دياب يدعو المجتمع الدولي لمساعدة لبنان بمعزل عن تشكيل حكومة

جعجع يتهمه بإضاعة المليارات ويصف الاجتماع بـ«المحزن»

رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب يخاطب الدبلوماسيين أمس محاطاً بعدد من الوزراء (دالاتي ونهرا)
رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب يخاطب الدبلوماسيين أمس محاطاً بعدد من الوزراء (دالاتي ونهرا)
TT

دياب يدعو المجتمع الدولي لمساعدة لبنان بمعزل عن تشكيل حكومة

رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب يخاطب الدبلوماسيين أمس محاطاً بعدد من الوزراء (دالاتي ونهرا)
رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب يخاطب الدبلوماسيين أمس محاطاً بعدد من الوزراء (دالاتي ونهرا)

دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب أمس، المجتمع الدولي إلى إنقاذ لبنان قبل فوات الأوان، وإلى عدم ربط دعمه للبنان بتشكيل حكومة جديدة، فيما يغرق البلد في انهيار اقتصادي غير مسبوق لم يعد تداركه ممكناً، محذراً من أن اللبنانيين باتوا «على شفير الكارثة».
وقال دياب في كلمة أمام عدد من سفراء وممثلي البعثات الدبلوماسية في بيروت، إن «لبنان يعبر نفقاً مظلماً جداً، وبلغت المعاناة حدود المأساة، فالأزمات الحادة التي يعيشها اللبنانيون، على مختلف المستويات الحياتية والمعيشية والاجتماعية والصحية والخدماتية، تدفع الوضع في لبنان نحو الكارثة الكبرى التي تتجاوز تداعياتها أي قدرة على الاحتواء، وبالتالي نصبح أمام واقع لبناني مخيف».
وقال دياب إن «الخطر الذي يهدد اللبنانيين لن يقتصر عليهم. عندما يحصل الارتطام الكبير، سيتردد صدى تداعياته خارج جغرافيا لبنان إلى المديين القريب والبعيد، في البر والبحر. لن يستطيع أحد عزل نفسه عن خطر انهيار لبنان». ورأى أن «هذه الوقائع تدفعنا للتأكيد أن العالم لا يستطيع أن يعاقب اللبنانيين أو أن يدير ظهره للبنان، لأن الاستمرار في هذه السياسة سيؤدي حتماً إلى انعكاسات خطيرة فتخرج الأمور عن السيطرة، بحيث يسود التشدد في العصبيات».
ورأى دياب أن «ربط مساعدة لبنان بتشكيل الحكومة يشكل خطراً على حياة اللبنانيين وعلى الكيان اللبناني، لأن الضغوط التي تمارس والحصار المطبق على لبنان لا يؤثر على الفاسدين، بل يدفع الشعب اللبناني وحده ثمناً باهظاً يهدد حياته ومستقبله، كما يهدد لبنان كنموذج ورسالة في العالم».
وقال «إن الاستمرار بحصار ومعاقبة اللبنانيين، سيدفع حكماً لتغيير في التوجهات التاريخية لهذا البلد، وسيكتسب هذا التغيير مشروعية وطنية تتجاوز أي بعد سياسي، لأن لقمة العيش وحبة الدواء ومقومات الحياة لا تعرف هوية جغرافية أو سياسية، ولا تقيم وزناً للمحاور الغربية والشرقية والشمالية، الأهم بالنسبة للبنانيين أن ينكسر هذا الطوق الذي بدأ يخنقهم ويقطع الأكسجين عن وطنهم».
وناشد رئيس حكومة تصريف الأعمال قادة الدول والمجتمع الدولي «المساعدة في إنقاذ اللبنانيين من الموت ومنع زوال لبنان»، الذي بات «على مسافة أيام قليلة من الانفجار الاجتماعي». وأضاف مخاطباً الدبلوماسيين: «أدعوكم إلى أن تساعدوننا في نقل رسالتنا إلى دولكم ومؤسساتكم: أنقذوا لبنان قبل فوات الأوان».
وأقر دياب بأن ما تتخذه حكومته من إجراءات وتدابير «نجحت في تأجيل الانفجار وليس منعه»، معتبراً أنّه «لا تستطيع هذه الحكومة ولا أي حكومة أخرى أن تنقذ البلد من المأزق، من دون مساعدة الدول الشقيقة والصديقة والمؤسسات الدولية».
وفي أول رد على تصريح دياب، قال رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، إنه «لن يقدم أحد على مساعدة أحد آخر إذا كان هذا الآخر لا يبدأ بمساعدة نفسه». وسأل دياب: «هل قمت بما يمليه عليك ضميرك وواجبك الدستوري والأخلاقي؟ إذا كنت تصف أمام الدول الصديقة للبنان الوضع الحالي بالخطير، ألم يكن الأجدى بك أن تعمل أنت بهذا التوصيف وتساعد نفسك وشعبك قبل أن تطلب منهم المساعدة؟». وتابع جعجع: «لماذا لم تجتمع حكومتك وتتخذ القرارات الآنية والتكتيكية المباشرة من أجل التخفيف من آلام المواطن اللبناني الذي أنت مسؤول عنه وعن وضعه ومصيره في الوقت الحاضر إلى حين تشكيل حكومة جديدة؟».
وقال جعجع مخاطباً دياب: «هل تعلم دولة الرئيس أنه منذ تسلمك رئاسة الحكومة عندما كانت حكومة كاملة الأوصاف وحتى اللحظة أهدرت على الشعب اللبناني مليارات من الدولارات في سياسة دعم عشوائية لم يصل منها إلى المواطن، في أحسن الحالات، سوى 20 في المائة مما صرف هدراً وفساداً وتهريباً؟»، وقال إن دياب «أضاع مليارات من الدولارات حتى عندما كان رئيساً لحكومة قائمة وليس في سياق تصريف الأعمال فقط»، وهي «مليارات كانت كفيلة بتوفير الدعم الفعلي للمحتاجين من الشعب اللبناني أقله لخمس سنوات إلى الأمام».
ووصف جعجع المشهد في السراي بأنه «محزن جداً كما هو كل يوم في بعبدا أو غيرها من المقرات الرسمية». وقال: «أما الحزن الأكبر فيكمن في طلب المساعدة من الآخرين في الوقت الذي نضيِّع فيه وقتنا وجهدنا وما تبقى لنا من إمكانات إهمالاً وتسييباً وفساداً ولا مبالاة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.