غيب الموت، اليوم (الجمعة)، السيدة جيهان السادات، أرملة الرئيس الراحل محمد أنور السادات، بعد صراع مع المرض.
وقد وصفت رئاسة الجمهورية الراحلة بأنها «قدمت نموذجاً للمرأة المصرية في مساندة زوجها في ظل أصعب الظروف وأدقها، حتى قاد البلاد لتحقيق النصر التاريخي في حرب أكتوبر المجيدة، الذي مثل علامة فارقة في تاريخ مصر الحديث، وأعاد لها العزة والكرامة».
وحظيت جيهان السادات باهتمام واسع نظراً للدور الذي لعبته في المجال العام، إبان حكم السادات، فبحسب الأرشيف الرقمي الذي أصدرته مكتبة الإسكندرية للرئيس الراحل أنور السادات، فإن جيهان السادات شاركت زوجها الرئيس الراحل معظم الأيام والأحداث المهمة التي شهدتها مصر.
وبدأت نشاطها العام بداية الستينات، إلا أن دورها بدأ يتبلور بعد تعيين السادات نائباً لرئيس الجمهورية عام 1969، ثم اختياره رئيساً بعد وفاة عبد الناصر في عام 1970.
وبدأ نجمها يظهر بشكل كبير بعد حرب أكتوبر 1973، حيث اصطحبت السيدات المتطوعات للخدمة بالمستشفيات إلى مكة المكرمة لصلاة الشكر لله، ثم إلى منطقة القناة لتشكر الجنود المرابطين هناك.
ورأست جيهان السادات خلال فترة حكم زوجها 30 منظمة وجمعية خيرية (مثل الهلال الأحمر، جمعية بنك الدم، رئيس شرف لتنظيم الأسرة، الجمعية المصرية لمرضي السرطان، جمعية الخدمات الجامعية)، وأنشأت مركزاً للعناية بالمعوقين 1972، ومركز تدريب لتأهيل المحاربين القدماء أطلقت عليه اسم «مدينة الوفاء والأمل»، ولرعاية مرضى السرطان، وتم افتتاح أول قرية أطفال SOS لتسع 300 طفل في القاهرة وأخرى بالإسكندرية وثالثة بطنطا، ومشروع لكفالة الطفل اليتيم.
من أهم نشاطاتها تبني حملة قوية من أجل حقوق النساء، وقادت الدعوة لتنظيم الأسرة، وسعت لتعديل قانون الأحوال الشخصية لصالح المرأة.
ورشحت جيهان السادات نفسها «مستقلة» عام 1974 للحصول على مقعد في المجلس الشعبي في المنوفية الذي يضم ممثلي 300 قرية، وذلك بهدف إظهار دور المرأة السياسي، وإفساح الفرصة للنساء الريفيات للمساهمة في السياسة، وأعيد انتخابها عام 1978، وخدمت 3 سنوات كأول سيدة رئيس لمجلس شعبي في مصر.
وحصلت على الدكتوراه، بعد وفاة السادات 1981، وكرست جهودها للتدريس، وإلقاء المحاضرات في الجامعات العالمية، ووزعت وقتها بين الإقامة في مصر والولايات المتحدة الأميركية، ثم أصبحت إقامتها الدائمة في القاهرة، أصدرت كتابها عن ذكرياتها بعنوان «سيدة من مصر»، وأصدرت بعد ذلك «كتاب أملي في السلام».
يُذكر أن الراحلة قالت، في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، بمناسبة الذكرى الأربعين لنصر أكتوبر (تشرين الأول) 1973، إنها توقعت سقوط حكم «الإخوان»، وإنه لو كان السادات موجوداً لما وصل «الإخوان» للحكم أبداً، وعبرت عن حزنها من تجاهل دعوة أسرة السادات في ذكرى النصر وقت حكم الجماعة الإرهابية، بينما تصدر المشهد قتلته، على حد قولها.
ووصفت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بأنه «بطل جاء بعد 30 سنة من رحيل جمال عبد الناصر وأنور السادات».
وقالت: «من أسوأ الأمور أن الرئيس المعزول محمد مرسي قسم البلد لنصفين، هما أهله وعشيرته (الإخوان)، ونحن الذين لا ننتمي لـ(الإخوان)، نكون خارج الموضوع تماماً، بينما المفروض أن يكون الرئيس مسؤولاً عن كل الناس».
وأكدت أن الموقف السعودي تجاه مصر «مشرف»، وليس بغريب على السعودية، وقالت: «السعودية دائماً تقف مع مصر موقف الأخ تجاه شقيقه، ومنذ أيام الملك فيصل (رحمه الله)، حينما منع البترول عن الغرب في حرب 1973، ولن ننسى ذلك أبداً».
ووُلدت جيهان صفوت رؤوف أو جيهان السادات كما عُرفت في حيّ الروضة بمدينة القاهرة عام 1933، والتقت مع السادات للمرة الأولى في السويس لدى قريب لها، صيف عام 1948، هو حسن عزت زوج ابنة عمتها وكان صديقاً لمحمد أنور السادات ضابط الجيش الذي ترك الخدمة بعد المحنة التي اجتازها في قضية اغتيال أمين عثمان وزير المالية الذي لقي مصرعه في يناير 1946، وكانت فصول المحاكمة قد شدتها إليه قبل أن تراه أو تعرفه، وكانت في الخامسة عشرة من عمرها، حيث وقعت في غرامه وقررت الزواج منه.
وفي 1949، كان زواجهما بعد خطبة دامت بضعة شهور، وكانت شقتهما في جزيرة الروضة، وأنجبت له أربعة أولاد، هم: لُبنى وجمال ونهى وجيهان الصغيرة.