التحالف الحاكم في السودان يوحّد صفوفه خلف حمدوك

المدنيون يتفقون على بداية جديدة مع الشركاء العسكريين لإنقاذ المرحلة الانتقالية

رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (أ.ب)
رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (أ.ب)
TT

التحالف الحاكم في السودان يوحّد صفوفه خلف حمدوك

رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (أ.ب)
رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (أ.ب)

استجابت قوى «تحالف إعلان الحرية والتغيير والجبهة الثورية السودانية» لمبادرة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك لتوحيد «قوى الثورة»، وأعلنت عن «وحدة كاملة»، وتكوين هياكل قيادية جديدة، وإجراء اتصالات مكثفة مع القوى غير المشاركة في التحالف الحاكم.
ويتكون التحالف الجديد من «قوى إعلان الحرية والتغيير» ذات الميول اليسارية والوسطية (التجمع الاتحادي والمؤتمر السوداني والبعث العربي الاشتراكي والقوى المدنية والنقابية»، إلى جانب حزب الأمة القومي، أحد أكبر الأحزاب السياسية، وتحالف الجبهة الثورية الذي يضم الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا، وتجمعات إقليمية أبرزها «حركة العدل والمساواة، وحركة تحرير السودان، والحركة الشعبية لتحرير السودان - جناح مالك عقار».
وقاد تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير الثورة التي أسقطت نظام الإسلاميين، بقيادة الرئيس المعزول عمر البشير، وهو عبارة عن تحالفات مكونة من «تحالف قوى الإجماع الوطني، وتحالف نداء السودان، وتجمع المهنيين السودانيين، وقوى المجتمع المدني، ولجان المقاومة الشعبية»، وكان الحزب الشيوعي السوداني أحد مكونات التحالف الحاكم قبل أن يعلن انسلاخه عنه بعيد تكوين الحكومة الانتقالية.
وقال التحالف الحاكم «الحرية والتغيير»، في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إنه استجابة لمبادرة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الرامية لتوحيد مكونات الانتقال، فإن كلاً من المجلس المركزي للحرية والتغيير، وحزب الأمة القومي، والجبهة الثورية السودانية، أعلنوا «وحدتهم الكاملة».
ووفقاً للبيان، اتفقت الأطراف الثلاثة على تشكيل ثلاثة هياكل قيادية جديدة، تتمثل في الهيئة العامة للتحالف بصفتها إطاراً تنظيمياً لتمثيل «قوى الثورة» كافة، والمجلس المركزي الذي يقوم بواجبات القيادة وتنفيذ استراتيجية الهيئة العامة، والمجلس القيادي المعني بتصريف برنامج العمل اليومي، فضلاً عن تحديد تكوين الأجسام القيادية، وصلاحيات كل مؤسسة منها.
وأكد البيان على توافق التحالف على «تمثيل النساء» بصورة عادلة مستحقة بعد إجراء مشاورات موسعة مع المنظمات النسوية المنضوية تحت لواء إعلان الحرية والتغيير، وتوافق الأطراف على إجراء اتصالات موسعة مع الأطراف التي لم تشارك في التكوين الجديد وشركاء الفترة الانتقالية، والتحرك «نحو بداية جديدة هي الأوسع شمولاً لحاضنة توفر الدعم للحكومة والفترة الانتقالية، وتخدم مصالح البلاد العُليا».
وأبدت القوى المتحالفة إدراكها لأهمية ما أطلقت عليه «العمل المشترك بين القوى المدنية والمُكوِّن العسكري»، وأثره على إنجاح الفترة الانتقالية للوصول إلى دولة مدنية ديمقراطية وانتخابات حرة نزيهة بنهاية الانتقال، وتسليم السلطة للشعب عبر التداول السلمي، وسد النواقص ومعالجة الأخطاء التي صاحبت الفترة الأولى، وتوفير السند الشعبي لحكومة الثورة، وفقاً لأولويات واضحة محددة.
وبعد توقيع الوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الانتقالية وتكوين الحكومة، تصدع تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير، على الرغم من سيطرته على الجهاز التنفيذي الذي كونه منفرداً، وحصل على حق تسمية ثلثي أعضاء المجلس التشريعي، ونتج عن ذلك خروج الحزب الشيوعي، وتجميد حزب الأمة لعضويته فيه.
وأضعفت انقسامات التحالف الحاكم الحكومة الانتقالية، وهو ما دفع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك إلى تقديم مبادرته الشهيرة الداعية لتوحيد قوى الثورة من جهة، ووقف التجاذبات بين المكون المدني والمكون العسكري، والتجاذبات داخل المكون المدني نفسه، وتجاذبات المكون العسكري، وعدها سبيلاً وحيداً لبقاء السودان أو تمزقه.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.