دورات وورش تدريبية على الكتابة تنتشر بسرعة في الأوساط الثقافية

هل هي على مبدأ تعلم الإبداع في 5 أيام أم صقل للموهبة أم تجارة؟

من إحدى الدورات التدريبية للهيئة العامة للشباب والرياضة
من إحدى الدورات التدريبية للهيئة العامة للشباب والرياضة
TT

دورات وورش تدريبية على الكتابة تنتشر بسرعة في الأوساط الثقافية

من إحدى الدورات التدريبية للهيئة العامة للشباب والرياضة
من إحدى الدورات التدريبية للهيئة العامة للشباب والرياضة

ينظر إليها بعضهم على أنها بمثابة فكرة «تعلم الإبداع في 5 أيام»، بينما يراها آخرون على أنها صقل للموهبة ليس إلا.
هذا هو حال دورات وورش الإبداع التي انتشرت بشكل هائل خلال السنة الأخيرة في دولة الكويت، وتقوم على فكرة التدريب على الكتابة في مختلف أجناس الأدب، مثل الرواية والقصة وعروض الشعر وأوزانه وموسيقاه، وكتابة السيناريو والسينما والمسرح والإعلام، وفنون الرسم والتصوير الضوئي.. وغيرها.
بعض هذه الدورات والورش تقيمها مؤسسات ثقافية رسمية أو جمعيات نفع عام أو مؤسسات خاصة أو حتى أفراد، وهذا يعني أنها تقسم إلى مجانية ومدفوعة الثمن. والمدفوعة الثمن إما تكون برسوم رمزية أو بمبالغ أكبر، وتلك الأخيرة هي التي يقيمها الأفراد. والجهات المعنية بهذه الدورات هي غالبا، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، ورابطة الأدباء الكويتيين، ونادي الكويت للسينما، والهيئة العامة للشباب والرياضة، وأما الأفراد، فهم على الأغلب ممن سبق وأصدروا روايات لاقت رواجا فقرروا أن يدَّرسوا هذا الفن لغيرهم. وقد بدا واضحا أن تنامي ظهور هذه الدورات والورش التدريبية ناجم عن الإقبال الشديد عليها من الجيل الشاب بالدرجة الأولى، ومن باقي الأجيال أيضا، وتتراوح نسبة المنتسبين إلى هذه الدورات بدءا من عشرين شخصاَ لتصل في بعض الأحيان إلى مائة شخص. وتكون القاعات التي تقام فيها هذه الدورات مجهزة تقنيا بكافة الوسائل الحديثة، مثل شاشات العرض الضوئية والإنترنت، ويمنح المتدرب في نهاية الدورة شهادة تخرج. وكثيرون من الذين التحقوا بهذه الدورات أصدروا لاحقا أعمالا أدبية وإن كانت متفاوتة المستوى.
ولكن حسن هذه الدورات انقسم حولها النقاد والمثقفون، فمنهم من يرى فيها أنها تشبه فكرة تعلم «الإنجليزية» في 5 أيام، ويرون أنه من غير المنطقي أن تعلم أحدا ما فن الكتابة، لأن فن الكتابة برأيهم هو موهبة لا يمكن تلقينها، ومن عدم الجدوى أن نعمل ورشات للتدريب على الإبداع، بينما يرى آخرون أن الهدف من هذه الدورات ليس تعليم الإبداع بل صقله وتوجيه المبتدئين فيه توجيها فنيا سليما، أي على المتدرب أن يكون موهوبا أولا، ولديه مبادئ الكتابة، ثم يأتي المدرب فيصقلها له. ولكن هذا يتنافى مع الواقع، إذ إن بعض عناوين الدورات هي فعلا توحي بأن الدورة هي لتعليم الكتابة.

* سوق سلع تجارية
الناقد فهد الهندال لديه رؤية متأنية حول هذه الدورات فهو يقول: اعتراضي ينجم عما أراه من مزاحمة الدورات لبعضها البعض في عملية التسويق لنفسها وكأننا أمام سوق سلع تجارية وليس دورات ثقافية معنية بالكتابة، وهو ما يجعل الأمور تنقلب لغير صالح المشروع الكتابي المنشود وتفشي الكتابة غير الناضجة والمستهلكة سريعا لا الدائمة لفترة أطول. وأيضا من باب ظاهرة استسهال النشر والاستعجال على صفة الروائي دون التدرج في اكتساب الوعي المطلوب فنيا ومعرفيا بالبناء الروائي. آملا أن يعي تماما القائمون على هذه الدورات مسؤولياتهم مستقبلا في المعادلة الحالية التي بدأت تميل كفة كم الإصدارات تحت مفهوم «الرواية» على حساب النوع.. لأتساءل كم كاتبا سنجد في الساحة بوعي ومهارة سعود السنعوسي وبثينة العيسى وعبد الوهاب الحمادي وهديل الحساوي وباسمة العنزي وخالد النصرالله وغيرهم ممن أثبتوا أنفسهم كروائيين ضمن جيل الشباب؟
ومن منطلق الموضوعية يقول فهد الهندال: لا شك أن الدورات التدريبية المعنية بتطوير أدوات الكتابة مهمة جدا لكونها تقدم خبرات كتاب مخضرمين لكتاب على الطريق ومن يتلمس منهم موهبة جادة ومسؤولة في مجال الكتابة شأنها في ذلك شأن بقية الدورات الأخرى المهتمة بصقل مواهب المبدعين. وبخصوص الكتابة الروائية فهناك ورش عمل على مستوى عال من التنظيم والمتابعة الدورية وتكون على مدى فترة مدروسة من الزمن قد تمتد على مدى أسابيع أو شهور كما مع دورة الروائية نجوى بركات ومشروع المحترف في الكتابة الروائية.
لذا وحسب رأي الهندال، فمثل هذه الدورات مطلوب الوعي بها كمسؤولية في تلمس قدرات المتقدمين أولا وجديتهم والأهم عدم استعجالهم بعيدا أن تكون دورات تمنح صك الكتابة الروائية فقط واستسهال عملية الكتابة بحد ذاتها.

* محمد خان ونور الشريف
من المؤيدين لهذه الدورات مدير نادي السينما عماد النويري حيث أقام النادي أكثر من 10 ورش سينمائية في مجالات الفيلم المختلفة، وكانت البداية عام 2002 عندما نظم النادي ورشة في السينما الرقمية أدارها المخرج اللبناني أسد فولاذ كار أعقبها بورشة متخصصة في التصوير السينمائي أدارها المصور العربي القدير سعيد شيمي عام 2004. ثم ورشة في مجال التمثيل أدارها وحاضر فيها النجم نور الشريف عام 2005. ثم في الإخراج وكتابة السيناريو أدارها وحاضر فيها المخرج محمد خان وكاتب السيناريو بسام سليمان. وتوالت الورش بعد ذلك في فن التصوير وكتابة السيناريو والإخراج السينمائي وشارك في هذه الورش كل من د.أسامة أبو طالب وياسر المسلمي وعبد العزيز الحداد ومدير النادي عماد النويري. وتراوحت المدة المقررة لكل ورشي ما بين أسبوع إلى أسبوعين. ويقول النويري: أرى أن هذه الورش لها أهمية في تدريب المواهب السينمائية في شتى المجالات لأنها تصقل هذه المواهب وتعرفهم بالمبادئ الأساسية لكل فن من عناصر الفيلم المختلفة. لكن من المؤكد أنها لا تصلح لتخريج عناصر ملمة بكافة التفاصيل لأن ذلك يحتاج إلى شهور وسنوات وشهادات علمية وأكاديمية. ويضيف: لكن يمكن القول إن هناك الكثير من المواهب السينمائية والتلفزيونية التي تخرجت في هذه الورش ونجحت في أن تشق طريقا لها في مجالات السينما والتلفزيون في الكويت وفي دول الخليج المختلفة. ويذكر النويري هنا مثالين فالمخرج خالد الرفاعي هو خريج ورشة الإخراج التي أشرف عليها المخرج محمد خان، والمخرج السينمائي عبد الله بوشهري بجانب دراسته الأكاديمية كان مشاركا في ورشتي الإخراج والتمثيل لمحمد خان ونور الشريف.



مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي
TT

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

في عددها الجديد، نشرت مجلة «القافلة» الثقافية، التي تصدرها شركة «أرامكو السعودية»، مجموعة من الموضوعات الثقافية والعلمية، تناولت مفهوم الثقافة بالتساؤل عن معناها ومغزاها في ظل متغيرات عصر العولمة، وعرّجت على الدور الذي تضطلع به وزارة الثقافة السعودية في تفعيل المعاني الإيجابية التي تتصل بهذا المفهوم، منها إبراز الهويَّة والتواصل مع الآخر.

كما أثارت المجلة في العدد الجديد لشهري نوفمبر (تشرين الثاني)، وديسمبر (كانون الأول) 2024 (العدد 707)، نقاشاً يرصد آفاق تطور النقل العام في الحواضر الكُبرى، في ضوء الاستعدادات التي تعيشها العاصمة السعودية لاستقبال مشروع «الملك عبد العزيز للنقل العام في الرياض».

وفي زاوية «بداية كلام» استطلعت المجلة موضوع «القراءة العميقة» وتراجعها في العصر الرقمي، باستضافة عدد من المشاركين ضمن النسخة التاسعة من مسابقة «اقرأ» السنوية، التي اختتمها مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي «إثراء» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وفي السياق نفسه، تطرّق عبد الله الحواس في زاوية «قول في مقال» إلى الحديث عن هذه «المسابقة الكشافة»، التي تستمد حضورها من أهمية القراءة وأثرها في حياتنا.

في باب «أدب وفنون»، قدَّم قيس عبد اللطيف قراءة حول عدد من أفلام السينما السعودية لمخرجين شباب من المنطقة الشرقية من المملكة، مسلطاً الضوء على ما تتناوله من هموم الحياة اليومية؛ إذ يأتي ذلك بالتزامن مع الموسم الخامس لـ«الشرقية تُبدع»، مبادرة الشراكة المجتمعية التي تحتفي بـ«الإبداع من عمق الشرقية».

وفي «رأي ثقافي»، أوضح أستاذ السرديات وعضو جائزة «القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً»، د. حسن النعمي، دور الجائزة في صناعة مشهد مختلف، بينما حلَّ الشاعر عبد الله العنزي، والخطّاط حسن آل رضوان في ضيافة زاويتي «شعر» و«فرشاة وإزميل»، وتناول أحمد عبد اللطيف عالم «ما بعد الرواية» في الأدب الإسباني، بينما استذكر عبد السلام بنعبد العالي الدور الأكاديمي البارز للروائي والفيلسوف المغربي محمد عزيز الحبابي. أما علي فايع فكتب عن «المبدع الميّت في قبضة الأحياء»، متسائلاً بصوت مسموع عن مصير النتاج الأدبي بعد أن يرحل صاحبه عن عالم الضوء.

في باب «علوم وتكنولوجيا»، تناولت د. يمنى كفوري «تقنيات التحرير الجيني العلاجية»، وما تعِد به من إمكانية إحداث ثورة في رعاية المرضى، رغم ما تنطوي عليه أيضاً من تحديات أخلاقية وتنظيمية. وعن عالم الذرَّة، كتب د. محمد هويدي مستكشفاً تقنيات «مسرِّعات الجسيمات»، التي تستكمل بالفيزياء استكشاف ما بدأته الفلسفة.

كما تناول مازن عبد العزيز «أفكاراً خارجة عن المألوف يجمح إليها خيال الأوساط العلمية»، منها مشروع حجب الشمس الذي يسعى إلى إيجاد حل يعالج ظاهرة الاحتباس الحراري. أما غسّان مراد فعقد مقارنة بين ظاهرة انتقال الأفكار عبر «الميمات» الرقمية، وطريقة انتقال الصفات الوراثية عبر الجينات.

في باب «آفاق»، كتب عبد الرحمن الصايل عن دور المواسم الرياضية الكُبرى في الدفع باتجاه إعادة هندسة المدن وتطويرها، متأملاً الدروس المستفادة من ضوء تجارب عالمية في هذا المضمار. ويأخذنا مصلح جميل عبر «عين وعدسة» في جولة تستطلع معالم مدينة موسكو بين موسمي الشتاء والصيف. ويعود محمد الصالح وفريق «القافلة» إلى «الطبيعة»، لتسليط الضوء على أهمية الخدمات البيئية التي يقدِّمها إليها التنوع الحيوي. كما تناقش هند السليمان «المقاهي»، في ظل ما تأخذه من زخم ثقافي يحوِّلها إلى مساحات نابضة بالحياة في المملكة.

ومع اقتراب الموعد المرتقب لافتتاح قطار الأنفاق لمدينة الرياض ضمن مشروع «الملك عبد العزيز للنقل العام»، ناقشت «قضية العدد» موضوع النقل العام، إذ تناول د. عبد العزيز بن أحمد حنش وفريق التحرير الضرورات العصرية التي جعلت من النقل العام حاجة ملحة لا غنى عنها في الحواضر الكبرى والمدن العصرية؛ فيما فصَّل بيتر هاريغان الحديث عن شبكة النقل العام الجديدة في الرياض وارتباطها بمفهوم «التطوير الحضري الموجّه بالنقل».

وتناول «ملف العدد» موضوعاً عن «المركب»، وفيه تستطلع مهى قمر الدين ما يتسع له المجال من أوجه هذا الإبداع الإنساني الذي استمر أكثر من ستة آلاف سنة في تطوير وسائل ركوب البحر. وتتوقف بشكل خاص أمام المراكب الشراعية في الخليج العربي التي ميَّزت هذه المنطقة من العالم، وتحوَّلت إلى رمز من رموزها وإرثها الحضاري.