دمشق تفرج عن 142 معتقلاً «ليس بينهم سجناء سياسيون»

TT

دمشق تفرج عن 142 معتقلاً «ليس بينهم سجناء سياسيون»

أفيد بأن أجهزة الأمن السورية أفرجت في خمس دفعات عن 142 سجينا من غوطة دمشق «ليس بينهم سجناء رأي»، ذلك على خلفية زيارة الرئيس بشار الأسد إلى دوما شرق العاصمة السورية خلال تصويته خلال الانتخابات التي أعلنت دمشق فوزه بها، بحيث يؤدي القسم لولاية رابعة في 17 الشهر الجاري.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أمس، إنه منذُ مطلع يونيو (حزيران) الماضي أفرجت أجهزة النظام الأمنية عن 142 معتقلا من أبناء الريف الدمشقي، حيث جرى الإفراج عنهم عبر 5 دفعات جلهم ممن «لم تتلطخ أيديهم في الدماء» وفقاً للنظام السوري، لافتا إلى «أن المفرج عنهم جميعهم ممن اعتقلوا بعد سيطرة النظام السوري وحلفائه على الغوطة الشرقية في مارس (آذار) من العام 2018 وغالبيتهم اعتقلوا في قضايا جنائية، في حين لا يزال معتقلو الرأي يقبعون في سجون النظام الأمنية، حيث شهدت مناطق الغوطة الشرقية على وجه التحديد خلال الشهر المنصرم سخطاً شعبياً واسعاً بعد الوعود بالإفراج عن معتقلي الرأي، لكن النظام يواصل عادته بالكذب والمراوغة».
ويتحدر الـ142 الذين جرى الإفراج عنهم، حسب «المرصد»، من دوما، كفربطنا، جسرين، سقبا، عربين، حزة ، زملكا، عين ترما، دير العصافير ومناطق أُخرى من الغوطة الشرقية، والضمير وعدرا البلد والقلمون بريف دمشق.
وفي 3 يوليو(تموز) الجاري، أطلقت أجهزة الأمن 23 معتقلاً من سجونها، جلهم من أبناء مدينة دوما الريف الدمشقي، ممن لم تتلطخ أيديهم في الدماء، حسب «المرصد». وزاد: «في 26 يونيو (حزيران)، أطلقت أجهزة النظام الأمنية سراح 34 معتقلاً من سجونها، جلهم من أبناء الريف الدمشقي، ممن لم تتلطخ أيديهم في الدماء. ويتحدر المعتقلون الذين أفرج عنهم، من مناطق الضمير وعدرا البلد ودير العصافير والقلمون، بريف دمشق».
وفي 19 يونيو، «تجمهر مئات المواطنين في الساحة الرئيسية لمدينة كفربطنا بريف دمشق، لاستقبال أبنائهم الذين وعدتهم الأجهزة الأمنية بالإفراج عنهم، وحدثت حالات إغماء وبكاء لعشرات النساء، بسبب عدم إطلاق سراح أبنائهن الذين يقبعون في سجون النظام السوري منذ أكثر من 8 سنوات، ورغم وعود بإطلاق سراحهم، فإن المفرج عنهم غالبيتهم ممن اعتقلوا بقضايا جنائية، حيث أفرجت أجهزة النظام الأمنية عن 32 معتقلاً من أبناء ناحية كفربطنا في الغوطة الشرقية».
وجرى استقبال المفرج عنهم، بحضور «عراب المصالحات» في الغوطة الشرقية الشيخ بسام دفضع وبعض الموالين للنظام وضباط وأعضاء الفرق الحزبية.
وفي 12 يونيو، رصد نشطاء «المرصد» في الغوطة الشرقية، خروج دفعة معتقلين ويبلغ تعدادهم نحو 28 معتقلاً من أبناء مدينة عربين، ووصلت دفعة المعتقلين المفرج عنهم إلى الساحة الرئيسية للمدينة، بحضور الأهالي وضباط من النظام وعدد من مسؤولي الفرق الحزبية في الغوطة الشرقية. وقال ضابط من قوات النظام للأهالي إن المفرج عنهم جميعهم ممن لم تتلطخ أيديهم في الدماء، وسيتم الإفراج عن دفعات جديدة من معتقلي الغوطة الشرقية خلال الفترات القادمة بعفو من الرئيس السوري بشار الأسد، في حين شهدت مدينة عربين، توافد عدد كبير من النساء والرجال من مختلف مناطق الغوطة الشرقية وانتظار المعتقلين الذين أفرج عنهم، للبحث عن أبنائهم القابعين في سجون النظام منذ سنوات دون معرفة أي خبر عنهم، على أمل الإفراج عنهم، حيث كان يسود مكان استقبال المعتقلين استياء شعبي واسع لقلة تعداد المفرج عنهم».
وفي الـ5 من يونيو أشار «المرصد» إلى أن مدينة دوما «شهدت استياء شعبيا كبيرا على خلفية الوعود الكاذبة بالإفراج عن عشرات ومئات معتقلي الرأي في سجون النظام ممن جرى اعتقالهم قبل سنوات خلال الثورة السورية، وأن ما حصل لم يكن إلا مهزلة حقيقية، ورصد التفاصيل الكاملة لما جرى في دوما، حيث قامت أجهزة النظام الأمنية بجمع مئات الأشخاص من عوائل المعتقلين في دوما بذريعة الإفراج عن المعتقلين وأجبروهم على الهتاف لبشار الأسد، بحضور محافظ ريف دمشق ورئيس المخابرات العامة ووسائل إعلام النظام، وبعد وقت من الانتظار وإلقاء كلمة من قبل رئيس المخابرات العامة، وصلت حافلة تقل 24 شابا مع رجل وسيدة واحدة، وهو ما أثار دهشة المواطنين وبدأوا بالسؤال عن موعد وصول الحافلات الأخرى التي تقل المعتقلين».
وأكدت مصادر أن المفرج عنهم والذين بلغ عددهم 25 شخصا، «لا علاقة لهم بمعتقلي الرأي وجميعهم جرى اعتقالهم بعد سيطرة النظام على دوما عام 2018، بتهم وجرائم جنائية، وكانوا موقوفين في سجن عدرا ولا يوجد بينهم أحد من المعتقلين في صيدنايا أو الأفرع الأمنية الأخرى».



الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.