40 ألف متظاهر يهتفون في تل أبيب مطالبين بسقوط نتنياهو

مئات الجنرالات السابقين يقررون فرض الموضوع الفلسطيني على الأجندة الانتخابية الإسرائيلية

40 ألف متظاهر يهتفون في تل أبيب مطالبين بسقوط نتنياهو
TT

40 ألف متظاهر يهتفون في تل أبيب مطالبين بسقوط نتنياهو

40 ألف متظاهر يهتفون في تل أبيب مطالبين بسقوط نتنياهو

في الوقت الذي تحاول فيه أحزاب اليمين والوسط في إسرائيل إخفاء الموضوع الفلسطيني خلال المعركة الانتخابية، انتظم نحو ألف جنرال سابق في الجيش لإعادة الموضوع إلى الأجندة الانتخابية. وسار نحو 40 ألف متظاهر في تل أبيب مطالبين بسقوط رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، رافعين شعارات تطالب باستئناف مفاوضات السلام مع الفلسطينيين.
وقد احتشد المتظاهرون في ميدان رابين، في قلب مدينة تل أبيب، ليلة السبت/ الأحد، داعين إلى إنهاء سلطة اليمين الذي يهدد مصالح إسرائيل. وألقى كثير من الشخصيات العسكرية والمدنية كلمات في المظاهرة، برز بينهم رئيس جهاز المخابرات الخارجية (الموساد) السابق مئير دغان، الجنرال (احتياط) عميرام ليفين، وميخال كيدار، اللذان هاجما نتنياهو بشدة. كما برزت أرملة الضابط دوليف كيدار، الذي قتل في الصيف الماضي، خلال الحرب العدوانية على غزة «الجرف الصامد». وقد دعا المتظاهرون والخطباء إلى انقلاب سياسي ينهي حكم نتنياهو.
وقال دغان في كلمته: «إننا نستحق قيادة أخرى مخلصة وتكون نموذجا يحتذى. إسرائيل هي دولة محاطة بالأعداء، ولكن الأعداء لا يخيفوننا. أنا أتخوف من قيادتنا. أتخوف من فقدان الإصرار، وفقدان المثال الشخصي، ومن التردد والجمود. وأنا أخاف أكثر من أزمة القيادة، التي تعتبر أشد الأزمات التي انتابت البلاد حتى اليوم». وحسب أقواله، «نتنياهو يقود السلطة منذ 6 سنوات، لكنه لم يقُد خلالها ولو خطوة حقيقية واحدة لتغيير وجه المنطقة أو لخلق مستقبل أفضل للأجيال الشابة». وأضاف دغان موجها حديثه إلى نتنياهو: «في فترة حكمك أدارت إسرائيل أطول حرب منذ حرب التحرير (1948)، فكيف يكون واحد مثلك مسؤولا عن مصيرنا؟». وأوضح دغان: «لست سياسيا، ولا شخصية رسمية، وإلى هنا وصلت من دون طموح شخصي، ومن دون أن أبحث عن وظيفة ومن دون حقد أو مرارة». وتطرق إلى الخطة النووية الإيرانية قائلا: «فعلا، إنها تشكل خطرا حقيقيا، لا أحد في إسرائيل وفي الولايات المتحدة يختلف على ذلك، لكن يجب معالجة هذه المشكلة بحكمة، وتجنيد الولايات المتحدة إلى هذه المهمة وليس محاربتها. نحن نستحق قيادة تحدد جدول أولويات جديد، والمسألة لم تعد منذ زمن مسألة يسار أو يمين، وإنما مسألة طريق ورؤية وأفق آخر». وقال الجنرال (احتياط) عميرام ليفين في كلمته: «قبل 41 سنة أزيل عمليا التهديد الوجودي لإسرائيل، فليكفوا عن رواية الحكايات المضللة لنا. وعلى الرغم من ذلك، تحكي لنا القيادة أن هناك من يريد إبادتنا. هذا كذب. إذا واصلنا التمسك بحلم أرض إسرائيل الكبرى، سنفقدها كلها». وحسب أقواله، فإن «القيادة الحالية برئاسة نتنياهو تقود نحو نهاية الصهيونية. المبادرة السياسية والمفاوضات لا تشكل خطرا علينا، بل تقوينا في الداخل والخارج».
وكان مجلس السلام والأمن، الذي يعتبر تنظيما تطوعيا يضم 1300 شخص من الجنرالات السابقين في الجيش والمخابرات وكبار المسؤولين في الوزارات، قد أطلق حملة في نهاية الأسبوع لإعادة الموضوع الفلسطيني إلى جدول الأعمال في المعركة الانتخابية. وقال رئيس المجلس الجنرال (احتياط) غادي زوهر: «إن معظم الأحزاب تتعامل مع قضية السلام في منطقتنا وكأنها شر. يبتعدون عنها بشكل مأساوي، لأنهم ببساطة لا يتمتعون بالشجاعة لقول الحقيقة، وهي أن قضية السلام هنا هي قضية وجودنا والتهرب منها لا يحل لنا مشكلة، بل على العكس يضاعف المشكلة». واعتبر زوهر هذا التهرب بمثابة جبن يميز غالبية القادة السياسيين من اليمين والوسط واليسار على السواء. وقال: «نحن نطلق حملة تهدف إلى إثارة نقاش عام حول حل المسألة المركزية في تاريخ الدولة. هذه الحملة تدعو إلى الحسم بين حل يضع حدا للصراع وبين استمرار الصراع مع الشعب الفلسطيني، الذي سيقود إلى دولة ثنائية القومية يهودية - عربية». ونشر المجلس لافتة تدّعي أن استمرار سلطة بيبي - بينت سيطيل الجمود السياسي.
وأصدر الليكود تعقيبا على هذه النشاطات بيانا احتجاجيا تهرّب فيه من مجابهة مضمونها. وجاء فيه أن «المظاهرة في تل أبيب كانت جزءا من حملة اليسار الممولة بملايين الدولارات من الخارج بهدف الاستبدال بسلطة الليكود القومية برئاسة نتنياهو، حكومة يسارية برئاسة تسيبي (لفني) وبوغي (يتسحاق هيرتسوغ)، التي ستحظى بدعم من الحزب العربي (القائمة المشتركة). ملايين الدولارات تتدحرج في هذه الأيام من الخارج لرفع نسبة الحسم في الوسط العربي». وهاجم الليكود مئير دغان، وقال: «الخطيب المركزي مئير دغان هو شخص يساري في أفكاره، من الغريب أنه يدّعي اليوم بأنه لا يؤمن بالقيادة الحالية، بينما طلب بنفسه تمديد فترته كرئيس للموساد تحت قيادة رئيس الحكومة».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم