مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة لـ «الشرق الأوسط»: بريطانيا تسعى لإحباط تسليح الجيش الليبي

حرس المنشآت النفطية الليبية يستعيد السيطرة على حقل الغاني

مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة في كلمة أمام مجلس الأمن الدولي (أ.ف.ب)
مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة في كلمة أمام مجلس الأمن الدولي (أ.ف.ب)
TT

مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة لـ «الشرق الأوسط»: بريطانيا تسعى لإحباط تسليح الجيش الليبي

مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة في كلمة أمام مجلس الأمن الدولي (أ.ف.ب)
مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة في كلمة أمام مجلس الأمن الدولي (أ.ف.ب)

كشف إبراهيم الدباشي، مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة، لـ«الشرق الأوسط»، النقاب عن أن بعض أعضاء مجلس الأمن الدولي بقيادة بريطانيا طلبوا من فريق الخبراء إرسال رسالة ليبرروا معارضتهم الموافقة على صفقة رفع الحظر على السلاح للجيش الليبي، موضحا أن هذه محاولة لإزالة الإحراج عنهم. وفي غضون ذلك، هدد مجلس النواب المنتخب بالانسحاب من اجتماعات يستضيفها المغرب، بين ممثلين عن المجلس والبرلمان السابق والمنتهية ولايته، اعتراضا على تسريبات قالت إن بعثة الأمم المتحدة تريد تقليص صلاحياته.
وأضاف الدباشي في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أمس أن «اللعبة واضحة، لأنه لا توجد لها سوابق، وسنرى أثر ذلك يوم الاثنين المقبل». وتابع «لا توجد جلسة لمجلس الأمن يوم الاثنين، ولكن لجنة العقوبات أبلغت أعضاء المجلس بأنها سترد بالموافقة على صفقة السلاح الليبية إذا لم يصلها أي اعتراض قبل الساعة الثالثة به ظهر ذلك اليوم».
وسألته «الشرق الأوسط» حول مبررات إقدام بريطانيا على اتخاذ هذا الموقف ضد رفع الحظر على تسليح الجيش الليبي، فقال الدباشي من مقره في مدينة نيويورك الأميركية «(بريطانيا) لا تريد للجيش الليبي أن يحسم الأمر مع الإرهابيين والميليشيات المسيطرة على العاصمة طرابلس.. هذه لعبة مكشوفة». وأوضح الدباشي أن «الاعتراض الواضح من بريطانيا، وقد تؤيدها أميركا، لكنهما محرجتان بعد الإيضاحات التي قدمتها للمجلس في كلمتي مؤخرا».
وكان الدباشي يعلق على إعراب مراقبي العقوبات التابعين للأمم المتحدة عن أنهم يشعرون بقلق من أنه إذا وافقت لجنة بمجلس الأمن الدولي على طلب الحكومة الليبية الحصول على أسلحة ودبابات وطائرات فإن بعض هذه المعدات قد يتم تحويلها إلى ميليشيات تدعمها.
وقال الخبراء الذين يراقبون انتهاكات حظر الأسلحة الذي فرض على ليبيا في 2011، في رسالة بثت مقتطفات منها أمس وكالة «رويترز»، إن هذه الأسلحة قد تقع في نهاية الأمر في يد ميليشيات أخرى بعد المعارك، أو إذا فقدت القوات الليبية السيطرة على مخزونات السلاح. وقال المراقبون في رسالة للجنة مجلس الأمن إنه «على الرغم من أن التهديد الذي تشكله الجماعات الإرهابية في ليبيا يمثل تحديا كبيرا للسلطات فإن اللجنة تشعر بقلق من احتمال استخدام هذه المواد في هجمات على مناطق ومنشآت تحت سيطرة ميليشيات منافسة ليست جماعات إرهابية». وكتبت اللجنة تقول إنه نظرا لأن تشكيل القوات المسلحة الليبية غير واضح فإنها تشعر «بقلق من انتقال هذه المواد.. إلى قطاعات غير حكومية».
وقال مراقبو العقوبات بالأمم المتحدة الشهر الماضي إن السلطات الليبية غير قادرة على وقف التجارة غير المشروعة في النفط أو تدفق السلاح وتحتاج إلى مساعدة من قوة بحرية دولية، لكن الدباشي، مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة، أبلغ «الشرق الأوسط» بأن «القصد من هذه هو الاستناد إليها وإبلاغ اللجنة بعدم الموافقة على صفقة السلاح».
وردا على سؤال بشأن ماذا كانت الحكومة الليبية تمتلك بدائل لتجاوز الحظر على تسليح الجيش في حال رفض طلبها، قال الدباشي «لكل حادث حديث، وأرجو ألا تعترض أي دولة».
وسعت ليبيا إلى الحصول على تصريح من الأمم المتحدة لاستيراد 150 دبابة و24 طائرة مقاتلة وسبع طائرات هليكوبتر هجومية وعشرات الآلاف من البنادق وقاذفات القنابل وملايين الطلقات من أوكرانيا وصربيا وجمهورية التشيك. ودعت ليبيا مدعومة بمصر إلى إلغاء حظر الأسلحة على الحكومة بشكل نهائي. وتحث لجنة مجلس الأمن الدولي ليبيا منذ فترة طويلة على تحسين مراقبة أسلحتها بسبب مخاوف من وصول هذه الأسلحة إلى جماعات متشددة.
وتعمل حكومة رئيس الوزراء عبد الله الثني، المعترف بها دوليا، من شرق ليبيا منذ سيطرة جماعة مسلحة منافسة تسمى «فجر ليبيا» على طرابلس في قتال العام الماضي، وتشكيل حكومة خاصة بها. ويسمح للحكومة المعترف بها دوليا باستيراد الأسلحة بموافقة لجنة مجلس الأمن التي تشرف على الحظر. وطلبت ليبيا من اللجنة أسلحة ومعدات عسكرية للتصدي للإسلاميين المتشددين والسيطرة على الحدود.
إلى ذلك، وفي مواجهة تسريبات حول مضمون الحوار الوطني الليبي الذي ترعاه في المغرب، تتعلق بتشكيل حكومة وحدة وطنية لا سلطة لمجلس النواب عليها، اضطرت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا أمس إلى إصدار بيانين متعاقبين، لاحتواء الجدل بشأن هذه التسريبات، في وقت هدد فيه مجلس النواب بالانسحاب من الحوار وتجميده مجددا.
واستضاف المغرب اجتماعات بين ممثلين عن مجلس النواب المنتخب والبرلمان السابق والمنتهية ولايته، وسط معلومات عن نجاح وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي صلاح الدين مزوار في إقناع الفرقاء الليبيين بعقد محادثات سلام مباشرة هي الأولى من نوعها منذ اندلاع الأزمة السياسية العام الماضي. وهدد مجلس النواب، الذي يمثل أعلى سلطة سياسية ودستورية في ليبيا، بسحب وفده المشارك في هذه الاجتماعات، اعتراضا على تسريبات قالت إن بعثة الأمم المتحدة تريد تقليص صلاحيات البرلمان المنتخب وتحجيم نفوذه على حكومة ائتلاف وطني مقترحة.
في المقابل، أصرت بعثة الأمم المتحدة على أن الحوار السياسي الليبي الذي يسير في أجواء إيجابية، تم إحراز تقدم مهم لغاية الآن فيه». ولفتت إلى عزم المشاركين على رأب خلافاتهم، مؤكدة أنها تعمل على أطروحات ملموسة حول العناصر الرئيسية المتعلقة بالترتيبات الأمنية وحكومة الوحدة الوطنية وذلك لتحقيق السلام في البلاد. وأوضحت أنه لن يتم الاتفاق على أي شيء إلا بعد الاتفاق على كل شيء، ولن يتم اتخاذ أي قرار إلا بعد الحصول على دعم الشعب الليبي وإجراء مشاورات واسعة النطاق في ما بين المشاركين والأطراف المعنية الرئيسية في ليبيا.
واعتبرت أن التقارير التي تتداولها بعض مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تعكس عناصر محددة من النقاشات الجارية حول حكومة الوحدة الوطنية والترتيبات الأمنية، تقارير مجتزأة ومسودات أولية، مشيرة إلى أن «العناصر الأخرى، مثل العلاقة بين السلطة التشريعية وغيرها من مؤسسات الدولة، هي أيضا مسائل مطروحة للنقاش». ولفتت البعثة الأممية في بيانها إلى أن النقاشات تمر بمرحلة حساسة الآن وتتطلب ظروفا معينة لتحقق النجاح ولتكون مفهومة.
وطبقا لبيان ثان معدل على بيانها الأول، فقد زعمت البعثة أن المشاركين أشاروا إلى أن المناقشات تجري بطريقة بناءة وبروح من الانخراط الكامل، وتتضمن البناء على المقترحات المقدمة وتعديل أو تحسين النص عند الضرورة واقتراح عناصر جديدة. ودعت البعثة الجميع إلى حماية العملية ومنع تقويضها، لافتة إلى أن جميع المشاركين ممتنون للدور الإيجابي الذي تلعبه وسائل الإعلام، معتبرة أن هذا الحوار هو عملية ليبية – ليبية، وأن دورها يقتصر على تيسير التوصل إلى حل سلمي لوقف إراقة الدماء.
ميدانيا، أعلن جهاز حرس المنشآت النفطية الليبية أنه استعاد السيطرة على حقل الغاني النفطي بعد أن هاجم مسلحون متشددون الحقل وقتلوا سبعة حراس. وقتل 11 عنصرا من حرس المنشآت في هجوم لتنظيم داعش على حقل الغاني النفطي جنوب شرقي البلاد، بينما اعتبر فيه عاملان أجنبيان في عداد المفقودين. وقال علي الحاسي، المتحدث باسم الجهاز، إن «هجوما مباغتا شنه أمس متطرفون تابعون للفرع الليبي لتنظيم داعش راح ضحيته 11 جنديا قتلوا ذبحا». وأضاف الحاسي أن «القوات الحكومية استعادت السيطرة على الحقل الذي تعرض لأعمال نهب وحرق وتخريب، بعد تعزيز القوات ومساندة حراس المنشآت النفطية القريبة من الحقل المنكوب».
وتعرض الحقل لأضرار كبيرة، كما تعرضت محتوياته للتخريب، وفق بيان للمؤسسة الوطنية الليبية للنفط، التي أكد الناطق باسمها محمد الحراري أن «أجنبيين تابعين لشركة (فواس) النمساوية للخدمات النفطية لا يزالان في عداد المفقودين ولا يعرف مصيرهما». وأعلنت المؤسسة الأسبوع الماضي حالة «القوة القاهرة» في 11 حقلا نفطيا بسبب سرقة وتخريب وتدمير بعضها، مهددة بإغلاق البقية في حال استمر التهديد. وحالة القوة القاهرة تعفي من يعلن حالتها من المسؤولية في حال عدم الإيفاء بالالتزامات المترتبة عليها بموجب عقود تسليم النفط في حال كان ذلك ناجما عن ظروف استثنائية.
وكان حرس المنشآت النفطية في منطقة ما يعرف بالهلال النفطي قد أعلن منتصف الأسبوع الماضي أن أربعة من الحقول التي يقوم بتأمينها اضطر للانسحاب منها نتيجة هجمات المتشددين.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.