الكاظمي يتعهد محاربة الفساد في ملف الكهرباء

العراق أنفق 80 مليار دولار على الطاقة بدون حل المشكلة

TT

الكاظمي يتعهد محاربة الفساد في ملف الكهرباء

ما زالت حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي تواجه انتقادات وضغوطاً متزايدة نتيجة التراجع في ملف الكهرباء، وعدم قدرتها على تأمين معدلات إنتاج مرتفعة للطاقة لسد حاجة المواطنين والمؤسسات العامة والخاصة، في ظل الارتفاع الشديد بدرجة حرارة الجو.
وتشهد البلاد منذ نحو أسبوعين أزمة حادة في الكهرباء نتيجة إيقاف إمدادات الغاز الإيراني والهجمات الإرهابية المتكررة على أبراج الطاقة الفائقة، إلى جانب المشاكل العديدة المورثة من الحكومات السابقة في هذا الملف. وذلك كله دفع الحكومة، الأسبوع الماضي، إلى تشكيل خلية أزمة وتشكيل قوة خاصة لحماية أبراج الكهرباء.
وقال الكاظمي خلال زيارته إلى مقر وزارة الكهرباء، أمس (السبت)، طبقاً لبيان صادر عن مكتبه، إن بلاده «سبق أن أنفقت ما يقرب من 80 مليار دولار على قطاع الكهرباء منذ عام 2003. لكن الفساد كان عقبة قوية أمام توفير الطاقة للناس بشكل مستقر، وهو إنفاق غير معقول دون أن يصل إلى حل المشكلة من جذورها». وأضاف: «نتفهم غضب المواطنين، ونغضب لغضبهم، فالكهرباء اليوم تواجه نتائج سوء التخطيط المتراكم، مثلما تواجه الإرهاب وشروره في وقت واحد».
وكانت مناطق عدة في وسط وجنوب البلاد خرجت بمظاهرات احتجاجية ضد التراجع الشديد في إنتاج الكهرباء وضعف تراجع تجهيز منازل المواطنين، بحيث وصلت معدلاته في بعض الأيام إلى أقل من 6 ساعات خلال اليوم الواحد. واعترف الكاظمي بـعدم وجود حلول سريعة لمشكلة الكهرباء، لكنه وعد بوضع الحلول والإجراءات بأسرع أداء ممكن.
وكرر رفضه للذين يحاولون تحميل حكومته مسؤولية ما وصفه بـ«الخراب» في عموم مؤسسات الدولة، وخاصة في مجال الكهرباء، قائلاً إن «الخراب والفساد كانا متلازمين في جميع القطاعات، وقطاع الطاقة كان هو الأبرز بينها». وكشف عن أن «التحقيقات مستمرة لملاحقة صغار وكبار المفسدين في قطاع الكهرباء، هؤلاء مثلوا يداً آثمة ساعدت الإرهاب وخدمت أهدافه، ألقينا القبض بالفعل على عدد ممن صدرت بحقهم مذكرات قضائية إثر هذه التحقيقات».
وهاجم الكاظمي الجماعات الإرهابية التي تستهدف أبراج الطاقة، وأشار إلى جهات داعمة لتلك الأعمال ومتعاونة مع الإرهاب واتهمهم بمحاولة إعاقة الحياة في العراق، «وبعد أن عجزوا عن المواجهة مع قواتنا المسلحة البطلة، صاروا يستهدفون محطات وأبراج الطاقة الكهربائية بشكل متواصل». كما هاجم من وصفها بـ«قوى واهمة تعمل على ألا يصل العراق إلى الاكتفاء الذاتي في الطاقة والغاز، وتحاول إعاقة هذه الجهود بكل وسيلة».
وكان الكاظمي قد تساءل بمرارة الأسبوع الماضي عن مغزى أن «يشيد العراق طوال 17 سنة محطات توليد الطاقة الغازية مع عدم قدرة على توفير الغاز لها»، وعن سبب «عدم اتخاذ قرارات الربط الكهربائي مع دول الجوار ودول العالم طوال 17 سنة. وقد وجدنا أن البلد مرتبط فقط بشبكة مع إيران».
وأجرى الكاظمي، أمس، زيارة تفقدية إلى محطة كهرباء جنوب بغداد الغازية الثانية، رفقة عدد من المسؤولين في وزارة الكهرباء. وأصدر عدة توجيهات متعلقة بعمل المحطة وقطاع الإنتاج، لـ«تسهيل المهام وتجاوز الروتين واختصار الزمن والارتقاء بمستوى الخدمة المقدمة للمواطنين، إضافة إلى تفعيل الخطط الاستراتيجية القصيرة والمتوسطة والطويلة الأمد لحل المشاكل المزمنة في قطاع الكهرباء».
بدورها، دعت لجنة النفط والطاقة البرلمانية، أول من أمس، الحكومة إلى تأمين أبراج نقل الكهرباء قبل المضي في مشروع الربط مع دول الخليج والمملكة الأردنية. وقالت عضو اللجنة زهرة البجاري في تصريحات: «هناك تحسن نسبي شهدته الكهرباء نتيجة عودة المحطات والأبراج إلى الخدمة بعد توقف تام تعرضت له الأسبوع الماضي، خصوصاً أن العراق يعمل على تحسين طاقته الكهربائية في المستقبل من خلال الاعتماد على خطي الربط مع دول الخليج من جهة، والأردن وصولاً إلى مصر من جهة أخرى». وأضافت أن «التواصل في مجال الكهرباء مع دول الجوار التي تتمتع بطاقة فائضة أمر جيد ويحقق نتائج إيجابية، ومهمة الحكومة بهذا الشأن هي حماية الأبراج».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.