واشنطن تستبعد اتفاقاً مع طهران قبل انتهاء ولاية روحاني

الوفد الإيراني يلتقي وفود القوى الكبرى في مباحثات إحياء الاتفاق النووي خلال اجتماع مشترك مطلع أبريل الماضي (رويترز)
الوفد الإيراني يلتقي وفود القوى الكبرى في مباحثات إحياء الاتفاق النووي خلال اجتماع مشترك مطلع أبريل الماضي (رويترز)
TT

واشنطن تستبعد اتفاقاً مع طهران قبل انتهاء ولاية روحاني

الوفد الإيراني يلتقي وفود القوى الكبرى في مباحثات إحياء الاتفاق النووي خلال اجتماع مشترك مطلع أبريل الماضي (رويترز)
الوفد الإيراني يلتقي وفود القوى الكبرى في مباحثات إحياء الاتفاق النووي خلال اجتماع مشترك مطلع أبريل الماضي (رويترز)

مرة أخرى، تعمد إيران إلى زيادة الضغوط على مفاوضات فيينا الساعية إلى إعادة تفعيل الاتفاق النووي لعام 2015، باللجوء إلى «الأدوات» المتوافرة بين أيديها، وهي -وفق قراءة أوروبية- من نوعين: الأول، يتناول طبيعة برنامجها النووي، وتجاوزها المتواصل للأسقف الموضوعة له، فضلاً عن ابتزاز الوكالة الدولية للطاقة النووية وجعلها تلهث وراءها. والثاني، يتركز على قدراتها على إثارة المتاعب للولايات المتحدة، والغربيين بشكل عام، من خلال التنظيمات التابعة لها في العراق وسوريا واليمن، كما ظهر مجدداً في الساعات الماضية.
بيد أن التطور الأبرز الأخطر يتمثل في قرار طهران إنتاج معدن اليورانيوم بنسبة تخصيب تصل إلى 20 في المائة، الأمر الذي جاء في آخر تقرير للوكالة الدولية، وقد أقر به مسؤولون إيرانيون من غير مداورة. وقال مبعوث إيران لدى الوكالة الدولية إن «العمليات انطلقت»، وإن الغرض منها «تحسين إنتاج الأدوية».
وسبق للجانب الإيراني أن لوح بأمر كهذا قبل عدة أشهر، ولكن بعد انطلاق المفاوضات غير المباشرة مع واشنطن بوساطة أوروبية، وبمشاركة مباشرة من الأطراف الخمسة الأخرى الموقعة على الاتفاق، توافرت معلومات من مصادر مشاركة في المفاوضات تفيد بأن إدارة الرئيس روحاني أعلمت الوكالة بأنها «تجمد» خططها لإنتاج معدن اليورانيوم. إلا أنه بعد أربعة أشهر من المفاوضات في فيينا، وست جولات مطولة، يبدو أن الأمور قد اتخذت منحى مختلفاً.وجاءت ردة الفعل السريعة من الجانبين الأوروبي والأميركي لتبين، وفق المصادر المشار إليها، جدية المخاوف التي يثيرها القرار الإيراني، وهو ما كانت تسعى إليه طهران من خطوتها الأخيرة. ومصدر المخاوف أن الخبراء النوويين لا يرون أن إيران بحاجة لإنتاج معدن اليورانيوم المخصب، وبالتالي فإن الاستعمال الوحيد هو عسكري الطابع.
وهذا الجانب شدد عليه بيان وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وألمانيا الذي صدر ليل أول من أمس. وجاء في البيان ما حرفيته: «ليس لإيران حاجة مدنية مقنعة لمواصلة أنشطتها لإنتاج معدن اليورانيوم، أو لمتابعة أبحاثها وعمليات التطوير الخاصة به؛ هذه الأنشطة تشكل مرحلة أساسية لإنتاج السلاح النووي». وأشار نيد برايس، الناطق باسم الخارجية الأميركية، في السياق عينه، إلى «القلق من الخطوة التصعيدية الإيرانية الخاصة بتجارب لا فائدة لها إلا السعي لإنتاج سلاح نووي».
وثمة قناعة متزايدة بأن إيران الساعية إلى التخلص من العقوبات الأميركية تريد أن تضع واشنطن والغربيين أمام المعادلة التالية: إما رفع جميع العقوبات بأشكالها كافة، وتوفير الضمانات (بما فيها القانونية)، لجهة أن واشنطن لن تخرج مجدداً من الاتفاق، وأنه في حال خروجها لن تفرض قوانينها العابرة للحدود على الأطراف الخمسة الأخرى؛ وإما المخاطرة بأن يرى العالم إيران تقترب من الحافة النووية، أو أن تتحول إلى قوة نووية في المنطقة، بما لذلك من تداعيات سياسية وجيو-استراتيجية. وليس سراً أن واشنطن، إن زمن الرئيس السابق دونالد ترمب أو في عهد الرئيس جو بايدن، التزمت بمنع إيران من التحول إلى قوة نووية، وكذلك هددت إسرائيل بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية. ولذا، فإن الطرف الثاني من المعادلة يعني ولوج المنطقة إلى أجواء من التوتير الأعلى والأخطر، وربما الحرب المفتوحة.
اللافت أن الخطوة الإيرانية الجديدة تأتي بعد رفض طهران «حتى اليوم» تمديد العمل بالاتفاق التقني المبرم مع الوكالة الدولية لثلاثة أشهر (مارس/ آذار وأبريل/ نيسان ومايو/ أيار)، وتم تمديده لشهر إضافي (يونيو/ حزيران)، وكان منتظراً أن تقبل طهران -من غير مساومة- العمل به لشهر يوليو (تموز) من أجل جولة سابعة (أخيرة) من المفاوضات. وتربط الأوساط الأوروبية الخطوة الإيرانية بأمرين: الأول، وصول طهران إلى قناعة، مفادها أن إدارة بايدن، على الرغم من رغبتها المعلنة الحقيقية في العودة إلى الاتفاق النووي، ترفض الخضوع للمطالب المغالية الإيرانية. وهذه المطالب أصبحت معروفة، وهي تتناول -إلى الضمانات المشار إليها سابقاً- رفع كل العقوبات، وليس فقط التي أعادت إدارة ترمب فرضها على البرنامج النووي، بما فيها تلك التي تتناول «الحرس الثوري» الإيراني، ومكتب المرشد، والرئيس المنتخب، وأن تكون واشنطن هي البادئة بالتراجع.
يضاف إلى ذلك حل مشكلة الأشخاص المحتجزين في إيران والولايات المتحدة، في إطار عملية تبادل معقدة. وقد أشار روب مالي الذي يرأس فريق المفاوضين الأميركيين إلى ذلك، في مقابلة مع إذاعة «صوت أميركا» الناطقة بالفارسية، بقوله: «لا يمكنني الدخول في تفاصيل ما وصلت إليه المفاوضات... لكن لأكون صادقاً صريحاً، لقد أحرزنا تقدماً، لكننا لم ننتهِ بعد». وتابع: «ليست مهمة سهلة لأن إيران تتقدم بكثير من المطالب، ويعتقدون أن بإمكانهم الحصول على الكثير لأنهم يعرفون أننا نريد إعادة مواطنينا إلى الوطن». ويتوافق هذا الكلام مع ما جاء على لسان الرئيس روحاني الذي قال، في اجتماع الحكومة الإيرانية أمس، إن مشكلة العقوبات بيد إيران التي بإمكانها أن تنهي الأمر هذا الأسبوع. وأشار في الاجتماع الأسبوعي للحكومة إلى أن «العقوبات بيدنا، وجزء منها بيد الآخرين، لكن نحن الأصل، ويمكننا أن نقرر هذا الأسبوع، وننهي الأمر، ويمكن أيضاً أن تستمر (المفاوضات) لشهور، ولكن تلك قضية أخرى».
وكان روحاني، أواخر الشهر الماضي، قد تحدث عن «استدراج» إيراني لواشنطن إلى طاولة المفاوضات، ونجاح في «حلحلة القضايا»، قائلاً: «إذا أردنا إنهاء العقوبات اليوم، لنعطِ صلاحيات لعراقجي (نائب وزير الخارجية المفاوض الرئيسي) للذهاب إلى فيينا، ليصبح الاتفاق نهائياً في غضون أيام، ويعلن رفع جميع العقوبات».
من هنا، فإن الأطراف المفاوضة، بمن فيهم الطرف الأميركي، يحثون طهران على اتخاذ القرارات «الصعبة»، وفق تعبير وزير الخارجية الفرنسي، من أجل إغلاق ملف المفاوضات.
أما الأمر الثاني، فعنوانه انتخاب إبراهيم رئيسي رئيساً للجمهورية الإسلامية. والمرجح -غربياً- أن التشدد الإيراني الذي أوصل المفاوضات إلى طريق مسدود لا يمكن فهمه إلا على ضوء رغبة الفريق الجديد في حرمان روحاني ومجموعته من تحقيق إنجاز رفع العقوبات قبل انتهاء ولايته الثانية. وهذا أيضاً ما لمح إليه الأخير بقوله: «إذا أرادوا (يقصد الجهات العليا في إيران)، يمكننا أن ننهي العقوبات اليوم». وإزاء هذه التطورات السلبية كافة، يعترف الطرف الأوروبي بأن «موجة التفاؤل» التي سادت في الأسابيع الأولى من المفاوضات قد تراجعت اليوم، وهي ترجح أن تكون الأمور مجمدة حتى نهاية ولاية روحاني. ولعل أبرز دليل على ذلك أنه، حتى اليوم، لا تاريخ محدداً لجولة جديدة من مفاوضات فيينا، بينما الأوضاع الميدانية التي تتواجه فيها إيران والولايات المتحدة الأميركية بالواسطة ذاهبة إلى التصعيد. ومن هنا، كان التحذير المزدوج الصادر عن الطرف الأميركي: جاء الأول على لسان الناطق باسم الخارجية الذي نبه المسؤولين الإيرانيين إلى أنهم «لن يحصلوا على أي ورقة ضاغطة بفضل استفزازاتهم على طاولة المفاوضات»؛ وجاء الثاني على لسان مالي الذي استبعد العودة إلى المفاوضات، لأنه «بينما تقترب إيران من نهاية ولاية روحاني، وبسبب انتقال السلطة، فإن كل شيء مجمد». ويترك روحاني منصبه الشهر المقبل، فهل ستغير طهران نهجها في المستقبل؟ السؤال مطروح، وبعضهم يرى أنه من الأفضل التفاوض مع إدارة قادمة، بدل تقديم تنازلات لإدارة راحلة، على الرغم من أن المفتاح الأساسي في الملف النووي موجود في مكان آخر.



تركيا تؤكد أن هدفها الاستراتيجي في سوريا هو القضاء على «الميليشيا الكردية»

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)
TT

تركيا تؤكد أن هدفها الاستراتيجي في سوريا هو القضاء على «الميليشيا الكردية»

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)

قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، يوم أمس (الجمعة)، إن القضاء على الميليشيا الكردية السورية المدعومة من الولايات المتحدة هو «الهدف الاستراتيجي» لبلاده، ودعا أعضاء الميليشيا إلى مغادرة سوريا أو إلقاء السلاح.

وفي مقابلة مع قناة «إن تي في» التركية، دعا فيدان أيضاً حكام سوريا الجدد - المعارضة المسلحة التي اجتاحت دمشق والمدعومة من أنقرة- إلى عدم الاعتراف بالميليشيا، المعروفة باسم "وحدات حماية الشعب».

يذكر أن المجموعة متحالفة مع الولايات المتحدة في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) لكن تركيا تعتبرها «منظمة إرهابية» وتهديداً أمنياً.

وقال فيدان «يجب على أعضاء وحدات حماية الشعب غير السوريين مغادرة البلاد في أسرع وقت ممكن... يجب على مستوى القيادة بوحدات حماية الشعب بأكمله مغادرة البلاد أيضاً... بعد ذلك، يجب على من يبقوا أن يلقوا أسلحتهم ويواصلوا حياتهم».

وأضاف فيدان، أنه «مع تقدم المعارضة السورية المسلحة نحو دمشق والإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، طلبت تركيا في المحادثات التي كانت تجري في قطر في ذلك الوقت من إيران وروسيا عدم التدخل عسكرياً».