بعد استهداف أبراج الطاقة في العراق... هجوم صاروخي على «عين الأسد»

إطلاق عملية أمنية لملاحقة مستهدفي خطوط الطاقة

جنود عراقيون بمنطقة الصليخ شرق بغداد أول من أمس (أ.ف.ب)
جنود عراقيون بمنطقة الصليخ شرق بغداد أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

بعد استهداف أبراج الطاقة في العراق... هجوم صاروخي على «عين الأسد»

جنود عراقيون بمنطقة الصليخ شرق بغداد أول من أمس (أ.ف.ب)
جنود عراقيون بمنطقة الصليخ شرق بغداد أول من أمس (أ.ف.ب)

أعلن العراق والتحالف الدولي أمس أن هجوماً بالصواريخ طال قاعدة «عين الأسد» في محافظة الأنبار غرب العراق دون وقوع خسائر بشرية. هجوم عين الأسد الصاروخي تزامن مع سلسلة استهدافات مستمرة منذ نحو عشرة أيام طالت العشرات من أبراج الطاقة في البلاد الأمر الذي أدى إلى تراجع تجهيز الكهرباء بشكل غير مسبوق.
وفيما أعلن مصدر مسؤول في قيادة عمليات الأنبار وقوع هجمات بصواريخ الكاتيوشا على القاعدة التي تضم جنوداً أميركيين، فإن الناطق باسم التحالف الدولي الكولونيل واين ماروتو أعلن في تغريدة أن القاعدة تعرضت إلى «هجوم بثلاثة صواريخ بدون تسجيل سقوط ضحايا ويتم تقييم الأضرار».
ويأتي الهجوم الصاروخي على عين الأسد بعد يوم من إعلان فصيل «كتائب حزب الله» العراقي الموالي لإيران عن أن الفصائل المسلحة سوف تواجه الأميركيين بـ«هجوم مباغت». ورغم أن صواريخ أمس هي جزء من 45 هجوماً طال المصالح الأميركية في العراق منذ بداية العام الحالي وتولي إدارة جو بايدن السلطة في البيت الأبيض فإنه يجيء عشية إعلان مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي أن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي يعتزم قريباً زيارة الولايات المتحدة الأميركية للقاء الرئيس الأميركي جو بايدن.
إلى ذلك، تستمر الهجمات على أبراج الطاقة في العراق الأمر الذي أدى إلى تقليص ساعات التجهيز للكهرباء الوطنية في ظل درجات حرارة هي الأعلى في العراق منذ سنوات. رئيس الوزراء وفي سياق إجراءاته التي قام بها في سبيل وضع حد للأزمة كان قد أكد أن «الفساد والهدر المالي وسوء الإدارة» هي التي لا تزال تحول دون إيجاد حل لهذه الأزمة التي تتفاعل في أشهر الصيف الحارة في العراق.
صيف هذا العام في العراق ساخن مرتين. فمن الناحية المناخية وطبقاً لتوقعات دائرة الأحوال الجوية سوف يشهد موجات من الحرارة هي الأقسى منذ عشرات السنين بحيث تتخطى فيها درجات الحرارة عتبة نصف درجة الغليان. وبالفعل تداول عراقيون على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لسياراتهم وهي تسجل درجات حرارة بلغت نحو 52 درجة مئوية. ومن ناحية أخرى، فإن الصيف الحالي يتزامن مع موعد الانتخابات المبكرة المقرر إجراؤها خلال فصل الخريف المقبل حيث تتصاعد حمى التنافس الانتخابي لتصل حد التسقيط السياسي والأخلاقي والفضائحي.
الجديد في حرب التسقيط هذه المرة هو دخول الكهرباء على الخط لكن بشكل غير مسبوق الأمر الذي أجبر السلطات العراقية على إطلاق حملة أمنية لملاحقة خلايا «داعش» التي توجه لها أصابع الاتهام في هذه القضية مع أن المراقبين والمتابعين للشأن العراقي يرون أن مافيات الفساد والإرهاب فضلاً عن قوى سياسية تسعى من جهة إلى إرباك الأوضاع من أجل تأجيل الانتخابات ومن جهة أخرى وضع العراقيل أمام أي نجاح يمكن أن يحققه الكاظمي ما يعزز شعبيته في الشارع العراقي.
ولفت استهداف أبراج الطاقة الكهربائية بالتفجيرات تارة والصواريخ الحرارية تارة أخرى وعبر مساحة جغرافية واسعة من البلاد الأنظار بقوة هذه المرة إلى جهات سياسية وجدت أن الحل الأنسب لتصفية حساباتها مع الكاظمي وداعميه هو في إشعال حرب الأبراج. ولم يعد أمام الأجهزة الأمنية العراقية سوى إطلاق حملات أمنية على غرار تلك الحملات التي تطلقها لمطاردة خلايا «داعش» النائمة. وفي هذا السياق، أعلنت قيادة العمليات المشتركة عن إطلاق عملية عسكرية لملاحقة خلايا إرهابية جنوب غربي الموصل في محافظة نينوى وذلك بالتزامن مع وصول وفد عسكري رفيع المستوى إلى المحافظة. غير أنه وفي الوقت الذي بدأت القطعات العسكرية حملات تمشيط في أطراف نينوى فإن عملية استهداف جديدة بالصواريخ طالت هذه المرة أحد أبراج الطاقة في منطقة الطارمية شمال بغداد. وقالت وزارة الكهرباء في بيان أمس الاثنين إن «خط قدس - نصر تعرض إلى حادث إرهابي بعبوة ناسفة».
بيان وزارة الكهرباء قيد الحادث ضد «جماعات إرهابية» وهي عبارة قابلة للتأويل في ظل عدم العثور على أدلة بشأن الجهات المتورطة في مثل هذه الأعمال. ورغم استقالة وزير الكهرباء ماجد حنتوش من منصبه فإن قبول الكاظمي الاستقالة وتشكيله خلية أزمة تدير ملف الكهرباء برمته بدا بديلاً مقبولاً لدى المواطنين.
إلى ذلك، أعلن كل من الجيش ووزارة الكهرباء عن إنشاء غرفة مشتركة، وقال الناطق باسم قيادة العمليات المشتركة اللواء تحسين الخفاجي في تصريح له إن «هذه الغرفة أخذت على عاتقها إعداد الخطط الأمنية لحماية أبراج نقل الطاقة الكهربائية وقامت بإدخال الطائرات المسيرة بالإضافة إلى طيران الجيش العراقي لأداء مهمات الحماية بالتنسيق مع القوات الأمنية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».