نائب لبناني يحذّر من «ارتطام كبير» في حال عدم تشكيل حكومة إصلاحية

طعمة أعرب لـ «الشرق الأوسط» عن قلقه من «الانحدار» الاقتصادي والمعيشي

النائب نعمة طعمة (تويتر)
النائب نعمة طعمة (تويتر)
TT

نائب لبناني يحذّر من «ارتطام كبير» في حال عدم تشكيل حكومة إصلاحية

النائب نعمة طعمة (تويتر)
النائب نعمة طعمة (تويتر)

حذّر عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب نعمة طعمة من «ارتطام كبير» في لبنان، في حال لم يتم تشكيل حكومة إصلاحية إنقاذية تتحول إلى حكومة طوارئ اقتصادية لمعالجة قضايا الناس وهمومهم، مشيراً إلى «أن هناك حالة فقر في لبنان لم يسبق أن شهدها حتى في مراحل الحروب المؤسفة»، ومنبهاً إلى أن «الآتي أعظم في الأسابيع المقبلة نظراً لغياب المعالجات المطلوبة».
وأعرب طعمة، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، عن قلقه «من هذا الانحدار المريب الذي يشهده لبنان على المستويات الاقتصادية والحياتية والاجتماعية»، منتقداً «خوض البعض معاركه الرئاسية والانتخابية، فيما لبنان يحتضر، وهذا أمر مؤسف قد يؤدي إلى ما لا يُحمد عقباه في الشارع».
ورأى طعمة أن «الأمور متجهة إلى هذه الحالة في ظل غياب أي ضوابط وإجراءات وخطوات ناجعة تتلاءم مع هذا الانهيار المريب»، لافتاً إلى أن الناس في ضائقة معيشية واجتماعية وثمة ظروف قاسية يعيشها المواطن»، ومتسائلاً: «هل يعقل هذا الذل من خلال الطوابير حول محطات المحروقات بينما أزمة الدواء تتفاقم؟». وشدد على أن هذا الواقع «يحتّم تشكيل حكومة لتعنى بهذه المسائل باعتبارها من الأولويات، لأن صحة الناس أهم بكثير من مقعد وزاري أو نيابي أو حصة لهذا المسؤول أو ذاك».
وأسف طعمة «لهذا الترف السياسي» فيما يخص عدم الاتفاق على تشكيل حكومة، «كذلك انكباب البعض على مصالحهم الانتخابية»، مؤكداً أن «رغيف الخبز والدواء والسلع وحليب الأطفال؛ كل ذلك يبقى أهم بكثير من أي منصب في هذا البلد». وقال إن «فقدان حليب الأطفال فضيحة كارثية وإنسانية وبرسم كل من يعطل الحلول ويعرقل تأليف الحكومة ولا يكترث لمصلحة البلد والناس».
ورأى طعمه أن «هناك صعوبة لجهة إقدام أي دولة غربية أو عربية على دعم لبنان في هذه الظروف لجملة اعتبارات سياسية داخلية وإقليمية، وذلك ما يتبدى بوضوح من خلال ما نسمعه من مواقف كبار المسؤولين الدوليين»، مؤكداً أن «لا ثقة دولية بالسلطة الحاكمة والمسؤولين». وأضاف: «عندما نفقد الثقة نخسر كل شيء، وذلك بسبب الفساد والهدر والمصالح الخاصة والآنية وغياب الخطط الإصلاحية». وسأل: «كيف يمكن لدول الخليج الصديقة أن تدعم لبنان كما كان يحصل في السابق في ظل الحملات التي تتعرض لها المملكة العربية السعودية والخليج بشكل شبه يوميّ؟»، لافتاً إلى أنه «لم يسبق أن حصلت إساءة بحق الدول الصديقة والشقيقة، كما الحال اليوم».
وقال طعمة: «عندما تُشكل حكومة إصلاحية تتمتع بنظافة الكف والمصداقية والشفافية، عندئذ ستكون كل الدول العربية الشقيقة إلى جانب لبنان، حيث سيقدمون الدعم في حال تحققت هذه العناوين، لكن في هذه المرحلة، وفي ظل غياب الإصلاحات، ثمة صعوبة للحصول على أي دعم سوى ما يُقدم إنسانياً وصحياً وتربوياً عبر مؤسسات دولية ومن خلال الصليب الأحمر الدولي والهلال الأحمر والمؤسسات الاجتماعية والإنساني».
وإذ شدد طعمة على أيادي المملكة العربية السعودية البيضاء تجاه لبنان، والدور الكبير الذي لعبته لمساعدة لبنان دون تمييز بين لبنان وآخر، وتحصين صموده في كل الملمات والظروف الصعبة التي شهدتها البلاد، ودورها كرئة اقتصادية للبنان، دعا إلى «ضبط الحدود البحرية والبرية والجوية في لبنان ووقف عمليات تهريب الممنوعات المسيئة لأمن المواطن السعودي»، مشيراً إلى أن «القوى الأمنية اللبنانية أنجزت خطوات كبيرة أخيراً». وشدد على «ضرورة وقف هذه الحملات تجاه المملكة حرصاً على هذا التاريخ الذي يجمع البلدين ومن باب الوفاء لمن كان إلى جانب لبنان في السراء والضراء».



فيروس «HMPV»... ما هو؟ وهل يتحوّل إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

فيروس «HMPV»... ما هو؟ وهل يتحوّل إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.