الجزائر: الجنرال نزار يواجه قضية فساد مالي بعد تبرئته في «التآمر»

27 قتيلاً في حادثي سير

مواطنون في باحة وسط العاصمة الجزائرية أول من أمس (رويترز)
مواطنون في باحة وسط العاصمة الجزائرية أول من أمس (رويترز)
TT

الجزائر: الجنرال نزار يواجه قضية فساد مالي بعد تبرئته في «التآمر»

مواطنون في باحة وسط العاصمة الجزائرية أول من أمس (رويترز)
مواطنون في باحة وسط العاصمة الجزائرية أول من أمس (رويترز)

بدأ قاضي التحقيق بمحكمة في العاصمة الجزائرية، الخميس الماضي، استجواب وزير الدفاع سابقاً اللواء المتقاعد خالد نزار، في قضية فساد تخص مؤسسته العائلية لخدمات الإنترنت. وغادر من يوصف بـ«صاحب السيجار»، المحكمة من دون أن توجه له التهمة، لكن مصدراً قضائياً أكد لـ«الشرق الأوسط» أنه سيعاد استدعاؤه بحكم أن التحريات في الملف طويلة.
وحرصت السلطات القضائية على أن يبقى استدعاء نزار (83 سنة) إلى «محكمة سيدي امحمد»، «سراً» بعيداً عن أعين الصحافيين لحساسية كل ما يتعلق بالرجل شخصياً وأبنائه وماضيه في المؤسسة العسكرية، ودوره البارز في الوقوف حائلاً دون وصول الإسلاميين إلى السلطة، مطلع تسعينات القرن الماضي.
وحسب المصدر القضائي نفسه، سأل قاضي التحقيق نزار حول اتهامات وجهها له مولود مغزي، شريكه في المؤسسة التي تأسست عام 2000، وهو في الوقت نفسه ابن شقيقة زوجته. وتتمثل الاتهامات في «التزوير والاحتيال» و«غسل أموال وتحويلها إلى الخارج». وتتعلق الوقائع، حسب الشاكي الذي كان يشتغل في الولايات المتحدة خبيراً في التكنولوجيات الحديثة، في تزوير عقود ملكية الشركة، إذ أضحى شريكاً صاحب نسبة 5 في المائة فقط من الأسهم، بعدما كان مساهماً بنسبة 40 في المائة، حسب إفادته أمام القضاء.
وقد أودع مغزي الشكوى في 2019، في وقت كان فيه نزار وابنه لطفي (شريك أيضاً في المؤسسة) لاجئين بإسبانيا، بسبب أمر دولي بالقبض عليهما، صدر عن محكمة عسكرية، حركه ضدهما رئيس أركان الجيش آنذاك، الراجل الفريق قايد صالح، في القضية الشهيرة المعروفة بـ«التآمر على سلطتي الدولة والجيش».
ونشر مغزي فيديو بثه على «يوتيوب» يتهجم فيه على نزار؛ أهم ما جاء فيه أنه «وظف نفوذه في الجيش واستغل رتبته العسكرية، كي يستحوذ على أسهمي في الشركة». هذا العمل كان سبباً في اعتقاله، واتهامه بـ«إضعاف معنويات الجيش» و«المس بالوحدة الوطنية والنظام العام»، وحكم عليه القضاء في فبراير (شباط) الماضي بالسجن عامين مع التنفيذ. وغضب مغزي بعد النطق بالحكم، واحتج على كونه «تحول من ضحية إلى جاني».
وأوضح المصدر القضائي نفسه، أن قاضي التحقيق واجهه بتفاصيل تحريات أمنية قادها ضده مدير الأمن الداخلي السابق، واسيني بوعزة، الذي يوجد في السجن حالياً، تخص اتهامات بالفساد. وقال عبد الرحيم بوحنة محامي مغزي لـ«الشرق الأوسط»، إن واسيني استدعى الشاكي عدة مرات إلى مكتبه بإيعاز من قايد صالح، لسماعه بشأن وقائع الفساد. وكان الغرض من المسعى، حسب المحامي، إطلاق مذكرة اعتقال دولية أخرى للقبض على نزار صادرة عن محكمة مدنية، تتضمن وقائع رشى وغسل أموال، على أمل أن يأخذ بها القضاء الإسباني فيسلمه للجزائر.
وقال بوحنة إنه «يتعجب لماذا لم يستمع قاضي التحقيق لموكلي، لأنه الطرف الأساسي في القضية بحكم أنه صاحب الشكوى».
ونقل المصدر القضائي ذاته عن نزار قوله لقاضي التحقيق إن اتهامات بالفساد المالي «لا أساس له» وبأنها «من تلفيق قايد صالح ومدير المخابرات بوعزة». ومبرر ذلك، من وجهة نظره، أنه انتقد الجنرال صالح وتعامله «الخشن» مع الحراك في أشهره الأولى. كما تحدث نزار، حسب المصدر، عن تغريدات له من إسبانيا ضد مسؤول الجيش سابقاً، «زادت من حرصه على الصاق تهم بي».
وتوفي صالح في 23 ديسمبر (كانون الأول) 2019، وكان ذلك سبباً في توقيف المسار القضائي الذي أخذه «ملف نزار». وبعدها بسنة، عاد وزير الدفاع الأسبق إلى الجزائر في طائرة رئاسية. وفي اليوم الموالي، توجه إلى المحكمة العسكرية، حيث أبلغ بإنهاء المتابعة ضده في «قضية التآمر»، في حين بقي «ملف الفساد» يلاحقه.
وعلى جانب آخر، قضى 27 شخصاً على الأقل، مساء الجمعة، في حادثي سير في الجزائر، وفق ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية السبت عن وسائل إعلام محلية.
وأوردت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية أن 18 شخصاً بينهم ستة أطفال قضوا مساء الجمعة جراء اصطدام بين حافلة ركاب وشاحنة على طريق تربط بين قسنطينة وجيجل في شمال شرقي البلاد.
وفي برج باحي مختار في أقصى جنوب البلاد، أوقع اصطدام بين عربة رباعية الدفع وشاحنة تسع وفيات، وفق قناة «الحياة» التلفزيونية الجزائرية. وأفادت القناة بأن أسباب الحادث قد تكون سوء الرؤية في هذه المنطقة الصحراوية. وتعد الطرق في الجزائر من الأخطر في المنطقة.
وبحسب «المندوبية الوطنية للسلامة المرورية»، وهي هيئة حكومية، قضى 3275 شخصاً في حوادث سير في الجزائر في عام 2019، فيما أصيب أكثر من 30 ألفاً، وذلك في حصيلة سجلت تراجعاً طفيفاً مقارنة بالسنوات السابقة.
وتعد السرعة، لا سيما بالنسبة لسائقي سيارات النقل المشترك، السبب الأبرز لحوادث السير في الجزائر.



«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
TT

«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)

تثير تحركات تشكيل «حكومة موازية» في السودان، مخاوف مصرية من تفكك البلاد، التي تعاني من حرب داخلية اندلعت قبل نحو عام ونصف العام، وشردت الملايين. وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن «بلاده مع استقرار السودان ومع بسط سيادته على كل الأراضي السودانية»، مشيراً إلى أن «هذا أمر ثابت في السياسة الخارجية المصرية ولا يمكن أن تتزحزح عنه».

واعتبر وزير الخارجية، في مؤتمر صحافي مشترك، مع المفوضة الأوروبية لشؤون المتوسط دوبرافكا سويتشا، «تشكيل أي أطر موازية قد تؤدي إلى تفكك الدولة السودانية خطاً أحمر بالنسبة لمصر ومرفوضاً تماماً»، مضيفاً: «ندعم الشرعية. ندعم مؤسسات الدولة السودانية، وندعم الدولة، لا ندعم أشخاصاً بأعينهم».

ويرى خبراء ومراقبون، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن الموقف السياسي المصري الداعم بقوة لمؤسسات الدولة، والرافض لتشكيل أي أطر موازية، هدفه حماية السودان من التمزق، لكنه يظل رهن تباينات إقليمية تعقد حل الأزمة.

ويمهد توقيع «قوات الدعم السريع» وحركات مسلحة وقوى سياسية ومدنية متحالفة معها بنيروبي، الأسبوع الماضي، على «الميثاق التأسيسي»، الطريق لإعلان حكومة أخرى موازية في السودان، في مواجهة الحكومة التي يقودها رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، وتتخذ من مدينة بورتسودان مقراً لها.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من القاهرة، قبل أيام، عدَّ وزير الخارجية السوداني، علي يوسف الشريف، أن تحرك تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة قوات «الدعم السريع» لا يحظى باعتراف دولي، مشيراً إلى أن «دولاً إقليمية ودولية تدعم موقف بلاده في هذه القضية».

وجددت مصر، الأحد، رفضها مساعي تشكيل «حكومة موازية» بالسودان، ووصفت الخارجية المصرية، في بيان رسمي، الأحد، ذلك، بأنه «محاولة تهدد وحدة وسيادة وسلامة أراضي السودان».

وأضاف البيان أن تشكيل حكومة سودانية موازية «يُعقد المشهد في السودان، ويعوق الجهود الجارية لتوحيد الرؤى بين القوى السودانية، ويفاقم الأوضاع الإنسانية»، فيما طالبت كافة القوى السودانية بتغليب المصلحة الوطنية العليا للبلاد والانخراط في إطلاق عملية سياسية شاملة دون إقصاء أو تدخلات خارجية.

وحسب الوزير المصري عبد العاطي، فإن «مصر على تواصل مع كل الأطراف المعنية لنقل وجهه نظرها وموقفها الواضح والثابت»، وأضاف: «بالتأكيد نحن مع السودان كدولة، ومع السودان كمؤسسات، ومع السودان بطبيعة الحال لفرض سيادته وسيطرته على كل الأراضي السودانية».

وتستهدف مصر من رفض مسار الحكومة الموازية «دعم المؤسسات الوطنية في السودان، حفاظاً على وحدته واستقراره، وسلامته الإقليمية»، وفق عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر تعمل على حشد الدعم الدولي والإقليمي لوقف الحرب ونفاذ المساعدات الإنسانية، ووضع خطط لإعادة الإعمار».

وتنظر القاهرة لحكومة بورتسودان باعتبارها الممثل الشرعي للسودان، والمعترف بها دولياً، وفق حليمة، ودلل على ذلك بـ«دعوة رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، للأمم المتحدة، وزيارة دول مختلفة، كممثل شرعي عن بلاده».

وترأس البرهان وفد السودان، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويعتقد حليمة أن إجهاض مساعي «الحكومة الموازية» لن يتحقق سوى بـ«التوافق على مسار سياسي، من خلال حوار سوداني - سوداني، تشارك فيه كل الأطراف، ويفضي لتشكيل حكومة مدنية مستقلة لفترة انتقالية»، وطالب بالبناء على مبادرة مصر باستضافة مؤتمر للقوى السياسية السودانية العام الماضي.

وجمعت القاهرة، في شهر يوليو (تموز) الماضي، لأول مرة، الفرقاء المدنيين في الساحة السياسية السودانية، في مؤتمر عُقد تحت شعار «معاً لوقف الحرب»، وناقش ثلاث ملفات لإنهاء الأزمة السودانية، تضمنت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية ما بعد الحرب».

في المقابل، يرى المحلل السياسي السوداني، عبد المنعم أبو إدريس، أن «التحركات المصرية تواجه تحديات معقدة، بسبب دعم دول إقليمية مؤثرة للقوى الساعية لتشكيل حكومة موازية، في مقدمتها (الدعم السريع)»، مشيراً إلى أن «الموقف المصري مرهون بقدرتها على تجاوز الرفض الدبلوماسي، وقيادة تحركات مع الفرقاء السودانيين وحلفائها في الإقليم».

ويعتقد أبو إدريس، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن اختراق القاهرة لأزمة «الحكومة الموازية»، «لن يكون سهلاً، في ضوء تأثير الجهات الدولية والأطراف الداعمة للقوى السودانية التي تقف خلف هذه الحكومة»، وقال إن «مصر تخشى أن تقود تلك التحركات إلى انفصال جديد في السودان، ما يمثل تهديداً لمصالحها الاستراتيجية».

ورغم هذه الصعوبات، يرى القيادي بالكتلة الديمقراطية السودانية، مبارك أردول، أن الموقف المصري مهم في مواجهة الأطراف الإقليمية الداعمة لمسار الحكومة الموازية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رفض القاهرة يؤكد أن السودان لا يقف وحده في هذه الأزمة»، وأن «هناك أطرافاً إقليمية داعمة لوحدة واستقرار السودان».

وتعتقد مديرة وحدة أفريقيا في «مركز الأهرام للدراسات السياسية»، أماني الطويل، أن «المواقف الرافضة لهذه الحكومة، التي صدرت من مصر والأمم المتحدة ودول أخرى، يمكن أن تُضعف من الاعتراف الدولي والإقليمي للحكومة الموازية، دون أن تلغيها».

وباعتقاد الطويل، «سيستمر مسار الحكومة الموازية بسبب رغبة شركات عالمية في الاستفادة من موارد السودان، ولن يتحقق لها ذلك إلا في وجود سلطة هشّة في السودان»، وقالت: «الإجهاض الحقيقي لتلك التحركات يعتمد على التفاعلات الداخلية بالسودان، أكثر من الموقف الدولي، خصوصاً قدرة الجيش السوداني على استعادة كامل الأراضي التي تسيطر عليها (الدعم السريع) وخصوصاً دارفور».