«ميريت الثقافية»: المرأة في العقل العربي

«ميريت الثقافية»: المرأة في العقل العربي
TT

«ميريت الثقافية»: المرأة في العقل العربي

«ميريت الثقافية»: المرأة في العقل العربي

تناول عدد يوليو (تموز) الحالي من مجلة «ميريت الثقافية»، الشهرية الإلكترونية التي تصدر عن «دار ميريت للنشر» بالقاهرة، موضوع «المرأة في العقل العربي - قراءة في ثقافة النفي والتهميش والمصادرة»، وهو عبارة عن مساجلة بين الكاتبين أشرف البولاقي وعمرو الشيخ، ناقشا من خلال وجهتي نظر متباينتين هذا الموضوع الشائك في الفكر العربي قديمه وجديده، من زوايا متعددة: دينية واجتماعية وفنية واقتصادية... وغيرها.
وتضمن باب «رؤى نقدية» ستة مقالات: «لَعْنَة كَاسَنْدرَا... أو تَبْكِيتُ صَوْتِ الشعَرَاءِ بِالصمْت» للناقد المغربي الدكتور عبد الكريم الفرحي، و«رواية عزازيل... أسطورة الخصاء وصحوة الجسد» للناقد العراقي ناجح المعموري، و«حابي... أدب الترانس جندر وسياسات كسر التابو» للباحثة المصرية دينا نبيل، و«عبثية الواقع واندثار المعنى في (إحدى عشرة خطيئة)» للدكتور عمر صوفي محمد، و«صورة الذات المستلبة ولُعبة (التمركز/ التمدد)» للشاعرة والباحثة رشا الفوال، و«مساراتُ السردِ وانكساراتُ الذاتِ في (عود الحملة)» للباحث المغربي محمد بوشيخة.
وتضمن باب «الشعر» 13 قصيدة لشعراء من مصر والعراق، وفلسطين والمغرب وسوريا. وفي ملف «القصة» سبع قصص: نبيل سليمان، مي عطاف (سورية)، جوخة الحارثي (سلطنة عمان)، طلعت رضوان، سمير الفيل، عبد الحميد البسيوني (مصر)، وحسن المغربي (ليبيا). وخصص باب «نون النسوة» هذا العدد لمناقشة ديوان «على الأوستراكا أن تظل خضراء» للشاعرة المصرية سمر لاشين، وذلك عبر أربعة مقالات نقدية.
وفي باب «تجديد الخطاب» مقالان، لجمال عمر عن رسم «المصحف الحالي؟»، ورامي يحيى عن «الزواج والطلاق بين التدين والعلمانية». كما تضمن باب «حول العالم» أربع ترجمات: قصائد معاصرة من ألبانيا ترجمها ياسر شعبان، ومقال فاليري دينارنو - مائير بعنوان «السريالية» ترجمه محمد الحبيب بنشيخ (من المغرب)، وترجم عبد اللطيف شهيد (من سوريا) قصائد للشاعر البولندي آدم زاغاببفسكي بمناسبة وفاته، وترجم نبيل موميد (من المغرب) مقال المغربية شمس الضحى بُراقي بعنوان «تَمَثلُ الحرب في المُتخيل العربي».
وتضمن باب «ثقافات وفنون» حواراً مع الكاتب محمد سلماوي بعنوان «بسقوط حكم الإخوان... كان على الثقافة أن تبلور مفهوماً جديداً لمهمتها، لكن هذا لم يحدث!!»، شارك في طرح الأسئلة 11 كاتباً وشاعراً وصحافياً من مصر والوطن العربي. وفي ملف «دراما» كتب د. أشرف الصباغ بعنوان: من «هَنَا» إلى «لعبة نيوتن»... كيف نفسد الدراما؟!، وفي «سينما» مقال مصطفى ذكري بعنوان: «اللطف صائد السوريالية في نوتينج هيل».
وبملف «شخصيات»، مقال د. عصام الدين عارف فتوح بعنوان «إدوارد سعيد: فضاءات العقل، سيرة متميزة»، وتضمن ملف «كتب» مقالين: تفكيكُ المهزلة الأرضية... منازلة الجحيم الأرضي لمؤمن سمير، وورشات الكتابة في «هيباتيا الأخيرة» لعبد الله المتقي (من المغرب)، وفي ملف «رأي» كتبت د. أماني محمد ناصر (من سوريا) مقالاً بعنوان «الشخصية السيكوباتية وسلوكها المناهض لقيم الجماعة».
وصاحب العدد النسخة الأولى من «كتاب ميريت الثقافية»، وهو ديوان جديد للشاعر المصري سمير درويش بعنوان «ديك الجن»، يقع في 96 صفحة، ويوزع إلكترونياً مجاناً مع العدد، وورقياً في دار ميريت للنشر. صمم غلاف الديوان الفنان أحمد اللباد، وأخرجه فنياً عادل سميح.
لوحة الغلاف والرسوم الداخلية المصاحبة لمواد باب «إبداع ومبدعون» للفنان العراقي الأميركي قيس السندي (1967)، الرسوم المصاحبة لمواد «باب نون النسوة» للفنانة المصرية عفت ناجي (1905 - 1994)، والصور الفوتوغرافية في بدايات الأبواب وفي ظهر الغلاف للفوتوغرافية والشاعرة السورية لمى الحسنية (1978).
وتتكون هيئة تحرير مجلة «ميريت الثقافية» من: المدير العام الناشر محمد هاشم، سمير درويش رئيس التحرير، عادل سميح نائب رئيس التحرير، سارة الإسكافي مدير التحرير، الماكيت الرئيسي إهداء من الفنان أحمد اللباد، والمنفذ الفني إسلام يونس.



طبق نحاسي من موقع الدُّور في أم القيوين

طبق نحاسي من موقع الدُّور في أم القيوين
TT

طبق نحاسي من موقع الدُّور في أم القيوين

طبق نحاسي من موقع الدُّور في أم القيوين

يحتلّ موقع الدُّور مكانة كبيرة في خريطة المواقع الأثرية التي كشفت عنها أعمال المسح المتواصلة في إمارة أم القيوين. بدأ استكشاف هذا الموقع في عام 1973، حيث شرعت بعثة عراقية في إجراء حفريّات تمهيديّة فيه، وتبيّن عندها أن الموقع يُخفي تحت رماله مستوطنة تحوي بقايا حصن. جذب هذا الخبر عدداً من العلماء الأوروبيين، منهم المهندس المعماري البريطاني بيتر هادسون، الذي قام بجولة خاصة في هذا الموقع خلال عام 1977، وعثر خلال تجواله على طبق نحاسي علاه الصدأ، فحمله معه، واتّضح له عند فحصه لاحقاً أنه مزيّن بسلسلة من النقوش التصويرية تتميّز بطابع فنّي رفيع.

وجد بيتر هادسون هذا الطبق في ركن من جهة جنوب شرقي الموقع، وحمله بعد سنوات إلى الشارقة حيث كشفت صور الأشعّة عن ملامح حلية تصويرية منقوشة غشيتها طبقة غليظة من الصدأ. نُقلت هذه القطعة المعدنية إلى كلية لندن الجامعية، وخضعت هناك لعملية تنقية وترميم متأنية كشفت عن تفاصيل زينتها التصويرية بشكل شبه كامل. يبلغ قُطر هذه القطعة الفنية نحو 17.5 سنتيمتر، وعمقه 4.5 سنتيمتر، وتتألّف قاعدة حليته التصويرية من دائرة ذات زينة تجريدية في الوسط، تحوطها دائرة ذات زينة تصويرية تزخر بالتفاصيل الدقيقة. تحتل الدائرة الداخلية الصغرى مساحة قاع الطبق المسطّحة، ويزينها نجم تمتدّ من أطرافه الخمسة أشعة تفصل بينها خمس نقاط دائرية منمنمة. تنعقد حول هذا النجم سلسلتان مزينتان بشبكة من النقوش، تشكّلان إطاراً لها. ومن حول هذه الدائرة الشمسية، تحضر الزينة التصويرية، وتملأ بتفاصيلها كل مساحة الطبق الداخلية.

تتمثّل هذه الزينة التصويرية بمشهد صيد يحلّ فيه ثلاثة رجال، مع حصانين وأسدين، إضافةً إلى أسد مجنّح له رأس امرأة. يحضر رجلان في مركبة يجرها حصان، ويظهران متواجهين بشكل معاكس، أي الظهر في مواجهة الظهر، ويفصل بينهما عمود ينبثق في وسط هذه المركبة. يُمثّل أحد هذين الرجلين سائق المركبة، ويلعب الثاني دور الصياد الذي يطلق من قوسه سهماً في اتجاه أسد ينتصب في مواجهته بثبات، رافعاً قائمته الأمامية اليسرى نحو الأعلى. من خلف هذا الأسد، يظهر صياد آخر يمتطي حصاناً، رافعاً بيده اليمنى رمحاً طويلاً في اتجاه أسد ثانٍ يرفع كذلك قائمته الأمامية اليسرى نحوه. في المسافة التي تفصل بين هذا الأسد والحصان الذي يجرّ المركبة، يحضر الأسد المجنّح الذي له رأس امرأة، وهو كائن خرافي يُعرف باسم «سفنكس» في الفنين الإغريقي والروماني.

يحضر كل أبطال هذا المشهد في وضعية جانبية ثابتة، وتبدو حركتهم جامدة. يرفع سائق المركبة ذراعيه نحو الأمام، ويرفع الصياد الذي يقف من خلفه ذراعيه في وضعية موازية، ويبدو وجهاهما متماثلين بشكل متطابق. كذلك، يحضر الأسدان في تأليف واحد، ويظهر كل منهما وهو يفتح شدقيه، كاشفاً عن لسانه، وتبدو مفاصل بدنيهما واحدة، مع لبدة مكونة من شبكة ذات خصل دائرية، وذيل يلتفّ على شكل طوق. في المقابل، يفتح «سفنكس» جناحيه المبسوطين على شكل مروحة، وينتصب ثابتاً وهو يحدّق إلى الأمام. من جهة أخرى، نلاحظ حضور كائنات ثانوية تملأ المساحات الفارغة، وتتمثّل هذه الكائنات بدابّة يصعب تحديد هويتها، تظهر خلف الأسد الذي يصطاده حامل الرمح، وطير يحضر عمودياً بين حامل القوس والأسد المواجه له، وطير ثانٍ يحضر أفقياً تحت قائمتَي الحصان الذي يجر المركبة. ترافق هذه النقوش التصويرية كتابة بخط المسند تتكون من أربعة أحرف، وهذا الخط خاص بجنوب الجزيرة العربية، غير أنه حاضر في نواحٍ عديدة أخرى من هذه الجزيرة الواسعة.

يصعب تأريخ هذا الطبق بشكل دقيق، والأكيد أنه يعود إلى مرحلة تمتد من القرن الثالث قبل الميلاد إلى القرن الثاني للميلاد، ويُشابه في الكثير من عناصره طَبَقاً من محفوظات المتحف البريطاني في لندن، مصدره مدينة نمرود الأثرية الواقعة قرب الموصل في شمال العراق. كما على طبق الدُّوْر، يحضر على طبق نمرود، صيادٌ برفقة سائق وسط مركبة يجرها حصانان، ملقياً بسهمه في اتجاه أسد يظهر في مواجهته. يحضر من خلف هذا الأسد صياد يجثو على الأرض، غارساً رمحه في قائمة الطريدة الخلفية. في المسافة التي تفصل بين هذا الصياد والحصانين اللذين يجران المركبة، يحضر «سفنكس» يتميّز برأسٍ يعتمر تاجاً مصرياً عالياً.

ينتمي الطبقان إلى نسق فني شائع عُرف بالنسق الفينيقي، ثمّ بالنسق المشرقي، وهو نسق يتمثل بمشاهد صيد تجمع بين مؤثرات فنية متعددة، أبرزها تلك التي تعود إلى بلاد الرافدين ووادي النيل. بلغ هذا النسق لاحقاً إلى جنوب شرق الجزيرة العربية حيث شكّل نسقاً محلياً، كما تشهد مجموعة من القطع المعدنية عُثر عليها خلال العقود الأخيرة في مواقع أثرية عدة تعود اليوم إلى الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان. وصل عدد من هذه القطع بشكل كامل، ووصل البعض الآخر على شكل كسور جزئية، وتشهد دراسة هذه المجموعة المتفرّقة لتقليد محلّي تتجلّى ملامحه في تبنّي تأليف واحد، مع تعدّدية كبيرة في العناصر التصويرية، تثير أسئلة كثيرة أمام المختصين بفنون هذه الناحية من الجزيرة العربية.

يحضر مشهد صيد الأسود في عدد من هذه القطع، حيث يأخذ طابعاً محلياً واضحاً. يتميّز طبق الدُّوْر في هذا الميدان بزينته التي يطغى عليها طابع بلاد الرافدين، ويمثّل كما يبدو مرحلة انتقالية وسيطة تشهد لبداية تكوين النسق الخاص بجنوب شرقي الجزيرة العربية.