مساعٍ لإطاحة أمين عام «جبهة التحرير» الجزائرية بتهمة «الانتماء للعصابة»

أطلق قياديو حزب «جبهة التحرير الوطني»، الفائز بالريادة في انتخابات البرلمان الجزائرية حديثاً، حملة للإطاحة بأمينه العام أبو الفضل بعجي، بحجة أنه «كان من خدام العصابة»، التي يقصد بها الفريق الذي حكم البلاد بقيادة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وهي فترة تحيل إلى تفشي الفساد السياسي، واختلاس المال العام، والتربح غير المشروع.
وأفاد عضو «اللجنة المركزية»، وهي أعلى هيئة بالحزب، لـ«الشرق الأوسط»، بأن مجموعة منها أعدت طلباً لوزارة الداخلية، يخص عقد مؤتمر استثنائي، بغرض انتخاب أمين عام جديد، مشيراً إلى أن بعجي «ينتمي للمجموعة التي كانت تقود الحزب في العهد السابق، والتي كانت شديدة الولاء لبوتفليقة، وكل مسؤولي الفترة السابقة، وبما أننا بصدد بناء جزائر جديدة بعد انتخاب الرئيس تبون لا بد لبعجي أن يبتعد عن إدارة جبهة التحرير، ولكن طالما أنه متمسك بالمنصب سنتخذ الإجراءات القانونية لإزاحته».
وقال العضو القيادي ذاته إن ثلثي أعضاء «المركزية» وقّعوا لائحة للمطالبة بعقد المؤتمر، ما يسمح لوزارة الداخلية بالموافقة على الطلب، مؤكداً أن أعضاء من «المكتب السياسي»، الذي يشتغل مع بعجي، يدعمون المسعى.
ونظم مناضلون بالحزب، السبت الماضي، احتجاجات أمام مقاره في المحافظات ضد بعجي، وطالبوا بعزله. وجاء ذلك بعد أن رفض الأمين العام استقبال وفد من الغاضبين بمقر الحزب بالعاصمة الأسبوع الماضي، ما زاد من حدة التصعيد ضده. فيما أفاد قياديون بـ«جبهة التحرير» بأن معارضي بعجي يريدون من منافسه السابق على الأمانة العامة، جمال بن حمودة، أن يأخذ مكانه.
يشار إلى أن «جبهة التحرير» حصلت على 98 مقعداً بالبرلمان في انتخابات 12 يونيو (حزيران) الماضي، محققة بذلك المرتبة الأولى رغم المقاطعة الواسعة للاستحقاق (نسبة تصويت بلغت 23 في المائة). وحصلت في انتخابات 2017 على 164 مقعداً. واستنجد بعجي بقدامى كوادر الحزب لمساندته ضد محاولات عزله، ومن بينهم عضو «المكتب السياسي» والوزير السابق عبد الرحمن بلعياط، الذي عاش كل الأزمات الكثيرة التي ضربت الحزب، وكان من بين الذين أطاحوا بالأمين العام الأسبق، الراحل عبد الحميد مهري، عندما تحالف مع «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المعارضة عام 1994، كما لجأ إلى رئاسة الجمهورية لمواجهة خصومه، بحجة أن مسعاهم غير قانوني، وعلى اعتبار أن الرئيس تبون عضو بـ«اللجنة المركزية»، لكنه لم يلق أي صدى.
ووصل بعجي إلى الأمانة العامة في مايو (أيار) 2020، خلال انتخابات غير عادية أجريت داخل «اللجنة المركزية»، حيث استخلف محمد جميعي الذي سجن في قضية فساد. وجرت تزكية بعجي برفع الأيدي داخل قاعة بـ«قصر المؤتمرات» بالعاصمة، بعد أن تم إقصاء المرشح الأوفر حظاً للمنصب يومها، جمال بن حمودة، الذي منع من حضور الاجتماع من طرف أنصار منافسه بعجي، بذريعة «ظهور أعراض الإصابة بكورونا عليه».
وأجريت على بن حمودة فحوصات طبية في نفس اليوم، أثبتت أنه سليم من أي مرض، ولما عاد إلى مكان الاجتماع لخوض معركة الترشيحات وجد أن «اللجنة المركزية»، أنهت عملها، وأن بعجي أخذ المنصب. واحتج بن حمودة على «البلطجة التي حدثت»، وانتقد بشدة «انعدام الأخلاق في تصرفات بعجي».
ونشر خصوم بعجي، خلال الأيام الأخيرة، فيديوهات على شبكة التواصل الاجتماعي، تعود إلى سنوات ماضية، يثني فيها على بوتفليقة الذي أزاحه الجزائريون في انتفاضة كبيرة بسبب تفشي الفساد وانعدام العدالة الاجتماعية، كما يثني فيها على أمين عام الحزب سابقا عمار سعداني، المقيم خارج البلاد، وهو محل متابعة قضائية بتهم فساد.