قطاع الخدمات يقود نمواً ضعيفاً للاقتصاد البريطاني

لندن مدينة لبروكسل بـ56 مليار دولار

قال مكتب الإحصاء البريطاني إن الحانات والمطاعم هي مصدر الغالبية العظمى من النمو الذي تحقق في مايو (رويترز)
قال مكتب الإحصاء البريطاني إن الحانات والمطاعم هي مصدر الغالبية العظمى من النمو الذي تحقق في مايو (رويترز)
TT

قطاع الخدمات يقود نمواً ضعيفاً للاقتصاد البريطاني

قال مكتب الإحصاء البريطاني إن الحانات والمطاعم هي مصدر الغالبية العظمى من النمو الذي تحقق في مايو (رويترز)
قال مكتب الإحصاء البريطاني إن الحانات والمطاعم هي مصدر الغالبية العظمى من النمو الذي تحقق في مايو (رويترز)

تباطأ بشدة انتعاش لاقتصاد بريطانيا بدأ بعد رفع إجراءات العزل العام، في مايو (أيار)، على الرغم من تخفيف أكبر لقواعد التباعد الاجتماعي، وفقاً لبيانات رسمية كشفت أيضاً تضرر شركات صناعة السيارات في البلاد جراء نقص عالمي للرقائق.
وقال مكتب الإحصاءات الوطنية إن الناتج المحلي الإجمالي نما 0.8 بالمائة على أساس شهري، ليسجل وتيرة أسرع بكثير مما كان عليه بشكل تقليدي قبل الجائحة، لكنه مثل انخفاضاً مقارنة مع ارتفاع اثنين بالمائة في أبريل (نيسان)، وأضعف كثيراً من متوسط التوقعات لنمو 1.5 بالمائة في استطلاع أجرته «رويترز» لآراء خبراء في الاقتصاد.
وجاء النمو الاقتصادي في مايو مدفوعاً بأداء قطاع الخدمات، الذي سجل نمواً بنسبة 0.9 بالمائة بعد السماح للجهات العاملة في قطاعات الفندقة والترفيه والفن بفتح أبوابها من جديد، بعد تخفيف القيود الرامية للوقاية من جائحة كورونا يوم 17 مايو الماضي.
وشهدت قطاعات الفندقة والمطاعم انتعاشاً على وجه الخصوص، حيث تحسنت نتائجها بنسبة 37.1 بالمائة في مايو مقارنة بالشهر السابق عليه، مع بدء عودة الزبائن إلى المطاعم وانتعاش حركة الحجوزات للرحلات السياحية.
ونقلت وكالة الأنباء البريطانية (بي إيه ميديا) عن جوناثان أثو، نائب رئيس مكتب الإحصاء البريطاني قوله إن «الاقتصاد حقق نمواً للشهر الرابع على التوالي، ورغم أن وتيرة النمو جاءت أقل مما تحقق في الآونة الأخيرة، فإنها ما زالت أقل من ذروة معدلات النمو في مرحلة ما قبل جائحة كورونا بزهاء 3 بالمائة». وأضاف أن «الحانات والمطاعم التي استطاعت استقبال الزبائن في الداخل مرة أخرى، هي المسؤولة عن الغالبية العظمى من النمو الذي تحقق في مايو»، مضيفاً أن «الفنادق أيضاً حققت تعافياً ملموساً مع رفع القيود».
وعانت بريطانيا من إحدى أكبر الضربات من الجائحة بين الاقتصادات المتقدمة العام الماضي، وكان الناتج المحلي الإجمالي في مايو منخفضاً 3.1 بالمائة عن مستواه في فبراير (شباط) 2020، آخر شهر كامل قبل أن تدخل البلاد في إجراءات عزل عام.
وانخفض الجنيه الإسترليني قليلاً بعد نشر الأرقام. ويتوقع بنك إنجلترا المركزي نمو اقتصاد بريطانيا 7.25 بالمائة هذا العام، وهي أسرع وتيرة نمو سنوية منذ 1941 حين كانت بريطانيا تعيد تسليح نفسها خلال الحرب العالمية الثانية. وفي العام الماضي هوى الناتج قرابة عشرة بالمائة، في أكبر تراجع في أكثر من 300 عام.
وشهد أبريل الماضي تخفيف القيود المفروضة على شركات البيع بالتجزئة غير الأساسية، ومحال تصفيف الشعر، والحانات والمطاعم التي بإمكانها خدمة الزبائن خارجها. وفي مايو، جرى السماح للشركات العاملة في أنشطة الضيافة باستئناف تقديم الخدمات في الداخل.
ونما الإنتاج الصناعي 0.8 في المائة لكن أنشطة التصنيع انكمشت قليلاً. وقال مكتب الإحصاءات إن نقص الرقائق يؤثر على شركات صناعة السيارات، مما أدى لأكبر انخفاض في إنتاجها منذ أبريل 2020.
ويتوقع بنك إنجلترا عودة الاقتصاد للعمل بكامل طاقته بحلول نهاية العام الحالي. ويؤدي تحسن الأوضاع الاقتصادية إلى ضغوط سعرية، ويثير تكهنات بشأن موعد قيام البنك المركزي بتخفيف برنامج التحفيز الاقتصادي. غير أن المخاطر لا تزال تحيط بالآفاق الاقتصادية في البلاد، في الوقت الذي بدأت فيه الحكومة تقليل العمل ببرامج دعم الوظائف، مع اعتزام رئيس الوزراء بوريس جونسون رفع باقي القيود بحلول 19 يوليو (تموز) الحالي، رغم أن السلالة المتحورة الجديدة دلتا من الفيروس تتسبب في موجة
وهناك مخاوف من أن يؤدي رفع القيود، رغم أن الملايين لم يحصلوا على جرعتي اللقاح المضاد لفيروس «كورونا»، إلى نتيجة عكسية، وقد يضطر ذلك الحكومة إلى إعادة فرض القيود مجدداً.
وفي سياق منفصل، خلص الاتحاد الأوروبي إلى أن بريطانيا مدينة للتكتل بمبلغ 47.5 مليار يورو (56.2 مليار دولار) في إطار تسويات انسحاب البلاد من عضويته (بريكست)، وهو رقم أعلى من تقديرات بريطانية سابقة.
وأفادت وكالة بلومبرغ الجمعة بأن تقديرات الاتحاد الأوروبي، التي نشرت في وثيقة خاصة بالميزانية، تهدف إلى التعبير عن الالتزامات المستمرة لبريطانيا تجاه برامج الاتحاد التي لا تزال تستفيد منها، فضلاً عن التزامات أخرى تجاه التكتل، مضيفةً أن الجزء الأكبر من هذه المبالغ مستحَقّ خلال السنوات المقبلة.
ومن الممكن أن تفضي هذه الأرقام إلى مناقشات جديدة بين الاتحاد وبريطانيا، التي ذكرت في عام 2018 أن إجمالي المبالغ المستحقة عليها يبلغ، بحسب تقديرها، 41.1 مليار يورو. ويقول الاتحاد الأوروبي إن المبالغ المستحقة على بريطانيا بالنسبة لعام 2021 تبلغ إجمالياً 6.8 مليار يورو، على أن يتم تسديد باقي المبالغ في وقت لاحق.



الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

TT

الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري، خصوصاً أن البلاد خسرت 54 مليار دولار من ناتجها المحلي خلال 14 عاماً.

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط اليوم، أي خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

وعود بمساعدة غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

خسائر لبنان من الحرب

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.