معهد في فرنسا لبناء ذاكرة عن الجائحة والاستعداد لأزمات المستقبل

رئيسة معهد «كوفيد-19 آد ميموريام» ليتيسيا أتلاني دويو (أ.ف.ب)
رئيسة معهد «كوفيد-19 آد ميموريام» ليتيسيا أتلاني دويو (أ.ف.ب)
TT

معهد في فرنسا لبناء ذاكرة عن الجائحة والاستعداد لأزمات المستقبل

رئيسة معهد «كوفيد-19 آد ميموريام» ليتيسيا أتلاني دويو (أ.ف.ب)
رئيسة معهد «كوفيد-19 آد ميموريام» ليتيسيا أتلاني دويو (أ.ف.ب)

ترأس عالمة الأنثروبولوجيا الفرنسية والمتخصصة في الصحة العامة ليتيسيا أتلاني دويو معهد «كوفيد-19 آد ميموريام» التابع لجامعة باريس ومعهد أبحاث التنمية والذي أنشئ في بداية الجائحة عام 2020 لجمع الشهادات والأبحاث عن الوباء وتحليلها، وكذلك بهدف إنشاء شبكة من المعاهد المماثلة حول العالم. وهناك هدف أبعد هو تعزيز الوقاية من الأزمات الصحية المستقبلية التي قد لا تكون بالضرورة وبائية، بل قد تنجم عن كوارث طبيعية أو نزاعات أو عنف سياسي.
تقول أتلاني دويو لوكالة الصحافة الفرنسية: «جعلنا الوباء ننتقل من الإجهاد الحاد، وهو شكل من أشكال توقف الحياة والانطواء، إلى الإجهاد المزمن الذي ينعكس ردود فعل تراوح بين إنكار الواقع والتجنب والبحث عن تحديد المسؤوليات أو إيجاد كبش فداء، ويتجلى حتى عند البعض بنظرية المؤامرة. لهذا السبب نحن في حاجة إلى استجابة سياسية ومجتمعية واقتصادية».
تضيف: «تتمثل فكرتنا في استخدام أدوات رقمية وتقنيات العلوم الاجتماعية لتوفير مساحة يمكن للباحثين والمواطنين الرجوع إليها للتقويم، من دون الاعتماد على المجالات الأخرى مثل وسائل الإعلام أو التحقيقات البرلمانية أو المحاكم أو نظريات المؤامرة».
وبهدف تكوين الذاكرة الجماعية، أطلق المعهد برامج لجمع ذكريات كوفيد-19 في المستشفيات أو الجمعيات أو مع السلطات السياسية المحلية. وسيحصل باحثون على تفويض مطلق لإجراء الدراسات الاستقصائية داخل معهد باستورالفرنسي المرموق. وفي مثال آخر، بدأ اتحاد مستشفيات فرنسا جمع الشهادات من طواقم التمريض في المستشفيات العامة ودور رعاية المسنين. أما المثال الثالث، فهو إطلاق بلدية باريس حملة تستهدف الباريسيين تركّز على فئات كعناصر الإطفاء وموظفي صناديق الدفع، وعمال جمع القمامة. وكما هي الحال بالنسبة إلى معهد باستور، ستخزّن كل البيانات على منصة «كوفيد-19 آد ميموريام» الإلكترونية.
وفي 14 سبتمبر (أيلول)، يطلق المعهد دعوة واسعة لتقديم الشهادات لكي يتمكن الجميع من وضع النصوص والصور والموسيقى على أحد التطبيقات بما يتيح للمواطنين تَشارك تجاربهم. ولا يهدف ذلك إلى التركيز على الموت أو الحداد فحسب، بل أيضاً إلى تتبع الأحداث الإيجابية أو الاختراعات. وتنظم ايضاً مؤتمرات للتحدث عن التحول إلى أشكال العمل الهجينة، ومسائل حماية البيانات في ظل الاعتماد غير المسبوق على التقنيات الرقمية في العناية المركزة لمواكبة المحتضرين.
وقد تتناول أعمال أخرى الأشكال الجديدة من الحياة الزوجية، والنموذج الفرنسي لدور رعاية المسنين والتركيز على كبار السن مجدداً في ما يتعلق بالرعاية. والمحور الثالث للمعهد هو دعم المؤسسات التي تبادر إلى ابتكار خطوات استذكارية، كتوجه اتحاد المستشفيات وبلدية باريس إلى إقامة نشاطات تكريمية.
تتولى تمويل المعهد جزئياً منظمة الصحة العالمية التي تدعم بقوة تدويله. وهذا التدويل يستلزم إنشاء شبكة من معاهد "«كوفيد-19 آد ميموريام»، وأولى الدول التي ستبادر إلى ذلك غانا وبوركينا فاسو. والشبكة في طور التوسع ايضاً إلى بريطانيا وكندا وقريباً إلى جنوب شرق آسيا.


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج (جنوب مصر). وذكرت البعثة الأثرية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» في مصر وجامعة «توبنغن» الألمانية أنه جرى اكتشاف الصرح خلال العمل في الناحية الغربية لمعبد أتريبس الكبير.

وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، هذا الكشف «النواة الأولى لإزاحة الستار عن باقي عناصر المعبد الجديد بالموقع»، وأوضح أنّ واجهة الصرح التي كُشف عنها بالكامل يصل اتساعها إلى 51 متراً، مقسمة إلى برجين؛ كل برج باتّساع 24 متراً، تفصل بينهما بوابة المدخل.

ولفت إسماعيل إلى أنّ الارتفاع الأصلي للصرح بلغ نحو 18 متراً، وفق زاوية ميل الأبراج، ما يضاهي أبعاد صرح معبد الأقصر، مؤكداً على استكمال أعمال البعثة في الموقع للكشف عن باقي المعبد بالكامل خلال مواسم الحفائر المقبلة، وفق بيان للوزارة.

جانب من صرح المعبد المُكتشف (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، قال رئيس «الإدارة المركزية لآثار مصر العليا»، ورئيس البعثة من الجانب المصري، محمد عبد البديع، إنه كُشف عن النصوص الهيروغليفية التي تزيّن الواجهة الداخلية والجدران، خلال أعمال تنظيف البوابة الرئيسية التي تتوسَّط الصرح، كما وجدت البعثة نقوشاً لمناظر تصوّر الملك وهو يستقبل «ربيت» ربة أتريبس، التي تتمثّل برأس أنثى الأسد، وكذلك ابنها المعبود الطفل «كولنتس».

وأوضح أنّ هذه البوابة تعود إلى عصر الملك بطليموس الثامن الذي قد يكون هو نفسه مؤسّس المعبد، ومن المرجح أيضاً وجود خرطوش باسم زوجته الملكة كليوباترا الثالثة بين النصوص، وفق دراسة الخراطيش المكتشفة في المدخل وعلى أحد الجوانب الداخلية.

وقال رئيس البعثة من الجانب الألماني، الدكتور كريستيان ليتز، إنّ البعثة استكملت الكشف عن الغرفة الجنوبية التي كان قد كُشف عن جزء منها خلال أعمال البعثة الأثرية الإنجليزية في الموقع بين عامَي 1907 و1908، والتي زُيّن جانبا مدخلها بنصوص هيروغليفية ومناظر تمثّل المعبودة «ربيت» ورب الخصوبة «مين» وهو محوط بهيئات لمعبودات ثانوية فلكية، بمثابة نجوم سماوية لقياس ساعات الليل.

رسوم ونجوم تشير إلى ساعات الليل في المعبد البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

وأضاف مدير موقع الحفائر من الجانب الألماني، الدكتور ماركوس مولر، أنّ البعثة كشفت عن غرفة في سلّم لم تكن معروفة سابقاً، ويمكن الوصول إليها من خلال مدخل صغير يقع في الواجهة الخارجية للصرح، وتشير درجات السلالم الأربع إلى أنها كانت تقود إلى طابق علوي تعرّض للتدمير عام 752.

يُذكر أنّ البعثة المصرية الألمانية المشتركة تعمل في منطقة أتريبس منذ أكثر من 10 سنوات؛ وأسفرت أعمالها عن الكشف الكامل لجميع أجزاء معبد أتريبس الكبير، بالإضافة إلى ما يزيد على 30 ألف أوستراكا، عليها نصوص ديموطيقية وقبطية وهيراطيقة، وعدد من اللقى الأثرية.

وعدَّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، «الكشف عن صرح معبد بطلمي جديد في منطقة أتريبس بسوهاج إنجازاً أثرياً كبيراً، يُضيء على عمق التاريخ المصري في فترة البطالمة، الذين تركوا بصمة مميزة في الحضارة المصرية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «هذا الاكتشاف يعكس أهمية أتريبس موقعاً أثرياً غنياً بالموروث التاريخي، ويُبرز تواصل الحضارات التي تعاقبت على أرض مصر».

ورأى استمرار أعمال البعثة الأثرية للكشف عن باقي عناصر المعبد خطوة ضرورية لفهم السياق التاريخي والمعماري الكامل لهذا الصرح، «فمن خلال التنقيب، يمكن التعرّف إلى طبيعة استخدام المعبد، والطقوس التي مورست فيه، والصلات الثقافية التي ربطته بالمجتمع المحيط به»، وفق قوله.

ووصف عبد البصير هذا الاكتشاف بأنه «إضافة نوعية للجهود الأثرية التي تُبذل في صعيد مصر، ويدعو إلى تعزيز الاهتمام بالمواقع الأثرية في سوهاج، التي لا تزال تخفي كثيراً من الكنوز».