قصور عمل النيابة يؤدي لتأجيل محاكمة نتنياهوhttps://aawsat.com/home/article/3064626/%D9%82%D8%B5%D9%88%D8%B1-%D8%B9%D9%85%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%8A%D8%A7%D8%A8%D8%A9-%D9%8A%D8%A4%D8%AF%D9%8A-%D9%84%D8%AA%D8%A3%D8%AC%D9%8A%D9%84-%D9%85%D8%AD%D8%A7%D9%83%D9%85%D8%A9-%D9%86%D8%AA%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%87%D9%88
بنيامين نتنياهو خلال لقاء أخير مع كتلة حزبه «اللكود» في الكنيست (رويترز)
تل أبيب:«الشرق الأوسط»
TT
تل أبيب:«الشرق الأوسط»
TT
قصور عمل النيابة يؤدي لتأجيل محاكمة نتنياهو
بنيامين نتنياهو خلال لقاء أخير مع كتلة حزبه «اللكود» في الكنيست (رويترز)
بطلب من النيابة العامة التي تتخبط في إدارة الملف، قررت المحكمة المركزية في القدس، أمس، تأجيل محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق رئيس المعارضة الحالي، بنيامين نتنياهو، مرة أخرى. وكان من المفترض أن تُستأنف المحاكمة، أمس الاثنين، بمواصلة سماع الشاهد المركزي. وهذه هي المرة الرابعة التي يجري فيها تأجيل المحاكمة بسبب النيابة. وقد حددت المحكمة الموعد الجديد يوم 19 يوليو (تموز) الحالي، مع العلم بأن المحاكم تدخل عطلتها السنوية بعد يومين من هذا الموعد. وبناء عليه؛ فإن الجلسة ستكون ليوم واحد أو يومين، ثم تخرج المحكمة إلى العطلة الصيفية للقضاء لمدة 45 يوماً. وفقط بعدها تستأنف المداولات. وقد لجأت النيابة إلى تقديم هذا الطلب لأنها لم تتم استعداداتها كما يجب ولم تنفذ بعد قراراً سابقاً للمحكمة، بتسليم مواد من هاتف مدير عام موقع «واللا» السابق، إيلان يشوعا، والذي يُعدّ الشاهد المركزي في «الملف 4000» ضد نتنياهو، وطلبت إمهالها أسبوعين آخرين حتى تسلم هذه المواد. ومع أن القضاة تذمروا من هذه المماطلة، إلا إنهم وافقوا على الطلب، ولكن ليس لأسبوعين، بل فرضوا تسليم المواد حتى 11 يوليو الحالي. وكتبوا في قرارهم: «نأمل أن يتم الانتهاء بحلول ذلك الوقت من تقييمات الأطراف بشأن مواد التحقيق الجديدة». وعدّ محامو نتنياهو هذا الإجراء دليلاً على قلة المهنية في عمل النيابة في هذا الملف، وأعربوا عن تقديرهم مرة أخرى أن الملف سينهار في المحكمة وسيخرج منه نتنياهو بريئاً. لكن النيابة من جهتها تحاول تفسير الأمور بأن سبب طلب التأجيل «بعض الطلبات المفاجئة التي فرضتها المحكمة، ونحن نحاول الاستجابة لها من دون خلل حتى نصل إلى شوط النهاية بإدانة المتهم في إحدى أكبر وأخطر قضايا الفساد في إسرائيل». المعروف أن نتنياهو يحاكم بثلاث قضايا فساد ويتهم بتلقي الرشى والاحتيال وخيانة الأمانة. ومع هذه الوتيرة البطيئة، يتوقع أن تدوم المحاكمة سنوات عدة. ويسعى محامو نتنياهو إلى إطالتها إلى أكبر قدر من الزمن، حتى يدخل بعض بنودها في قانون التقادم ولا يعاقب نتنياهو بسببها. وهو من جهته، يحاول التشبث بمركزه في قيادة حزب «الليكود» ومعسكر اليمين، ويسعى بكل قوته لإسقاط الحكومة وتشكيل حكومة أخرى، أو إجراء انتخابات جديدة تعيده إلى الحكم. ورغم بداية التململ الملحوظ داخل حزبه، فإنه ما زال مسيطراً على زمام الأمور.
القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.
ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.
ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.
وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.
وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».
وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.
وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.
أزمات الفلاحين
سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.
يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.
على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.
تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».
ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.
وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».
ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.
وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.
يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».
فرصة ثانية
يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.
أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.
ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».
أنواع جديدة
يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.
ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.