الجشع والمصائر المتشابكة في «من خشب وطين» للأشعري

صدرت أخيراً للكاتب المغربي محمد الأشعري، عن منشورات «المتوسط» في إيطاليا، رواية جديدة بعنوان «من خشبٍ وطين».
ومما جاء في كلمة الناشر على غلاف هذه الرواية التي جاءت في 360 صفحة من القطع المتوسط: «إبراهيم رجل يقرِّر في لحظة ما تغييرَ مسارهِ البديهي في الحياة، كما هو مرسومٌ مُسبقاً للجمُوع؛ يتخلَّى عن وظيفته المرموقة في البنك، يتركُ المدينة، يُطلِّق زوجته التي هي أيضاً زميلة عمله، ويلجأ إلى مكان هادئ بجوار غابة المعمورة في المغرب. هناك، حيثُ يعتني بتربية النَّحل، سيلتقي بقُنْفُذٍ مُصاب، ليتعرَّف بسببهِ على الطبيبة البيطريَّة بريجيت، وتظهر بوادرُ علاقة حبٍّ يخشى أن تعيدهُ إلى أحابيل المدينة، هو القادم من منطقة غائمة بداخله، الهاربُ إلى الضواحي، المعتقد أنَّ مكانة الحياة تكمنُ في الحياة ذاتِها، وليس في الأشياء التي تتزاحم فيها».
وتتساءل الورقة: «مَا هو الضروري، وَمَا هو الزائد؟»، لترى أن رواية الأشعري الجديدة تقف على دقائقِ الأمورِ، عند تلك «التفاصيل والكائناتِ الصغيرة التي لا نعتقدُ يوماً أنَّها ستُغيِّر حياتنا»، حيث نكون مع «رواية عن الغابة بأشجارها ومائها، بعتمتِها وتوحُّشِها، هذه القطعة المفقودة في أرواحنا، وقبل ذلك عن الجشع الإنساني والمصائر المتشابكة التي تصيرُ معها كلُّ الأجوبة السليمة ضرباً من الجنون».
ولمحمد الأشعري عدة إصدارات شعرية وروائية، منها: «عينان بسعة الحلم» (1981)، و«يومية النار والسفر» (1983)، و«سيرة المطر» (1988)، و«مائيات» (1994). وفي الرواية والقصة: «يوم صعب» (1992)، و«جنوب الروح» (1996)، و«القوس والفراشة» (2010)، و«علبة الأسماء» (2014)، و«ثلاث ليالٍ» (2017)، و«العين القديمة» (2018). وكان قد نال عن روايته «القوس والفراشة» جائزة البوكر العربية للرواية لعام 2011، مناصفة مع الروائية السعودية رجاء عالم، عن روايتها «طوق الحمام».

من أجواء الرواية
«ذات صباح وهو يشرب قهوته قبل الدخول إلى البنك، قرأ مقالاً صغيراً في جريدة (لوموند) الفرنسية عن الخطر الذي يتهدَّد الحياة في كوكب الأرض جرَّاء الإبادة التي يتعرَّض لها النحل في جميع أنحاء المعمور. لم يكن يعير النحل أي اهتمام، ولم يكن يتصوَّر أبداً أن انقراض النحل سيؤدِّي إلى انقراض الحياة. ربَّما فكَّر أن ينقرض العسل الذي لا يكنُّ له محبَّة خاصَّة، أمَّا الحياة برمَّتها، فكيف يكون مصيرها معلَّقاً بهذه الحشرة الصغيرة الهشَّة التي تموت إذا لسعت، وتعيش أيَّاماً معدُودة في شغل دائم لا يشبهه سِوى الشغل في البنك؟ كان إبراهيم قد اتَّخذ قراره بتغيير الوجهة، ولكنه أحبَّ أن يكون هذا المقال الطريف هو الشرارة الأولى التي اشتعل بها حريق كبير في حياته، حريق سيؤدِّي به إلى سوء تفاهم كبير مع العالم».