معارك صلاح الدين تكشف ضعف «داعش» في إدارة صراع مفتوح على جبهات واسعة

التنظيم المتطرف ظن أن تكريت ستكون هدفًا مباشرًا للعمليات فركز دفاعاته فيها

معارك صلاح الدين تكشف ضعف «داعش» في إدارة صراع مفتوح على جبهات واسعة
TT

معارك صلاح الدين تكشف ضعف «داعش» في إدارة صراع مفتوح على جبهات واسعة

معارك صلاح الدين تكشف ضعف «داعش» في إدارة صراع مفتوح على جبهات واسعة

أغلب الظن أن نسبة «الدواعش» من العراقيين تصل إلى 90 في المائة من قوتهم العامة، لذلك تمكنوا من السيطرة على مناطق شاسعة في ظل غياب سلطة الدولة بعد صدمة سقوط الموصل، وتولى «دواعش الخارج» دور القيادة والسيطرة.
ولما كان إيمان العراقيين بفلسفة التنظيم ضعيفا، فإن استمرار انتشار «الدواعش» يبقى رهنا بقدرة الحكومة العراقية على تبني استراتيجية نشطة تستهدف القيام بعمليات تعرضية واسعة، وهو ما جرى تطبيقه في محافظة صلاح الدين.
وتشير كل الدلائل إلى وجود خلافات حول تحديد أسبقيات عمليات التحرير. فمن جانب يحرص فريق من أهل مدينة الموصل ضمن الحكومة على الترويج لقرب تحرير مدينتهم، بينما يدفع ناشطون سياسيون من الأنبار لإعطاء الأسبقية لتحرير محافظتهم. غير أن عوامل المقارنة والتحليل تشير إلى أن من الخطأ الفادح عدم إعطاء الأسبقية لمحافظة صلاح الدين، لكونها المجال الحيوي لبغداد، ولموقعها الاستراتيجي بين المحافظات. ويبدو أن الأميركيين، ومن خلال تصريحاتهم عن وجود خطط لتحرير الموصل، يميلون إلى إعطاء أسبقية لهذه المنطقة، إلا أن القلق الشعبي العراقي تجاه نيات ما بعد التحرير، يبقى مرتبطا بالشحن المناطقي لبعض سياسيي المحافظة، فضلا عن تنسيق الإدارة السابقة مع توجهات إقليم كردستان الانفصالية النزعة والتوجهات التركية. وجاء البدء بعمليات تحرير صلاح الدين التي أعطيت اسم «لبيك يا رسول الله»، لحسم النقاشات وإنهاء الجدل.
ويعطي سير المعارك انطباعات واضحة عن أن قدرة «الدواعش» البشرية محدودة، ولا يمتلكون القدرة على إدارة صراع مفتوح على جبهات واسعة، ولا تزال قدرتهم على التمسك بمواقع محددة داخل مدن مهمة موضع اختبار فعلي، ففقدانهم لقضاء الدور والمجمع السكني الذي كان يسكنه نحو 20 ألف شخص لهو دليل على أنهم غير قادرين على مجابهة عمليات على أكثر من محور واتجاه في آن، مما يزيد من قدرة وتصميم القوات العراقية على المناورة واستغلال الثغرات في ترتيبات انتشارهم.
وحتى الآن، ورغم الحاجة إلى بضعة أسابيع من الزخم لحسم الموقف في محافظة صلاح الدين، فإن القوات العراقية تمكنت من تحقيق مباغتة مهمة؛ سواء خطط لها وفق تدابير مخادعة أم جاءت وفق سياق غير محسوب من الأحداث.
فقد كان «الدواعش» يظنون أن مدينة تكريت ستكون هدفا مباشرا للعمليات، فركزوا دفاعاتهم فيها ولم يعززوا محاور العمليات المتوقعة. وربما أن احتياطاتهم لم تعد تسمح لهم بالقتال على جبهات واسعة.
الضربة الحاسمة بدت ملامحها واضحة بسرعة التقدم التي حققتها القوات المشتركة العراقية على محاور ديالى وسامراء، فكل شيء يسير بسرعة أسرع مما كان متوقعا، وفق خطة مناورة ناجحة ستؤدي خلال أيام قليلة إلى عزل وتطويق مدينة تكريت وقطع طرق الإمداد عن «الدواعش»، مما سيؤدي إلى أن تكون معارك اقتحام المدينة أقل تعقيدا من كل العمليات السابقة، لا سيما إذا ما وضعت خطط استنزاف للعتاد وفق حسابات وقياسات عملية.
الآن، القوات المشتركة العراقية تواصل تقدمها للسيطرة على شرق نهر دجلة من منطقة الفتحة شمالا إلى جنوب شرقي تكريت، وحققت نجاحات مثيرة، وبما أن المنافذ الشمالية والغربية والجنوبية مسيطر عليها من قبل القوات العراقية، فإن الحسم في تكريت سيتوقف على سلسلة من معارك مجابهة لن تأخذ وقتا طويلا، وكذلك إجراءات النشاط الهندسي لمكافحة عمليات التفخيخ والتخريب الهندسي.
وتشير المعلومات إلى أن مئات الأهداف تم تفخيخها وزرعت مئات العبوات الناسفة، غير أن إدارة هذه النشاطات تتطلب وجودا بشريا لـ«الدواعش»، وهو وجود اهتزت أركانه بوضوح.
وبشأن ما يقال عن احتمالات حدوث عمليات انتقام، فإن وجود السياسيين والنواب من أبناء المحافظة «ومن يميلون إلى تسميتهم بصفة سنية» في قواطع العمليات سيساعد حتما على التقليل بقوة من جوانب القلق، غير أن هذا الوجود يبقى أملا أقرب إلى الأحلام مع سياسيين فاشلين غير مبادرين ويخشون الدخول إلى مناطق العمليات، عدا نسبة قليلة جدا منهم.
المؤكد أن حسم عمليات صلاح الدين لصالح القوات العراقية المشتركة سيقلب التوازنات والحسابات التقليدية رأسا على عقب، ويعزز قدرة العراق، إلا أن الحاجة تدعو إلى المزيد من خطط إعادة التأهيل الوطني وإنجاح تجربة إعادة النازحين، وهذا يتطلب حضورا سياسيا وحدويا معتدلا يعزز النجاحات الأمنية، ويمنع ظهور طروحات مناطقية مخلة بالنسيج الوطني.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.