إسرائيل تعتبر الحرب الثالثة مع لبنان «مسألة وقت»

قالت إنها تراقب أزمته الاقتصادية الخطيرة المترافقة مع فراغ في السلطة

عناصر من «حزب الله» يعلقون علمهم على السور الحدودي بين لبنان وإسرائيل في مايو (أ.ف.ب)
عناصر من «حزب الله» يعلقون علمهم على السور الحدودي بين لبنان وإسرائيل في مايو (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعتبر الحرب الثالثة مع لبنان «مسألة وقت»

عناصر من «حزب الله» يعلقون علمهم على السور الحدودي بين لبنان وإسرائيل في مايو (أ.ف.ب)
عناصر من «حزب الله» يعلقون علمهم على السور الحدودي بين لبنان وإسرائيل في مايو (أ.ف.ب)

في الوقت الذي اعتبر فيه مسؤول أمني إسرائيلي رفيع بأن «حرب لبنان الثالثة مسألة وقت فحسب»، أعلن رئيس الوزراء نفتالي بنيت، أن الجيش الإسرائيلي يقف على أهبة الاستعداد لمواجهة التطورات في هذا البلد المنهار.
وكان بنيت يتكلم في مستهل جلسة الحكومة الأسبوعية، أمس الأحد، فقال: «الدولة اللبنانية توجد على حافة الانهيار، مثلها مثل جميع الدول التي تستولي عليها إيران، وهذه المرة المواطنون اللبنانيون يدفعون الثمن. نتابع الأوضاع هناك من كثب؛ أنا ووزير الدفاع ووزير الخارجية، وسنبقى على أهبة الاستعداد»، لافتاً إلى «ضبط قوات جيش الدفاع والشرطة مسدسات بقيمة ملايين الشواقل جرى تهريبها إلى إسرائيل، وهذا مجرد مثال واحد من بين أمثلة عديدة. سنواصل المتابعة».
وكان مسؤول أمنى وُصف بأنه رفيع جداً، هدد خلال حديث مع موقع «واللا» الإخباري، أمس، بحرب ثالثة؛ لأن «لبنان يواجه أزمة اقتصادية خطيرة تترافق مع فراغ في السلطة، وإيران و(حزب الله) يسعيان إلى توسيع سيطرتهما على البلد». وقال: «(حزب الله) بدأ بدعم المنتجات الغذائية والوقود، وفتح شبكات صرافة آلية للمواطنين الشيعة فقط، وذلك في الوقت الذي ينهار فيه الجهاز المصرفي في لبنان عموماً، ومحطات الوقود ترفع الأسعار بشكل كبير بسبب النقص الشديد في السوق. ونلاحظ أن لبنان يشهد تحولات خطيرة في السنة الأخيرة؛ أبرزها استمرار تطوير وتقدم مشروع (حزب الله) بتحسين دقة الصواريخ، الذي يهدد الجبهة الداخلية الإسرائيلية عموماً، ومنشآت استراتيجية مثل محطات توليد الكهرباء والبنية التحتية المائية ورموز الحكم خصوصاً. وهو يواصل التسلح بمنظومات دفاع جوي تهدد حرية عمل سلاح الجو الإسرائيلي في المجال اللبناني والمنطقة. وهذه قضية مقلقة جداً».
وقال المسؤول الإسرائيلي إن «وضع الجيش اللبناني يثير قلقاً كبيراً؛ فهو يتفكك وتنخفض هيبته. ومعروف أن ضعف الجيش يقوي (حزب الله) ويساعده في السيطرة على منظومات أسلحة؛ مثل دبابات وطائرات وأسلحة أخرى». وعن الدور الإسرائيلي، قال المسؤول الأمني إن حكومته توجهت إلى الإدارة الأميركية وطرحت أمامها صورة الأوضاع في لبنان.
وتابع المسؤول الرفيع أن «حزب الله» يمنع «حتى التقدم في المفاوضات حول الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان، ويمنع السلطات اللبنانية من التوصل لتسوية في موضوع إلقاء كميات كبيرة من النفايات اللبنانية مقابل بلدة المطلة الإسرائيلية، رغم تدخل قوات (يونيفيل)». وشدد على أن إسرائيل طلبت من الإدارة الأميركية، «دعم وتعزيز الجيش اللبناني، من أجل منع نشوء فراغ آخر في المجال الأمني سيدخل إليه (حزب الله) وإيران بسرعة». وقال أيضاً إن «الجيش الإسرائيلي يعزز قدراته، لمواجهة القدرات الفتاكة لـ(حزب الله) وتعقيدات مواجهة مسلحة في لبنان؛ التي تستوجب اجتياحاً برياً عميقاً». وأكد أن «التطورات في لبنان تلزم الحكومة الإسرائيلية بحسم كثير من المسائل المتعلقة ببناء قوة (حزب الله)، الذي يحصل بشكل متواصل على مساعدات من إيران».
في السياق، كشف مصدر سياسي في تل أبيب عن أن وزير الأمن الإسرائيلي بيني غانتس، ووزير المالية أفيغدور ليبرمان، يتداولان في دفع خطة لإنهاء إنجاز الجدار الأمني المتطور على طول الحدود بين إسرائيل ولبنان، بتكلفة مليار شيقل (الدولار يساوي 3.34 شيقل)، وذلك لمواجهة خطط «حزب الله» في التسلل إلى بلدات إسرائيلية.



لا موعد لعودة هوكستين ولا مكان للتقدم لتطبيق الـ1701

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
TT

لا موعد لعودة هوكستين ولا مكان للتقدم لتطبيق الـ1701

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)

الترويج لمعاودة الوسيط الأميركي آموس هوكستين تحركه بين بيروت وتل أبيب للتوصل لوقف النار يبقى في إطاره الإعلامي، ما دام رئيسا المجلس النيابي نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لم يتبلغا بموعد عودته ولا بتحقيق بعض التقدم في زيارته الأخيرة لإسرائيل، وإلا فلماذا اضطر للعودة إلى واشنطن بدلاً من أن يعرج على بيروت لإطلاعهما على الأجواء التي سادت اجتماعه برئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو؟

وتقول مصادر سياسية إن مواصلته للوساطة الأميركية بين لبنان وإسرائيل للتوصل إلى وقف للنار تمهيداً لنشر الجيش اللبناني، إلى جانب قوات الطوارئ الدولية «يونيفيل» في جنوب الليطاني لتطبيق القرار الدولي 1701 بعد الاتفاق على آلية تنفيذه، تبقى عالقة على نتائج السباق الرئاسي إلى البيت الأبيض بين الرئيس السابق دونالد ترمب ومنافسته كامالا هاريس، والتي ستظهر تدريجياً في الساعات المقبلة.

وساطة هوكستين وسباق الرئاسة الأميركية

وتؤكد مصادر سياسية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» أن مصير الوساطة التي يتولاها هوكستين لنزع فتيل التفجير بين إسرائيل و«حزب الله» يتوقف على من سيحسم السباق الرئاسي الأميركي. وتقول إن انتخاب هاريس من شأنه أن يسهّل مهمته ويتيح له الاستقواء بوصولها إلى البيت الأبيض على نحو يمكّنه من وضع حد للابتزاز الذي يمارسه نتنياهو؛ لأنه سيكون في وسعها الاستعانة بالرئيس الحالي جو بايدن لوضع تطبيق الـ1701 على نار حامية، حتى قبل أن تبدأ ممارسة صلاحياتها الرئاسية في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، هذا في حال أنها حسمت أمرها وقررت إخراج الوساطة من المراوحة، أسوة بتلك التي أصابت مفاوضات غزة.

وترى المصادر ذاتها أن فوز ترمب بالرئاسة قد يؤدي إلى تمديد أمد المراوحة التي يحاول نتنياهو الإفادة منها لمواصلة تدمير القرى الأمامية التي لم تعد صالحة للإقامة فيها.

فوز ترمب يمدد فترة تفلت نتنياهو

وتخشى المصادر نفسها أن انشغال ترمب في تشكيل إدارته بالبيت الأبيض سيؤدي حتماً إلى تمديد فترة «السماح» لنتنياهو لترتيب الوضع في القرى الأمامية الحدودية، ولكن على طريقته، بما يمكّنه من انتزاع موافقة الحكومة اللبنانية للتسليم بتفسيره لتطبيق القرار الدولي استباقاً لإعادة ترتيب الوضع في المنطقة، آخذاً بعين الاعتبار إطباق الحصار على إيران والقضاء على أذرعها، بدءاً بـ«حزب الله»، بقطع كل أشكال الإمداد العسكري والمالي له، بالتلازم مع استهدافه للبنية الاقتصادية، ليس للحزب فقط، وإنما للطائفة الشيعية، وهذا ما يفسّر تدميره للأسواق والمصانع والمؤسسات والمرافق الحيوية التي لا غنى عنها للنهوض مجدداً بهذه المناطق.

وفي هذا السياق، تسأل المصادر عمّا إذا كان وصول ترمب يشكل محطة لاختبار مدى جديته بإنهاء الحروب، بدءاً بإعادة الهدوء المستدام إلى الجنوب، انسجاماً مع وعوده التي قطعها في لقاءاته مع الاغتراب اللبناني. فهل يضغط على إسرائيل لتطبيق الـ1701 بكل مندرجاته؟

استعصاء نتنياهو

وتستغرب المصادر السياسية وضع اللائمة على لبنان بتحميله مسؤولية إضاعته للفرص التي أتيحت لتطبيق الـ1701، وتقول إن نتنياهو هو من يستعصي ويتمرّد على الإدارة الأميركية برفضه التجاوب مع الإطار العام الذي اتفق عليه هوكستين مع بري لتسهيل تنفيذ القرار، وذلك بمطالبته بإدخال تعديلات عليه غير قابلة للتنفيذ، من وجهة النظر اللبنانية، كونها تجيز له استمرار تحليق الطيران الحربي والاستطلاعي في الأجواء اللبنانية، وتعطيه الحق بالتوغل في منطقة جنوب الليطاني ولو من باب الشبهة، بذريعة أن هناك من يعدّ لتحرك يراد منه تهديد أمن إسرائيل.

وتكشف المصادر عن أن هوكستين كان قد أبلغ مسؤولين لبنانيين، وهو في طريقه إلى تل أبيب للقاء نتنياهو، أن الأجواء إيجابية وتفتح الباب أمام التوصل لوقف النار. وتقول إنه تحدث لاحقاً عن حصول تقدُّم بقي إعلامياً، مع أنه، كما نُقل عنه، أمهل نتنياهو بعض الوقت نزولاً عند رغبته، ما أوحى له بأن للبحث صلة على طريق إنهاء الحرب.

نتنياهو يسعى لترتيبات أمنية

لكن، تبين بحسب المصادر أن لا أساس للتقدم الذي تحدث عنه هوكستين، وإلا فلماذا يوسع نتنياهو تدميره وحرقه للقرى؟ ما يدعو للتساؤل عمّا إذا كان يود خوض المفاوضات على طريقته، وتحت النار، للضغط على لبنان للتسليم له بإدخال «ترتيبات أمنية» على الـ1701، يمكن أن تسمح له بتفريغه من مضامينه، مع أن لبنان أقر بأن لا مفر من تطبيقه على قاعدة الاعتراف بالاستعداد للدخول في مرحلة سياسية جديدة غير تلك القائمة حالياً، وأدت إلى تعطيل تنفيذ القرار.

وترى المصادر أنه لم يعد من مبرر للربط بين جبهتي غزة والجنوب، وأنه لا بد من الفصل بينهما لعدم توفير الذريعة لنتنياهو للتفلت من وقف حربه على لبنان بتطبيق الـ1701، مع أنه لم يكن من ضرورة لإسناد «حزب الله» لغزة، الذي شكل بتفرُّده بقرار السلم والحرب إحراجاً للحكومة عربياً ودولياً، باعتبارها صاحبة الصلاحية في اتخاذه، فيما افتقد الحزب إلى من يناصره، بخلاف وحدة الساحات التي يدعو لها محور الممانعة بقيادة إيران، وهذا ما ألقى عليه عبء المواجهة منفرداً.