السيسي يؤكد موقف القاهرة الساعي لاتفاق «مُلزم»

آبي أحمد يتحدث عن عدم تعرض مصر والسودان لضرر بسبب الملء الثاني

TT

السيسي يؤكد موقف القاهرة الساعي لاتفاق «مُلزم»

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على «موقف مصر الثابت والساعي للتوصل لاتفاق (قانوني) (مُلزم) في قضية (سد النهضة) يحقق مصالح الجميع ويحفظ الحقوق المائية التاريخية لدولتي المصب، ومن هذا المنطلق جاء التحرك المصري - السوداني لدى مجلس الأمن الدولي». في حين شددت تونس على «دعمها الكامل للحفاظ على الأمن المائي المصري»، وذلك خلال اتصال تلقاه السيسي مساء أول من أمس من الرئيس التونسي قيس سعيد. ووفق متحدث الرئاسة المصرية، بسام راضي، فإن «الاتصال تناول التباحث والتنسيق بشأن مستجدات قضية (سد النهضة) في ضوء جلسة مجلس الأمن الدولي بالأمم المتحدة للنظر في القضية، وعضوية تونس الحالية في المجلس».
يأتي هذا في وقت تحدث رئيس وزراء إثيوبيا، آبي أحمد، عن «عدم تعرض مصر والسودان لضرر بسبب الملء الثاني لـ(السد)». وقال في رسالة وجهها للشعبين المصري والسوداني عبر موقع «تويتر» أمس: «يمكن أن يكون (سد النهضة) الإثيوبي مصدراً للتعاون بين دولنا الثلاث». وأضاف أحمد «أود أن أطمئن الشعبين السوداني والمصري أنهم لن يتعرضوا أبداً لضرر ذي شأن بسبب ملء (السد)، لأنه لن يأخذ سوى جزء صغير من التدفق... وفي السودان سيكون (الروصيرص) أكثر قدرة على الصمود ولن يخضع لتقلب شديد بسبب التدفق، وبالتالي فإن المجتمعات المحيطة تكون مطمئنة». من جانبه، أكد الرئيس التونسي خلال اتصاله مع نظيره المصري على «دعم بلاده الكامل لكل ما من شأنه الحفاظ على الأمن المائي المصري كجزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، ومن ثم مساندتها للتحرك المصري - السوداني داخل مجلس الأمن بهدف تعزيز مسار المفاوضات، والتوصل إلى اتفاق (عادل) و(شامل) بشأن قواعد ملء وتشغيل (السد)». ووفق البيان الرئاسي المصري فإن «الرئيس السيسي أعرب عن تقديره لتونس في مساعيها الحالية للمساهمة بصفتها عضواً حالياً في مجلس الأمن في (حلحلة الجمود) القائم في المسار التفاوضي، ودعم موقف مصر بهدف الوصول لاتفاق (ملزم) لقواعد ملء وتشغيل (سد النهضة)».
وقال السيسي في وقت سابق إن «لجوء مصر والسودان لمجلس الأمن، نتيجة للتعنت ومحاولات فرض الأمر الواقع من جانب إثيوبيا، الأمر الذي أدى إلى تعثر مسار المفاوضات الجارية برعاية الاتحاد الأفريقي». وشدد الرئيس المصري على أن «تحرك مصر والسودان في مجلس الأمن يهدف لتعزيز المسار الأفريقي ويؤكد على قيادة الاتحاد الأفريقي ورئاسته للمسار التفاوضي، مع تمكين رئاسة الاتحاد الأفريقي، بالتعاون مع الدول والأطراف المشاركة، من الاضطلاع بدور فعال في تسيير النقاش، ومعاونة الدول الثلاث على التوصل لاتفاق ملزم (قانوناً) لملء وتشغيل (السد) في إطار زمني وواضح ومحدد»... ومنذ عام 2011 تتفاوض مصر والسودان وإثيوبيا، بشكل متقطع، للوصول إلى اتفاق حول ملء وتشغيل «السد»، دون نتيجة تذكر». وقال نائب مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، محمد إبراهيم، إن «كلمة مصر أمام جلسة مجلس الأمن كانت شارحة بشكل موضوعي وتفصيلي ومتكامل لموقفها خلال عشر سنوات من التفاوض، وكذا المخاطر الناجمة عن الإجراءات السلبية التي تتخذها إثيوبيا وتأثيرها على الأمن المائي المصري»، موضحاً في تصريح لوكالة أنباء «الشرق الأوسط» الرسمية في مصر أمس، أن «مصر ما زالت حريصة على أن تتفاوض من أجل حل هذه الأزمة في الإطار الأفريقي، ولم تمانع يوماً ما من أن يكون هذا الحل من خلال الاتحاد الأفريقي، وهو ما حدث خلال الفترة السابقة؛ إلا أن الموقف التفاوضي في المرحلة المقبلة يجب أن يتم بشكل مغاير تماماً عما ذي قبل»، مضيفاً أن «أي مفاوضات قادمة يجب أن تكون محددة التوقيت وتؤدي إلى التوصل إلى اتفاق (قانوني ملزم) بشأن ملء وتشغيل (السد) وبمشاركة أكثر فاعلية من الأطراف المراقبة».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم