القضاء اللبناني يبدأ ملاحقة سياسيين وأمنيين وقضاة في ملف انفجار المرفأ

نصر الله: تسريب أسماء المدعى عليهم «توظيف سياسي نرفضه»

ذوو ضحايا انفجار مرفأ بيروت في اعتصام قبل يومين (أ.ف.ب)
ذوو ضحايا انفجار مرفأ بيروت في اعتصام قبل يومين (أ.ف.ب)
TT

القضاء اللبناني يبدأ ملاحقة سياسيين وأمنيين وقضاة في ملف انفجار المرفأ

ذوو ضحايا انفجار مرفأ بيروت في اعتصام قبل يومين (أ.ف.ب)
ذوو ضحايا انفجار مرفأ بيروت في اعتصام قبل يومين (أ.ف.ب)

قابل «حزب الله» اللبناني انطلاق مرحلة الملاحقات القضائية في ملف انفجار مرفأ بيروت، بأسف، قائلاً على لسان أمينه العام حسن نصر الله إنه «من المؤسف أن يعرف المدعى عليهم في قضية مرفأ بيروت الأسماء عبر الإعلام»، معتبراً أن ذلك «شكل من أشكال التوظيف السياسي الذي نرفضه».
وبدأ القضاء اللبناني، أمس (الاثنين)، تنفيذ مرحلة الملاحقات القضائية في ملف انفجار المرفأ الذي وقع في 4 أغسطس (آب) الماضي، حيث أحال النائب العام العدلي بالتكليف في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي غسان الخوري، طلبات المحقق العدلي القاضي طارق البيطار لاستدعاء الشخصيات السياسية والأمنية، كل على مرجعه المختص.
وأحال الخوري طلباً برفع الحصانة عن النواب علي حسن خليل وغازي زعيتر ونهاد المشنوق إلى مجلس النواب. ووفق القانون، يوجه المحقق العدلي كتاباً إلى مجلس النواب بواسطة النيابة العامة التمييزية يطلب فيه رفع الحصانة عن النواب، تمهيداً للادعاء عليهم وملاحقتهم، بحسب ما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام».
كما رفع القاضي الخوري طلباً إلى نقابة المحامين في طرابلس للحصول على إذنها لاستدعاء المحامي والوزير السابق يوسف فنيانوس، كما أحال إلى نقابة المحامين ببيروت طلباً للحصول على إذنها لاستدعاء النائبين المحاميين خليل وزعيتر.
كما أحال إلى رئيس مجلس الوزراء طلباً لاستدعاء المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا، فضلاً عن إحالة طلب إلى وزير الداخلية لاستدعاء المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، علماً بأن رئاسة مجلس الوزراء هي المرجع الإداري المختص لمدير عام أمن الدولة، كما أن وزارة الداخلية هي المرجع الإداري المختص بمدير عام الأمن العام الذي يتبع إدارياً لها.
وكان المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، أطلق مسار الملاحقات القضائية في هذا الملف، يوم الجمعة الماضي، بعد الانتهاء من مرحلة الاستماع إلى الشهود، حيث حدد موعداً لاستجواب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، كمدعى عليه في القضية، من دون أن يعلن عن هذا الموعد.
وشملت قائمة الملاحقات، قضاة وقادة عسكريين وأمنيين سابقين، إذ ادعى البيطار أيضاً، على قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي، ومدير المخابرات السابق في الجيش العميد كميل ضاهر، والعميد السابق في مخابرات الجيش غسان غرز الدين، والعميد السابق في المخابرات جودت عويدات.
وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية، أمس، بأن القاضي الخوري باشر مطالعته في الادعاء الوارد ضمن الطلبات التي أحالها إليه المحقق العدلي القاضي طارق البيطار في حق القاضيين جاد معلوف وكارلا شواح، وذلك خلال فترة توليهما منصبيهما في قضاء العجلة.
وفي مقابل ترحيب عائلات ضحايا انفجار المرفأ بالقرارات، قال أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله أمس: «من المؤسف أن يعرف المدعى عليهم في قضية مرفأ بيروت الأسماء عبر الإعلام»، في إشارة إلى تداول الإعلام أنباء عن ملاحقتهم يوم الجمعة الماضي قبل أن تصل إلى المراجع الإدارية المختصة بهم طلبات رسمية، معتبراً أن ذلك «شكل من أشكال التوظيف السياسي الذي نعود ونرفضه».
وقال نصر الله في خطاب متلفز أمس: «لن أعلق الآن حتى تصل الإخبارات القضائية المطلوبة لنعرف هل ما تم تسريبه صحيح أم لا». وأكد أن «ما نسعى إليه هو العدالة والحقيقة وحتى الساعة العدالة بعيدة والحقيقة ما زالت مخفية». وأضاف: «سبق أن طالبنا المحقق العدلي بنشر التحقيق التقني لنعرف سبب هذه الجريمة، وما الذي تسبب بهذا الانفجار الكبير، ولنعرف هل توجد وحدة معايير وهل يوجد أي استهداف سياسي».
إلى ذلك، نفى المحامي كريم بقرادوني، وكيل اللواء إبراهيم، أن يكون موكله يمتلك حساباً مالياً لدى شركة «الصكوك الوطنية» الإماراتية، طالباً إصدار بيان لتكذيب ما ورد في الكتاب الصادر من خالد الشيخ، وهو مدير لدى الشركة، بتاريخ 15 يونيو (حزيران) 2021 ونُشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال بقرادوني في بيان أمس، إنه وجه كتاباً إلى شركة «الصكوك الوطنية» الإماراتية بوكالته عن اللواء إبراهيم، رداً على كتاب المدير فيها خالد الشيخ الذي يُزعَم فيه أن رصيد حساب إبراهيم لدى الشركة بلغ ثلاثة ملايين وثمانمائة وستة وسبعين ألف دولار.
وأكد بقرادوني أن ما ورد في كتاب مدير الشركة «يشكل تحريفاً متعمداً للحقيقة وتضليلاً، وقد أصاب الموكل بضرر معنوي واجتماعي فادح، لا سيما أنه ورد من ضمن حملة تشهير طالت الموكل عبر وسائل التواصل الاجتماعي».
وأكد بقرادوني للشركة أن موكله «لم يفتح في الماضي أو في الحاضر» أي حساب لديها، سواء كان حساباً دائناً أو مديناً، وليس له أي علم بمثل هذا الحساب قبل الاطلاع على ما نشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وكل ما جاء في هذا الكتاب لا يمت إلى الحقيقة بصلة لا من قريب ولا من بعيد».
ويأتي النفي في ظل شائعات انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي بموازاة طلب المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت استدعاء إبراهيم، إلى جانب قادة أمنيين آخرين وسياسيين وقضاة، للاستماع إليهم في الملف.
وانقسم اللبنانيون كما القوى السياسية بين مؤيد ومتحفظ على القرارات وصولاً إلى اتهامها بالاستنسابية، فيما ثُبّتت لوحات إعلانية على طريق المطار تحمل صور اللواء إبراهيم داعمة له، حملت توقيع «محبي اللواء عباس إبراهيم».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.