المحقّق في انفجار مرفأ بيروت يرفض تزويد البرلمان بأدلة ضد بعض النواب

صورة أخذت من طائرة درون لمرفأ بيروت بعد الانفجار (أ.ب)
صورة أخذت من طائرة درون لمرفأ بيروت بعد الانفجار (أ.ب)
TT

المحقّق في انفجار مرفأ بيروت يرفض تزويد البرلمان بأدلة ضد بعض النواب

صورة أخذت من طائرة درون لمرفأ بيروت بعد الانفجار (أ.ب)
صورة أخذت من طائرة درون لمرفأ بيروت بعد الانفجار (أ.ب)

أكد مصدر قضائي مطّلع أن المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار رفض اليوم (الاثنين) طلباً نيابياً يرمي إلى تزويد البرلمان بمستندات وأدلة إضافية قبل اتّخاذ المجلس قراراً برفع الحصانة عن ثلاثة نواب كانوا وزراء سابقين.
وتسبب انفجار مروّع في الرابع من أغسطس (آب)، عزته السلطات إلى تخزين كميات هائلة من نيترات الأمونيوم بلا إجراءات وقاية، بسقوط أكثر من مائتي قتيل وإصابة أكثر من 6500 عدا عن تدمير أحياء عدة.
ولطالما حذّرت منظّمات غير حكومية من تدخّلات في الشؤون القضائية ومن ضغوط تمارسها الطبقة السياسية على القضاة في إطار التحقيق اللبناني في الانفجار، علما بأن أي نتائج ملموسة لم تعلن بعد رغم مرور نحو عام على وقوع الكارثة، بحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
وأطاح الادعاء على مسؤولين سياسيين بينهم رئيس الحكومة المستقيل حسان دياب وثلاثة وزراء سابقين بسلف بيطار، القاضي فادي صوان.
وفي مطلع يوليو (تموز) طلب بيطار من البرلمان رفع الحصانة عن ثلاثة وزراء سابقين، هم النواب علي حسن خليل (المال)، غازي زعيتر (الأشغال) ونهاد المشنوق (الداخلية) «تمهيداً للادعاء عليهم والشروع بملاحقتهم» بـ«جناية القصد الاحتمالي لجريمة القتل» إضافة «إلى جنحة الإهمال والتقصير» لأنهم كانوا على دراية بوجود نيترات الأمونيوم «ولم يتخذوا إجراءات تجنّب البلد خطر الانفجار».
وإثر اجتماع عقدته هيئة مكتب المجلس مع لجنة الإدارة والعدل النيابية الجمعة، قال نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي لصحافيين إن الاجتماع انتهى «بوجوب طلب خلاصة عن الأدلة الواردة بالتحقيق وجميع المستندات والأوراق التي من شأنها إثبات الشبهات... للتأكد من حيثيات الملاحقة».
وكشف مصدر قضائي أن المحقق العدلي «رفض طلب مجلس النواب الرامي إلى تزويده بمستندات وأدلة تتعلق بالنواب علي حسن خليل وغازي زعيتر ونهاد المشنوق، الذين طلب بيطار رفع الحصانة النيابية عنهم».
وكشف المصدر القضائي أن بيطار «أجاب على رسالة البرلمان اللبناني بأنه سلم المستندات التي يجب تسليمها، وأن المادتين 91 و98 من النظام الداخلي للمجلس النيابي توجبان على أعضاء البرلمان رفع الحصانة عن النائب الملاحق قضائياً من دون تقديم الأدلة والمستندات التي لدى القاضي القيم على التحقيق».
واعتبر المحامي والناشط الحقوقي نزار صاغية أن طلب البرلمان يشكّل «انتهاكاً لمبدأ فصل السلطات».
والاثنين، نفّذ أهالي شهداء انفجار المرفأ وقفة احتجاجية أمام منزلي الوزيرين السابقين غازي زعيتر ونهاد المشنوق، مطالبين برفع الحصانات النيابية، وفق ما أوردت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية.
وفي يونيو (حزيران) دعت أكثر من خمسين منظمة، بينها العفو الدولية وهيومن رايتش ووتش، الأمم المتحدة إلى إنشاء بعثة تحقيق دولية في انفجار مرفأ بيروت. وندّدت المنظمات بـ«التدخل السياسي السافر، والحصانة للمسؤولين السياسيين الكبار، وعدم احترام معايير المحاكمات العادلة».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم