تعديل قانون الأحوال الشخصية يفجر جدلاً في العراق

المعترضون يركّز على حق حضانة المرأة لطفلها

TT

تعديل قانون الأحوال الشخصية يفجر جدلاً في العراق

أثارت قراءة مجلس النواب العراقي وللمرة الأولى مؤخراً، لمشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959، جدلاً يدور منذ سنوات ويتزامن في العادة مع اقتراب موعد الانتخابات العامة، ويتعلق الجدل ببعض بنود التعديل وخصوصاً المادة الـ57 منه، المتعلقة بأحقية المرأة في حضانة أطفالها بعد فراقها عن زوجها.
التعديل الجديد ينص على أن «الأم أحق بحضانة الولد وتربيته حال قيام الزوجية والفرقة حتى يتم السابعة من عمره ما لم يتضرر المحضون من ذلك». فيما لم يرد في أصل المادة من القانون عبارة «حتى يتم السابعة من عمره» ما عرضه لانتقادات واسعة من قبل المنظمات النسوية والمدافعين عن الأسرة والطفل وعن أحقية بقاء حضانة الأطفال بيد الأم لحين بلوغهم السن القانونية.
وتعطي المادة المعدلة، في حال أتم الطفل المحضون السابعة من عمره، وكان أبوه متوفى أو مفقوداً أو فقد أحد شروط الحضانة، الحق إلى «الجد الصحيح»، ثم إلى أمه ما دامت محتفظة بشروط الحضانة، ومنها أهليتها على المستويين المادي والعقلي وعدم زواجها مرة أخرى، من دون أن يكون لأقاربها من النساء أو الرجال حق منازعتها فيه لحين بلوغ الولد أو البنت سن الرشد.
ومنذ سنوات يتجادل اتجاهان حول المادة المذكورة، الأول يمثله تيار واسع من جماعات وأحزاب الإسلام السياسي التي ترى في مسألة الحصانة «تعسفاً» بحق الرجل ومخالفة للموروث الإسلامي بشأن رعاية وحضانة أولاده، فيما ترى جماعات الضغط والمنظمات النسوية، أن القانون القديم الذي يعطي المرأة حق الحضانة من بين أهم القوانين التقدمية المتعلقة بالأسرة والأحوال الشخصية التي أقرتها البلاد منتصف القرن الماضي.
وكان رئيس «المجلس الأعلى للثورة الإسلامية» الراحل عبد العزيز الحكيم ألغى قانون الأحوال المدنية لسنة 1957، حين تسلم رئاسة «مجلس الحكم» نهاية عام 2003، قبل أن يعيد الحاكم الأميركي المدني بول بريمر العمل به سنة 2004.
ويتواصل تفاعل الأوساط الشعبية، بشأن مقترح تعديل القانون الذي يناقشه البرلمان هذه الأيام تمهيداً للتصويت عليه، في ظل تكهنات بتأجيل ذلك إلى الدورة البرلمانية المقبلة، خصوصاً مع الاعتراضات على التعديل حتى داخل القبة النيابية، وفي هذا الاتجاه رأت النائبة، شبال حسن رمضان، أن منح حضانة الطفل للأب بدلاً من الأم، بمثابة «قنبلة ذرية».
وتعترف اللجنة القانونية في البرلمان، بصعوبة تمرير التعديل الجديد نتيجة الاعتراضات والخلافات القائمة بين كتله السياسية. وقال عضو اللجنة سليم همزة في تصريحات، أمس إن «القانون وتحديداً المادة 57 يمر بجدل كبير تحت قبة البرلمان، والخلافات عليها بين النائبات والنواب مستمرة حتى الآن وإصرار بعض الكتل السياسية على منع الأم أحقية حضانة الولد وتربيته حال قيام الزوجية وبعد الفرقة ما لم يتضرر المحضون من ذلك». واستبعد همزة «تمرير القانون في الدورة الحالية نتيجة لقرب الانتخابات (في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل) وصعوبة انعقاد جلسات المجلس، والبرلمان يحتاج إلى وقت طويل لتمرير قانون الأحوال الشخصية بسبب الخلافات المحتدمة بين النواب حول أحقية حضانة الأطفال». ولفت همزة إلى أن «الرجال ظلموا في القانون السابق فيما يخص مشاهدة أبنائهم بعد انفصالهم عن زوجاتهم، فهم لا يرونهم إلا ساعتين لكل 30 يوماً وهو أمر مجحف بحقهم لكون الأولاد من حق الأب والأم معاً، والقانون الجديد سيضمن حق المشاهدة للطرفين بصورة منصفة وعادلة».
بدوره، يرى القاضي المتقاعد رحيم العكيلي، أن «مشروع تعديل المادة 57 أحوال شخصية، يجعل الحضانة للأم غير المتزوجة قبل السابعة، ليس لأنها الأفضل لكن لأنها أم، ويجعلها للأب أو الجد الصحيح بعد السابعة ليس لأنهما أفضل بل لأنهما أب أو جد».
ويضيف العكيلي في تدوينة عبر «الفيسبوك»، أن «المعيار الدولي والممارسات الفضلى حول العالم تساوي بين الأبوين في حضانة الصغير، في ضوء مصلحة الصغير، فأما حضانة تناوبية بين الأبوين، فإذا تعذر ذلك لأي سبب؛ فتكون لأفضل الأبوين في ضوء مصلحة الأطفال على أن يزور الأب الآخر الأطفال أو يصطحبهم في أيام العطل».
وأكدت المفوضية العليا لحقوق الإنسان، أول من أمس، أنها قدمت العديد من الملاحظات بشأن التعديل الأخير لقانون الأحوال الشخصية إلى مجلس النواب. وذكر عضو المفوضية فاضل الغراوي في تصريحات، أن «هناك ملاحظات عديدة بشأن تعديل قانون الأحوال الشخصية الموجود في مجلس النواب، والمفوضية والجهات ذات الصلة قدمت ملاحظاتها إلى البرلمان». وأضاف، «كمفوضية نطالب بجعل القانون يستهدف بشكل أساسي الاستقرار العائلي وإبعاد الأسر عن المناكفات والمشكلات التي تحدث نتيجة التفسيرات الخاطئة للقانون الحالي».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.