الولايات المتحدة تبدأ مرحلة قاتمة من التشاؤم في المعركة ضد الإرهاب

كلابر أمام الكونغرس: منحنى الإرهاب أسوأ من أي وقت مضى في التاريخ

شرطيان أميركيان أمام المحكمة الفيدرالية التي نظرت الأسبوع الماضي في اعتقال 3 شبان في منطقة بروكلين في نيويورك وهم من ينحدرون من وسط آسيا بتهم السعي للانضمام إلى «داعش» (إ.ب.أ)
شرطيان أميركيان أمام المحكمة الفيدرالية التي نظرت الأسبوع الماضي في اعتقال 3 شبان في منطقة بروكلين في نيويورك وهم من ينحدرون من وسط آسيا بتهم السعي للانضمام إلى «داعش» (إ.ب.أ)
TT

الولايات المتحدة تبدأ مرحلة قاتمة من التشاؤم في المعركة ضد الإرهاب

شرطيان أميركيان أمام المحكمة الفيدرالية التي نظرت الأسبوع الماضي في اعتقال 3 شبان في منطقة بروكلين في نيويورك وهم من ينحدرون من وسط آسيا بتهم السعي للانضمام إلى «داعش» (إ.ب.أ)
شرطيان أميركيان أمام المحكمة الفيدرالية التي نظرت الأسبوع الماضي في اعتقال 3 شبان في منطقة بروكلين في نيويورك وهم من ينحدرون من وسط آسيا بتهم السعي للانضمام إلى «داعش» (إ.ب.أ)

بدأ مسؤولو وخبراء حملة مكافحة الإرهاب الأميركية، الذي لم يعرف عنهم يوما تبني مواقف متفائلة، مرحلة من الكآبة ذات طابع خاص، حيث تجاوز جيمس كلابر الابن، مدير الاستخبارات الوطنية، سلسلة التهديدات المعهودة، حيث قال في شهادته أمام الكونغرس مؤخرا: إن «منحنى الإرهاب أسوأ من أي وقت مضى في التاريخ». وأخبر اللواء مايكل ناغاتا، قائد قوات العمليات الخاصة الأميركية في الشرق الأوسط، المشاركين عند الحديث عن استراتيجية مكافحة الإرهاب أنه ينظر إلى تنظيم داعش باعتباره تهديدا أكبر من تنظيم القاعدة. وقال مايكل موريل، نائب رئيس الاستخبارات الأميركية السابق، خلال مؤتمر عن الإرهاب في نيويورك، إنه «بات يشك في أنه سيعيش حتى يرى لحظة نهاية تنظيم القاعدة وأفرعها». وأضاف أن «هذا أمر طويل الأجل. ربما سيظل جيل أبنائي وأحفادي يقاتلون في هذه المعركة».
وتوضح هذه التقييمات أن التشاؤم أصاب من يعملون في مجال مكافحة الإرهاب خلال العام الماضي في ظل التطورات المحبطة والمثبطة للعزيمة، والتي من بينها ازدهار تنظيم داعش، واستمرار تدفق المقاتلين الأجانب على سوريا، وانهيار الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة في اليمن، وتدهور الأوضاع الأمنية في ليبيا. وحدثت آخر تلك التطورات التي تزيد الوضع سوءا يوم السبت، عندما نفذت جماعة بوكو حرام في نيجيريا مجموعة من التفجيرات الانتحارية، وأعلنت تأييدها، وانضمامها إلى تنظيم داعش. على عكس موجات القلق التي صاحبت ظهور مخططات إرهابية جديدة على مدى العشر سنوات الماضية، يبدو أن آخر تحول في المزاج العام له جذور قوية. المسؤولون الأميركيون حاليا إزاء مشهد مربك لم يصمد فيه كل من تنظيم القاعدة، والجماعات الإسلامية المسلحة الأخرى التي ألهمها، طوال 14 عاما من العمليات المكثفة في محاربة الإرهاب فحسب، بل ازدهروا أيضا. وأكد مسؤولون أن حملتهم حققت أهدافا مهمة، حيث يرى أكثر المسؤولين والخبراء في الوقت الحالي أن خطر القيام بهجوم في حجم هجوم 11 سبتمبر (أيلول) ضئيل للغاية، وأنه ليس في متناول أيدي تنظيم القاعدة أو الجماعات المتفرقة التابعة لها.
مع ذلك، تتناقض النظرة المعدلة بشكل واضح وكبير مع حالة التفاؤل التي سادت في أعقاب قتل أسامة بن لادن عام 2011، وبزوغ فجر الربيع العربي الذي كان ينظر إليه في البداية كصحوة سياسية في أنحاء الشرق الأوسط قادرة على التخلص من تنظيم القاعدة وأيديولوجيته القديمة البالية. وبعد أشهر من مقتل بن لادن، صرح ليون بانيتا، وزير الدفاع الأميركي آنذاك، بأنه «كان مقتنعا بأننا كنا على وشك هزيمة (القاعدة) استراتيجيا». وأكد الرئيس أوباما هذا الرأي خلال السنوات التالية بقوله إن «تنظيم القاعدة كان في (طريقه نحو الهزيمة)»، وأوضح بعدها أن تنظيم داعش، الذي كان ناشئا حينها، يشبه فريقا رياضيا ناشئا يشارك في منافسات عالية المستوى.
وتبخر كل ذلك الحديث الإيجابي. والجدير بالذكر أن العمل في مكافحة الإرهاب بطبيعته مشروع يبعث على التشاؤم، حيث يركز على التصدي لكارثة، ويتضمن التفكير في أسوأ السيناريوهات التي يمكن أن تحدث. وهناك أصوات معارضة بارزة ترى أن مستوى القلق الآن لا يتناسب مع حجم الخطر، مثلما كانت الثقة الكبيرة التي سبقته. وكانوا يعتمدون على تراجع قدرات تنظيم القاعدة ومحدودية أهداف تنظيم داعش، الذي بدا مهتما بالحصول على أرض في الشرق الأوسط أكثر مما هو مهتم بتنفيذ مخططات خارجية. وقال دانييل بنجامين، الأستاذ بجامعة دارتموث كوليدج، والمسؤول البارز السابق في مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية: «يشعر بعض الناس بالقلق والاضطراب والارتباك. كذلك هناك الكثير من الخبراء الذين لا يعتقدون أن هذه هي نهاية العالم. وازداد عدد الذين انضموا إلى المتطرفين أكثر من أي وقت مضى، لكن تظل الأعداد قليلة نسبيا، وأمننا يواجه خطرا أقل مما يشاع». وأوضح بول بيلار، نائب رئيس مركز مكافحة الإرهاب التابع للاستخبارات المركزية سابقا، في مقالات خلال العام الماضي أن القلق بشأن سوريا والعراق وصل إلى حالة من الذعر تتعلق بالندوب النفسية، التي خلفتها هجمات 11 سبتمبر (أيلول)، وما أعقبها من حروب، أكثر مما تتعلق بخطر حقيقي يهدد الوجود. وكتب بيلار: «على الجميع استنشاق نفس عميق».
ومع ذلك ازداد تشاؤم محللين قدامى يعرفون بهدوئهم. وحتى إذا كان احتمال حدوث هجوم كبير في الولايات المتحدة أو أوروبا قريبا ضئيلا، يرون أن عناصر الخطر تتراكم بوتيرة سريعة. وقال جون ماكلافلين، نائب رئيس الاستخبارات المركزية السابق: «لديك الآن مشكلة في مكافحة الإرهاب أكبر من المشكلة التي كانت لديك منذ بضعة أعوام»، فالجماعات الإرهابية «لم تكن تسيطر على هذه المساحة الشاسعة من الأراضي، ولم يكن لديها هذا الكم الهائل من المال، ولا كانت تتواصل مع هذا العدد الكبير من حاملي جوازات السفر الغربية. كذلك لم تكن تتبنى الخطاب الذي تتبناه حاليا».
واستغل التنظيم، الذي خرج من رحم «القاعدة»، الحرب الأهلية التي تدور رحاها في سوريا وأخذ يضم الأراضي، وأعلن إنشاء خلافة جديدة. في الوقت ذاته، ساعده نجاحه في ساحة المعركة، ووجوده الكبير على مواقع التواصل الاجتماعي في تحدي تنظيم القاعدة، بل طغى اسمه على اسم «القاعدة». وأخفقت هجمات جوية تقودها الولايات المتحدة طوال أشهر في الحد من تدفق المقاتلين إلى سوريا.
*خدمة «نيويورك تايمز»



أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
TT

أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)

في إطار سعيهما لتعزيز قبضتهما على السلطة، يهاجم رئيس نيكاراغوا دانيال أورتيغا ونائبته وزوجته روزاريو موريو الكنيسة الكاثوليكية، بعدما عملا على سجن أو نفي شخصيات معارضة.
بدأ المقاتل السابق في جبهة التحرير الوطني الساندينية، بدعم قوي من زوجته، بالتأسيس لاستمرارية في السلطة منذ عودته إليها في عام 2007. وسمحت تعديلات دستورية في العامين 2011 و2014 برفع الحظر المفروض على إعادة انتخاب الرئيس، الذي كان منصوصاً عليه سابقاً في الدستور، حسبما تقول عالمة الاجتماع إلفيرا كوادرا التي تعيش في المنفى في كوستاريكا.
وتشير كودارا لوكالة «الصحافة الفرنسية» إلى أن أورتيغا (76 عاماً) «حوّل بذلك شكل الحكومة التي نصّ عليها الدستور» من أجل الانتقال إلى نظام «استبدادي» يضع «صنع القرار المطلق في أيدي الثنائي الرئاسي».
ومنذ القمع الدامي لاحتجاجات عام 2018 التي كانت تُطالب باستقالة الزوجيْن، تمرّ نيكاراغاوا بـ«أزمة مطوّلة لا يمكن تخطّيها» لأن أورتيغا وزوجته «أكّدا استمراريتهما في السلطة خلال انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2021. ومن خلال مأسسة الدولة البوليسية».
وأُعيد انتخاب أورتيغا لولاية رابعة على التوالي خلال انتخابات غاب عنها جميع منافسيه الأقوياء المحتملين، بسبب اعتقالهم أو إرغامهم على العيش في المنفى.
ولطالما دان المجتمع الدولي أفعال النظام في نيكاراغوا. وطالبت منظمة الدول الأميركية، أول من أمس الجمعة، الحكومة في نيكاراغوا بوقف «المضايقات والقيود التعسّفية» بحق المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام والمنظمات الدينية والمعارضين. وطالبت أيضاً بـ«الإفراج الفوري عن السجناء السياسيين الذين يُقدّر عددهم بنحو 190».
ويعتبر المحلل والنائب السابق في نيكاراغوا إيليسيو نونييز، الذي يعيش هو أيضاً في المنفى، أن جبهة التحرير الوطني الساندينية «تنتقل من موقع الحزب المهيمن إلى موقع الحزب الواحد (...) مع خلق عبادة شخصية لا مثيل لها حالياً في أميركا اللاتينية».
ومنذ عام، تمّ اعتقال 46 معارضاً أو مجرد منتقد للحكومة وحُكم عليهم بالسجن لفترات تصل إلى 13 عاماً. وكان سبعة منهم يريدون الترشّح إلى الرئاسة.
- قمع الإعلام
وكانت وسائل الإعلام أيضاً من الأهداف الأولى للسلطة.
لم تعد صحيفة «لا برينسا» La Prensa، التي كانت تنشر نسخة ورقية، موجودة إلّا على الإنترنت، بعدما اختار صحافيوها المنفى خوفاً من الاعتقال، وذلك عقب مصادرة مقرّها وزجّ مديرها لورينزو هولمان بالسجن.
وأغلقت السلطات أيضاً المحطة التلفزيونية التابعة للكنيسة الكاثوليكية في نيكاراغوا، بالإضافة إلى عدة إذاعات في أبرشيات مختلفة، وعشرات وسائل الإعلام المستقلة.
في 15 أكتوبر (تشرين الأول) 2020. أصدرت نيكاراغوا تشريعاً يستهدف الذين يتلقون أموالاً من الخارج ويفرض تسجيلهم لدى السلطات بصفة «عملاء أجانب». وأثار هذا القانون انتقادات المجتمع الدولي لما يشكله من خطر على الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان.
وبموجب هذا القانون، اعتبرت أكثر من ألف مؤسسة ومنظمة غير حكومية كان بعضها يكرّس عمله للدفاع عن حقوق الإنسان، غير قانونية. وأغلقت جامعات خاصة ومنظمات ثقافية بين عشية وضحاها.
في يوليو (تموز) اضطرت راهبات مجمّع الإرساليات الخيرية الذي أسسته الأم تيريزا، إلى الرحيل من نيكاراغوا، وطُردن كأنّهن «منبوذات»، حسبما قال مركز نيكاراغوا للدفاع عن حقوق الإنسان.
- «كنيسة صامتة»
وتُظهر الكنيسة الكاثوليكية نفسها على أنها آخر معقل يحمي من الإجراءات التعسّفية. لكن الموالين للحكومة يعتبرون الكهنة والأساقفة الذين ينتقدون النظام «أنبياء مزيّفين».
ومنعت الشرطة أسقف ماتاغالبا (شمال شرق) المونسنيور رولاندو ألفاريز من التنقّل، منذ 4 أغسطس (آب)، مما يعكس ذروة الأزمة مع نظام يسعى إلى إسكات رجال الدين في الكنيسة الكاثوليكية المحلية لقمع أصوات المعارضة.
وقال ألفاريز في إحدى عظاته: «لطالما أرادت الحكومة كنيسة صامتة، لا تريدنا أن نتكلّم وأن نندّد بالظلم».