
ويجري وزير الخارجية المصري سامح شكري، زيارة إلى العاصمة البلجيكية بروكسل، يبحث خلالها دعم أوروبا للموقف المصري في قضية السد الإثيوبي، قبيل صدور موقف من مجلس الأمن الدولي حول النزاع، بعد أن عقد جلسة نهاية الأسبوع الماضي، ناقش فيها القضية، بطلب مصري – سوداني. وتتفاوض مصر والسودان مع إثيوبيا، منذ أكثر من 10 سنوات، بهدف عقد اتفاق قانوني ينظم عمليتي الملء والتشغيل للسد، الذي تبنيه الأخيرة على الرافد الرئيسي لنهر النيل، لتوليد الطاقة الكهربائية، لكن لم يتم التوصل لاتفاق. وعلى إفطار عمل، أمس، التقى شكري وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، وضمن قضايا إقليمية واسعة ناقشها الاجتماع، قال المُتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد حافظ، إن اللقاء شهد تشاوراً حول ملف سد النهضة، وعرض الوزير شكري نتائج جلسة مجلس الأمن الأخيرة، معرباً عن تقدير مصر للبيان الذي أصدره الاتحاد الأوروبي مؤخراً والذي انتقد إعلان إثيوبيا بدء الملء الثاني للسد دون التوصل إلى اتفاق مع دولتي المصب؛ مع تأكيد مطالبته بأهمية وضع خريطة طريق للتوصل إلى اتفاق عادل وملزم في إطار زمني محدد. وبدأت إثيوبيا تنفيذ المرحلة الثانية لخزان السد في يوليو (تموز) الجاري، في إجراء قوبل باحتجاج مصري وسوداني.
وضمن لقاءاته ببروكسل اجتمع شكري، أمس، بسكرتير عام حلف شمال الأطلنطي (الناتو) ينس ستولتنبرج، وأوضح المُتحدث الرسمي أن المحادثات تطرقت إلى مختلف التحديات الأمنية في أرجاء المنطقة، خصوصاً في شرق المتوسط وشمال أفريقيا، وكذا الساحل والصحراء والقرن الأفريقي؛ وتناول شكري الموقف المصري إزاء الأزمات التي تواجه عدداً من دول المنطقة، والجهود المصرية في مجال مكافحة الإرهاب والمقاربة الشاملة التي تنتهجها مصر في هذا الإطار، مؤكداً التزام مصر بدعم الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف. كما سلم شكري رسالة من الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، تضمنت العلاقات الثنائية والموضوعات الإقليمية، وفي مقدمتها قضية ‫سد النهضة. من جهته، كشف مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة السفير محمد إدريس أن هناك دولاً كانت تمانع إيصال ملف سد النهضة إلى مجلس الأمن منها دول تمتلك حق النقض (الفيتو)، مشيراً إلى أن تلك الدول كانت رؤيتها أن مثل هذه الملفات لا تأتي إلى المجلس إلا أنه في آخر المطاف تغلبت الإرادة المصرية. وشدد إدريس، في تصريحات تلفزيونية نشرتها وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية، على أن وصول مصر بملف سد النهضة إلى مجلس الأمن يعتبر نجاحاً، خصوصاً أنه لم تنجح في ذلك أي دولة من قبل نظراً لأن المجلس لا يتناول مثل تلك القضايا». وأضاف أن مصر أوصلت قضيتها العادلة لأعلى محفل دولي، لتفضح المسكوت عنه وتعلن موقفها وتوضحه وتضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن عرض القضية بمجلس الأمن أمر في ظاهره هين ولكنه شاق ومعقد».
وقال إدريس إن قضية سد النهضة لها العديد من الأبعاد القانونية وامتدادات زمنية، مضيفاً أن الدول أعضاء مجلس الأمن تعطي مصالحها الوطنية أولوية بالأساس، لهذا يخشى بعضها التحرك المماثل لأن جيرانها دول كبرى.
وأوضح أن 70 في المائة من قضايا مجلس الأمن أفريقية ومضى عليها عقود من الزمن وهي تراوح مكانها، لافتاً في الوقت ذاته أن مصر ليس عليها أن تنتظر». وتابع قائلاً: «ذهبنا إلى مجلس الأمن أولاً لعرض القضية بقوة وبمنطق وبحجة ولكي تحمل الأطراف مسؤوليتها وتشرك الأطراف في تحمل هذه المسؤولية». وأكد أنه من الضروري وجود أطراف لها القدرة السياسية للانخراط بشكل أكبر في القضية لحدوث فصل في الخلاف، قائلاً إن الدول تتحسس تبعات ما تلزم به نفسها، لهذا تفضل أن تتخذ موقفاً وسطاً لا تترتب عليه التزامات. وأضاف أن مصر عرضت قضيتها بقوة وحملت مجلس الأمن والمجتمع الدولي مسؤولياته، لافتاً إلى أن مشروع القرار المقدم من مصر والسودان وسيلة، والدفاع عن الحقوق المصرية السودانية هو الغاية. وأضاف أن تونس باعتبارها من قدمت القرار وبصفة عضويتها لمجلس الأمن حالياً مستمرة في الجهود للتوصل إلى إصدار مشروع القرار المصري السوداني. وأفاد بأن هناك فارقاً بين القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وما يجب تطبيقه على أرض الواقع، وما هو يتم تنفيذه فعلاً.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.