في الوقت الذي تسعى فيه منظمات وجمعيات دولية ومحلية لمعرفة مصير منصور عاطي المغربي رئيس جمعية الهلال الأحمر فرع أجدابيا (شرق ليبيا) المخطوف من قبل مسلحين مجهولين منذ الثالث من يونيو (حزيران) الماضي، أعلنت الشركة العامة للكهرباء، أمس، عن اختفاء مساعد مدير عام إدارة التوزيع المهندس عبد الله حمودة في ظروف غامضة منذ مساء أول من أمس.
وعرفت ليبيا الإخفاء القسري مبكراً فور اندلاع الثورة في 17 فبراير (شباط) عام 2011، وما أعقبها من انفلات أمني، لكن هذه الجرائم زادت حدتها على خلفيات سياسية بين المناطق والمدن المؤيدة لـ«الثورة» التي أسقطت نظام معمر القذافي، والمعارضة لها، وتنامت هذه الظاهرة كثيراً بعد الانقسام السياسي الذي ضرب البلاد عام 2014 بهدف «تصفية الحسابات السياسية بين الخصوم».
ودعت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، أجهزة الأمن، للتصدي لعمليات الخطف على الهوية، مطالبة السلطات بتطبيق القوانين الخاصة بالاختفاء القسري. واعتبر رئيس اللجنة أحمد عبد الحكيم حمزة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن هذه الظاهرة «لن تنتهي في ظل انتشار السلاح وغياب وفشل الأجهزة الأمنية في التصدي لها».
من جهتها، أهابت شركة الكهرباء في العاصمة طرابلس، بمن يعرف أي معلومة عن حمودة أن يبادر بسرعة بالاتصال بوزارة الداخلية أو الشركة، وقالت: «إنه لم ترد أي معلومات عنه حتى هذه الساعة، وهاتفه الجوال مغلق طوال الوقت».
ومنذ بدايات شهر يونيو (حزيران) الماضي، يكثف أصدقاء الليبي منصور المغربي البحث عنه، ومطالبة الأجهزة الشرطية في البلاد بضرورة التحرك لمعرفة المتورطين في خطفه و«حمايته من التعذيب».
واختفى المغربي قرب مقر عمله بإدارة الهلال الأحمر في أجدابيا، التي تبعد عن مدينة بنغازي 180 كيلومتراً (غرب). وعلى هذا الأساس، طالبت منظمة العفو الدولية «الجيش الوطني» بالعمل على إطلاقه «لكونه المسيطر الفعلي على المنطقة التي اختفى فيها».
ودللت أسرة المغربي وأصدقاؤه على «خطفه» بوجود سيارته قرب مقر عمله، في حين لم يعثروا عليه لدى الجهات الأمنية الرسمية أو في المستشفيات أو المراكز الطبية، لكن البعض يرجع خطفه لأسباب تبدو سياسية.
وتعاني ليبيا من انتشار حالات الإخفاء القسري في عموم البلاد، التي تشمل سياسيين وموظفين عموميين ومواطنين عاديين، لأسباب تحكمها الاختلافات السياسية والجهوية، وعادة ما تنجح الأجهزة الأمنية في الإفراج عن بعضهم، بينما يظل مصير البعض الآخر يلفه الغموض.
ووقعت عمليات إخفاء قسري عديدة على عداوة سياسية أوجدتها الحرب على طرابلس، التي توقفت مطلع يونيو (حزيران) العام الماضي، وهو ما دفع وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا إلى مطالبة اللجنة العسكرية المشتركة «5+5»، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري وقائد «الجيش الوطني» المشير خليفة حفتر، بالعمل على «إنهاء حالة الحجز القسري لحريات المعتقلين المأسورة حرياتهم جراء المواجهات العسكرية»، وكشف مصير المفقودين أثناء تلك المواجهات.
وكثيراً ما عثر صدفة على جثث لمواطنين مدفونين في مناطق جبلية، كانت قد أبلغت عائلاتهم عن اختفائهم. وأعلن صلاح رمضان مدير فرع جمعية الهلال الأحمر بمدينة القبة بشرق ليبيا، أمس، العثور على رفات شخص بإحدى المزارع في منطقة الظهر الحمر جنوب المدينة، وقد عثر عليه مواطن خلال تجريفه أرض مزرعته.
وقال رمضان وفقاً لـ«وكالة الأنباء» الليبية (وال): «يبدو أن المزرعة كانت موقعاً تمركزت فيه (مجموعة إرهابية) فيما سبق واتخذتها مكاناً لدفن الجثث»، لافتاً إلى أن البحث جارٍ للتأكد من وجود رفات لآخرين.
وعبّرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن قلقها بشأن عمليات الاختفاء القسري، ودعت للإفراج غير المشروط عن المغربي، وجميع المختفين، وحثت جميع السلطات العسكرية والأمنية ضمان إجراء تحقيق «سريع وشامل وشفاف» في عمليات الاختفاء القسري. وانتهت إلى أن «جميع حالات الاعتقال والاحتجاز، يجب أن تتم بناء على إجراءات قانونية، وبما يكفل سيادة القانون».
الإخفاء القسري... وسيلة للثأر من «الأعداء السياسيين» بليبيا
الإخفاء القسري... وسيلة للثأر من «الأعداء السياسيين» بليبيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة