مغريات «داعش» للشباب.. بين الخيال والواقع المر؟

يعدهم بالزواج وبشهر عسل على نهر الفرات وحياة ملؤها المغامرة

مغريات «داعش» للشباب.. بين الخيال والواقع المر؟
TT

مغريات «داعش» للشباب.. بين الخيال والواقع المر؟

مغريات «داعش» للشباب.. بين الخيال والواقع المر؟

يتعاظم خطر المتطرفين في أوروبا يوما بعد يوم، وينوه الساسة والمسؤولون الأمنيون الغربيون بين الفينة والأخرى عن مخاوفهم هذه التي تطفو على السطح. ففي رد فعله عن هذه الظاهرة، قال رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس، اليوم (الأحد)، ان "هناك اليوم ثلاثة آلاف أوروبي في سوريا والعراق. وعندما ننظر الى الأشهر المقبلة قد يصل عددهم الى خمسة آلاف قبل الصيف، وعلى الأرجح 10 آلاف قبل نهاية العام. هل تدركون التهديد الذي يطرحه هذا الامر؟". مضيفا أن حوالى "10 آلاف أوروبي قد ينضمون الى المجموعات المتطرفة في سوريا والعراق بحلول نهاية 2015؛ أي أكثر بثلاث مرات من عددهم حاليا".
ومع احتدام خطورة هذه الظاهرة، يؤكد فالس "اننا نحتاج الى مستوى عال من اليقظة. وفي نفس الوقت علينا تعبئة المجتمع والأسر، وايضا توجيه رسالة الى هؤلاء الشباب؛ الى الأقلية الضئيلة المارقة من هؤلاء الشباب التي تسعى اليوم الى القتل".
وكان "داعش" نشر منذ يونيو (حزيران) الماضي سلسلة سينمائية لمقاطع ذبح وحرق وإعدامات جماعية تغلغلتها رسائل تحذيرية لمن يرفض او يحارب التنظيم.
وحول ذلك، يؤكد جوزيف ناي المفكر السياسي الاميركي البارز والأستاذ في كلية كينيدي بجامعة هارفارد، في مقاله الذي كتبه على موقع "بروجيكت سينديكيت" الأميركي، "أن الجماعات الإرهابية على يقين أنها لن تتمكن من التغلب على جيوش الدول بخوض حروب مباشرة. ولذلك، يقوم داعش بحرب هجينة على جبهات عدة وتكتيكات متنوعة؛ منها اللجوء لإعدامات بشعة تلفت الأنظار، والحضور المكثف على وسائل التواصل الاجتماعي".
ويضيف ناي أن "هذه الحرب الاستفزازية التي يقودها التنظيم حشّدت بدورها صفوفا من مندديه. وأن نتاج التنديد الدولي أنه خلق أقلية من المتعاطفين أعلنوا ولاءهم لما يمثله التنظيم. وبذلك يصبح المتعاطفون مع داعش عناصر مجندين به، وجيشا يحشد له".
وبعيدا عن مشاهد قطع الرؤوس والذبح، يعد التنظيم الشبان بمغريات عن التحاقهم وسفرهم للعراق وسوريا، ويعتمد لنشرها على آلة دعائية ضخمة تشمل وسائل التواصل الاجتماعي، منها: المنزل والمال والسلاح، والطبابة الدائمة، والكهرباء المجانية... اما الاطفال فلهم المدارس والمعاهد الاسلامية التي توفر تنشئة عسكرية ودينية. وأما الفتيات، فيحاول التنظيم ترغيبهن بالعيش فيما سماها "دولة الخلافة في سوريا والعراق"، حسب ادعائه. ويعدهن بحياة ملؤها المغامرة والعمل والحب وبنزهة قرب النهر... مع زوج حلال".
وكانت صحيفة «الشرق الأوسط» قد رصدت في أكتوبر(تشرين الاول) الماضي قصة الفرنسيتين سمرا وصالحة اللتين قررتا السفر لسوريا بحثا عن مقاتلين ليصبحا فارسي أحلامهما؛ وذلك بعد أن شاركتا في فيلمين وثائقيين، إلى جانب أخريات، عن حظر النقاب؛ إذ قررتا الانضمام إلى "داعش" في خطوة منهما لدعم التنظيم بـما يسمى «جهاد النكاح»، العام الماضي. واتخذت الفرنسيتان، وهما في العقد الثاني من عمرهما، مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة لذلك.
وقالت: إنيس دي فيو، مخرجة الفيلم الوثائقي «ما وراء النقاب»، لـلصحيفة، إن سمرا وصالحة انضمتا إلى القتال في سوريا، وذلك بعد أن تلقت رسالة منهما عبر الإنترنت.
وأضافت دي فيو: «إن النساء اللاتي كن يشاركن معها في الفيلمين الوثائقيين، مهوسات بالزواج. ولأنهن لم يجدن فارس أحلامهن اتجهن إلى سوريا».
وتشير صحف غربية الى ان اقصى محمود - الفتاة الغامضة التي تقدم نفسها على انها طبيبة انتقلت للعيش في سوريا - وصلت الى سوريا قادمة من غلاسكو في نوفمبر(تشرين الثاني) 2013، وهي واحدة من نحو 550 شابة انتقلن الى سوريا والعراق، بحسب تقديرات خبراء، بعد ان جذبهن "داعش".
وظهرت أقصى بعد ذلك في سوريا كمتحدثة باسم التنظيم. كما أصبحت مهمة الشابة إلهام وتجنيد المزيد من الفتيات الغربيات لصفوفه.
بدوره، يعمل «داعش» على الاستقطاب والتودد لتلك الفتيات من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.
وقد نشرت محمود على موقع «تمبلر» للتواصل الاجتماعي، المكافآت التي ستنالها الفتيات مقابل هجرتهن وانضمامهن لـلتنظيم.
وتتضمن جوائز الحرب التي تنالها الفتيات ثلاجات، ومواقد، وأفران، وأجهزة «ميكروويف»، وآلات الميلك شيك، ومكانس كهربائية، ومنازل دون إيجار تتوافر فيها خدمات الكهرباء والماء.
من جانبها، تقول مديرة مركز "كارنيغي" للشرق الأوسط للأبحاث في بيروت لينا الخطيب لوكالة الصحافة الفرنسية، إن التنظيم "يبيع الشبان والشابات يوتوبيا (وهم المثالية) إسلامية على مقاسه، لا علاقة لها طبعا بالدين الاسلامي". وتتابع "يقول لهم هذه هي الدولة الاسلامية الحقيقية الوحيدة في العالم، ويمكنكم ان تصبحوا اشخاصا مهمين فيها"، مشيرة الى انه "يستهدف شبانا وشابات لم يكوّنوا هوياتهم بعد".
وفي دراسة أجراها معهد الحوار الاستراتيجي في لندن أخيرا حول الأسباب وراء التحاق الاجنبيات لصفوف "داعش"، تؤكد نتائج الدراسة ان هناك ثلاثة أسباب رئيسة لذلك؛ وهي: ان الفتيات يلتحقن لإيمانهن بأن الإسلام مهدد، او لانهم يريدون ان يكونوا عناصر فعالة في بناء مجتمع اسلامي جديد تحت خلافة، والسبب الثالث هو أنهم يعتقدون أن مسؤوليتهم الأولى في الحياة هي الهجرة إلى "دولة الخلافة" وتدفعهم مشاعر "الأخوة" والتكافل لتحقيق ذلك، حسبما أعلنت الدراسة.
من جانبه، يرى حسن حسن مؤلف كتاب "تنظيم الدولة الاسلامية: من داخل جيش الرعب"، ان "الفتيات اللواتي ينضممن الى هذا التنظيم يبحثن عن المغامرة (...) وبعضهن يعشن في عالم وهمي ويحلمن بالزواج من محاربين".
وتشرح أقصى ان الزواج يتم بعد ان يزور العريس - الذي يحصل على سبعة ايام اجازة ما ان يتزوج - عروسه ويراها لمرة واحدة، وان النساء يخترن مهرهن بأنفسهن (...) وهن بالاجمال لا يطلبن مجوهرات، بل يخترن الكلاشنيكوف".
وفي حفلات الزفاف، لا ألعاب نارية، بل "طلقات رصاص والكثير من التكبير"، فيما السير قرب نهر الفرات هو النزهة المفضلة للمتزوجين حديثا.
وتمدد تنظيم "داعش" بشكل كبير خلال الصيف الماضي في شمال العراق وغربه وشمال سوريا وشرقها، معلنا قيام ما سماها "دولة الخلافة"، انطلاقا من الاراضي التي يسيطر عليها.
من جانبها، توصي مجلة "دابق" الالكترونية الناطقة باسم التنظيم والصادرة بالانجليزية، الراغبين في الهجرة، بألا يقلقوا "حيال المال او ايجاد مسكن. هناك الكثير من المنازل والموارد المخصصة لك ولعائلتك".
وفي عدد حمل عنوان "دعوة الى الهجرة" في شهر اغسطس (آب) الماضي، اكد التنظيم انه "بحاجة أكثر من أي وقت مضى الى خبراء ومهنيين واختصاصيين"، وتحديدا بحسب ما يقول زعيمه ابو بكر البغدادي إلى "القضاة وأصحاب الكفاءات العسكرية والادارية والخدمية والاطباء والمهندسين" وكلها برواتب خيالية.
وكان المرصد السوري لحقوق الانسان قد نوه بمقتل 120 شخصا في سوريا بين شهري اكتوبر وديسمبر(وكانون الأول) الماضيين، لدى محاولتهم مغادرة المناطق التي يسيطر عليها التنظيم.
وتخلص الخطيب الى القول إنها أجرت "مقابلات مع شبان عادوا من الرقة ومناطق أخرى". وتبين لها ان لديهم شعورا بالنقمة بعدما أحسوا بأنهم تعرضوا للغش لأنهم وجدوا حكما يقوم على القمع ويأمرهم بعدم التفكير" وتتابع "لقد شعروا انهم بايعوا مشروعا فارغا".
فهل سينجح التنظيم المتطرف في الاستمرار بتجنيد الشباب والشابات إلى صفوفه بدعاوى الإسلام والجهاد المزيفة. أم أن الواقع المر والحقيقة التي عاشها العائدون والهاربون من صفوفه كفيلة بإبطال مشروعه الهمجي والإجرامي.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.