الكشف عن أسرار انفجارات الشمس

حدث نادر قاد إلى جمع مزيد من المعلومات

الكشف عن أسرار انفجارات الشمس
TT

الكشف عن أسرار انفجارات الشمس

الكشف عن أسرار انفجارات الشمس

مثلما كان «حجر رشيد» هو مفتاح فهم الكتابة الهيروغليفية المصرية، فإن دراسة انفجار شمسي نادر يمكن أن يحقق الهدف نفسه بالنسبة لمجال بحثي مهم، وهو معرفة أسرار الانفجارات الشمسية.
وقد أطلق الباحثون من مركز «جودارد» لرحلات الفضاء، التابع لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، اسم «حجر رشيد للانفجارات الشمسية» على هذا الحدث النادر الذي تم تقديمه في اجتماع الجمعية الفلكية الأميركية يوم 7 يونيو (حزيران) الماضي لأنه كشف عن أدلة جديدة يمكن أن تساعد العلماء في حل اللغز طويل الأمد حول أسباب ثوران الشمس القوي غير المتوقع، ويمكن أن يساعد الكشف عن هذه الفيزياء الأساسية العلماء على التنبؤ بشكل أفضل بهذه الثورات، حيث يكون للطقس الفضائي حينها تأثيرات على الأرض.
واحتوى هذا الانفجار على مكونات من 3 أنواع مختلفة من الانفجارات الشمسية التي تحدث عادة بشكل منفصل، مما يجعلها المرة الأولى التي يتم فيها الإبلاغ عن مثل هذا الحدث. وأتاح وجود جميع أنواع الثوران الثلاثة معاً في حدث واحد للعلماء شيئاً مثل حجر رشيد، حيث سمح لهم بترجمة ما يعرفونه عن كل نوع من أنواع الثوران الشمسي، والكشف عن الآلية الأساسية التي يمكن أن تفسر جميع أنواع الانفجارات الشمسية.
تقول إميلي ماسون، المؤلف الرئيسي للدراسة الجديدة عالمة الطاقة الشمسية في مركز «جودارد»، إن هذا الحدث هو «الحلقة المفقودة، حيث يمكننا رؤية كل هذه الجوانب من أنواع مختلفة من الانفجارات في حزمة واحدة».
وعادة ما تأتي الانفجارات الشمسية على أحد الأشكال الثلاثة، وهي طرد كتلة إكليلية، أو نفاثة، أو اندلاع جزئي. والقذف الكتلي الإكليلي والنفاثات هي انفجارات ضخمة تطلق الطاقة والجسيمات في الفضاء، لكنها تبدو مختلفة تماماً. فبينما تنفجر النفاثات في صورة أعمدة ضيقة من المواد الشمسية، تشكل الكتل الإكليلية المقذوفة فقاعات ضخمة تتوسع للخارج، تدفعها وتشكلها الحقول المغناطيسية للشمس. ومن ناحية أخرى، فإن الانفجارات الجزئية تبدأ في الظهور من السطح، لكنها لا تستحضر طاقة كافية لمغادرة الشمس، لذلك تسقط معظم المواد مرة أخرى على سطح الشمس.
وفي هذا الثوران الذي تمت ملاحظته بواسطة مرصد ديناميكيات الطاقة الشمسية، التابع لوكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية ومرصد ناسا للشمس والهيليوسفير، في 12 و13 مارس (آذار) 2016، رأى العلماء طرد طبقة ساخنة من المواد الشمسية فوق منطقة نشطة مغناطيسياً على سطح الشمس، وكان الطرد أكبر من أن يكون نفاثاً، ولكنه ضيق جداً بحيث لا يمكن أن يكون حدث طرد كتلة إكليلية.
وفي غضون نصف ساعة، بدأت طبقة أبرد من المادة الموجودة على السطح في الظهور من المكان نفسه، لكنها في النهاية سقطت على شكل انفجار جزئي. وكانت رؤية ثوران بصحبة نفاث وخصائص طرد كتلة إكليلية تخبر العلماء بأنه من المحتمل أن يكون سببها آلية مفردة.
ومن خلال هذا الفهم الجديد، يمكن للعلماء تطبيق ما يعرفونه عن النفاثات على الكتل الإكليلية المقذوفة. ويخبر الحدث العلماء أيضاً بأن الانفجارات الجزئية تحدث على الطيف نفسه، ولكنها تواجه بعض المحددات غير المعروفة حتى الآن التي تقيد طاقتها، ولا تسمح بإبعادها عن الشمس.
وتقول ماسون إن «فهم الآلية الكامنة وراء هذه الأحداث، خاصة الكتل الكبيرة والمتوسطة الحجم، له أهمية حاسمة للتنبؤ بالوقت الذي قد يتسبب فيه ثوران كبير في حدوث اضطرابات في الأرض».
وتطلق الكتل الإكليلية المقذوفة على وجه الخصوص سحباً كبيرة من الجسيمات المشحونة عالية الطاقة والمجالات المغناطيسية التي تتدفق عبر النظام الشمسي، ويمكن أن تؤدي إلى عاصفة من الجسيمات عالية الطاقة والنشاط التي يمكن أن تكون خطراً على رواد الفضاء والتكنولوجيا في الفضاء، وفي الحالات القصوى شبكات المرافق على الأرض.
ومن خلال حدث «حجر رشيد الشمسي»، يأمل العلماء في أن يتمكنوا من معرفة الآلية التي تسبب الانفجارات الشمسية، وتحديد خصائصها. ويمكن أن يسمح ذلك للعلماء في نهاية المطاف بالتنبؤ عندما يمكن أن يهدد انفجار كبير الأرض والمريخ قبل عدة ساعات، مما يوفر وقتاً كافياً لرواد الفضاء ومشغلي المركبات الفضائية لاتخاذ الإجراءات الاحترازية.


مقالات ذات صلة

التلسكوب «جيمس ويب» يلتقط «زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون»

يوميات الشرق ألوانُها كأنه العيد في الفضاء (ناسا)

التلسكوب «جيمس ويب» يلتقط «زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون»

التقط التلسكوب الفضائي «جيمس ويب» التابع لـ«ناسا»، للمرّة الأولى، صورة لِما بدت عليه مجرّتنا في الوقت الذي كانت تتشكَّل فيه؛ جعلت علماء الفضاء يشعرون بسعادة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الكويكبات الجديدة رُصدت بواسطة تلسكوب جيمس ويب الفضائي (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا)

رصد 138 كويكباً صغيراً جديداً

تمكن فريق من علماء الفلك في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة من رصد 138 كويكباً صغيراً جديداً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الولايات المتحدة​ باميلا ميلروي نائبة مدير «ناسا» وبيل نيلسون مدير «ناسا» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن (أ.ف.ب)

«ناسا» تعلن تأجيلات جديدة في برنامج «أرتميس» للعودة إلى القمر

أعلن مدير إدارة الطيران والفضاء (ناسا)، بيل نيلسون، تأجيلات جديدة في برنامج «أرتميس» الذي يهدف إلى إعادة رواد الفضاء إلى القمر لأول مرة منذ 1972.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم رائدا الفضاء سونيتا ويليامز وباري ويلمور (أ.ب)

مرور 6 أشهر على رائدَي فضاء «ناسا» العالقين في الفضاء

مرّ ستة أشهر على رائدَي فضاء تابعين لوكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) عالقين في الفضاء، مع تبقي شهرين فقط قبل العودة إلى الأرض.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق رحلة ولادة الكسوف الاصطناعي (أ.ب)

«عرض تكنولوجي» فضائي يمهِّد لولادة أول كسوف شمسي اصطناعي

انطلق زوج من الأقمار الاصطناعية الأوروبية إلى الفضاء، الخميس، في أول مهمّة لإنشاء كسوف شمسي اصطناعي من خلال تشكيل طيران فضائي مُتقن.

«الشرق الأوسط» (كيب كانافيرال فلوريدا )

«متلازمة ريت»... حدتها تختلف عند الإناث عن الذكور

«متلازمة ريت»... حدتها تختلف عند الإناث عن الذكور
TT

«متلازمة ريت»... حدتها تختلف عند الإناث عن الذكور

«متلازمة ريت»... حدتها تختلف عند الإناث عن الذكور

كشفت دراسة حديثة أجراها معهد البحث الطبي في اضطرابات النمو العصبي بجامعة كاليفورنيا الأميركية، عن فروق مهمة في كيفية ظهور «متلازمة ريت» التي تكون عادة أثر شيوعاً في الإناث. ويميل الذكور المصابون بالمتلازمة إلى إظهار أعراض أكثر حدة تظهر في وقت مبكر من الحياة بسبب كروموسوم «إكس» X الأنثوي الوحيد لديهم. وفي العادة تمتلك الإناث كروموسومي «إكس».

«متلازمة ريت»

«متلازمة ريت» Rett syndrome اضطراب وراثي نادر يصيب الفتيات في المقام الأول، حيث تبدأ المتلازمة الناجمة عن طفرات في جين MECP2 على الكروموسوم «إكس» عادة بعد فترة من النمو الطبيعي في مرحلة الطفولة؛ ما يؤدي لاحقاً إلى أعراض مثل فقدان وظيفة اليد وصعوبات التنفس والنوبات وضعف كبير في الكلام والحركة والأكل.

ويحتاج الأطفال والبالغون المصابون بـ«متلازمة ريت» إلى المساعدة في أداء معظم المهام اليومية، مثل تناول الطعام والمشي واستخدام الحمَّام، ويمكن أن تكون هذه الرعاية المستمرة واضطراب النوم أمراً منهكاً ومسبباً للتوتر للعائلات، ويمكن أن تؤثر على صحة أفراد العائلة ورفاهيتهم. وفي الدراسة التي نُشرت في عدد 10 أكتوبر (تشرين الأول) 2024 في مجلة Communications Biology، وأشرفت عليها جانين لاسال، الباحثة من قسم الأحياء الدقيقة الطبية والمناعة كلية الطب بالجامعة، فحص الباحثون نماذج الفئران الذكور والإناث لـ«متلازمة ريت».

وركَّزت الدراسة على كيفية تحول التعبير الجيني في خلايا المخ عبر ثلاث مراحل، هي: قبل ظهور الأعراض وعند ظهورها وفي المرض المتقدم، حللت التعبير الجيني في 14 نوعاً من خلايا الدماغ لفهم الاختلافات في كيفية تقدم المرض في كلا الجنسين. خلل تنظيم الجينات

وأظهرت الفئران الإناث «تأثيراً متأرجحاً» عند حدوث خلل في تنظيم الجينات، حيث حاولت الخلايا التي تعبّر عن الجين الطبيعي تعويض الخلايا التي تحتوي على الجين المتحور.

وهذا التوازن في التعبير الجيني ذهاباً وإياباً الذي يُرى بشكل أساسي في الخلايا العصبية في وقت مبكر أو مع تطور الأعراض في المراحل اللاحقة، يسلط الضوء على كيفية محاولة أدمغة الإناث للحفاظ على التوازن مع تقدم المرض، حيث يكون الاختلال أسوأ في المراحل المبكرة، لكنه يستقر بمرور الوقت.

كما أظهرت الدراسة أيضاً أن الفئران الإناث لديها عدد أكبر من الجينات غير المنظمة قبل ظهور الأعراض مقارنة بالوقت الذي تظهر فيه لاحقاً، حيث تحتوي خلايا الدماغ في الإناث المصابات بـ«متلازمة ريت» على نمط فسيفسائي من التعبير الجيني يعبّر نصف خلاياها عن جين MECP2 الطبيعي ويعبّر النصف الآخر عن الجين المتحور.وهذا يتناقض مع التوقعات بأن اختلال تنظيم الجينات يرتبط ارتباطاً مباشراً بشدة الأعراض؛ ما يشير إلى وجود عملية تنظيمية معقدة.

وأكدت جانين لاسال أن نماذج الفئران الأنثوية أكثر أهمية للبحوث البشرية؛ لأنها تعكس بشكل أفضل التعبير الفسيفسائي لجين MECP2 الموجود لدى الفتيات المصابات بـ«متلازمة ريت». ولا تلتقط الفئران الذكور التي تُستخدم غالباً في الأبحاث هذا التعقيد الفسيفسائي، حيث لا يمتلك الذكور سوى كروموسوم «إكس» واحد؛ ما يعني أن جميع خلاياهم تتأثر بطفرة الجين MECP2.

جين يرتبط بأمراض أخرى

وربط الباحثون أيضاً طفرة MECP2 بمسارات أخرى مثل تلك التي تشارك في مرض ألزهايمر والإدمان؛ وهو ما يشير إلى أن الطفرة قد يكون لها آثار أوسع نطاقاً تتجاوز «متلازمة ريت»، وقد تؤثر على حالات عصبية أخرى.