أعلنت جماعة «بوكو حرام» النيجيرية أول من أمس مبايعتها تنظيم «داعش» في خطوة غير مفاجئة؛ إذ بينت مؤشرات سابقة سعيها إلى الارتباط رسميا بالتنظيم المنتشر في العراق وسوريا، وذلك وسط سلسلة من النجاحات التي حققها الجيش النيجيري ضد المقاتلين المتطرفين.
وفي تسجيل صوتي ثم بثه أول من أمس، أعلن زعيم «بوكو حرام» أبو بكر شيكاو مبايعته زعيم تنظيم «داعش» أبو بكر البغدادي، واصفا الخطوة بأنها واجب ديني ومن شأنها «إثارة غضب أعداء الله».
وقال أبو بكر شيكاو في تسجيل مدته 8 دقائق ووضع على حساب «بوكو حرام» على موقع «تويتر»: «نعلن مبايعتنا خليفة المسلمين إبراهيم بن عوض بن إبراهيم الحسيني القرشي» أبو بكر البغدادي الذي أعلن نفسه في يونيو (حزيران) 2014 «خليفة» على أراض بين سوريا والعراق.
وكان أبو بكر شيكاو يتكلم بالعربية مع ترجمة مكتوبة لأقواله بالفرنسية والإنجليزية.
ولا يمكن التحقق من صحة التسجيل الصوتي على الفور، لكن الصوت يعود بشكل واضح إلى شيكاو الذي يظهر عادة في رسائله التي يوجهها بتسجيلات فيديو.
وتثير المبايعة إمكانية جر القوى الغربية التي بقيت بمنأى عن أي تدخل عسكري مباشر قي شمال شرقي نيجيريا، إلى النزاع الدائر هناك، الذي أسفر منذ عام 2009 عن مقتل أكثر من 13 ألف شخص. ويُنظر بشكل كبير إلى هذا النزاع على أنه قضية «محلية» أو إقليمية على أوسع تقدير.
ويقول ريان كومينغ من مؤسسة «ريد 24» الاستشارية إن «العمل بالوكالة عن تنظيم داعش قد يوجه الجهود الغربية ضد نشاط الجماعة، خصوصا فرنسا التي تقود حملة دولية لمكافحة الإرهاب في غرب ووسط أفريقيا».
وكانت جماعات متطرفة عدة من ليبيا إلى باكستان أعلنت في وقت سابق ولاءها أو دعمها لتنظيم داعش الذي وسع الشهر الماضي من عملياته لتصل إلى ليبيا الغارقة أصلا في الفوضى.
وأظهرت مؤشرات في السابق سعي «بوكو حرام» إلى الارتباط بتنظيم «داعش»، خصوصا حين أعلن أبو بكر شيكاو العام الماضي مدينة غووزا في ولاية بورنو جزءا من «الخلافة الإسلامية». ولحق ذلك إعلان مشابه من البغدادي نفسه، في وقت كانت فيه المجموعتان توسعان من انتشارهما في مناطقهما.
وفي الأشهر الأخيرة ظهر تشابه في وسائل الدعاية التي يتبعها التنظيمان، خصوصا في التسجيلات المصورة التي بثت مباشرة على الإنترنت لضمان جمهور واسع.
وفي هذا الصدد، يقول ماكس أبراهامز، الخبير في المجموعات المتطرفة في جامعة نورث إيسترن في بوسطن، إن «بوكو حرام» وتنظيم داعش، الذي من المفترض أن يرد على إعلان المبايعة، يلائم كلاهما الآخر، بل إنهما «حليفان طبيعيان». واعتبر خبراء في مجال الإرهاب أن المغزى العملي لهذه الخطوة ما زال غير واضح حتى الآن. وأشارت «نيويورك تايمز»، وفى سياق تقرير بثته على موقعها الإلكتروني أمس، إلى قول بعض الخبراء بأن مبايعة أبو بكر شيكاو زعيم «بوكو حرام» لـ«داعش»، إن الجماعة النيجيرية وافقت على أن تخضع لسلطة تنظيم داعش، لكن الصحيفة نوهت بأنه ما زالت هناك تفاصيل غير معروفة بشأن كيفية السيطرة المباشرة لقادة تنظيم داعش على وكلائهم البعيدين في «بوكو حرام»، شأنها في ذلك شأن الجماعات المتطرفة الأخرى التي أعلنت مبايعتها للتنظيم. وأضافت «نيويورك تايمز» أنه إذا تأكدت هذه المبايعة من «بوكو حرام» لتنظيم داعش، فإنها ستماثل خطوات اتخذتها جماعات متطرفة في كل من ليبيا والجزائر وأفغانستان.. وغيرها، حيث تعلن الجماعات الولاء في رسالة علنية تبث على الإنترنت، وبعد أسابيع يعلن تنظيم داعش رسميا قبول هذا الولاء في بيان يصدره المتحدث باسمه.
ومن الواضح تماما أنه منذ منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي على الأقل كانت هناك صلات على مستوى معين بين تنظيم داعش و«بوكو حرام»، لكن أثيرت تساؤلات عما إذا كان بوسع الدواعش إرسال أفراد من سوريا والعراق أو غيرهما من ليبيا إلى شمال نيجيريا للمساعدة في العمليات في ساحات القتال أو لإرساء منهجهم المتعلق بطرق الحكم.
من جهته، اعتقد ريان كومينجز، المحلل البارز في مجموعة إدارة أزمات مقرها في بريطانيا، أن الهدف الرئيسي من إعلان «بوكو حرام» الولاء لـ«داعش» هو أن تبعث برسالة علنية تقول: «نحن والدواعش على جانب واحد في الوقت الحالي».
من جانبه، قال بول لوبيك، الخبير في شؤون نيجيريا بجامعة جونز هوبكنز: «إنه من غير المرجح أن يسفر التحالف الجديد عن تغير في وحشية (بوكو حرام)»، مشيرا إلى أن الأخيرة مارست أساليب قطع الرؤوس والاسترقاق حتى قبل مبايعتها للدواعش.
ولفت لوبيك إلى وجود بعض المخاطر الكبيرة إذا صح ولاء «بوكو حرام» لـ«داعش»، حيث أبقت جماعة «بوكو حرام» نفسها لفترة طويلة مستقلة عن جماعات أخرى كبيرة مثل تنظيم القاعدة، بيد أنه لم يحدد عواقب عملية جراء ارتباط «بوكو حرام» مع «داعش».
من جانبه، قال مسؤول بالاستخبارات الأميركية، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته: «(بوكو حرام) لا تتلقى أموالا أو دعما ماديا من (داعش)، ومن غير المرجح أن تتلقى أوامر منه، ولكن من الوارد أن تكون لهذا الولاء أغراض دعائية أكثر من أي شيء آخر».
ومضت الصحيفة تقول إن الخبراء لاحظوا مهنية متزايدة في مقاطع فيديو جماعة «بوكو حرام» التي صورت بكاميرات محمولة باليد ونشرت على موقع «يوتيوب»، لافتة إلى أنه من الملاحظ أن مقاطع الفيديو الحديثة باتت أكثر صقلا مقارنة بالصور التي تحاكى المفردات البصرية لتنظيم «داعش». في غضون ذلك، قتل عدد هائل من المدنيين في الهجمات الانتحارية والاعتداءات التي تشنها جماعة «بوكو حرام» رغم المعارك التي يخوضها الجيش النيجيري وحلفاؤه الإقليميون، الكاميرون وتشاد والنيجر.
وأول من أمس، هزت مدينة مايدوغوري معقل «بوكو حرام» في شمال شرقي نيجيريا 3 انفجارات، وأوقعت 58 قتيلا على الأقل و139 جريحا، وفق قائد شرطة بورنو كليمان ادودا. ونفذ واحد من التفجيرات انتحارية فجرت نفسها عند الساعة 11.20 صباحا (10.20 بتوقيت غرينتش) في سوق أسماك باغا في مايدوغوري عاصمة ولاية بورنو. وبعد نحو ساعة، هز انفجار آخر سوق الاثنين الشعبي، ليتسبب بفوضى عارمة؛ إذ تعالت الأصوات الغاضبة من القوى الأمنية التي عانت حتى تسيطر على الوضع.
وعند الساعة الواحدة ظهرا تقريبا، استهدف تفجير ثالث مرأبا للسيارات المستعملة متصلا بمحطة حافلات بورنو المزدحمة دائما. وتهدد الخشية من اعتداءات أخرى مستقبل التجارة في المدينة التي شهدت طفرة سكانية بسبب نزوح مئات الآلاف إليها هربا من العنف.
أما كاكا شيشو المسؤول القضائي في ولاية بورنو فاتهم «بوكو حرام» بتنفيذ التفجيرات على اعتبار أنها رد على الهزائم التي منيت بها في الأسابيع الماضية. وقال إن «الإرهابيين غاضبون من الطريقة التي طردوا بها من المدن والقرى، وهم الآن ينفسون عن غضبهم». وأعلن الجيش النيجيري أول من أمس نجاحا عسكريا جديدا ضد «بوكو حرام»؛ إذ طرد مقاتليها من بلدتي بوني يادي وبوني غاري في ولاية يوبي بعدما كان تحدث سابقا عن استعادة مدينة مارت في بورنو.
«بوكو حرام» تعلن مبايعتها لـ «داعش»
هجوم عسكري «بري وجوي» للنيجر وتشاد على عناصر التنظيم في نيجيريا
«بوكو حرام» تعلن مبايعتها لـ «داعش»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة