مفاوضات تونس مع صندوق النقد وراء تأخير سن قانون مالية تكميلي

أصبح ضرورياً إثر اعتماد سعر 45 دولاراً لبرميل النفط في الميزانية

TT

مفاوضات تونس مع صندوق النقد وراء تأخير سن قانون مالية تكميلي

توقع قانون المالية التونسي للسنة الحالية اللجوء إلى قانون مالية تكميلي خلال الثلاثة أشهر الأولى من عام 2021، غير أن النصف الأول من العام انتهى ولم تصدر السلطات التونسية هذا القانون التكميلي الذي يعدل مصاريف ومداخيل ميزانية الدولة، ويوفر التمويلات الضرورية لميزانية الدولة التي تحتاج نحو 18 مليار دينار تونسي (نحو 6.9 مليار دولار) لسد الثغرة المالية في الميزانية.
ووفق عدد من الخبراء في مجالي الاقتصاد والمالية، من المرجح أن تكون مفاوضات تونس مع صندوق النقد الدولي حول الحصول على قرض مالي في حدود 4 مليارات دولار، وراء هذا التاخير، إذ إن قانون المالية التعديلي يتطلب اعتمادات مالية لتعديل التوازنات المختلة على مستوى الميزانية.
ويبدو أن سن قانون مالية تكميلي أكثر من ضروري خاصة إثر التصديق على توقعات غير واقعية في ميزانية 2021، إذ إن تونس اعتمدت سعرا مرجعيا لبرميل النفط في حدود 45 دولارا، في حين أن الأسعار المتداولة في الأسواق العالمية في الوقت الحالي تجاوزت 75 دولارا للبرميل، وهو ما يخلف فجوة كبيرة في ميزانية الدولة.
وبشأن التأخير في إصدار قانون مالية تعديلي، أكدت جنات بن عبد الله الخبيرة الاقتصادية التونسية على صعوبة تقدير الوضع المالي في تونس خلال هذه الفترة، فقد توقعت وزارة المالية تحقيق نسبة نمو في حدود 4 في المائة خلال الثلاثة أشهر الأولى من السنة الحالية، غير أن الظروف الاقتصادي لم تكن مواتية، وهو ما جعل تلك النسبة تتراجع إلى حدود 3 في المائة، وهذا سيؤثر بطبيعة الحال على كل التوازنات المالية وعلى نسبة النمو الاقتصادي المتوقعة نهاية السنة.
ورجحت الخبيرة، أن تكون المفاوضات المتواصلة مع صندوق النقد الدولي دون تحديد موعد للحصول على أول الأقساط المالية، ومناقشة برنامج الاقتصادي الذي تقدمت به تونس والذي مازالت عدة نقاط منه يكتنفها الغموض، علاوة على نية توجه تونس نحو الأسواق المالية الدولية بمجرد مصادقة صندوق النقد، وراء هذا التأخير الضروري، على حد تعبيرها.
وأشارت الى أن القرض الذي ستحصل عليه تونس من صندوق النقد الدولي سيوظف بالخصوص لتوفير الموارد المالية للدولة وكذلك لسداد جزء من أقساط القروض الخارجية بالعملة الصعبة.
واعتبرت بن عبد الله أن قانون مالية تعديليا في تونس يبقى مسألة ضرورية لتعديل الوضع المالي لخزينة الدولة، وهو مرتبط على وجه الخصوص بتوفير الموارد المالية الخارجية حتى يكتسي المصداقية الضرورية.
على صعيد آخر، أكدت السلطات التونسية أنها تستهدف إنتاج مليوني طن من مادة الفوسفات مع نهاية السنة الحالية، وفي المقابل أشارت وزارة الصناعة التونسية والمناجم إلى أن صادرات الفوسفات تراجعت خلال شهر مايو (أيار) الماضي بنسبة 4.7 في المائة، وذلك مقارنة مع الشهر نفسه من السنة الماضية. وكشفت عن تراجع الإنتاج في المجمع الكيميائي التونسي الذي يتولى تصنيع مادة الفوسفات (منطقة قابس جنوب شرقي تونس) وذلك بنسبة 75 في المائة نتيجة تدني كميات الفوسفات الواردة من مقاطع الإنتاج في منطقة قفصة (جنوب غربي تونس) وذلك بسبب الضرارات والاحتجاجات المتكررة.
وتشير التوقعات الخاصة بتصدير الفوسفات التونسي خلال السنة الحالية، إلى إمكانية توفير مبلغ 2153 مليون دينار تونسي (نحو 788 مليون دولار) من العائدات المالية بالنقد الأجنبي لخزينة الدولة، مقارنة بالحجم المحقق في 2019، الذي لم يتجاوز حدود 968 مليون دينار تونسي (حولي 354 مليون دولار).



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.