«الدولار النقدي» يعود لصناديق المصارف اللبنانية

بدء صرف الحصص الشهرية للمودعين بالعملات الصعبة

بدأت مصارف لبنانية صرف الحصص المحددة بواقع 800 دولار شهرياً للمودعين (رويترز)
بدأت مصارف لبنانية صرف الحصص المحددة بواقع 800 دولار شهرياً للمودعين (رويترز)
TT

«الدولار النقدي» يعود لصناديق المصارف اللبنانية

بدأت مصارف لبنانية صرف الحصص المحددة بواقع 800 دولار شهرياً للمودعين (رويترز)
بدأت مصارف لبنانية صرف الحصص المحددة بواقع 800 دولار شهرياً للمودعين (رويترز)

باشر عدد من المصارف اللبنانية صرف الحصص المحددة بواقع 800 دولار شهرياً للمودعين الذين يملكون حسابات محررة بالعملات الصعبة، فيما يتوقع التزام جميع المصارف بالتعليمات الصادرة عن البنك المركزي بعيد منتصف شهر يوليو (تموز) الحالي، بحيث يتم تمكين المستفيدين من سحب 400 دولار نقداً و400 دولار مستبدلة بسعر المنصة البالغ 12 ألف ليرة؛ وذلك لمدة سنة. علماً بأن المصارف المتأخرة لأي سبب متعلق بتوفر السيولة أو بمانع تقني، ستكون ملزمة باحتساب الحصة الشهرية وصرفها لاحقاً، بحيث لا تقل حصة المستفيد عن 12 دفعة خلال سنة كاملة.
ويتلهف نحو 800 ألف مودع في الجهاز المصرفي، ممن سيتم إدراجهم ضمن قوائم المستفيدين من الحصص الشهرية، على بدء عمليات السحب من ودائعهم المحررة بالعملات الصعبة وفق الآلية التي قررها «مصرف لبنان المركزي». حيث بدأ معظم المصارف إرسال إشعارات تبلغهم بضرورة مراجعة فروعهم بغية إتمام التحضيرات التي تنص على الموافقة وفتح حسابات متفرعة من الحساب الأصلي والتوقيع على رفع السرية المصرفية بشكل حصري عن الحساب المشمول بالتمكين من السحب. وذلك وفقاً لمندرجات التعميم رقم «158» الصادر في 8 يونيو (حزيران) الماضي، والذي ألزم المصارف بمباشرة الصرف لمودعيها بدءاً من شهر يوليو الحالي، ولمدة عام قابل للتجديد.
وسيجري بموجب التعميم تموين الحساب المتفرع بمبلغ 50 ألف دولار حداً أقصى، مما يعني أن تدبير الصرف قد يمتد إلى 5 سنوات باعتبار أن التمكين سيتيح الحصول على 9600 دولار كل سنة. لكن الغالبية الطاغية من حيث العدد من أصحاب الودائع الصغيرة التي تقل عن هذا السقف، يتوجسون من إقدام بعض المصارف على إقفال الحسابات الصغيرة بعد استنفاد المبالغ التي تقل عن 10 آلاف دولار خلال السنة الأولى. وهو ما نفته مصادر مصرفية استناداً إلى حق أي عميل في عدم سحب كامل وديعته. فضلاً عن عدم وجود أي مصلحة للمؤسسة في خسارة حسابات لطالما كانت منتجة، ولو بالحد الأدنى، وكابدت لتجميعها ضمن استهداف الشمول المالي.
أما لجهة تمويل السحوبات التي يقدر أن تتعدّى 3 مليارات دولار في السنة الأولى، تبعاً لحجم استجابة أصحاب الحسابات وتدني المبالغ المرصودة عقب 20 شهراً من الأزمة والاستحصال على السحوبات المتاحة خلالها، فإن البنك المركزي سيؤمن 50 في المائة من سيولة السحوبات من خلال تخفيض التوظيفات الإلزامية من 15 إلى 14 في المائة، أما النصف الثاني فتؤمنه المصارف عبر السيولة التي وضعتها في بنوك خارجية مراسلة، بعدما التزمت تعميماً سابقاً بتكوين رصيد يوازي 3 في المائة من ودائعها بالدولار. مع التنويه بأن صرف 400 دولار شهرياً بالليرة، من شأنه أن يرفع حجم الكتلة النقدية بما يتراوح بين 26 و27 تريليون ليرة في السنة الأولى.
ووفق كتاب توضيحي تلقاه رئيس «جمعية المصارف» سليم صفير، من حاكم «البنك المركزي» رياض سلامة، وجرى تعميمه على كل المصارف، فقد جرى حصر المستفيدين بالمودعين من الأفراد الذين يحوزون حسابات محررة بالعملات الصعبة تعود أرصدتها إلى ما قبل نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2019 (وقت اندلاع الاحتجاجات الشعبية)، على ألا تحتسب من ضمنها المبالغ المجمدة لقاء تسهيلات وضمانات مصرفية، بما فيها المطلوبات محتملة الدفع. كما يمنع على العميل طيلة فترة استفادته من التعميم «158» أن يستفيد من التعميم «151» الذي يجيز له سحب دولار من حساباته وفق سعر صرف 3900 ليرة للدولار.
ولا يندرج ضمن هذا التعريف لصاحب الحساب؛ أي فئة غير المستفيدين، «الأشخاص الاعتباريون بما يشمل المؤسسات والشركات التجارية والمؤسسات الفردية، والجمعيات ومؤسسات القطاع العام، والمصارف والمؤسسات المالية المقيمة وغير المقيمة، والأفراد من المعرضين سياسياً ومن المصرفيين وكبار المديرين الذين لم يعيدوا نسبة 30 في المائة من تحويلات موثقة جرت إبان الأزمة النقدية إلى الخارج، ومن العملاء الذين لم يعيدوا نسبة 15 في المائة من التحويلات عينها».
ويرتقب توالي استجابة البنوك لإعلام المستفيدين لديها بمواعيد استحقاق الدفعة الأولى. ومن أولى الإشارات صدور بلاغات رسمية من قبل بعض المصارف لبدء عمليات الصرف من خلال شبكات الفروع، مع التنويه بحصر هذه العمليات في الحسابات «المستوفية للمواصفات التي حددها التعميم»، والمندرجة ضمن اللوائح المتضمنة أسماء المستفيدين والذين يجري إبلاغهم عبر رسائل هاتفية بتمكينهم من إجراء السحوبات من الحسابات المحررة بالعملات الصعبة وفق الآلية المستحدثة.



غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
TT

غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)

سيذهب الغانيون إلى صناديق الاقتراع في السابع من ديسمبر (كانون الأول) لاختيار رئيس جديد وبرلمان، في انتخابات تراقبها الأوساط الاستثمارية من كثب لتحديد كيفية توجيه الفائز للاقتصاد الذي يخرج من مرحلة تعثر في سداد الديون.

المتنافسون الرئيسيون لاستبدال الرئيس نانا أكوفو - أدو، البالغ من العمر 80 عاماً، الذي يتنحى بعد ولايتين على رأس دولة تنتج الذهب والكاكاو، هما الرئيس السابق جون دراماني ماهاما ونائب الرئيس الحالي محامودو باوميا. كما أن هناك 11 مرشحاً آخرين يتنافسون على المنصب، وفق «رويترز».

ما الذي يركز عليه المستثمرون؟

وصلت غانا إلى نهاية عملية إعادة هيكلة الديون الطويلة والمعقدة؛ حيث أعادت الحكومة هيكلة 13 مليار دولار من السندات الدولية بوصف ذلك جزءاً من خطة أوسع لخفض الديون بنحو 4.7 مليار دولار وتوفير نحو 4.4 مليار دولار من تخفيف السيولة خلال برنامج صندوق النقد الدولي الحالي الذي يستمر حتى عام 2026.

ومع بقاء الخطوة الأخيرة المتمثلة في التوصل إلى اتفاق مع الدائنين التجاريين غير الأوروبيين، فإن المستثمرين يقومون بالفعل بتقييم فترة ما بعد الانتخابات لمعرفة ما إذا كان الفائز سوف يستمر في الإصلاحات الاقتصادية اللازمة لضمان استدامة الديون. وتعهد ماهاما (65 عاماً)، الذي يتصدر العديد من استطلاعات الرأي، بمحاولة إعادة التفاوض على شروط اتفاق صندوق النقد الدولي لتأمين المزيد من التمويل. ووعد أيضاً بتعديل القانون لوضع سقف للدين العام يتراوح بين 60 و70 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لمنع الاقتراض المفرط.

ومع ذلك، فإن فترة رئاسته السابقة (2012 - 2017) شهدت زيادة ملحوظة في الاقتراض للاستثمار في مشاريع البنية التحتية مثل الطرق، ما أوقعه في انتقادات بسبب نقص الكهرباء وارتفاع التضخم.

من جانبه، يتبنى بوميا (61 عاماً) شعاراً يتمثل في تحديث الاقتصاد من خلال الرقمنة، وخفض الضرائب، وتعزيز الانضباط المالي بهدف رفع النمو السنوي إلى متوسط ​​6 في المائة. وتعهد أيضاً بتحديد الإنفاق العام بنسبة 105 في المائة من عائدات الضرائب في العام السابق، وتقديم خطة ضريبية ثابتة، ونقل 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي من الإنفاق العام إلى القطاع الخاص لتوفير البنية الأساسية العامة.

هل يمكن للفائز إعادة التفاوض على برنامج صندوق النقد الدولي؟

من الشائع أن يلجأ القادة الجدد إلى صندوق النقد الدولي لمراجعة البرامج القائمة، كما حدث مؤخراً في سريلانكا. ويقول صندوق النقد الدولي، الذي يعد مقرض الملاذ الأخير لغانا في إعادة هيكلة ديونها بموجب الإطار المشترك لمجموعة العشرين، إن تركيزه الأساسي هو دعم الحكومة في استعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي مع تمكين استدامة الدين والنمو الشامل. وقد وافق الصندوق حتى الآن على الأداء الاقتصادي لغانا في إطار برنامج قروضه الحالي البالغة قيمته 3 مليارات دولار.

ويؤكد الصندوق أنه يمكن تعديل برنامج غانا الحالي؛ حيث يتم تطوير برامج الإصلاح المدعومة من الصندوق بالتعاون مع الحكومات وتتم مراجعتها بشكل دوري. ومع ذلك، يجب أن تؤخذ أي مناقشات في الاعتبار مع ضرورة الحفاظ على قدرة البلاد على تحقيق الأهداف الاقتصادية المنشودة.

ما القضايا الاقتصادية الأخرى التي تؤثر في الانتخابات؟

سيتعين على الفائز في الانتخابات أن يعالج عدداً من القضايا الملحة، بما في ذلك أزمة تكاليف المعيشة، والبطالة المتفشية، وارتفاع الأسعار، وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر. ويخطط حزب ماهاما (المؤتمر الوطني الديمقراطي) لزيادة الإنفاق الحكومي في القطاعات الاجتماعية مثل الصحة والتعليم، فضلاً عن تعزيز البنية الأساسية لدعم النمو وخلق فرص العمل، إذا فاز في الانتخابات.

أما حزب باوميا (الحزب الوطني الجديد) فيرغب في تحسين استقرار الاقتصاد من خلال خفض التضخم وجذب الاستثمارات الخاصة. وستواجه أي من الحكومات المقبلة خيارات محدودة في ظل العبء الثقيل للديون، وفقاً لتقرير «أكسفورد إيكونوميكس». وأظهرت تحليلات أن وعود ماهاما خلال الحملة الانتخابية بتحسين الظروف الاقتصادية للأفراد والأسر قد تجد نفسها في اختبار حقيقي نتيجة الحاجة إلى موازنة هذه الوعود مع مطالب صندوق النقد الدولي بالتحلي بضبط الإنفاق المالي.

السلع الأساسية على المحك

سيتعين على الحكومة الجديدة التعامل مع عملية الترخيص لمشاريع النفط والغاز الجديدة؛ حيث انخفض الإنتاج، الذي بدأ في عام 2010، في السنوات الخمس التي سبقت عام 2024. ويخطط ماهاما لمنح السكان المحليين المزيد من الملكية في مشاريع النفط والتعدين المستقبلية إذا فاز.

ويحتاج قطاع الكاكاو أيضاً إلى اهتمام عاجل. وانخفض الإنتاج في ثاني أكبر منتج للكاكاو في العالم إلى أدنى مستوى له منذ 20 عاماً، بسبب تدني أجور المزارعين، وأمراض النبات، وتهريب الحبوب، والتعدين غير القانوني الذي يدمر المزارع. وسوف تكون سوق الكاكاو العالمية مهتمة بشدة بمعرفة ما إذا كان الرئيس الجديد سينفذ مقترحات صندوق النقد الدولي لإجراء إصلاحات شاملة في القطاع، وما إذا كان نموذج التسويق الجديد الذي حل محل قروض الكاكاو المجمعة التي سادت لأكثر من ثلاثة عقود سوف يستمر.